فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه، أو تهيأ للقيام ليقوم الناس

( بابُُ مَنْ قامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أوْ بَيْتِهِ وَلَمْ يَسْتَأذِنْ أصْحابَهُ أَو تَهَيَّأ لِلْقِيامِ، لِيَقُومَ النّاسُ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ من قَامَ من مَجْلِسه وَكَانَ عِنْده نَاس أطالوا الْجُلُوس عِنْده، فاستحيى أَن يَقُول لَهُم: قومُوا، وَهُوَ معنى: لم يسْتَأْذن أَصْحَابه.
قَوْله: ( أَو تهَيَّأ) أَي: تجهز للْقِيَام حَتَّى يرى من عِنْده أَنه يُرِيد الْقيام ليقوموا مَعَه، وَهَذِه التَّرْجَمَة مسبوكة من معنى حَدِيث الْبابُُ.



[ قــ :5941 ... غــ :6271 ]
- حدَّثنا الحَسَنُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أبي يَذْكُرُ عَنْ أبي مِجْلَزٍ عَنْ أنسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لما تَزَوَّجَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ دَعا الناسَ طَعِمُوا ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، قَالَ: فأخَذَ كأنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيامِ فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رأى ذالِكَ قامَ، فلمَّا قامَ قامَ مَنْ قامَ مَعَهُ مِنَ النَّاسِ وبَقِيَ ثَلاَثَةٌ، وإنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، جاءَ لِيَدْخُلَ فإذَا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إنَّهُمْ قامُوا فانْطَلَقُوا، قَالَ: فَجِئْتُ فأخْبَرْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا فَجاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أدْخُلُ فأرْخَى الحِجابَ بَيْني وبَيْنَهُ، وأنْزَلَ الله تَعَالَى: { ( 33) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تدْخلُوا بيُوت النَّبِي إِلَّا أَن يُؤذن لكم} ( الْأَحْزَاب: 53) إِلَى قَوْلِهِ: { إنَّ ذَلِكُمْ كانَ عِنْدَ الله عَظِيماً} .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ، وَقد أوضحنا بعضه.
وَالْحسن بن عمر بن شَقِيق الْبَصْرِيّ، ومعتمر بِضَم الْمِيم وَسُكُون الْعين على وزن إسم الْفَاعِل من الاعتمار يرْوى عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن طرخان الْبَصْرِيّ، وَأَبُو مجلز بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْجِيم وَفتح اللَّام وبالزاي اسْمه لَاحق بن حميد السدُوسِي الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ آيَة الْحجاب، فَإِنَّهُ أخرجه عَن أبي النُّعْمَان عَن مُعْتَمر عَن أَبِيه ... إِلَى آخِره.
وَأخرجه قبله بأتم مِنْهُ عَن يحيى بن سُلَيْمَان، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على خلق عَظِيم وَكَانَ أَشد النَّاس حَيَاء فِيمَا لم يُؤمر فِيهِ وَلم ينْه، فَإِذا أمره الله لم يستح من إِنْفَاذ أَمر الله والصدع بِهِ، وَكَانَ جلوسهم عِنْده بَعْدَمَا طعموا للْحَدِيث أَذَى لَهُ ولأهله، قَالَ تَعَالَى: { ( 33) أَن ذَلِكُم كَانَ يُؤْذِي النَّبِي فيستحي مِنْكُم} ( الْأَحْزَاب: 53) .
الْآيَة، وَقد حرم الله عز وَجل أَذَى رَسُوله فَأنْزل الله تَعَالَى من أجل ذَلِك الْآيَة.