فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: المساجد التي على طرق المدينة، والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم

(بابُُ المَسَاجِدِ الَّتِي عَلَى طُرُقِ المَدِينَةِ وَالمَوِاضِعِ الَّتِي صَلَّى فِيها النبيُّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الْمَسَاجِد فِي الطّرق الَّتِي بَين الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة وَمَكَّة المشرفة، وَفِي أَكثر النّسخ على طرق الْمَدِينَة، والمواضع الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي.



[ قــ :471 ... غــ :483]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ قَالَ حدّثنا فضيْلُ بنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حدّثنا مُوسَى ابنُ عُقْبَةَ قالَ رَأيْتُ سالِمَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ يَتَحَرَّى أمَاكِنَ مِنَ الطَّرِيقِ فَيُصَلِّي فِيها وَيُحَدِّثُ أنَّ أباهُ كانَ يُصَلِّي فِيها وأنَّهُ رَأى النبيُّ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ حدّثني نافِعٌ عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّهُ كانَ يُصَلِّي فِي تِلْكَ الأَمْكِنَةِ وَسألْتُ سالما فَلا أعْلَمْهُ إلاَّ وَافَقَ نافِعاً فِي الأَمْكِنَةِ كُلِّهَا إِلَّا أنَّهُما اخْتَلَفا فِي مَسْجِدٍ بِشَرَفِ الروْحاءَ.
(الحَدِيث 384 أَطْرَافه فِي: 5351، 6332، 5437) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن أبي بكر بن عَليّ بن عَطاء بن مقدم، على وزن اسْم الْمَفْعُول، الْبَصْرِيّ، مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: فُضَيْل، بِضَم الْفَاء وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف: النميري بِضَم النُّون.
الثَّالِث: مُوسَى بن عقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، تقدم فِي بابُُ إسباغ الْوضُوء.
الرَّابِع: سَالم ابْن عبد ابْن عمر بن الْخطاب، تقدم فِي بابُُ الْحيَاء من الْإِيمَان.
الْخَامِس: نَافِع، مولى ابْن عمر، وَقد تكَرر ذكره.
السَّادِس: عبد ابْن عمر.

ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: الرِّوَايَة بِصِيغَة الْمَاضِي للتكلم.
وَفِيه: صِيغَة التحديث بِلَفْظ الْمُضَارع الْمُفْرد وبلفظ الْمَاضِي الْمُفْرد.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي ومدني.

ذكر مَعْنَاهُ وَمَا يُسْتَفَاد مِنْهُ) قَوْله: (يتحَرَّى) أَي: يقْصد ويختار ويجتهد.
قَوْله: (أَن أَبَاهُ) أَي: عبد ابْن عمر بن الْخطاب.
قَوْله: (وَأَنه) أَي: وَأَن أَبَاهُ رأى النَّبِي، وَهَذَا مُرْسل من سَالم إِذا مَا اتَّصل سَنَده.
قَوْله: (وحَدثني نَافِع) الْقَائِل ذَلِك هُوَ مُوسَى بن عقبَة، وَهُوَ عطف على: رَأَيْت، أَي: قَالَ مُوسَى: وحَدثني.
و: سَأَلت، أَيْضا عطف عَلَيْهِ.
قَوْله: (بشرف الروحاء) ، وَهُوَ مَوضِع ارْتَفع من مَكَان الروحاء، وَهِي بحاء مُهْملَة ممدودة.
قَالَ أَبُو عبيد االبكري: هِيَ قَرْيَة جَامِعَة لمزينة على لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة بَينهمَا أحد وَأَرْبَعُونَ ميلًا.
.

     وَقَالَ  كثير عزة: سميت الروحاء لِكَثْرَة أرواحها وبالروحاء بِنَاء يَزْعمُونَ أَنه قبر مُضر بن نزار.
.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا: روحاني، على غير قِيَاس.
وَقد قيل: روحاوي، على الْقيَاس.
وَفِي (كتاب الْجبَال) للزمخشري: بَين الْمَدِينَة والروحاء أَرْبَعَة برد إلاَّ ثَلَاثَة أَمْيَال.
وَفِي (صَحِيح مُسلم) فِي بابُُ الْأَذَان: (سِتَّة وَثَلَاثُونَ ميلًا) .
وَفِي كتاب ابْن أبي شيبَة: على ثَلَاثِينَ ميلًا.
.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: وَهِي من عمل الْفَرْع على نَحْو من أَرْبَعِينَ ميلًا من الْمَدِينَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: روى نَافِع عَن مَوْلَاهُ أَن بِهَذَا الْموضع الْمَسْجِد الصَّغِير دون الْموضع الَّذِي بالشرف، قَالَ: وروى أَصْحَاب الزُّهْرِيّ عَنهُ عَن حَنْظَلَة بن عَليّ عَن أبي هُرَيْرَة: (سَمِعت رَسُول الله يَقُول: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ ليلهن ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِمَا السَّلَام، بفج روحاء حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو بثنيتها) وَفِي رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مثله، وروى غير وَاحِد أَن رَسُول الله قَالَ، وَقد وصل الْمَسْجِد الَّذِي بِبَطن الروحاء عِنْد عرق الظبية: هَذَا وَاد من أَوديَة الْجنَّة، وَصلى فِي هَذَا الْوَادي قبلي سَبْعُونَ نَبيا، عَلَيْهِم السَّلَام، وَقد مر بِهِ مُوسَى بن عمرَان حَاجا ومعتمراً فِي سبعين ألفا من بني إِسْرَائِيل.

فَإِن قلت: قد جَاءَ عَن عمر بن الْخطاب خلاف فعل ابْنه، روى الْمَعْرُور بن سُوَيْد: كَانَ عمر فِي سفر فصلى الْغَدَاة، ثمَّ أَتَى على مَكَان فَجعل النَّاس يأتونه، وَيَقُولُونَ: صلى فِيهِ النَّبِي، فَقَالَ عمر: إِنَّمَا هلك أهل الْكتاب أَنهم اتبعُوا آثَار أَنْبِيَائهمْ واتخذوها كنائس وبيعاً، فَمن عرضت لَهُ الصَّلَاة فَليصل وإلاَّ فليمض قلت: إِن عمر إِنَّمَا خشِي أَن يلْتَزم النَّاس الصَّلَاة فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع حَتَّى يشكل على من يَأْتِي بعدهمْ فَيرى ذَلِك وَاجِبا، وَعبد ابْن عمر كَانَ مَأْمُونا من ذَلِك، وَكَانَ يتبرك بِتِلْكَ الْأَمَاكِن، وتشدده فِي الإتباع مَشْهُور، وَغَيره لَيْسَ فِي هَذَا الْمقَام.





