فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الصلاة في النعال

( بابُُ الصَّلاَةِ فِي النعالِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الصَّلَاة فِي النِّعَال، أَي: على النِّعَال أَو؛ بالنعال، لِأَن الظَّرْفِيَّة غير صَحِيحَة.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن فِي الْبابُُ السَّابِق تَغْطِيَة الْوَجْه بِالثَّوْبِ الَّذِي يسْجد عَلَيْهِ، وَفِي هَذَا الْبابُُ تَغْطِيَة بعض الْقَدَمَيْنِ.

[ قــ :382 ... غــ :386]
- حَدَّثَنَا آدَمُ بنُ أبي إيَاسٍ قَالَ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ أخبرنَا أبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بنُ يَزِيدَ الأَزْرِيُّ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مالِكٍ أكانَ النَّبيُّ يُصلِّي فِي نَعْلَيْهِ قَالَ نعَمْ.
( الحَدِيث 683 طرفه فِي 0585) .

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم أَرْبَعَة مر ذكرهم، وَأَبُو مسلمة، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام، وَسَعِيد بِالْيَاءِ، وَيزِيد من الزِّيَادَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده.
فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي موضِعين.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السُّؤَال.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين عسقلاني وكوفي وبصري.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي اللبَاس عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد.
وَأخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن يحيى بن يحيى عَن بشر بن الْمفضل وَعَن أبي الرّبيع الزهْرَانِي عَن عباد بن الْعَوام.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن عَليّ بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن عَمْرو بن عَليّ عَن يزِيد بن زُرَيْع وغسان بن مُضر.

ذكر مَعْنَاهُ واستنباط الحكم مِنْهُ: قَوْله: ( أَكَانَ النَّبِي) اسْتِفْهَام على سَبِيل الاستفسار.
قَوْله: ( يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه؟) أَي: على نَعْلَيْه، أَو بنعليه، كَمَا ذكرنَا.
والنعل: الْحذاء مُؤَنّثَة وتصغيرها: نعيلة،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: معنى هَذَا الحَدِيث عِنْد الْعلمَاء إِذا لم يكن فِي النَّعْلَيْنِ نَجَاسَة فَلَا بَأْس بِالصَّلَاةِ فيهمَا، وَإِن كَانَ فيهمَا نَجَاسَة فليمسحهما وَيصلى فيهمَا.
وَاخْتلفُوا فِي تَطْهِير النِّعَال من النَّجَاسَات، فَقَالَت طَائِفَة: إِذا وطىء القذر الرطب يجْزِيه أَن يمسحهما بِالتُّرَابِ وَيُصلي فِيهِ.
.

     وَقَالَ  مَالك وَأَبُو حنيفَة: لَا يجْزِيه أَن يطهر الرطب إِلَّا بِالْمَاءِ، وَإِن كَانَ يَابسا أَجزَأَهُ حكه.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: لَا يطهر النَّجَاسَات إِلَّا المَاء فِي الْخُف والنعل وَغَيرهمَا.
.

     وَقَالَ  ابْن دَقِيق الْعِيد: الصَّلَاة فِي النِّعَال من الرُّخص لَا من المستحبات، لِأَن ذَلِك لَا يدْخل فِي الْمَعْنى الْمَطْلُوب من الصَّلَاة.

قلت: كَيفَ لَا تكون من المستحبات بل يَنْبَغِي أَن تكون من السّنَن، لِأَن أَبَا دَاوُد روى فِي ( سنَنه) : حدّثنا قُتَيْبَة بن سعيد حدّثنا مَرْوَان ابْن مُعَاوِيَة الْفَزارِيّ عَن هِلَال بن مَيْمُون الرَّمْلِيّ عَن يعلى بن شَدَّاد بن أَوْس عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول ا: ( خالفوا الْيَهُود فَإِنَّهُم لَا يصلونَ فِي نعَالهمْ وَلَا فِي خفافهم) .
وَرَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا، فَيكون مُسْتَحبا من جِهَة قصد مُخَالفَة الْيَهُود، وَلَيْسَت بِسنة لِأَن الصَّلَاة فِي النِّعَال لَيست بمقصوده بِالذَّاتِ، وَقد روى أَبُو دَاوُد أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: ( رَأَيْت رَسُول الله حافياً ومتنعلاً) ، وَهَذَا يدل على الْجَوَاز من غير كَرَاهَة، وَحكى الْغَزالِيّ فِي ( الْإِحْيَاء) عَن بَعضهم أَن الصَّلَاة فِيهِ أفضل.

وَمِمَّا يستنبط مِنْهُ: جَوَاز الْمَشْي فِي الْمَسْجِد بالنعل.