فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب التسليم في مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين

( بابُُ التَّسْلِيمِ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أخلاطٌ مِنَ المُسْلَمِينَ والمُشْرِكِينَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم السَّلَام على أهل مجْلِس فِيهِ أخلاط أَي: مختلطون من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين.



[ قــ :5924 ... غــ :6254 ]
- حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوسَى أخبرنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ قَالَ: أَخْبرنِي أُسامَةُ بنُ زَيْدٍ أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكِبَ حِماراً عَليهِ إكافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وأرْدَفَ وراءَهُ أُسامَةَ بنَ زَيْدٍ وَهْوَ يَعُودُ سَعْدَ بنَ عُبادَةَ فِي بَنِي الحارِثِ بنِ الخَزْرَجِ وذالِكَ قَبْلَ وَقْعَة بَدْرٍ حَتَّى مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أخْلاطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ والمُشْرِكِينَ عَبْدَة الأوْثانِ واليَهُودِ وفِيهِمْ عَبْدُ الله ابنُ أُبَيّ ابنُ سَلول، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ الله بنُ رَواحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجاجَةُ الدَّابَةِ خَمَّرَ عَبْدُ الله ابنُ أُبَيّ أنْفَهُ بِرِدائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعاهُمْ إِلَى الله وقَرَأ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ الله بنُ أُبَيّ ابنُ سَلُولَ: أيُّها المَرْءُ} لَا أحْسَنَ مِنْ هاذا، إنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا فَلَا تُؤْذنا فِي مَجالِسِنا وارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جاءَكَ مِنَّا فاقْصُصْ عَلَيْهِ.
قَالَ ابنُ رَواحَةَ: اغْشَنا فِي مَجالِسِنا فإِنَّا نُحِبُّ ذالِكَ، فاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ والمُشْرِكُونَ واليَهُودُ حَتَّى هَمُّوا أنْ يَتَواثَبُوا، فَلَمْ يَزَلِ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، ثُمَّ رَكِبَ دابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلى سَعْدِ بنِ عُبادَةَ، فَقَالَ: أيْ سَعْدُ! ألَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أبُو حُبابٍُ؟ يُرِيدُ عَبْدَ الله بنَ أُبَيّ قَالَ كَذا وكَذا.
قَالَ: اعْفُ عَنهُ يَا رسولَ الله واصْفَحْ، فَوالله لَقَدْ أعْطاكَ الله الَّذِي أعْطاكَ ولَقَدِ اصْطَلَحَ أهْلُ هاذِهِ البَحْرَةِ عَلى أنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بالعِصابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ الله ذالِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أعْطاكَ شَرِقَ بِذالِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفا عَنْهُ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( حَتَّى مر فِي مجْلِس فِيهِ أخلاط من الْمُسلمين وَالْمُشْرِكين عَبدة الْأَوْثَان وَالْيَهُود) وَفِي قَوْله: ( فَسلم عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .

وَإِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْفراء، وَأَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير، وَهِشَام بن يُوسُف الصَّنْعَانِيّ، وَمعمر بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد.

والْحَدِيث قد مضى فِي أَوَاخِر كتاب الْأَدَب فِي: بابُُ كنية الْمُشرك، وَمضى فِي تَفْسِير سُورَة آل عمرَان أَيْضا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( ابْن سلول) بِالرَّفْع لِأَن سلول إسم أم عبد الله، وَلَا يظنّ أَن سلول أَبُو أبيّ ( والقطيفة) بِفَتْح الْقَاف: الدثار والمخمل نِسْبَة إِلَى فدك بِفَتْح الْفَاء وَالدَّال الْمُهْملَة وَهِي قَرْيَة بِخَيْبَر، والعجاجة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الجيمين: الْغُبَار.
قَوْله: ( خمر) أَي: غطى.
قَوْله: ( لَا تغبروا) أَي: لَا تثيروا الْغُبَار.
قَوْله: ( لَا أحسن) أَي: لَيْسَ شَيْء أحسن مِنْهُ، والرحل بِالْحَاء الْمُهْملَة الْمنزل.
وَمَوْضِع مَتَاع الشَّخْص.
قَوْله: ( واغشنا) من غشيه غشياناً أَي: جَاءَ.
قَوْله: ( وهموا) أَي: قصدُوا التحارب والتضارب، والبحرة الْبَلدة ويروى: الْبحيرَة بِالتَّصْغِيرِ والتتويج والتعصيب يحْتَمل أَن يكون حَقِيقَة وَأَن يكون كِنَايَة عَن جعله ملكا لِأَنَّهُمَا لازمان للملكية.
قَوْله: ( شَرق) ، بِكَسْر الرَّاء أَي: غص بِهِ يَعْنِي: بَقِي فِي حلقه لَا يصعد وَلَا ينزل.