[ قــ :47 ... غــ :484]
- حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ قَالَ حدّثنا أنَسُ بنُ عِياضٍ قَالَ حدّثنا مْوسَى بنُ عُقْبَةَ عنْ نافِعٍ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ أخْبَرَهُ أنَّ رسولَ اللَّهِ كانَ يَنْزِلُ بِذِي الحُلَيْفَةِ حِينَ يَعْتَمِرُ وفِي حَجَّتِهِ حِينَ حَجَّ تَحْتَ سَمُرَةٍ فِي مَوْضِعِ المَسْجَدِ الَّذِي بِذِي الْحُلَيْفَةِ وكانَ إذَا رَجَعَ مِن غَزْوٍ كانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ أوْ فِي حَجٍ أوْ عُمْرَةٍ هَبَطَ مِنْ بَطْنِ وادٍ فإِذَا ظْهَرَ مِنْ بَطْنِ وَادٍ أنَاخَ بالبَطْحَاءِ الَّتِي عَلَى شفِيرِ الوَادِي الشَّرقِيَّةِ فَعِرَّسَ ثَمَّ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ عِنْدَ المَسْجِدِ الَّذِي بِحِجَارَةٍ وَلاَ عَلَى الأكِمَةِ الَّتِي عَلَيْها المَسْجِدُ كانَ ثَمَّ خَلِيجٌ يُصَلِّي عَبْدُ اللَّهِ عِنْدَهُ فِي بَطْنِهِ كُثُبٌ كانَ رسولُ اللَّهِ ثَمَّ يُصَلِّي فَدَحا السيَّلُ فيهِ بِالبَطْحاءِ حَتَّى دَفَنَ ذَلِكَ المَكانَ الذِي كانَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلَّي فِيهِ.




[ قــ :473 ... غــ :485]
- وأنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنِ عُمَرَ حدَّثَهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى حَيْثُ المَسْجِدُ الصَّغِيرُ الذِي دُونَ المَسْجِدِ الذِي بِشَرَفِ الرَّوْحاءِ وقَدْ كانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْلَمُ المَكانَ الذِي كانَ صَلى فِيهِ النبيُّ يَقولُ ثَمَّ عنْ يَمِينِكَ حِينَ تَقُومُ فِي المَسْجِدِ تُصَلِّي وَذَلِكَ المَسْجِدُ عَلَى حافَةِ الطَّرِيق اليُمْنَى وأنْتَ ذَاهِبٌ إلَى مَكَةَ بَيْنَهُ وبَيْنَ المَسْجِدِ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ أوْ نَحْوُ ذَلِكَ.




[ قــ :473 ... غــ :485]
- وأنَّ عُمَرَ كانَ يُصَلِّي إلَى العِرْقِ عِنْدَ مُنْصَرَفِ الرَّوْحاءِ وذَلِكَ العِرْقُ انْتِهاءُ طَرَفِهِ عَلَى حافَةِ الطَّرِيقِ دُونَ المَسْجِدِ الذِي بَيْنَهُ وبَيْنَ المُنْصَرَفِ وَأنْتَ ذَاهِبٌ إلَى مَكَّةَ وَقَدْ أبْتَنِي ثَمَّ مَسْجِدٌ فَلَمْ يَكُنْ عَبْدُ الله يُصَلِّي فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ كانَ يَتْرُكهُ عنْ يَسَارِهِ وورَاءَهُ ويُصَلِّي أمامَهُ إلَى العِرْقِ نَفْسِهِ وكانَ عَبْدُ الله يَرُوحُ مِن الرَّوْحاءِ فَلاَ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ المَكانَ فَيُصَلِّي فِيهِ الظُهْرَ وإذَا أقْبَلَ منْ مَكَّةَ فإِنْ مَرَّ بِهِ قَبْلَ الصبْحِ بِسَاعَةٍ أوْ منْ آخِرِ السَّحَر عَرَّسَ حَتى يُصَلِّي بهَا الصُّبْحَ.




[ قــ :474 ... غــ :487]
- وَأنَّ عَبْدُ الله حَدَّثَهُ أَن النبيَّ كانَ يَنْزلُ تَحْتَ سَرْحَةٍ ضَخْمَةٍ دُونَ الرُّوَيْثَةِ عَنْ الطَّرِيقِ ووِجاهُ الطَّريق فِي مكانٍ بَطْحٍ سَهْلٍ حَتَّى يُفْضِيَ منْ أكَمَةٍ دُوَيْنَ بَرِيدِ الرُّوَيْثَةِ بميلَيْنِ وَقَدِ انْكَسَرَ أعْلاَها فانْثَنَى فِي جَوْفِها وَهِي قائِمَةٌ عَلَى ساقٍ وفِي ساقِهَا كُثُبٌ كَثِيرَةٍ.




[ قــ :475 ... غــ :488]
- وأنَّ عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ حَدَّثَهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى فِي طَرَفِ تَلْعةٍ مِنْ وَرَاءِ العَرْجِ وَأنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى هَضْبَةٍ عنْدَ ذلِكَ المَسْجِدِ قَبْرَان أوْ ثَلاَثَةٌ عَلَى القُبُورِ رَضْمٌ مِن حِجَارَةٍ عَنْ يَمِينِ الطَّرِيقِ عِنْدَ سَلْمَاتِ الطَّريقِ بَيْنَ أُولئكَ فيُصلَّي السَّلِمَاتِ كانَ عَبْدُ الله يَرُوحُ مِنَ العَرْجِ بعْدَ أنْ تَمِيلَ الشَّمْسُ بالهَاجِرَةِ الظهْرَ فِي ذَلِكَ المَسْجِدِ.




[ قــ :476 ... غــ :489]
- وأنَّ عَبْدُ الله بنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أنَّ رَسولَ الله نَزَلَ عِنْدَ سَرْحاتٍ عَنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ فِي مَسِيلٍ دُونَ هَرْشَى، ذَلِكَ المَسيلُ لاَصِقٌ بِكُرَاعِ هَرْشى بَيْنَهُ وبَيْنَ الطَّرِيقِ قريبٌ مِنْ غَلْوَةٍ وكانَ عَبْدُ الله يُصَّلِّي إِلَى سَرْحَةٍ هِى أقْرَبُ السَّرَحاتِ إلَى الطَّرِيقِ وَهْي أطْوَلُهُنَّ.




[ قــ :477 ... غــ :490]
- وأنَّ عَبْدَ الله بنِ عُمَر حَدَّثَهُ أنَّ النبيَّ كانَ يَنْزِلُ فِي المَسْيلِ الَّذِي أدْنَى فِي الظَّهْرَانِ قَبْلَ المَدِينَةِ حِينَ يَهْبِطُ مِنَ الصَّفْرَوَاتِ يَنْزِلُ فِي بَطْنِ ذَلِكَ المَسِيلِ عنْ يَسَارِ الطَّرِيقِ وأنْتَ ذَاهِبٌ إلَى مَكَّة لَيْسَ بَيْنَ مَنْزِلِ رسولِ اللَّهِ وبَيْنَ الطَّرِيقِ إلاَّ رَمْيَةٌ بِحَجَرٍ.

ب 05 0 194 وأنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ أنَّ النبيَّ كانَ يَنْزِلُ بِذِي طُوًى وَيَبِيتُ حَتَى يُصْبِحَ يُصَلَّي الصُّبْحَ حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ ومُصَلَّى رسولِ اللَّهِ ذَلِكَ عَلى أكَمَةٍ غَلِيظَةٍ لَيْسَ فِي المَسْجِدِ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ وَلَكِنْ أسْفَلَ منْ ذَلِكَ علَى أكَمَةٍ غَلِيظَةٍ.

