فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كل معروف صدقة

( بابٌُ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ كل مَعْرُوف صَدَقَة، والآن يَجِيء تَفْسِير الْمَعْرُوف.



[ قــ :5699 ... غــ :6022 ]
- حدَّثني آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ حَدثنَا سَعِيدُ بن أبي بُرْدَةَ بنِ أبي مُوسَى الأشْعَرِيِّ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ.
قَالُوا: فإنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: فَيَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ، قَالُوا: فإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، أوْ: لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُعِينُ ذَا الحاجَةِ المَلْهُوفَ.
قَالُوا: فإنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ فَيَأْمُرُ بالخَيْرِ، أوْ قَالَ: بالمَعْرُوف، قَالَ: فإنْ لَمْ يَفْعَلْ؟ قَالَ: فَيُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فإنَّهُ لَهُ صَدَقَةٌ.
( انْظُر الحَدِيث 1445) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( أَو قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ) وَسَعِيد بن أبي بردة بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ يروي عَن أَبِيه أبي بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَإِسْكَان الرَّاء وبالدال الْمُهْملَة واسْمه عَامر عَن جده أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم فِي: بابُُ على كل مُسلم صَدَقَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( أَو لم يفعل) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( الملهوف) أَي: الْمَظْلُوم يستغيث أَو المحزون المكروب.
قَوْله: ( فَإِن لم يفعل) أَي: عَجزا أَو كسلاً.
قَوْله: ( أَو قَالَ: بِالْمَعْرُوفِ) شكّ من الرَّاوِي.

وَفِيه: تَنْبِيه لِلْمُؤمنِ الْمُعسر على أَن يعْمل بِيَدِهِ وَينْفق على نَفسه وَيتَصَدَّق من ذَلِك وَلَا يكون عيالاً على غَيره، وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، أَنه قَالَ: يَا معشر الْقُرَّاء خذو طَرِيق من كَانَ قبلكُمْ وَارْفَعُوا رؤوسكم وَلَا تَكُونُوا عيالاً على الْمُسلمين.
وَفِيه: إِن الْمُؤمن إِذا لم يقدر على بابُُ من أَبْوَاب الْخَيْر وَلَا فتح لَهُ فَعَلَيهِ أَن ينْتَقل إِلَى بابُُ آخر يقدر عَلَيْهِ فَإِن أَبْوَاب الْخَيْر كَثِيرَة وَالطَّرِيق إِلَى مرضاة الله غير مَعْدُومَة.




[ قــ :5699 ... غــ :60 ]
- حدّثنا مالِكُ بنُ إسْماعِيلَ حَدثنَا إسْرَائِيلُ عنْ عاصمٍ عنْ أبي عثْمانَ عنْ أُسامَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذْ جاءَهُ رسولُ إحْدَى بَناتِهِ وعِنْدَهُ سَعْد وأبَيُّ بنُ كَعْبٍ ومُعاذٌ أنَّ ابْنَها يَجُودُ بِنَفْسِهِ، فَبَعَثَ إلَيْها: ( لله مَا أخَذَو لله مَا أعْطَى، كلٌّ بأجَلِ فَلْتَصْبرْ ولْتَحْتَسِبْ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( كل بِأَجل) من الْأَمر الْمُقدر.
وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق، وَعَاصِم هُوَ ابْن سُلَيْمَان الْأَحول، وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن النَّهْدِيّ، وَأُسَامَة هُوَ ابْن زيد بن حَارِثَة الْكَلْبِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن عَبْدَانِ وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( وَعِنْده سعد) هُوَ سعد بن عبَادَة، ومعاذ هُوَ ابْن جبل.
قَوْله: ( إِن ابْنهَا) ذكر كَذَلِك: ابْنهَا، فِي الْجَنَائِز وَذكر فِي كتاب المرضى: الْبِنْت.
قَالَ ابْن بطال: هَذَا الحَدِيث لم يضبطه الرَّاوِي فَأخْبر مرّة عَن صبي وَمرَّة عَن صبية.
قَوْله: ( يجود بِنَفسِهِ) يَعْنِي فِي السِّيَاق، يُقَال: جاد بِنَفسِهِ عِنْد الْمَوْت يجود جوداً.
قَوْله: ( فَلتَصْبِر ولتحتسب) وَلم يقل: فلتصبري لِأَنَّهَا كَانَت غَائِبَة وَالْغَائِب لَا يُخَاطب بِمَا يُخَاطب بِهِ الْحَاضِر،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: إِنَّمَا خَاطب الرَّسُول وَلَو خَاطب الْمَأْمُور بِالصبرِ لقَالَ: فاصبري واحتسبي.