فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته

( بابُُ رَتحْمَةِ الوَلَدِ وتَقْبِيلِهِ ومُعانَقَتِهِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان رَحْمَة الْوَلَد، وَهِي شفقته وتعطفه عَلَيْهِ وجلب الْمَنْفَعَة إِلَيْهِ وَدفع الْمضرَّة عَنهُ، وَالْإِضَافَة فِيهِ إِضَافَة الْفِعْل إِلَى الْمَفْعُول، وطوى فِيهِ ذكر الْفَاعِل، وَالتَّقْدِير: رَحْمَة الْوَالِد وَلَده، وَكَذَلِكَ الْإِضَافَة فِي تقبيله ومعانقته.
قَوْله: وَتَقْبِيله أَي: وَفِي جَوَاز تَقْبِيل الْوَلَد.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: يجوز تَقْبِيل الْوَلَد الصَّغِير فِي كل عُضْو مِنْهُ، وَكَذَا الْكَبِير عِنْد أَكثر الْعلمَاء مَا لم يكن عَورَة.

وَقَالَ ثابِتٌ عَنْ أنَسٍ: أخَذَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبْرَاهِيمَ فَقَبَّلَهُ وشَمَّهُ
ثَابت بالثاء الْمُثَلَّثَة هُوَ ابْن أسلم الْبَصْرِيّ أَبُو مُحَمَّد الْبنانِيّ بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف النُّون الأولى نِسْبَة إِلَى بنانة أمة لسعد بن لؤَي بن غَالب، وَهَذَا التَّعْلِيق أخرجه البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي الْجَنَائِز، وَهُوَ حَدِيث طَوِيل، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من ماربة الْقبْطِيَّة.



[ قــ :5671 ... غــ :5994 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا مَهْدِي حَدثنَا ابنُ أبي يَعْقُوبَ عَنِ ابنِ أبي نُعْمٍ قَالَ: كُنْتُ شاهِداً لابنِ عُمَرَ وسألَهُ رَجُلٌ عَنْ دم البَعُوضِ؟ فَقَالَ: مِمَّنْ أنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أهْلِ العِراقِ.
قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هاذا يَسْألُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ وقَدْ قَتَلُوا ابنَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وسَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ: هُما رَيْحانَتايَ مِنَ الدُّنْيا.
( انْظُر الحَدِيث 3753) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( هما ريحانتاي من الدُّنْيَا) وَالريحَان مِمَّا يشم وَالْولد مِمَّا يشم وَيقبل.

ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل أَبُو سَلمَة التَّبُوذَكِي، ومهدي هُوَ ابْن مَيْمُون الْأَزْدِيّ، وَذكر هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَابْن أبي يَعْقُوب، هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله ابْن أبي يَعْقُوب الضَّبِّيّ الْبَصْرِيّ، وَابْن أبي نعم بِضَم النُّون وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة هُوَ عبد الرَّحْمَن وَاسم أَبِيه لَا يعرف، وَكَانَ ثِقَة عابداً.

والْحَدِيث مضى فِي مَنَاقِب الْحسن وَالْحُسَيْن رضب الله عَنْهُمَا.