ب 05 0 ب 05 0 94 وأنَّ عَبْدَ الله حَدَّثَهُ أَن النبيَّ اسْتَقْبَلَ فُرْضَتَي الجَبَلِ الَّذِي بَيْنَهُم وَبَيْنَ الجَبَلِ الطَّوِيلِ نَحْوَ الكَعْبَةِ فَجَعَلَ المَسْجِدَ الَّذِي بُنِيَ ثَمَّ يَسَارَ المَسْجِدِ بِطَرَفِ الأَكِمَةِ وَمُصَلَّى النبيِّ أسْفَلَ مِنْهُ عَلَى السَّوْدَاءِ تَدَعُ مِنَ الأكِمَةِ عَشْرَةَ أذْرُعٍ أوْ نَحْوَها ثُمَّ تُصَلِّي مُسْتَقْبَلَ الفُرْضَتَيْنِ مِنَ الجَبَلِ الذِي بَيْنَكَ وبَيْنَ الكَعْبَةِ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة فِي الْفَصْلَيْنِ.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر، بِكَسْر الذَّال الْمُعْجَمَة الْحزَامِي نِسْبَة إِلَى أجداده، ببيانه إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر بن عبد ابْن الْمُغيرَة بن عبد ابْن خَالِد بن حزَام بن خويلد بن أَسد بن عبد الصَّمد ابْن قصي الْمَدِينِيّ، توفّي سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: أنس بن عِيَاض الْمدنِي، مَاتَ سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة.
الثَّالِث: مُوسَى بن عقبَة، تقدم فِي هَذَا الْبابُُ.
الرَّابِع: نَافِع، وَقد تقدم.
الْخَامِس: عبد ابْن عمر بن الْخطاب.

ذكر لطائف اسناده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوَاضِع وَاحِد.
وَفِيه: وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْمَاضِي الْمُفْرد.
وَفِيه: أَن شيخ البُخَارِيّ من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَن رُوَاته مدنيون.

ذكر مَعْنَاهُ وَإِعْرَابه.
قَوْله: (بِذِي الحليفة) ، بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَهُوَ: الْمِيقَات الْمَشْهُور لأهل الْمَدِينَة، وَهُوَ من الْمَدِينَة على أَرْبَعَة أَمْيَال.
وَمن مَكَّة على مِائَتي ميل غير ميلين.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي فِي (مَنَاسِكه) بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة ميل أَو ميلان، والميل ثلث فَرسَخ وَهُوَ أَرْبَعَة آلَاف ذِرَاع، وَمِنْهَا إِلَى مَكَّة عشر مراحل،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: هِيَ أبعد الْمَوَاقِيت من مَكَّة تَعْظِيمًا لإحرام النَّبِي،.
قَوْله: (حِين يعْتَمر وَفِي حجَّته حِين حج) إِنَّمَا قَالَ فِي الْعمرَة بِلَفْظ الْمُضَارع، وَفِي الْحَج بِلَفْظ الْمَاضِي لِأَنَّهُ،، لم يحجّ إلاّ مرّة وتكررت مِنْهُ الْعمرَة؛.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَالْفِعْل الْمُضَارع قد يُفِيد الِاسْتِمْرَار.
قلت: الْمَاضِي أقوى فِي إِفَادَة الِاسْتِمْرَار من الْمُضَارع، لِأَن الْمَاضِي قد مضى وَاسْتقر بِخِلَاف الْمُضَارع.
قَوْله: (تَحت سَمُرَة) ، بِضَم الْمِيم: وَهُوَ شجر الطلح، وَهُوَ الْعَظِيم من الْأَشْجَار الَّتِي لَهَا شوك وَهِي فِي ألسن النَّاس تعرف بِأم غيلَان.
قَوْله: (وَكَانَ فِي تِلْكَ الطَّرِيق) ، أَي: طَرِيق ذِي الحليفة.
قَوْله: (وَكَانَ) ، جملَة حَالية، ويروى: كَانَ، بِدُونِ: الْوَاو، وَهِي صفة للغزو، ويروى: من غَزْوَة، بالتأنيث.
فَإِن قلت: على هَذَا مَا وَجه التَّذْكِير فِي: كَانَ؟ قلت: بِاعْتِبَار السّفر، وَيجوز أَن يرجع الضَّمِير فِيهِ إِلَى رَسُول الله.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لمَ مَا أخر لفظ: كَانَ، فِي تِلْكَ الطَّرِيق عَن الْحَج وَالْعمْرَة.
قلت: لِأَنَّهُمَا لم يَكُونَا إِلَّا من تِلْكَ.

قَوْله: (بالبطحاء) .
قَالَ فِي (الْمُحكم) : بطحاء الْوَادي: تُرَاب لين مِمَّا جرته السُّيُول، وَالْجمع: بطحاوات وبطاح، فَإِن اتَّسع وَعرض فَهُوَ الأبطح، وَالْجمع: الأباطح.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة: الأبطح لَا ينْبت شَيْئا إِنَّمَا هُوَ بطن السَّيْل.
وَفِي (الْجَامِع) للقزاز: الأبطح والبطحاء: الرمل المنبسط على وَجه الأَرْض.
وَفِي (الواعي) : الْبَطْحَاء: حَصى وَرمل ينْقل من مسيل المَاء،.

     وَقَالَ  نضر بن شُمَيْل: بطحاء الْوَادي وأبطحه: حصاؤه اللين،.

     وَقَالَ  أَبُو سُلَيْمَان: وَهِي حِجَارَة وَرمل.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: الْبَطْحَاء كل أَرض منحدرة.
وَفِي (الْكِفَايَة) الأبطح والبطحاء منعطف الْوَادي.
وَفِي (الْمُنْتَهى) الأبطح: مسيل وَاسع فِيهَا دقاق الْحَصَى، وَالْجمع: الأباطح.
وَكَذَا الْبَطْحَاء.
وَفِي (الصِّحَاح) : البطاح على غير قِيَاس، والبطيحة مثل الأبطح.
قَوْله: (شَفير الْوَادي) بِفَتْح الشين الْحَرْف أَي: الطّرف.
.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: شَفير الْوَادي وشفره ناحيته من أَعْلَاهُ.
قَوْله: (الشرقية) ، صفة الْبَطْحَاء.

