فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قتل الولد خشية أن يأكل معه

( بابُُ قَتْلِ الوَلَدِ خَشْيَّةَ أنْ يأكُلَ مَعَهُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ قتل الرجل وَلَده لأجل خشيَة أكله مَعَه، وَالضَّمِير فِي: مَعَه، يرجع إِلَى الْمُقدر لِأَن قتل الْوَلَد مصدر مُضَاف إِلَى مَفْعُوله، وَذكر الْفَاعِل مطوي، وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والكشميهني: بابُُ أَي الذَّنب أعظم.



[ قــ :5678 ... غــ :6001 ]
- حدَّثني مُحَمَّدُ بنُ كَثِير أخبرنَا سُفْيانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أبي وائِلٍ عَنْ عَمْرو بنِ شُرْحَبيلٍ عَن عَبْدِ الله قَالَ: قُلْتُ: يَا رسولَ الله! أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قَالَ: أنْ تَجْعَلَ لله نِدًّا وَهْوَ خَلَقَكَ، قَالَ: ثمَّ أَي؟ قَالَ: أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يأكُلَ مَعَكَ.
قَالَ: ثُمَّ أَي؟ قَالَ: أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جارِكَ، وأنْزَلَ الله تَعَالَى تَصْدِيقَ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: { الَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} ( الْفرْقَان: 68) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمَنْصُور هُوَ ابْن المعتر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعَمْرو بن شُرَحْبِيل بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وبالياء آخر الْحُرُوف أَبُو ميسرَة الْهَمدَانِي، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْفرْقَان عَن مُسَدّد وَعَن عُثْمَان بن أبي شيبَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( ندا) بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الدَّال وَهُوَ مثل الشَّيْء الَّذِي يضاده فِي أُمُوره ويناده أَي يُخَالِفهُ وَيجمع على أنداد.
قَوْله: ( وَهُوَ خلقك) الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: ( خشيَة أَن يَأْكُل) قَالَ الْكرْمَانِي: مَفْهُومه أَنه إِن لم يكن للخشية لم يكن كَذَلِك ثمَّ أجَاب بِأَن هَذَا الْمَفْهُوم لَا اعْتِبَار لَهُ وَهُوَ خَارج مخرج الْأَغْلَب، وَكَانَت عَادَتهم ذَلِك، وَأَيْضًا لَا شكّ أَن الْقَتْل لهَذِهِ الْعلَّة أعظم من الْقَتْل لغَيْرهَا.
قَوْله: ( حَلِيلَة جَارك) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة أَي: زَوجته، سميت حَلِيلَة وَالزَّوْج حليلاً لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يحل عِنْد صَاحبه.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: تقدم أَن أكبر الْكَبَائِر قَول الزُّور، ثمَّ قَالَ: لَا خلاف أَن أكبر الْكل الْإِشْرَاك بِاللَّه، ثمَّ اعْتبر فِي كل مقَام مَا يَقْتَضِي حَال السامعين زجرا لما كَانُوا يسهلون الْأَمر فِيهِ أَو: قَول الزُّور أكبر الْمعاصِي القولية، وَالْقَتْل أكبر الْمعاصِي الفعلية الَّتِي تتَعَلَّق بِحَق النَّاس، وَالزِّنَا بحليله الْحَار أكبر أَنْوَاع الزِّنَا.
قَوْله: ( وَأنزل الله)
إِلَى آخِره، وَجه تَصْدِيق الْآيَة لذَلِك حَيْثُ أَدخل الْقَتْل وَالزِّنَا فِي سلك الْإِشْرَاك علم أَنَّهَا أكبر الذُّنُوب.