قَوْله: ( كنت شَاهدا) أَي: حَاضرا.
قَوْله: ( وساله رجل عَن دم البعوض) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
وَفِي المناقب: سَمِعت عبد الله بن عمر سَأَلَهُ عَن الْمحرم، قَالَ شُعْبَة: أَحْسبهُ يقتل الذُّبابُُ.
قَالَ الْكرْمَانِي: يحْتَمل أَن السُّؤَال كَانَ عَنْهُمَا جَمِيعًا يَعْنِي: عَن البعوض والذبابُ، وَقيل: أَو أطلق الرَّاوِي الذُّبابُُ على البعوض لقرب شبهه مِنْهُ.
قَوْله: ( مِمَّن أَنْت؟) يَعْنِي: من أَي الْبِلَاد ( أَنْت؟ فَقَالَ: من أهل الْعرَاق) وَفِي المناقب: فَقَالَ أهل الْعرَاق يسْأَلُون عَن قتل الذُّبابُُ وَقد قتلوا ابْن ابْنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعْنِي: الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا، وَلم يذكر لفظ: ابْنة.
قَوْله: ( هما) يَعْنِي: الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا.
قَوْله: ( ريحانتاي) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والحموي: ريحاني، بِكَسْر النُّون وَالتَّخْفِيف على الْإِفْرَاد، وَكَذَا عِنْد النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْكشميهني: ريحانتي، بِزِيَادَة التَّاء الَّتِي للتأنيث.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: المُرَاد بالريحان هُنَا الرزق،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ فِي: ( الْفَائِق) : أَي: هما من رزق الله الَّذِي رزقنيه، يُقَال: سُبْحَانَ الله وريحانه، أَي: أسبح الله واسترزقه، وَيجوز أَنِّي راد بالريحان المشموم، يُقَال: حَياتِي بطاقة ر يحان، وَالْمعْنَى: فَإِنَّهُمَا مِمَّا أكرمني الله بِهِ وحباني بِهِ، لِأَن الْأَوْلَاد يُشمُون ويُقبَّلون، فكأنهم من جملَة الرياحين.
قَوْله: ( من الدُّنْيَا) أَي: نَصِيبي من الريحاني الدنيوي.





[ قــ :567 ... غــ :5995 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدّثني عَبْدُ الله بنُ أبي بَكْرٍ: أنَّ عُرْوَة بنَ الزُّبَيْرِ أخبرهُ أنَّ عائِشَةَ زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حدّثَتْهُ قالَتْ: جاءَتْنِي امْرَأةٌ مَعَها ابْنَتان تَسْألُنَي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ واحِدَةٍ، فأعْطَيْتُها فَقَسَمَتْها بَيْنَ ابْنَتَيْها، ثُمَّ قامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ: مَنْ يَلِي مِنْ هاذِهِ البَناتِ شَيْئاً.
فأحْسَنَ إلَيْهِنَّ كُنَّ سِتْراً مِنَ النَّار.
( انْظُر الحَدِيث 1418) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْمَرْأَة الَّتِي مَعهَا ابنتان لم تتَنَاوَل شَيْئا من تِلْكَ التمرة الَّتِي أعطتها أم الْمُؤمنِينَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، رَحْمَة وشفقة على بنتيها.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَعبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ وَغَيره.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبر عَن أَحْمد بن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُبَارك.