قَوْله: (فعرس) ، بِالتَّشْدِيدِ،.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: عرس المسافرون تعريساً: إِذا نزلُوا نزلة فِي وَجه السحر وأناخوا إبلهم فروحوها سَاعَة حَتَّى ترجع إِلَيْهَا أَنْفسهَا، وَعَن أبي زيد: عرس الْقَوْم تعريساً فِي الْمنزل: حَيْثُ نزلُوا بِأَيّ حِين كَانَ من ليل ونهار.
وَفِي (الْمُحكم) : المعرس الَّذِي يسير نَهَاره ويعرس أَي ينزل أول اللَّيْل.
وَفِي (الصِّحَاح) : أعرسوا، لُغَة فِيهِ قَليلَة، والموضع: معرس ومعرس، وَفِي (الغريبين) التَّعْرِيس: نومَة الْمُسَافِر بعد إدلاج اللَّيْل، وَفِي (المغيث) : عرس أَي: نزل للنوم والاستراحة، والتعريس النُّزُول لغير إِقَامَة.
قَوْله: (ثمَّ) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَشْديد الْمِيم، أَي: هُنَاكَ.
قَوْله: (حَتَّى يصبح) ، بِضَم الْيَاء: أَي يدْخل فِي الصَّباح وَهِي تَامَّة لَا تحْتَاج إِلَى الْخَبَر.
قَوْله: (الأكمة) بِفَتْح الْهمزَة وَالْكَاف، قَالَ ابْن سَيّده: هِيَ التل من القف من حِجَارَة وَاحِدَة.
وَقيل: هُوَ دون الْجبَال.
وَقيل: هُوَ الْموضع الَّذِي قد اشْتَدَّ ارتفاعه مِمَّا حوله، وَهُوَ غليظ لَا يبلغ أَن يكون حجرا، وَالْجمع: أكم وأكم وأكمام وإكمام وأءكم كأفلس، الْأَخِيرَة عَن ابْن جني.
وَفِي (الواعي) لأبي مُحَمَّد: الأكام، دون الضراب.
وَفِي (الصَّحِيح) : وَالْجمع أكمات، وَجمع الأكم: آكام، مثل: عنق وأعناق.
قَوْله: (خليج) .
بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام.
قَالَ فِي (الْمُنْتَهى) : هُوَ شرم من الْبَحْر اختلج مِنْهُ، والخليج: النَّهر الْعَظِيم، وَالْجمع: خلجان، وَرُبمَا قيل للنهر الصَّغِير يختلج من النَّهر الْكَبِير: خليج.
وَفِي (الْمُحكم) : الخليج مَا انْقَطع من مُعظم المَاء لِأَنَّهُ يختلج مِنْهُ.
وَقد اختلج، وَقيل: الخليج شُعْبَة تتشعب من الْوَادي تغير بعض مَائه إِلَى مَكَان آخر، وَالْجمع خلج وخلجان، وَفِي كتاب ابْن التِّين: الخليج وَاد عميق ينشق من آخر أعظم مِنْهُ، وَفِي (كتاب الْأَمَاكِن) للزمخشري: نحيل خليج أحد جبال مَكَّة، شرفها ا.

قَوْله: (يصلى عبد ا) ، أَي: عبد ابْن عمر.
قَوْله: (كتب) بِضَم الْكَاف وَضم الثَّاء الْمُثَلَّثَة: جمع كثيب، قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَهُوَ رمل اجْتمع، وكل مَا اجْتمع من شَيْء وانهار فقد انكثب فِيهِ، وَمِنْه اشتق: الْكَثِيب من الرمل، فِي معنى مكثوب لِأَنَّهُ انصب فِي مَكَان وَاجْتمعَ فِيهِ وَالْجمع: كُثْبَان، وَهِي تلال من رمل.
وَفِي (الْمُحكم) : الْكَثِيب من الرمل الْقطعَة تبقى محدودبة.
وَقيل: هُوَ مَا اجْتمع واحدودب، وَالْجمع: أكثبة وكثب.
وَفِي (الْجَامِع) للقزاز: إِنَّمَا سمي كثيباً لِأَن ترابه دقاق كَأَنَّهُ مكثوب أَي منثور بعضه على بعض لرخاوته.
قَوْله: (كَانَ رَسُول ا) ، هَذَا مُرْسل من نَافِع.
قَوْله: (ثمَّ) ، بِفَتْح الثَّاء وَقد تَكَرَّرت هَذِه اللَّفْظَة.
قَوْله: (فدحا) ، الْفَاء للْعَطْف: ودحا، من الدحو، وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وَهُوَ: الْبسط، يُقَال: دحا يدحو ويدحي دحواً، قَالَه ابْن سَيّده.
وَفِي (الغريبين) : كل شَيْء بسطته ووسعته فقد دحوته وَفِي الْإِسْمَاعِيلِيّ: فَدخل، بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَاللَّام ويروى: قد جَاءَ، بِكَلِمَة: قد، للتحقيق، وبكلمة: جَاءَ من الْمَجِيء.

قَوْله: (وَأَن عبد ابْن عمر حَدثهُ) ، أَي: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور فِيهِ.
قَوْله: (حَيْثُ الْمَسْجِد الصَّغِير) بِالْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وبالثاء الْمُثَلَّثَة، ويروى: (جنب) ، بِالْجِيم وَالنُّون وَالْبَاء الْمُوَحدَة، وَالْمَسْجِد، مَرْفُوع على الرِّوَايَة الأولى لِأَن حَيْثُ، لَا تُضَاف إِلَّا إِلَى الْجُمْلَة على الْأَصَح.
فتقديره: حَيْثُ هُوَ الْمَسْجِد، وَنَحْوه، وعَلى الرِّوَايَة الثَّانِيَة: مجرور.
قَوْله: (بشرف الروحاء) هِيَ: قَرْيَة جَامِعَة على لَيْلَتَيْنِ من الْمَدِينَة وَهِي آخر السبالة للمتوجه إِلَى مَكَّة، وَالْمَسْجِد الْأَوْسَط فِي الْوَادي الْمَعْرُوف الْآن بوادي بني سَالم.
قَوْله: (وَقد كَانَ عبد ايعلم) ، بِضَم الْيَاء من أعلم من الْعَلامَة وَفِي بعض النّسخ، يعلم، بِفَتْح الْيَاء من الْعلم.
قَوْله: (على حافة الطَّرِيق) بتَخْفِيف: الْفَاء أَي على جَانب الطَّرِيق وحافتا الْوَادي: جانباه.
قَوْله: (إِلَى الْعرق) ، بِكَسْر الْعين وَسُكُون الرَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالقاف، أَي: عرق الظيبة.
قَالَ الْكرْمَانِي: جبل صَغِير، وَيُقَال أَيْضا للْأَرْض الْملح الَّتِي لَا تنْبت،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة هُوَ وَاد مَعْرُوف.

     وَقَالَ  ابْن فَارس تنْبت الطرفاء.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة، رَحمَه ا: تنْبت الشَّجَرَة.
.

     وَقَالَ  الْخَلِيل: الْعرق: الْجَبَل الدَّقِيق من الرمل المستطيل مَعَ الأَرْض قَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع.
وَفِي (التَّهْذِيب) لأبي مَنْصُور: الْعرق هُوَ الْجَبَل الصَّغِير.

قَوْله: (عِنْد منصرف الروحاء) ، بِفَتْح الرَّاء فِي: منصرف، أَي: عِنْد آخرهَا.
قَوْله: (وَقد ابتني) ، بِضَم التَّاء المنثناة من فَوق على صِيغَة الْمَجْهُول من الْمَاضِي.
قَوْله: (وورائه) بِالْجَرِّ عطف على: يسَاره، وَبِالنَّصبِ بِتَقْدِير: فِي، ظرفا.
قَوْله: (وأمامة) أَي: قُدَّام الْمَسْجِد.
قَوْله: (من آخر السحر) ، وَهُوَ عبارَة عَمَّا بَين الصُّبْح: الْكَاذِب والصادق، وَالْفرق بَين العبارتين أَعنِي قَوْله: (آخر السحر) ، هُوَ أَنه أَرَادَ بآخر السحر، أقل من سَاعَة.
أَو أَرَادَ الْإِبْهَام ليتناول قدر السَّاعَة، وَأَقل وَأكْثر مِنْهُ.

