فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب صنع الطعام والتكلف للضيف

( بابُُ صُنْعِ الطَّعامِ والتَّكَلُّفِ للضَّيْفِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان صنع الطَّعَام لأجل الضَّيْف والتكلف لمن قدر عَلَيْهِ لأجل الضَّيْف لِأَنَّهُ من سنَن الْمُرْسلين، أَلاَ يُرى أَن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل، صلوَات الله عَلَيْهِ، وَسَلَامه ذبح لضيفه عجلاً سميناً، فَقَالَ أهل التَّأْوِيل: كَانُوا ثَلَاثَة: جِبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وإسرافيل عَلَيْهِم السَّلَام فتكلف لَهُم ذبح عجل وقربه إِلَيْهِم وقصته مَشْهُورَة.



[ قــ :5810 ... غــ :6139 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حَدثنَا جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ حَدثنَا أبُوا العُمَيْسِ عَنْ عَوْنِ بنِ أبي جُحَيْفَةَ عَنْ أبِيهِ قَالَ: آخَى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَيْنَ سَلْمانَ وَأبي الدَّرْدَاءِ فَزارَ سَلْمانُ أَبَا الدَّرْداءِ، فَرأى أُمَّ الدَّرْداءِ مُتَبَذِّلَةَ، فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قالَتْ: أخُوكَ أَبُو الدَّرْداءِ لَيْسَ لَهُ حاجَة فِي الدُّنْيا فَجاء أبُو الدَّرْداءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعاماً فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّي صائِمٌ.
قَالَ: مَا أَنا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أبُوا الدَّرْداءِ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ، فَنامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ فَلَمَّا كَانَ آخرُ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمانُ: قُمِ الآنَ قَالَ: فَصَلَّيا، فَقَالَ لَهُ سَلْمانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولأهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذِي حَقّ حَقَّهُ.
فأتَى النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَذَكَرَ ذالِكَ لَهُ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: صَدَقَ سَلْمانُ.

أبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ السُّوائِيُّ، يُقالُ: وَهْبُ الخَيْرِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( فَصنعَ لَهُ طَعَاما) وجعفر بن عون بالنُّون المخرومي، وَأَبُو العميس بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة واسْمه عتبَة بِسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق ابْن عبد الله المَسْعُودِيّ الْكُوفِي، وَعون بالنُّون أَيْضا ابْن أبي جُحَيْفَة يروي عَن أبي أبي جُحَيْفَة مصغر بِالْجِيم والحاء الْمُهْملَة واسْمه وهب ذكره البُخَارِيّ فِي آخر الحَدِيث وَاسم أبي الدَّرْدَاء عُوَيْمِر، وسلمان هُوَ الْفَارِسِي.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصَّوْم فِي: بابُُ من أقسم على أَخِيه ليفطر فِي التَّطَوُّع، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( أم الدَّرْدَاء) قالالنووي: لأبي الدَّرْدَاء زوجتان كل وَاحِدَة مِنْهُمَا كنيتها أم الدَّرْدَاء: الْكُبْرَى صحابية وَهِي خيرة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَالصُّغْرَى تابعية وَهِي هجيمة مصغر الهجمة بِالْجِيم.

قَوْله: ( متبذلة) ، يَعْنِي: لابسة ثِيَاب البذلة والخدمة بِلَا تجمّل وتكلّف بِمَا يَلِيق بِالنسَاء من الزِّينَة وَنَحْوهَا.
قَوْله: ( أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاء لَيْسَ لَهُ حَاجَة فِي الدُّنْيَا) عممت بِلَفْظ: فِي الدُّنْيَا للاستحياء من أَن تصرح بِعَدَمِ حَاجته إِلَى مباشرتها.

وَفِي الحَدِيث: زِيَارَة الصّديق، وَدخُول دَاره فِي غيبته، والإفطار للضيف، وكراهية التشدّد فِي الْعِبَادَة وَأَن الْأَفْضَل التَّوَسُّط، وَأَن الصَّلَاة آخر اللَّيْل أولى، ومنقبة لسلمان حَيْثُ صدقه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

قَوْله: ( وَأَبُو جُحَيْفَة)
إِلَى آخِره، لم يثبت فِي رِوَايَة أبي ذَر.