فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: حسن العهد من الإيمان

( بابٌُ حُسْنُ العَهْدِ مِنَ الْإِيمَان)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حسن الْعَهْد من كَمَال الْإِيمَان لِأَن جَمِيع أَفعَال الْبر من الْإِيمَان، والعهد هُنَا رِعَايَة الْحُرْمَة، قَالَه أَبُو عبيد،.

     وَقَالَ  عِيَاض: هُوَ الاحتفاظ بالشَّيْء والملازمة لَهُ،.

     وَقَالَ  الرَّاغِب: حفظ الشَّيْء ومراعاته حَالا بعد حَال، وَلَفظ الْعَهْد باللاشتراك يُطلق على معَان كَثِيرَة: الزَّمَان وَالْمَكَان وَالْيَمِين والذمة والصحبة والميثاق والأمان والنصيحة وَالْوَصِيَّة والمطر، وَيُقَال لَهُ: العهاد أَيْضا.



[ قــ :5681 ... غــ :6004 ]
- حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ اسْماعِيلَ حَدثنَا أبُو أُسامَةَ عَنْ هِشامِ عَنْ أبِيهِ عَن عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: مَا غرْتُ عَلَى امْرَأةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلاثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أسْمَعُهُ يَذْكُرُها، ولَقَدْ أمَرَهُ رَبُّهُ أنْ يُبَشِّرَها بِبَيْت فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، وإنْ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِي فِي خُلَّتِها مِنْهَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي حسن الْعَهْد وَهُوَ إهداء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اللَّحْم لإخوان خَدِيجَة ومعارفها ورعباً مِنْهُ لذمامها وحفظاً لعهدها، وَقد أخرج الْحَاكِم وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب من طَرِيق صَالح بن رستم عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: جَاءَت عَجُوز إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: كَيفَ أَنْتُم؟ كَيفَ حالكم؟ كَيفَ كُنْتُم بَعدنَا؟ قَالَت: بِخَير بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله، فَلَمَّا خرجت قلت: يَا رَسُول الله { تقبل على هَذِه الْعَجُوز هَذَا الإقبال؟ فَقَالَ: يَا عَائِشَة} إِنَّهَا كَانَت تَأْتِينَا زمَان خَدِيجَة، وَأَن حسن الْعَهْد من الْإِيمَان.

وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير عَن عَائِشَة.

والْحَدِيث مضى فِي المناقب فِي: بابُُ تزيج خَدِيجَة رَضِي الله عَنْهَا.

قَوْله: ( مَا غرت) كلمة: مَا فِيهِ نَافِيَة، وَفِي: ماغرت ثَانِيًا مَوْصُولَة أَي: الَّذِي غرت على خَدِيجَة.
قَوْله: ( لما كنت) يتَعَلَّق بِهِ أَي: لأجل مَا كنت أسمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يذكرهَا أَي خَدِيجَة.
قَوْله: ( من قصب) أَي: قصب الدّرّ، وإصطلاح الجوهريين أَن يَقُولُوا: قصب من اللُّؤْلُؤ كَذَا وقصب من الْجَوْهَر كَذَا وَمن الدّرّ كَذَا للخيط مِنْهُ، وَقيل: كَانَ الْبَيْت من الْقصب تفاؤلاً بقصب سبقها إِلَى الْإِسْلَام.
قَوْله: ( وَإِن كَانَ) كلمة: إِن هَذِه مُخَفّفَة من المثقلة وَأَصله: وَإنَّهُ كَانَ ليذبح الشَّاة، اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد.
قَوْله: ( فِي خلتها) أَي: فِي أهل بَيتهَا، يَعْنِي أخلاءها وأحبابُها.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: الْخلَّة هَهُنَا بِمَعْنى الأخلاء مَوضِع الْمصدر وضع الإسم، وَأَرَادَ بالقصب قصب اللُّؤْلُؤ وَهُوَ المجوف مِنْهُ، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: ثمَّ يهديها إِلَى خلائلها، وَتقدم فِي المناقب: إِلَى أصدقائها.