قَوْله: ( فَلم تَجِد عِنْدِي غير تَمْرَة وَاحِدَة فأعطيتها) فَإِن قلت: وَقع فِي رِوَايَة عرَاك بن مَالك عَن عَائِشَة: جَاءَتْنِي مسكينة تحمل ابْنَتَيْن لَهَا، فأطعمتها ثَلَاث تمرات فأعطت كل وَاحِدَة مِنْهُمَا تَمْرَة وَرفعت تَمْرَة إِلَى فِيهَا لتأكلها فاستطعمتا ابنتاها فشقت التمرة الَّتِي كَانَت تُرِيدُ أَن تأكلها فَأَعْجَبَنِي شَأْنهَا ... الحَدِيث أخرجه مُسلم، فَمَا الْجمع بَينهمَا؟ قلت: قيل: يحْتَمل أَنَّهَا لم تكن عِنْدهَا فِي أول الْحَال سوى تَمْرَة وَاحِدَة فأعطتها، ثمَّ وجدت اثْنَتَيْنِ، وَيحْتَمل تعدد الْقِصَّة.
قَوْله: ( من يَلِي) من الْولَايَة كَذَا فِي رو اية الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: من بلي، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة من الْبلَاء، وَفِي رِوَايَته أَيْضا: بِشَيْء، وَوَقع فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: من ابْتُلِيَ.
قَوْله: ( من هَذِه الْبَنَات شَيْئا) أَي: بِشَيْء، وَنصب بِنَزْع الْخَافِض، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم من حَدِيث أنس: من عَال جاريتين، وَفِي رِوَايَة أَحْمد من حَدِيث أم سَلمَة: من أنْفق على ابْنَتَيْن أَو أُخْتَيْنِ أَو ذاتي قرَابَة يحْتَسب عَلَيْهِمَا.
قَوْله: ( فَأحْسن اليهن) وَقع فِي أَكثر الرِّوَايَات بِلَفْظ الْإِحْسَان، وَفِي رِوَايَة عبد الْمجِيد: فَصَبر عَلَيْهِنَّ، وَمثله فِي حَدِيث عقبَة بن عَامر فِي: ( الْأَدَب الْمُفْرد) وَكَذَا فِي ابْن مَاجَه وَزَاد: وأطعمهن وسقاهن وكساهن، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عِنْد الطَّبَرَانِيّ: فأنفق عَلَيْهِنَّ وزوجهن وَأحسن أدبهن، وَفِي حَدِيث جَابر عَن أَحْمد: يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن، وَزَاد الطَّبَرَانِيّ فِيهِ: ويزوجهن، وَفِي حَدِيث أبي سعيد فِي: ( الْأَدَب الْمُفْرد) : فَأحْسن صحبتهن وَاتَّقَى الله فِيهِنَّ، وَكَذَا فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ عَنهُ، وللترمذي أَيْضا عَنهُ: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( لَا يكون لأحدكم ثَلَاث بَنَات أَو ثَلَاث أَخَوَات فَيحسن إلَيْهِنَّ إلاَّ دخل الْجنَّة) .
وروى الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: ( من كن لَهُ ثَلَاث بَنَات فعالهن وآواهن وكفلهن دخل الْجنَّة، قُلْنَا: وَوَاحِدَة؟ قَالَ: وَوَاحِدَة) .
قَوْله: ( سترا) أَي: حِجَابا، وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة عبد الْمجِيد، وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث تَأَكد حق الْبَنَات على حق الْبَنِينَ لضعفهن عَن الْقيام بمصالحهن من الِاكْتِسَاب وَحسن التَّصَرُّف وجزالة الرَّأْي، فَإِذا تامت رجعت إِلَى أَبِيهَا، كَمَا روينَا فِي ( سنَن ابْن مَاجَه) من حَدِيث سراقَة بن مَالك: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: ( أَلا أدلك على أفضل الصَّدَقَة؟ ابْنَتك مَرْدُودَة إِلَيْك لَيْسَ لَهَا كاسب غَيْرك) .





[ قــ :5673 ... غــ :5996 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حَدثنَا اللَّيْثُ حَدثنَا سَعِيدٌ المَقْبِرِيُّ حَدثنَا عَمْرُو بنُ سُلَيْمٍ حَدثنَا أبُو قَتادَةَ قَالَ: خَرَج عَلَيْنا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وأُمامَةُ بِنْتُ أبي العاصِ عَلَى عاتِقِهِ، فَصلَّى فإذَا رَكَعَ وضَعَها وإذَا رَفَعَ رَفَعَها.
( انْظُر الحَدِيث 516) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَلِكَ لِرَحْمَتِهِ وشفقته على ولد الْوَلَد، وَولد الْوَلَد ولد لِأَن أُمَامَة بنت أبي الْعَاصِ بن الرّبيع من زَيْنَب بنت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، وَعَمْرو بِفَتْح الْعين ابْن سليم بِضَم السِّين الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو قَتَادَة هُوَ الْحَارِث بن ربعي الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث قد مضى فِي الصَّلَاة فِي: بابُُ من حمل جَارِيَة صَغِيرَة على عُنُقه.

قَوْله: ( فَإِذا ركع وَضعهَا) وَفِي كتاب الصَّلَاة إِذا سجد وَضعهَا، وَلَا مُنَافَاة لاحْتِمَال أَن الْوَضع كَانَ عِنْد الرُّكُوع وَالسُّجُود جَمِيعًا، وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَكَانَت الصَّلَاة فرضا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.





