فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب المعانقة، وقول الرجل كيف أصبحت

( بابُُ المُعانَقَةِ وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أصْبَحْتَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي المعانقة، مفاعلة من عانق الرجل إِذا جعل يَدَيْهِ على عُنُقه وضمه إِلَى نَفسه، وتعانقا واعتنقا، والعناق أَيْضا المعانقة وَلم يثبت لفظ المعانقة وواو الْعَطف فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي والسرخسي.
قَوْله: ( وَقَول الرجل) ، بِالْجَرِّ عطف على المعانقة أَي: وَفِي قَول الرجل لآخر: كَيفَ أَصبَحت، وَنقل الْكرْمَانِي عَن صَاحب التراجم ترْجم البُخَارِيّ بالمعانقة وَلم يذكر فِيهَا شَيْئا وَإِنَّمَا ذكرهَا فِي كتاب الْبيُوع فِي: بابُُ مَا ذكر فِي الْأَسْوَاق فِي معانقة الرجل لصَاحبه عِنْد قدومه من السّفر وَعند لِقَائِه، وَلَعَلَّ البُخَارِيّ أَخذ المعانقة من عَادَتهم عِنْد قَوْلهم: كَيفَ أَصبَحت وَاكْتفى: بكيف أَصبَحت، لاقتران المعانقة بِهِ عَادَة أَو أَنه ترْجم وَلم يتَّفق لَهُ حَدِيث يُوَافقهُ فِي الْمَعْنى وَلَا طَرِيق مُسْند آخر لحَدِيث معانقة الْحسن وَلم ير أَن يرويهِ بذلك السَّنَد لِأَنَّهُ لَيْسَ عَادَته إِعَادَة السَّنَد الْوَاحِد مرَارًا،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: ترْجم بالمعانقة وَلم يذكر لَهَا شَيْئا فَبَقيَ الْبابُُ فَارغًا حَتَّى مَاتَ وَتَحْته: بابُُ قَول الرجل: كَيفَ أَصبَحت؟ فَلَمَّا وجدنَا نَاسخ الْكتاب الترجمتين متواليتين ظنهما وَاحِدَة إِذْ لم يجد بَينهمَا حَدِيثا، والأبواب الفارغة فِي هَذَا ( الْجَامِع) كَثِيرَة، وَقد طول بَعضهم هُنَا كلَاما يمزق فكر النَّاظر بِحَيْثُ لَا يرجع بِشَيْء.



[ قــ :5936 ... غــ :6266 ]
- حدَّثنا إسْحاقُ أخبرنَا بِشرُ بنُ شُعَيْبٍ حدّثني أبي عَن الزُّهْرِي قَالَ: أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ كَعْبٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ أخْبَرَهُ أنَّ عَلِيًّا يعْني ابنَ أبي طالِبٍ خَرَجَ منْ عِنْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
( ح) وحدّثنا أحْمَدُ بنُ صالِحٍ حَدثنَا عَنْبَسَةُ حَدثنَا يُونُسُ عَنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ: أَخْبرنِي عَبْدُ الله بنُ كَعْبِ بنِ مالكٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عَبَّاسٍ أخبرهُ أنَّ عَليَّ بنَ أبي طالِبٍ رَضِي الله عَنهُ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَجَعَهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ! كَيْفَ أصْبَحَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: أصْبَحَ بِحَمْدِ الله بارئاً، فأخَذَ بِيَدِهِ العَبَّاسُ، فَقَالَ: أَلا تَراهُ؟ أنْتَ وَالله بَعْدَ الثلاثِ عَبْدُ العَصا، وَالله إنِّي لأُراى رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيُتَوَفَّى فِي وَجَعِهِ، وإنِّي لأعْرفُ فِي وُجُوهِ بَني عَبح 6 المُطَّلِبِ المَوْتَ، فاذْهَبْ بِنا إِلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَنَسْألَهُ فِيمَنْ يَكُونُ الأمْرُ؟ فإِنْ كَانَ فِينا عَلِمْنا ذالِكَ، وإنْ كَانَ فِي غَيْرِنا أمَرْناهُ فأوْصاى بِنا.
قَالَ عَلِيٌّ: وَالله لَئِنْ سَألْناها رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَيَمْنَعُنا لَا يُعْطِيناها النَّاسُ أبَداً، وإنِّي لَا أسْألُها رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أبَداً.
( انْظُر الحَدِيث 4447) .


مطابقته للجزء الثَّانِي للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( كَيفَ أصبح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) .

وَأخرجه من طَرِيقين.
أَحدهمَا: عَن إِسْحَاق، قيل: هُوَ ابْن رَاهَوَيْه،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: لَعَلَّه ابْن مَنْصُور، فَإِنَّهُ روى عَن بشر فِي: بابُُ مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قلت: الأول هُوَ الْأَظْهر، وَبشر بن شُعَيْب يروي عَن أَبِيه شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحِمصِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ عَن عبد الله بن عَبَّاس عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم وَالطَّرِيق الْأُخَر: عَن أَحْمد بن صَالح أبي جَعْفَر الْمصْرِيّ عَن عَنْبَسَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالسين الْمُهْملَة ابْن خَالِد الْأَيْلِي بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ ... الخ.

والْحَدِيث مضى فِي: بابُُ مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن إِسْحَاق عَن بشر بن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن أَبِيه عَن الزُّهْرِيّ ... الخ نَحوه
قَوْله: ( بارئاً) من قَوْلهم بَرِئت من الْمَرَض برءاً بِالْهَمْزَةِ.
قَوْله: ( أَلا ترَاهُ) قَالَ ابْن التِّين: الضَّمِير فِي: ترَاهُ، للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ضمير الشَّأْن لِأَن الرُّؤْيَة هُنَا لَيست بِمَعْنى الرُّؤْيَة البصرية، قيل: قد وَقع فِي سَائِر الرِّوَايَات بِغَيْر ضمير.
قَوْله: ( سيتوفى) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( الْأَمر) أَي: أَمر الْخلَافَة.
قَوْله: ( أمرناه) ، قَالَ ابْن التِّين: هُوَ بِمد الْهمزَة أَي: شاورناه، قَالَ: وقرأناه بِالْقصرِ من الْأُمُور وَهُوَ الْمَشْهُور،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَي طلبنا مِنْهُ الْوَصِيَّة وَفِيه: دلاله على أَن الْأَمر لَا يشْتَرط فِيهِ الْعُلُوّ وَلَا الاستعلاء.
قَوْله: ( لَا يعطيناها) ، أَي: الْإِمَارَة والخلافة وَكَذَلِكَ تَأْنِيث الضَّمِير فِي: ( وَلَئِن سألناها) ، ( وَلَا أسألها) .