قَوْله: (سرحة) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة، وَأَرَادَ بهَا: الشَّجَرَة الضخمة أَي: الْعَظِيمَة.
.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة فِي (كتاب النَّبَات) إِن أَبَا زيد قَالَ: السَّرْح من العضاه، واحدته سرحة، والسرح طوال فِي السَّمَاء، وَقد تكون السرحة دوحة محلا لَا وَاسِعَة يحل تحتهَا النَّاس فِي الصَّيف ويبنون تحتهَا الْبيُوت، وَقد تكون مِنْهُ العشة القليلة الْفُرُوع وَالْوَرق، وللسرح عِنَب يُسمى: آآء، واحدته: آءة، يَأْكُلهُ النَّاس أَبيض، ويربون مِنْهُ الرب، وورقته صَغِيرَة عريضة تَأْكُله الْمَاشِيَة لَو تقدر عَلَيْهِ، وَلَكِن لَا تقدر لطوله وَلَا صمغ لَهُ وَلَا مَنْفَعَة فِيهِ أَكثر مِمَّا أَخْبَرتك، إلاَّ أَن ظله صَالح فَمن أجل ذَلِك قَالَ الشَّاعِر، عَنْهَا بِامْرَأَة:
فيا سرحة الركْبَان ظلك بَارِد وماؤك عذب لَا يحل لشارب وَلَيْسَ للسرح شوك.
.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: والسرح يشبه الزَّيْتُون، وروى الْفراء عَن أبي الْهَيْثَم: أَن كل شَجَرَة لَا شوك فِيهَا فَهِيَ سرحة، يُقَال: ذهب إِلَى السَّرْح، وَهُوَ أسهل من كل شَيْء، وَأَخْبرنِي أَعْرَابِي قَالَ فِي السرحة غبرة، وَهِي دون الأثل فِي الطول، وورقها صغَار.
وَهِي بسيطة الأفنان قَالَ: وَهِي مائلة النبتية أبدا وميلها من بَين جَمِيع الْأَشْجَار فِي شقّ الْيَمين، وَلم أبل على هَذَا الْأَعرَابِي كذبا، وَزعم بعض الروَاة: أَن السَّرْح من نَبَات القف.
.

     وَقَالَ  غَيره: من نَبَات السهل، وَهُوَ قَول الْأَصْمَعِي.
وَفِي (الْمُنْتَهى) : السَّرْح شجر عِظَام طوال.
وَفِي (الْجَامِع) كل شَجَرَة طَالَتْ فَهِيَ سرحة.
وَفِي (الْمطَالع) : قيل: هِيَ الدفلى،.

     وَقَالَ  أَبُو عَليّ: هُوَ نبت.
وَقيل: لَهَا هدب وَلَيْسَ لَهَا ورق، وَهُوَ يشبه الصُّوف.

قَوْله: (دون الرُّوَيْثَة) أَي: تحتهَا قريب مِنْهَا: والرويثة بِضَم الرَّاء وَفتح الْوَاو وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة، على لفظ التصغير، قَالَ الْبكْرِيّ: وَهِي قَرْيَة جَامِعَة بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة سَبْعَة عشر فرسخاً، وَمن الرُّوَيْثَة إِلَى السقيا عشر فراسخ، وَعقبَة العرج على أحد عشر ميلًا من الرُّوَيْثَة، بَينهَا وَبَين العرج ثَلَاثَة أَمْيَال، وَهِي غير الرُّوَيْثَة مَاء لبني عجل بَين طَرِيق الْكُوفَة وَالْبَصْرَة، وَذكره ياقوت قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ الرقشة، بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْقَاف وإعجام الشين.
قلت: لم يذكر الْبكْرِيّ إِلَّا الرقاش،.

     وَقَالَ : هُوَ بلد.
قَوْله: (ووجاه) ، بِضَم الْوَاو وَكسرهَا الْمُقَابل، وَهُوَ عطف على (الْيَمين) ، وَيجوز بِالنّصب على الظَّرْفِيَّة.
قَوْله: (بطح) ، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسر الطَّاء وسكونها: أَي وَاسع.
قَوْله: (حَتَّى يُفْضِي) بِالْفَاءِ من الْإِفْضَاء بِمَعْنى الْخُرُوج يُقَال: أفضيت إِذا خرجت إِلَى الفضاء أَو بِمَعْنى الدّفع كَقَوْلِه تَعَالَى: { وفإذا أَفَضْتُم من عَرَفَات} .
أَو بِمَعْنى الْوُصُول.
قلت: الضَّمِير فِي: يُفْضِي، يرجع إِلَى مَاذَا؟ قلت يرجع إِلَى الرَّسُول،، وَيجوز أَن يرجع إِلَى الْمَكَان.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فِي بعض النّسخ بِلَفْظ الْخطاب.
قَوْله: (دوين) ، مصغر الدون، وَهُوَ نقيض: الفوق، وَيُقَال: هُوَ دون ذَاك.
أَي: قريب مِنْهُ.
والبريد هُوَ الْمُرَتّب وَاحِد بعد وَاحِد، وَالْمرَاد بِهِ مَوضِع الْبَرِيد، وَالْمعْنَى: بَينه وَبَين الْمَكَان الَّذِي ينزل فِيهِ الْبَرِيد بالرويثة ميلان، وَيُقَال: المُرَاد بالبريد سكَّة الطَّرِيق.
قَوْله: (فانثنى) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة على صِيغَة الْمَعْلُوم من الْمَاضِي، وَمَعْنَاهُ: انعطف.
قَوْله: (وَهِي قَائِمَة على سَاق) أَي: كالبنيان لَيست متسعة من أَسْفَل وضيقة من فَوق.

قَوْله: (فِي طرف تلعة) ، بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة وَسُكُون اللَّام وَفتح الْعين الْمُهْملَة: وَهِي أَرض مُرْتَفعَة عريضة يتَرَدَّد فِيهَا السَّيْل، والتعلة: مجْرى المَاء من أَعلَى الْوَادي، والتلعة مَا انهبط من الأَرْض.
وَقيل: التلعة مثل الرحبة، وَالْجمع فِي كل ذَلِك: تلع وتلاع، وَعَن صَاحب (الْعين) : التلعة: أَرض مُرْتَفعَة غَلِيظَة، وَرُبمَا كَانَت على غلظها عريضة.
وَفِي (الْجَامِع) : التلعة من الْوَادي مَا اتَّسع من فوهته.
وَقيل: هِيَ مسيل من الأَرْض المرتفعة إِلَى بطن الْوَادي، فَإِن صغر عَن ذَلِك فَهِيَ: شُعْبَة، فَإِذا عظم فَكَانَ نصف الْوَادي فَهِيَ: الميثاء وَعَن الرماني: الأَصْل فِي التلعة الِارْتفَاع.
قَوْله: (العرج) ، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء ثمَّ جِيم: قَرْيَة جَامِعَة على طَرِيق مَكَّة من الْمَدِينَة بَينهَا وَبَين الرُّوَيْثَة أَرْبَعَة عشر ميلًا.
قَالَ الْبكْرِيّ: قَالَ السكونِي: الْمَسْجِد النَّبَوِيّ على خَمْسَة أَمْيَال متن العرج وَأَنت ذَاهِب إِلَى هضبة عِنْدهَا قبران أَو ثَلَاثَة عَلَيْهَا رضم حِجَارَة.
قَالَ كثير: إِنَّمَا سمي العرج لتعريجه، وَبَين العرج إِلَى السقيا سَبْعَة عشر ميلًا.
.

