فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل

(بابُُ الكُنْيَةِ لِلصَّبِيّ، وقَبْلَ أنْ يُولَدَ لِلرَّجُلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز الكنية للصَّبِيّ، وَعَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: عجلوا بكنى أَوْلَادكُم لَا تسرع إِلَيْهِم ألقاب السوء،.

     وَقَالَ  الْعلمَاء: كَانُوا يكنون الصَّبِي تفاؤلاً بِأَنَّهُ سيعيش حَتَّى يُولد لَهُ، وللأمن من التقليب لِأَن الْغَالِب أَن من يذكر شخصا فيعظمه أَن لَا يذكرهُ باسمه الْخَاص بِهِ، فَإِذا كَانَت لَهُ كنية أَمن من تلقيبه، وَقَالُوا: الكنية للْعَرَب كاللقب للعجم.
قَوْله: (وَقبل أَن يُولد) أَي: وَفِي جَوَاز الكنية أَيْضا قبل أَن يُولد للرجل أَي: قبل أَن يَجِيء لَهُ ولد، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: قبل أَن يلد الرجل، وَقد روى الطَّحَاوِيّ وَأحمد وَابْن مَاجَه وَالْحَاكِم وَصَححهُ من حَدِيث صُهَيْب: أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ لَهُ مَالك تكنى أَبَا يحيى وَلَيْسَ لَك ولد؟ قَالَ: إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كناني، وروى ابْن أبي شيبَة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: كَانَ رجال من الصَّحَابَة يكتنون قبل أَن يُولد لَهُم.
وَأخرج الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كناه أَبَا عبد الرَّحْمَن قبل أَن يُولد لَهُ.



[ قــ :5874 ... غــ :6203 ]
- حدَّثنا مُسَدَّدُ حَدثنَا عَبْدُ الوارِثِ عَنْ أبي التَّيَّاحِ عَنْ أنَسٍ قَالَ: كانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً وكانَ لي أخٌ يُقالُ لَهُ أبُو عُمَيْرٍ، قَالَ: أحْسِبُهُ فَطِيمٌ وكانَ إذَا جاءَ قَالَ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ! مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ بِهِ فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهْوَ فِي بَيْتِنا فَيَأمُرُ بالبِساطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ ويُنْضَحُ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّي بِنَا.
(انْظُر الحَدِيث 6129) .


مُطَابقَة الْجُزْء الأول للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: والركن الثَّانِي مَأْخُوذ بالإلحاق بل بطرِيق الأولى.
قلت: هَذَا كَلَام غير موجه لِأَن جَوَاز التكني للصَّبِيّ لَا يسْتَلْزم جَوَاز التكني للرجل قبل أَن يُولد لَهُ، فَكيف يَصح الْإِلْحَاق بِهِ فضلا عَن الْأَوْلَوِيَّة؟ وَالظَّاهِر أَنه لم يظفر بِحَدِيث على شَرطه مطابقاً للجزء الثَّانِي، فَلذَلِك لم يذكر لَهُ شَيْئا.

وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَبُو التياح بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَفِي آخِره حاء مُهْملَة واسْمه يزِيد بن حميد.

والْحَدِيث مر مُخْتَصرا فِي: بابُُ الانبساط إِلَى النَّاس، أخرجه عَن آدم عَن شُعْبَة عَن أبي التياح عَن أنس.
والْحَدِيث دلّ على جَوَاز تكني الصَّغِير، وَأَبُو عُمَيْر مصغر عمر.

قَوْله: (أَحْسبهُ) أَي: أَظُنهُ فطيم أَي: مفطوم انْتهى رضاعه، وَفِي رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن ثَابت عَن أنس عِنْد أَحْمد: كَانَ لي أَخ صَغِير، وَهُوَ أَخُو أنس من أمه، وارتفاع: فطيم، بِأَنَّهُ صفة لقَوْله: لي أَخ.
وَقَوله: (أَحْسبهُ) معترض بَين الصّفة والموصوف ويروى) فطيماً، بِالنّصب على أَنه مفعول ثَان لأحسبه.
قَوْله: (وَكَانَ إِذا جَاءَ) أَي: وَكَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَ، يَعْنِي: إِلَى أم سليم فِيمَا زح الصَّغِير فَيَقُول لَهُ.
(يَا با عُمَيْر مَا فعل النغير) وَكَانَ قد مَاتَ.
قَوْله: (نغر) .
يَعْنِي النغير مصغر نغر بِضَم النُّون وَفتح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَهُوَ طير صَغِير كالعصافير حمر المناقير.
قَوْله: (فَرُبمَا حضر الصَّلَاة) أَي: رُبمَا حضر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... إِلَى آخِره، قد مر فِي كتاب الصَّلَاة.