فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا لم تستحي فاصنع ما شئت

( بابٌُ إذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت، وَقد أوقع هَذِه التَّرْجَمَة عين الحَدِيث.



[ قــ :5791 ... غــ :6120 ]
- حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حَدثنَا زُهَيْرٌ حَدثنَا مَنْصُورٌ عَنْ رِبْعِيّ بنِ حِرَاش حدّثنا أبُو مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إنَّ مِمَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ الأولَى: إِذا لَمْ تَسْتَبح فاصْنَعْ مَا شِئْتَ.
( انْظُر الحَدِيث 3483 وطرفه) .


قد ذكرنَا أَن التَّرْجَمَة لفظ الحَدِيث.
وَزُهَيْر الْيَرْبُوعي هُوَ ابْن مُعَاوِيَة أَبُو خَيْثَمَة، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، ورِبْعِي بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن حِرَاش بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الرَّاء وبالشين الْمُعْجَمَة الْغَطَفَانِي الْأَعْوَر، وَأَبُو مَسْعُود عقبَة بن عَامر البدري.

والْحَدِيث قد مضى فِي بابُُ مُجَرّد بعد حَدِيث الْغَار فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن غير أَنه لَيْسَ فِيهِ لفظ الأولى، وَفِيه: فافعل مَا شِئْت.

قَوْله: ( النَّاس) مَرْفُوع والعائد إِلَى: مَا، مَحْذُوف أَي: مَا أدْركهُ النَّاس، وَيجوز النصب والعائد ضمير الْفَاعِل، وَأدْركَ بِمَعْنى: بلغ، ( وَإِذا لم تستح) إسم للكلمة المشبهة بِتَأْوِيل هَذَا القَوْل، أَي: إِن الْحيَاء لم يزل مستحسناً فِي شرائع الْأَنْبِيَاء السالفة، وَإنَّهُ باقٍ لم ينْسَخ فالأولون وَالْآخرُونَ فِيهِ أَي فِي استحسانه على منهاج وَاحِد.
قَوْله: ( فَاصْنَعْ مَا شِئْت) قَالَ الْخطابِيّ: الْأَمر فِيهِ للتهديد نَحْو: اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فَإِن الله يجزيكم، أَو أَرَادَ بِهِ: إفعل مَا شِئْت مِمَّا لَا يستحي مِنْهُ وَلَا تفعل مَا تَسْتَحي مِنْهُ، أَو الْأَمر بِمَعْنى الْخَبَر أَي: إِذا لم يكن لَك حَيَاء يمنعك من الْقَبِيح صنعت مَا شِئْت.
قلت: الْمَعْنى الثَّانِي أَشَارَ إِلَيْهِ النَّوَوِيّ حَيْثُ قَالَ فِي ( الْأَرْبَعين) : الْأَمر فِيهِ للْإِبَاحَة، وَهُوَ ظَاهر مِنْهُ.