     وَقَالَ  ياقوت: العرج قَرْيَة جَامِعَة من نواحي الطَّائِف، وَالْعَرج: عقبَة بَين مَكَّة وَالْمَدينَة على جادة الطَّرِيق، تذكر مَعَ السقيا، وسوق العرج: بلد بَين المحالب والمهجم.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: العرج وَاد بِالطَّائِف، وَالْعَرج أَيْضا: منزل بَين الْمَدِينَة وَمَكَّة، وَجَاء فِيهِ فتح الرَّاء أَيْضا.

قَوْله: (إِلَى هضبة) ، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة: وَهِي الْجَبَل المنبسط على وَجه الأَرْض.
.

     وَقَالَ  أَبُو زيد: الهضبة من الْجبَال مَا طَال واتسع وَانْفَرَدَ، وَهِي الهضبات والهضاب، وَعَن سِيبَوَيْهٍ: وَقد قَالُوا: هضبة وهضب.
.

     وَقَالَ  صَاحب (الْعين) الهضبة كل جبل خلق من صَخْرَة وَاحِدَة، وكل صَخْرَة ضخمة صلبة راسية تسمى هضبة.
وَفِي (الْجَامِع) : هِيَ الْقطعَة المرتفعة من أَعلَى الْجَبَل.
وَفِي (الْمُجْمل) : هِيَ أكمة ملساء قَليلَة النَّبَات.
وَفِي (الْمطَالع) : هِيَ فَوق الْكَثِيب فِي الِارْتفَاع وَدون الْجَبَل.
قَوْله: (رضم حِجَارَة) ، الرضم هِيَ الْحِجَارَة الْبيض، والرضمة: الصَّخْرَة الْعَظِيمَة مثل الْجَزُور وَلَيْسَت بثابتة، وَالْجمع: رضم ورضام، ورضم الْحِجَارَة جعل بَعْضهَا على بعض، وكل بِنَاء بني بصخر رضيم، ذكره ابْن سَيّده.
وَفِي (الْجَامِع) : ومرضوم، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: رضم من حِجَارَة بتحريك الضَّاد.
قَوْله: (عِنْد سلمات الطَّرِيق) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر اللَّام فِي رِوَايَة أبي ذرة والأصيلي، وَفِي رِوَايَة البَاقِينَ، بِفَتْح اللَّام.
قيل: هِيَ بِالْكَسْرِ: الصخرات، وبالفتح: الشجرات.
.

     وَقَالَ  أَبُو زِيَاد.
من الْعضَاة السّلم، وَهُوَ سليب العيدان طولا يشبه القضبان لَيْسَ لَهُ خشب وَإِن عظم، وَله شوك دقاق طوال حَار، إِذا أصَاب رجل الْإِنْسَان وكل شَيْء من السلمة مر يدبغ بِهِ، قَالَه أَبُو حنيفَة.
.

     وَقَالَ  غَيره من الروَاة: السلمة أطيب الغضاه ريحًا، وبرمتها أطيب الْبرم ريحًا، وَهِي صفراء تُؤْكَل، وَقيل: لَيْسَ شَجَرَة أردى من سَلمَة، وَلم يُوجد فِي ذرى سَلمَة صرد قطّ، وَيجمع على: أسلام، وَأَرْض مسلوم: إِذا كَانَت كَثِيرَة السّلم.
وَفِي (الْجَامِع) : يجمع أَيْضا على: سلامى.
قَوْله: (بَين أُولَئِكَ السلمات) ، وَفِي بعض النّسخ من أُولَئِكَ السلمات، وَهِي فِي النُّسْخَة الأولى ظَاهر التَّعَلُّق بِمَا قبله، وَفِي الثَّانِيَة بِمَا بعده.
قَوْله: (بالهاجرة) وَهِي: نصف النَّهَار عِنْد اشتداد الْحر.

قَوْله: (فِي مسيل) ، بِفَتْح الْمِيم: وَهُوَ الْمَكَان المنحدر.
قَوْله: (دون هرشى) ، بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الرَّاء وَفتح الشين الْمُعْجَمَة مَقْصُور، على وزن: فعلى.
قَالَ أَبُو عبيد: هُوَ جبل من بِلَاد تهَامَة، وَهُوَ على ملتقى طَرِيق الشَّام وَالْمَدينَة فِي أَرض مستوية هضبة ململمة لَا تنْبت شَيْئا، وَهِي قَرْيَة بَين الْمَدِينَة وَالشَّام قريبَة من الْجحْفَة.
يرى مِنْهَا الْبَحْر وَيقرب مِنْهَا طفيل، بِفَتْح الطَّاء وَكسر الْفَاء وَهُوَ جبل أسود، على الطَّرِيق من ثنية هرشى ثَلَاث أَوديَة غزال وَذُو ذوران وكلية، وَكلهَا لخزاعة، وبأعلى كُلية ثَلَاثَة أجبل صغَار يُقَال لَهَا: سنابك، وغدير خم وَاد يصب فِي الْبَحْر، وَفِي (الموعب) لِابْنِ التياني: هرشى ثنية قَرْيَة من الْجحْفَة وَفِي (أَسمَاء الْجبَال) للزمخشري: هرشى هضبة دون الْمَدِينَة.
.

     وَقَالَ  الشريف: على هرشى نقب فِي حرَّة بَين الأخيمصمي وَبَين السقيا على طَرِيق الْمَدِينَة، ويليه جبال يُقَال لَهَا: طوال هرشى.
وَفِي (المغيث) للمديني: قيل سميت هرشى لمهارشة كَانَت بَينهم، والتهريش الْإِفْسَاد بَين النَّاس.
قَوْله: (من غلوة) ، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة.
قَالَ الْجَوْهَرِي: الغلوة الْغَايَة مِقْدَار رمية.
وَفِي (المغيث) لَا تكون الغلوة إِلَّا مَعَ تصعيد السهْم.
.

     وَقَالَ  ابْن سَيّده: غلا بِالسَّهْمِ غلواً وغلواً وغالا بِهِ غلاءً وَرفع بِهِ يَده يُرِيد أقْصَى الْغَايَة، وَهُوَ من التجاوز.
وَرجل غلاء: بعيد الغلو بِالسَّهْمِ، وغلا السهْم نَفسه: ارْتَفع فِي ذَهَابه، وَجَاوَزَ المدى، وَكَذَلِكَ الْحجر، وكل مرماة: غلوة.
وَالْجمع غلواة وَغَلَاء، وَقد تسْتَعْمل الغلوة فِي سباق الْخَيل.
قَالَت الْفُقَهَاء: الغلوة أَرْبَعمِائَة ذِرَاع.

قَوْله: (مر الظهْرَان) زعم الْبكْرِيّ أَنه بِفَتْح أَوله وَتَشْديد ثَانِيه، مُضَاف إِلَى: الظهْرَان، بِظَاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة: بَين مر وَالْبَيْت سِتَّة عشر ميلًا.
قلت: هُوَ الْوَادي الَّذِي تسميه الْعَامَّة بطن مر، وبسكون الرَّاء بعْدهَا وَاو،.