[ قــ :5674 ... غــ :5997 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْريِّ حَدثنَا أبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَبْلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الحَسَنَ بنَ عَلِيّ وعِنْدَهُ الأقْرَعُ بنُ حابِسٍ التَّمِيميُّ جالِساً، فَقَالَ الأقْرَعُ: إنَّ لي عَشَرَةً مِنَ الوَلَد مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً! فَنَظَرَ إلَيْهِ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ قَالَ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَعِنْده الْأَقْرَع) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( جَالِسا) حَال من الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي، وَهُوَ من الْمُؤَلّفَة، وَحسن إِسْلَامه.
قَوْله: ( من لَا يرحم لَا يرحم) بِالرَّفْع والجزم فيهمَا قَالَه الْكرْمَانِي.
قلت: الرّفْع على الْخَبَر والجزم على أَن: من شَرْطِيَّة.
.

     وَقَالَ  السُّهيْلي: جعله على الْخَبَر أشبه لسياق الْكَلَام لِأَنَّهُ سيق للرَّدّ على من قَالَ: إِن لي عشرَة من الْوَلَد ... إِلَى آخِره، أَي: الَّذِي يفعل هَذَا الْفِعْل لَا يرحم، وَلَو كَانَت شَرْطِيَّة لَكَانَ فِي الْكَلَام بعض انْقِطَاع لِأَن الشَّرْط وَجَوَابه كَلَام مُسْتَأْنف.
وَقيل: يجوز الرّفْع فِي الجزءين والجزم فيهمَا، وَالرَّفْع فِي الأول والجزم فِي الثَّانِي وَبِالْعَكْسِ، فَيحصل أَرْبَعَة أوجه.





[ قــ :5675 ... غــ :5998 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ حَدثنَا سُفْيانُ عَنْ هِشامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: جاءَ أعْرَابِيٌّ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيانَ فَما نُقَبِّلُهُمْ؟ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أوَ أمْلِكُ لَكَ أنْ نَزَعَ الله مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟ .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَمُحَمّد بن يُوسُف هُوَ الْفرْيَابِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة ابْن الزبير رَضِي الله عَنهُ.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( عَن هِشَام عَن عُرْوَة) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه.
قَوْله: ( جَاءَ أَعْرَابِي) قيل: يحْتَمل أَن يكون الْأَقْرَع بن حَابِس، وَيحْتَمل أَن يكون قيس بن عَاصِم التَّمِيمِي ثمَّ السَّعْدِيّ.
قلت: وَيحْتَمل أَن يكون عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة الْفَزارِيّ، لِأَنَّهُ وَقع لَهُ مثل ذَلِك قَوْله: ( تقبلون) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين بِدُونِ حرف الإستهام، وَثبتت فِي رِوَايَة الْكشميهني.
قَوْله: ( فَمَا نقبلهم) وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: فوَاللَّه مَا نقبلهم، وَفِي رِوَايَة مُسلم: لَكِن وَالله لَا نقبل.
قَوْله: ( أَو ملك لَك أَن نزع الله؟) الْهمزَة للاستفهام الإنكاري، وَالْوَاو للْعَطْف على مُقَدّر بعد الْهمزَة نَحْو: تَقول.
وَقَوله: ( أَن نزع) بِفَتْح الْهمزَة مفعول: أملك، أَي: لَا أملك النزع، وَحَاصِل الْمَعْنى: لَا أقدر أَن أجعَل الرَّحْمَة فِي قَلْبك بعد أَن نَزعهَا الله مِنْهُ، وَقيل: كلمة: أَن مَكْسُورَة على أَنَّهَا شَرط وَجَزَاء مَحْذُوف.





