فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ينقش على نقش خاتمه

( بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا يَنْقُشُ عَلَى نَقْشِ خاتَمِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَى آخِره.



[ قــ :5563 ... غــ :5877 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدٌ حَدثنَا حَمَّادٌ عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بنِ صُهَيْبٍ عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اتَّخَذَ خاتَماً مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشَ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رسُولُ الله،.

     وَقَالَ : إنِّي اتَّخَذْتُ خَاتمًا مِن ْ وَرِقٍ ونَقَشتُ فِيهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله، فَلَا يَنْقُشَنَّ أحَدٌ عَلَى نَقْشِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد.
والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي اللبَاس عَن يحيى بن يحيى وَغَيره.

قَوْله: ( ونقشت فِيهِ مُحَمَّد رَسُول الله) هَذَا هُوَ الْمَعْرُوف، وَنقل ابْن التِّين عَن الشَّيْخ أبي مُحَمَّد أَنه قيل: فِيهِ زِيَادَة: لَا إل هـ إلاَّ الله،.

     وَقَالَ  ابْن سِيرِين: كَانَ فِي خَاتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: باسم الله مُحَمَّد رَسُول الله، وَقد ورد فِي حَدِيث غَرِيب أخرجه أَبُو الشَّيْخ عَن أنس أَنه كَانَ فص خَاتم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَبَشِيًّا مَكْتُوب عَلَيْهِ: لَا إل هـ إلاَّ الله مُحَمَّد رَسُول الله، سطر، وَمُحَمّد سطر وَرَسُول الله سطر، وَإِسْنَاده جيد وَلكنه شَاذ لمُخَالفَته الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي زِيَادَة الأولى من كلمتي الشَّهَادَة، وَاسْتدلَّ بِهِ على جَوَاز نقش بعض الْقُرْآن على الْخَاتم يَعْنِي بعض آيَة من الْقُرْآن، وَقد كره بَعضهم نقش الْآيَة بِتَمَامِهَا على الْخَاتم، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن عَطاء وَالشعْبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وروى عَن الْحسن جَوَازهَا.
فَإِن قلت: نَهْيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينقش مثل نقشه خَاص بحياته أَو يعم ذَلِك حَيَاته وَبعدهَا؟ قلت: الظَّاهِر الأول وَيدل عَلَيْهِ لبس الْخُلَفَاء الْخَاتم بعده، ثمَّ جدد عُثْمَان خَاتمًا آخر بعد وُقُوع ذَلِك الْخَاتم فِي بِئْر أريس، وَنقش عَلَيْهِ ذَلِك النقش.
فَإِن قلت: نقشه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا كَانَ بِرَأْيهِ أَو بِوَحْي إِلَيْهِ؟ قلت: روى ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) من حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن يكْتب إِلَى الْعَجم، كتابا فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: وَأمر بِخَاتم يصاغ لَهُ من ورق فَجعله فِي إصبعه فأقره جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام، وَأمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن ينقش عَلَيْهِ: مُحَمَّد رَسُول الله ... الحَدِيث.
وَأخرج الدَّارَقُطْنِيّ فِي ( الْأَفْرَاد) من حَدِيث سَلمَة بن وهرام عَن عِكْرِمَة عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: أَنا صنعت للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَاتمًا لم يشركني فِيهِ أحد نقش فِيهِ: مُحَمَّد رَسُول الله،.

     وَقَالَ  بَعضهم: يُسْتَفَاد مِنْهُ إسم الَّذِي صاغ خَاتم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ونقشه، قلت: نعم يُسْتَفَاد أَنه صاغه، وَلَكِن لَا يُسْتَفَاد مِنْهُ أَنه نقشه إِذْ لَو كَانَ هُوَ نقشه، لقَالَ: نقشت فِيهِ فَلَا يفهم مِنْهُ نفس الناقش أصلا وروى الطَّبَرِيّ فِي ( الْكَبِير) من حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ، عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: كَانَ فص خَاتم سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام، سماوياً فَألْقى إِلَيْهِ فَأَخذه فَوَضعه فِي خَاتمه وَكَانَ نقشه: أَنا الله لَا إِلَه إلاَّ أَنا، مُحَمَّد عَبدِي ورسولي.