     وَقَالَ  كثير عزة سميت مرا لمرارة مَائِهَا.
.

     وَقَالَ  أَبُو غَسَّان: سميت بذلك لِأَن فِي بطن الْوَادي بِئْرا ونخلة كبابُة بعرق من الأَرْض أَبيض هجامر، إلاَّ أَن الْمِيم مَوْصُولَة بالراء، وببطن مر تخزعت خُزَاعَة من أخواتها فَبَقيت بِمَكَّة شرفها اتعالى، وسارت أخواتها إِلَى الشَّام أَيَّام سيل العرم.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: مر الظهْرَان بتهامة قريب من عَرَفَة.
وَعَن صَاحب (الْعين) : الظهْرَان من قَوْلك: مر ظهْرهمْ،.

     وَقَالَ  الْفراء: لم أسمع إِلَّا بتثنيته لم يجمع وَلم يوحد.
قَوْله: (قبل الْمَدِينَة) ، بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: مقابلها وجهتها.
قَوْله: (من الصفراوات) ، بِفَتْح الصَّاد الْمُهْملَة وَسُكُون الْفَاء جمع صفراء، وَهِي الأودية أَو الْجبَال بعد مر الظهْرَان.

قَوْله: (تنزل) بِلَفْظ الْخطاب ليُوَافق أَنْت.
قَوْله: (بِذِي طوى) ، بِضَم الطَّاء فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: بِذِي الطوى، بِزِيَادَة الْألف وَاللَّام.
وَقَيده الْأصيلِيّ بِالْكَسْرِ، وَحكى عِيَاض وَغَيره الْفَتْح أَيْضا.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: ذُو طوى، بِالْفَتْح على الْأَفْصَح، وَيجوز ضمهَا وَكسرهَا، وبفتح الْوَاو المخففة.
وَفِيه لُغَتَانِ: الصّرْف وَعَدَمه، عِنْد بابُُ مَكَّة بأسفلها.
.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: ذُو طوى، بِالضَّمِّ مَوضِع بِمَكَّة وَأما طوى، فَهُوَ اسْم مَوضِع بِالشَّام تكسر طاؤه وتضم.
قَوْله: (وَلَكِن أَسْفَل) بِالرَّفْع، خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، وَبِالنَّصبِ أَي: فِي أَسْفَل.

قَوْله: (فرضتي الْجَبَل) ، وَيُقَال أَيْضا لمدخل النَّهر وفرضة الْبِئْر ثلمته الَّتِي تسقى مِنْهَا وَفِي (الْمُحكم) فرضة النَّهر مشرب المَاء مِنْهُ وَالْجمع: فرض وفراض.
قَوْله: (نَحْو الْكَعْبَة) ، أَي: ناحيتها، وَهُوَ مُتَعَلق بالطويل أَو ظرف للجبل أَو بدل من الفرضة.
قَوْله: (فَجعل) الظَّاهِر أَنه من كَلَام نَافِع، وفاعله: عبد ا، ويسار مفعول ثَان.
قَوْله: (بِطرف الأكمة) صفة لِلْمَسْجِدِ الثَّانِي.

ذكر بَاقِي المتعلقات وَالْكَلَام فِيهِ على وُجُوه.
الأول: فِي ذكر الْمَسَاجِد الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، وَفِي الْمَوَاضِع الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي.
وَأخرج أَبُو دَاوُد فِي (كتاب الْمَرَاسِيل) من حَدِيث ابْن لَهِيعَة: عَم بكير بن عبد االأشج قَالَ: كَانَ بِالْمَدِينَةِ تِسْعَة مَسَاجِد مَعَ مَسْجِد النَّبِي يسمع أَهله تأذين بِلَال، رَضِي اتعالى عَنهُ، فيصلون فِي مَسَاجِدهمْ أقربها مَسْجِد بني عَمْرو بن مبذول، وَمَسْجِد بني سَاعِدَة، وَمَسْجِد بني عبيد، وَمَسْجِد بني سَلمَة، وَمَسْجِد بني رَايِح بن عبد الْأَشْهَل، وَمَسْجِد بني زُرَيْق، وَمَسْجِد غفار، وَمَسْجِد أسلم، وَمَسْجِد جُهَيْنَة، وَشك فِي التَّاسِع.
وَفِي كتاب (أَخْبَار الْمَدِينَة) لأبي زيد عَمْرو بن شبة النميري النَّحْوِيّ الأخباري، بِسَنَد لَهُ فِي ذكر الْمَسَاجِد الَّتِي بِالْمَدِينَةِ: عَن رَافع بن خديج: صلى النَّبِي، فِي الْمَسْجِد الصَّغِير الَّذِي بِأحد فِي شعب الجرار على يَمِينك اللازق بِالْجَبَلِ: وَعَن أسيد بن أبي أسيد عَن أشياخه أَن النَّبِي،، دَعَا على الْجَبَل الَّذِي عَلَيْهِ مَسْجِد الْفَتْح.
وَصلى فِي الْمَسْجِد الصَّغِير الَّذِي بِأَصْل الْجَبَل حِين تصعد الْجَبَل: وَعَن عمَارَة ابْن أبي الْيُسْر: صلى النَّبِي فِي الْمَسْجِد الْأَسْفَل.
وَعَن جَابر: دَعَا النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
فِي الْمَسْجِد الْمُرْتَفع وَرفع يَدَيْهِ مدا، وَعَن عَمْرو بن شُرَحْبِيل أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد بني خدارة، وَعَن عَمْرو بن قَتَادَة أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صلى لَهُم فِي مَسْجِد فِي بني أُميَّة من الْأَنْصَار، وَكَانَ فِي مَوضِع الخربتين اللَّتَيْنِ عِنْد مَال نهيك.
وَعَن الْأَعْرَج أَن النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، صلى على ذُبابُُ وَهُوَ: جبل بِالْمَدِينَةِ، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وبالبائين الموحدتين، وَفِي لفظٍ كَانَ ضرب قُبَّته يَوْم الخَنْدَق عَلَيْهِ، وَعَن جَابر بن أُسَامَة قَالَ: خطّ النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مَسْجِد جُهَيْنَة لَيْلًا، وَفِي لفظٍ (وَصلى فِيهِ) ، وَعَن سعد بن إِسْحَاق: (إِن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد بني سَاعِدَة الْخَارِج من بيُوت الْمَدِينَة، وَفِي مَسْجِد بني بياضة وَفِي مَسْجِد بني الحبلى وَمَسْجِد بني عصية) .
وَعَن الْعَبَّاس بن سهل أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد بني سَاعِدَة، وَعَن يحيى بن سعد: (كَانَ النَّبِي يخْتَلف إِلَى مَسْجِد أبي فَيصَلي فِيهِ غير مرّة أَو مرَّتَيْنِ،.