[ قــ :5676 ... غــ :5999 ]
- ( حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم حَدثنَا أَبُو غَسَّان قَالَ حَدثنِي زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبي فَإِذا امْرَأَة من السَّبي قد تحلب ثديها تَسْقِي إِذا وجدت صَبيا فِي السَّبي أَخَذته فَأَلْصَقته بِبَطْنِهَا وأرضعته فَقَالَ لنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَرَوْنَ هَذِه طارحة وَلَدهَا فِي النَّار قُلْنَا لَا وَهِي تقدر على أَن لَا تطرحه فَقَالَ الله أرْحم بعباده من هَذِه بِوَلَدِهَا) مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث وَابْن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن أبي مَرْيَم وَأَبُو غَسَّان مُحَمَّد بن مطرف وَزيد بن أسلم يروي عَن أَبِيه أسلم الحبشي البجاوي مولى عمر بن الْخطاب والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن حسن الْحلْوانِي وَمُحَمّد بن سهل كِلَاهُمَا عَن ابْن أبي مَرْيَم قَوْله قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبي أَي أسر من الغلمان والجواري وسبيته سبيا إِذا حَملته من بلد إِلَى بلد وَقَوله قدم على صِيغَة الْمَعْلُوم فعل مَاض وَسبي بِالرَّفْع فَاعله وَفِي رِوَايَة الْكشميهني قدم بسبي على صِيغَة الْمَجْهُول وبالباء الْمُوَحدَة فِي سبي وَكَانَ هَذَا من سبي هوَازن قَوْله " تحلب " على وزن تفعل بِالتَّشْدِيدِ على صِيغَة الْمَعْلُوم قَوْله ثديها بِالرَّفْع فَاعله وَمَعْنَاهُ تهَيَّأ لِأَن تحلب وثديها بِالْإِفْرَادِ فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ ثدياها بالتثنية قَوْله تَسْقِي من السَّقْي بِالسِّين الْمُهْملَة وَالْقَاف وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي تحلب بِضَم اللَّام مضارع حلب وثديها بِالنّصب وَفِي رِوَايَة الْكشميهني بسقي بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالتنوين وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ تسْعَى بِالْعينِ الْمُهْملَة من السَّعْي وَهُوَ الْمَشْي بِسُرْعَة وَفِي رِوَايَة مُسلم تبتغي من الابتغاء وَهُوَ الطّلب قَالَ عِيَاض وَهُوَ وهم.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ كل مِنْهُمَا صَوَاب لِأَنَّهَا ساعية وطالبة لولدها قَوْله إِذْ وجدت صَبيا كلمة إِذْ ظرف وَيجوز أَن يكون بدل اشْتِمَال من امْرَأَة وَفِي بعض النّسخ إِذا وجدت صَبيا إِلَى قَوْله فَقَالَ لنا مَعْنَاهُ إِذا وجدت صَبيا أَخَذته فأرضعته فَوجدت صَبيا فَأَخَذته فألزمته بَطنهَا وَعلم من هَذَا أَنَّهَا كَانَت فقدت صَبيا وَكَانَت إِذا وجدت صَبيا أَرْضَعَتْه ليخف عَنْهَا اللَّبن فَلَمَّا وجدت صبيها بِعَيْنِه أَخَذته فالتزمته وألصقته بِبَطْنِهَا من فرحها بوجدانه قَوْله أَتَرَوْنَ بِضَم التَّاء أَي أتظنون قَوْله وَهِي تقدر على أَن لَا تطرحه أَي طائقة ذَلِك قَوْله " لله " اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد وَهِي مَفْتُوحَة وَصرح بالقسم فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ فَقَالَ وَالله أرْحم إِلَى آخِره قَوْله بعباده قيل لفظ الْعباد عَام وَمَعْنَاهُ خَاص بِالْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ كَقَوْلِه تَعَالَى { ورحمتي وسعت كل شَيْء فسأكتبها للَّذين يَتَّقُونَ} فَهِيَ عَامَّة من جِهَة الصلاحية وخاصة بِمن كتبت لَهُ وَالظَّاهِر أَنَّهَا على الْعُمُوم لمن سبق لَهُ مِنْهَا نصيب من أَي الْعباد كَانَ حَتَّى الْحَيَوَانَات على مَا يَجِيء فِي حَدِيث الْبابُُ الْآتِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ وَأنزل فِي الأَرْض جُزْءا وَاحِدًا فَمن ذَلِك الْجُزْء يتراحم الْخلق الحَدِيث -