فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن

( بابُُ إِذا دُعِيَ الرَّجُلُ فَجاءَ هَلْ يَسْتَأْذِنُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا دعى الرجل بِأَن دَعَاهُ شخص إِلَى بَيته فجَاء: هَل يسْتَأْذن؟ وَلم يبين الْجَواب اكْتِفَاء بِمَا أوردهُ فِي الْبابُُ.

قَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتادَةَ عَنْ أبي رافِعٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: هُوَ إذْنُهُ
سعيد هَذَا هُوَ ابْن عرُوبَة، ويروى: قَالَ شُعْبَة بن الْحجَّاج: وَأَبُو رَافع نفيع بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء الصَّائِغ الْبَصْرِيّ، يُقَال: إِنَّه أدْرك الْجَاهِلِيَّة كَانَ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ تحول إِلَى الْبَصْرَة، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ عَن أبي إِبْرَاهِيم إِسْمَاعِيل بن يحيى عَن الْمُعْتَمِر عَن ابْن عُيَيْنَة عَن سعيد، ثمَّ قَالَ: وَفِي لفظ: إِذا دعِي أحدكُم فجَاء مَعَ الرَّسُول فَذَاك إِذن لَهُ.
قَوْله: هُوَ إِذْنه أَي: الدُّعَاء نفس الْإِذْن فَلَا حَاجَة إِلَى تجديده.



[ قــ :5917 ... غــ :6246 ]
- حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدّثنا عُمَرُ بنُ ذَرّ وَحدثنَا مُحَمَّدُ بنُ مقاتِلٍ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا عُمَرُ بنُ ذَرّ أخبرنَا مُجاهِدٌ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوَجَدَ لَبَناً فِي قَدَحٍ فَقَالَ: أَبَا هِرّ} إلْحَقْ أهْلَ الصُّفَّةِ فادْعُهُمْ إلَيَّ.
قَالَ: فأتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ فأقْبَلُوا فاسْتَأْذَنُوا فأُذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا.
( انْظُر الحَدِيث 5375 وطرفه) .


مطابقته للتَّرْجَمَة لَا تتأتى إلاَّ إِذا قُلْنَا: إِن فِي التَّرْجَمَة تَفْصِيلًا وَهُوَ أَن قَوْله: فجَاء هَل يسْتَأْذن؟ يَعْنِي: هَل جَاءَ مَعَ الرَّسُول الدَّاعِي أَو جَاءَ وَحده بعد إِعْلَام الرَّسُول إِيَّاه بِالدُّعَاءِ، فَفِي مَجِيئه مَعَ الرَّسُول لَا يحْتَاج إِلَى الاسْتِئْذَان.

والْحَدِيث الْمُعَلق مَحْمُول عَلَيْهِ، فَلذَلِك قَالَ: هُوَ إِذْنه.
وَفِي الحَدِيث الثَّانِي: هم جاؤوا وحدهم، فاحتاجوا إِلَى الاسْتِئْذَان فَاسْتَأْذنُوا فَأذن لَهُم، وَالدَّلِيل على هَذَا قَوْله: ( فاقبلوا) وَلم يقل: فأقبلنا، إِذْ لَو كَانَ أَبُو هُرَيْرَة جَاءَ مَعَهم لَكَانَ قَالَ: فأقبلنا، وَبِهَذَا أَيْضا انْدفع التَّعَارُض بَين الْحَدِيثين فِي صُورَة الظَّاهِر.
فَتكون الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث الأول وَبَين التَّرْجَمَة فِي المجيى مَعَ الرَّسُول، وَبَين الحَدِيث الثَّانِي وَبَين التَّرْجَمَة فِي عدم مَجِيء الرَّسُول مَعَهم، فَيكون التَّقْدِير فِي قَوْله: هَل يسْتَأْذن؟ نعم لَا يسْتَأْذن فِي الْمَجِيء مَعَ الرَّسُول، ويستأذن فِي الْمَجِيء وَحده بِدُونِ الرَّسُول.

وَأخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين.
أَحدهمَا: عَن أبي نعيم بِضَم النُّون الْفضل بن دُكَيْن وَعمر بن ذَر بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الرَّاء الْهَمدَانِي عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة.
وَالْآخر: عَن مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي عَن عبد الله ابْن الْمُبَارك الْمروزِي عَن عمر بن ذَر عَن مُجَاهِد.
والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرقَاق عَن أبي نعيم وَحده مطولا.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد عَن هناد بن السّري: وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الرَّقَائِق عَن أَحْمد بن يحيى.

قَوْله: ( أَبَا هر) يَعْنِي: يَا أَبَا هر.
قَوْله: ( الْحق) أَمر من اللحوق.
قَوْله: ( أهل الصّفة) وَهِي سَقِيفَة كَانَت فِي مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينزل فِيهَا فُقَرَاء الصَّحَابَة، وَاللَّام فِي الصّفة للْعهد.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : اخْتلف فِي اسْتِئْذَان الرجل على أَهله وجاريته، فَقَالَ القَاضِي ( فِي المعونة) : لَا، لِأَن أَكثر مَا فِي ذَلِك أَن يصادفهما مكشوفتين.