     وَقَالَ : لَوْلَا أَن يمِيل النَّاس إِلَيْهِ لأكثرت الصَّلَاة فِيهِ) .
وَعَن يحيى بن النضرة: (أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد أبي بن كَعْب فِي بني جديلة وَمَسْجِد بني عمر بن مبذول وَمَسْجِد بني دِينَار وَمَسْجِد النَّابِغَة وَمَسْجِد ابْن عدي، وَجلسَ فِي كَهْف سلع: وَعَن هِشَام بن عُرْوَة: (أَن النَّبِي، صلى فِي مَسْجِد بلحارث بن الْخَزْرَج وَمَسْجِد السخ وَمَسْجِد بني خطمة وَمَسْجِد الفضيح وَفِي صَدَقَة الزبير وَفِي بني محمم وَفِي بَيت صرمة فِي بني عدي) .

وَعَن الْحَارِث بن سعيد: (أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد بني حَارِثَة وَبني ظفر وَبني عبد الْأَشْهَل) .
وَعَن اسماعيل بن حَبِيبَة (إِن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد واقم) .
وَعَن ابْن عمر: (أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد بني مُعَاوِيَة) .
وَعَن كَعْب بن عجْرَة: (أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد عَاتِكَة فِي بني سَالم) .
وَعَن جَابر: (أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد الخربة، وَمَسْجِد الْقبْلَتَيْنِ وَمَسْجِد بني حزَام الَّذِي بالقاع) .
وَعَن مُحَمَّد بن عتبَة بن أبي مَالك: (أَن النَّبِي، صلى فِي صدقته) .
وَعَن يحيى بن إِبْرَاهِيم: (أَن النَّبِي، فِي مَسْجِد رَايِح) .
وَعَن زيد بن سعد: (أَن النَّبِي صلى فِي حَائِط أبي الْهَيْثَم) .
وَعَن جَابر: (أَن النَّبِي صلى الظّهْر يَوْم أحد على عينين) .
وَعَن عَليّ بن رَافع: (أَن النَّبِي، صلى فِي بَيت امْرَأَة من الْخضر، فَأدْخل ذَلِك فِي الْبَيْت فِي مَسْجِد بني قُرَيْظَة) .
وَعَن سَلمَة الخطمي: (أَن النَّبِي، صلى فِي بَيت المقعدة عِنْد مَسْجِد وَائِل فِي مَسْجِد العجوزة) .
وَعَن أبي هُرَيْرَة: (أَن النَّبِي، عرض الْمُسلمين بالسقيا الَّتِي بِالْحرَّةِ مُتَوَجها إِلَى بدر وَصلى بهَا) .

وَعَن الْمطلب: (أَن النَّبِي صلى فِي بني سَاعِدَة، وَصلى فِي الْمَسْجِد الَّذِي عِنْد السخين وَبَات فِيهِ وَهُوَ الَّذِي عِنْد (البَائِع)) .
وَعَن هِشَام: (أَن النَّبِي صلى فِي مَسْجِد الشَّجَرَة بالمعرس) .
وَعَن أبي هُرَيْرَة: (أَن النَّبِي، صلى فِي مَسْجِد الشَّجَرَة) .
وَعَن ربيعَة بن عُثْمَان: (أَن النَّبِي صلى فِي بَيت إِلَى جنب مَسْجِد بني خدرة) .
قَالَ أَبُو غَسَّان: قَالَ لي غير وَاحِد من أهل الْعلم: إِن كل مَسْجِد من مَسَاجِد الْمَدِينَة ونواحيها مَبْنِيّ بِالْحِجَارَةِ المنقوشة الْمُطَابقَة فقد صلى فِيهِ النَّبِي، وَذكر أَن عمر بن عبد الْعَزِيز حِين بنى مَسْجِد النَّبِي سَأَلَ، وَالنَّاس يَوْمئِذٍ متوافرون، عَن الْمَسَاجِد الَّتِي صلى فِيهَا النَّبِي فِي دَار الشفا عَن يَمِين من دخل الدَّار، وَصلى فِي دَار بسرة بنت صَفْوَان، وَفِي دَار عَمْرو بن أُميَّة الضمرى.
قلت: قد اندرس أَكثر هَذِه الْمَسَاجِد وَبَقِي من الْمَشْهُور الْآن مَسْجِد قبا، وَمَسْجِد بني قُرَيْظَة، ومشربة أم إِبْرَاهِيم وَهِي شمَالي مَسْجِد قُرَيْظَة، وَمَسْجِد بني ظفر، شَرْقي البقيع وَيعرف: بِمَسْجِد البغلة، وَمَسْجِد بني مُعَاوِيَة وَيعرف بِمَسْجِد الْإِجَابَة، وَمَسْجِد الْفَتْح قريب من جبل سلع، وَمَسْجِد الْقبْلَتَيْنِ فِي بني سَلمَة.

الْوَجْه الثَّانِي فِي بَيَان وَجه تتبع عبد ابْن عمر الْمَوَاضِع الَّتِي صلى فِيهَا رَسُول ا، وَهُوَ أَنه يسْتَحبّ التتبع لآثار النَّبِي والتبرك بهَا، وَلم يزل النَّاس يتبركون بمواضع الصَّالِحين.
وَقد روى شُعْبَة عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن الْمَعْرُور بن سُوَيْد، قَالَ: كَانَ عمر بن الْخطاب، رَضِي اعنه، فِي سفر فصلى الْغَدَاة ثمَّ أَتَى على مَكَان فَجعل النَّاس يأتونه وَيَقُولُونَ: صلى فِيهِ النَّبِي.
فَقَالَ عمر: إِنَّمَا هلك أهل الْكتاب، إِنَّهُم كَانُوا اتبعُوا آثَار أَنْبِيَائهمْ فاتخذوا كنائس وبيعاً، فَمن عرضت لَهُ الصَّلَاة فَليصل، وَإِلَّا فليمض.
قَالُوا: أما مَا رُوِيَ عَن عمر، رَضِي اتعالى عَنهُ، أَنه ذكر ذَلِك فَلِأَنَّهُ خشِي أَن يلْتَزم النَّاس الصَّلَاة فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع، فيشكل ذَلِك على من يَأْتِي بعدهمْ، وَيرى ذَلِك وَاجِبا.
وَكَذَا يَنْبَغِي للْعَالم إِذا رأى النَّاس يلبتزمون النَّوَافِل التزاماً شَدِيدا أَن يترخص فِيهَا فِي بعض المرات وَيَتْرُكهَا ليعلم بِفِعْلِهِ، ذَلِك أَنَّهَا غير وَاجِبَة، كَمَا فعل ابْن عَبَّاس فِي ترك الْأُضْحِية.

الْوَجْه الثَّالِث: فِيمَا نقل عَن الْفُقَهَاء فِي ذَلِك، روى أَشهب عَن مَالك أَنه سُئِلَ عَن الصَّلَاة فِي الْمَوَاضِع الَّتِي صلى فِيهَا الشَّارِع؟ فَقَالَ: مَا يُعجبنِي ذَلِك إِلَّا فِي مَسْجِد قبا لِأَنَّهُ،، كَانَ يَأْتِيهِ رَاكِبًا وماشياً وَلم يفعل ذَلِك فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَة.
.

     وَقَالَ  الْبَغَوِيّ: إِن الْمَسَاجِد الَّتِي ثَبت أَن رَسُول الله صلى فِيهَا لَو انذر أحد الصَّلَاة فِي شَيْء مِنْهَا تعين كَمَا تعين الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة.

أبْوَابُ سُترَةِ المُصَلِّي