فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الصلاة إلى العنزة

( بابُُ الصَّلاَةِ إِلَى العَنَزَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الصَّلَاة إِلَى جِهَة العنزة المركوزة بَينه وَبَين الْقبْلَة، وَقد مر تَفْسِير العنزة.



[ قــ :486 ... غــ :499]
- حدّثنا آدَمُ قَالَ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ حدّثنا عَوْنُ بنُ أبي جُحَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ أبي قَالَ خرَجَ عَلَيْنَا رسولُ الله بالهَاجِرَةِ فأُتَيَ بِوضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ والعَصْرَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنْزَةٌ وَالمَرْأةُ والحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِها.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَقد تقدم حَدِيث أبي جُحَيْفَة وهب بن عبد االسوائي فِي الْبابُُ الَّذِي بَينه وَبَين هَذَا بابَُُانِ، وَهُنَاكَ رَوَاهُ: عَن أبي الْوَلِيد عَن شُعْبَة، وَهَهُنَا عَن آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة.

قَوْله: ( بالهاجرة) وَهِي: اشتداد الْحر عِنْد الظهيرة.
قَوْله: ( فَأتي) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( بِوضُوء) بِفَتْح الْوَاو وَهُوَ: المَاء الَّذِي يتَوَضَّأ بِهِ.
قَوْله: ( وَبَين يَدَيْهِ عنزة) ، جملَة حَالية، قيل: فِيهِ تكْرَار، لِأَن العنزة هِيَ الحربة، ورد بِأَن الحربة غير العنزة لِأَن الحربة هِيَ الرمْح العريض النصل، ذكرنَا عَن قريب، والعنزة مثل نصف الرمْح.
قَوْله: ( يَمرونَ) كَانَ الْقيَاس فِي ذَلِك أَن يُقَال: يمران، بِلَفْظ التَّثْنِيَة، لِأَن الْمَذْكُور تَثْنِيَة، وَهِي: الْمَرْأَة، وَالْحمار، ووجهوا هَذَا بِوُجُوه، فَقَالَ بَعضهم: كَأَنَّهُ أَرَادَ الْجِنْس، وَيُؤَيِّدهُ رِوَايَة: ( النَّاس وَالدَّوَاب يَمرونَ) .
قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء لِأَنَّهُ الْجِنْس يُرَاد جنس الْمَرْأَة وجنس الْحمار فَيكون تَثْنِيَة، فَلَا يُطَابق الْكَلَام.
فَقَالَ هَذَا الْقَائِل أَيْضا: وَالظَّاهِر أَن الَّذِي وَقع هُنَا من تصرف الروَاة، وَهَذَا أَيْضا لَيْسَ بِشَيْء لِأَن فِيهِ نسبتهم إِلَى ذكر مَا يُخَالف الْقَوَاعِد.
.

     وَقَالَ  ابْن مَالك: أَرَادوا الْمَرْأَة وَالْحمار وراكبه فَحذف الرَّاكِب لدلَالَة الْحمار عَلَيْهِ، ثمَّ غلب عَلَيْهِ تذكير الرَّاكِب الْمَفْهُوم على تَأْنِيث الْمَرْأَة، وَذُو الْعقل على الْحمار، فَقَالَ: يَمرونَ.
قلت: هَذَا فِيهِ تعسف وَبعد،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: فِيهِ إِطْلَاق اسْم الْجمع على التَّثْنِيَة، وَهَذَا أوجه من غَيره لِأَن مثل هَذَا وَقع فِي الْكَلَام الفصيح.
قَوْله: ( من وَرَائِهَا) .
أَي: من وَرَاء العنزة.





[ قــ :487 ... غــ :500]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ حامم بنِ بَزيعٍ قَالَ حدّثنا شَاذَانُ عنْ شُعْبَةَ عنْ عطاءِ بنِ أَبي مَيُمُونَةَ قَالَ سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِي إذَا خَرَجَ لحَاجَتِهِ تَبِعْتُهُ أَنا وغلاَمٌ ومَعَنَا عُكَّازَةٌ أوْ عَصاً أوْ عَنْزَةٌ وَمَعَنَا إدَاوَةٌ فإِذَا فَرَغٍ منْ حاجَتِهِ نَاو لْنَاهُ الإِدَاوَةَ.
.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة على مَا وجد فِي أَكثر النّسخ: ( وعنزة) بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالنُّون وَالزَّاي، وَفِي بعض النّسخ: أَو غَيره، بالغين الْمُعْجَمَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف أَي: أَو غير كل وَاحِد من الْعَصَا والعكازة.
فَإِن صَحَّ هَذَا فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُطَابق التَّرْجَمَة.
فَإِن قلت: الضَّمِير فِي: غَيره، يرجع إِلَى مَاذَا؟ وَالْمَذْكُور شَيْئَانِ، وهما العكازة والعصا؟ .
قلت: تَقْدِيره: أَو غير كل وَاحِد مِنْهُمَا، قَالَ بَعضهم: الظَّاهِر أَنه تَصْحِيف.
قلت: كَيفَ يكون تصحيفاً وَهِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والحموي؟ فَكَأَن هَذَا الْقَائِل ارْتكب هَذَا لِئَلَّا يُقَال: إِن هَذَا الحَدِيث لَا يُطَابق التَّرْجَمَة، وَهَذَا الحَدِيث قد مر فِي كتاب الْوضُوء فِي بابُُ حمل العنزة مَعَ المَاء فِي الِاسْتِنْجَاء، وَلَكِن هُنَاكَ أخرجه عَن مُحَمَّد بن بشار بن جَعْفَر عَن شُعْبَة، وَهَهُنَا عَن مُحَمَّد بن حَاتِم، بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق: ابْن بزيع، بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وبكسر الزَّاي وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالعين الْمُهْملَة: أَبُو سعيد، مَاتَ وبغداد فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ، وشاذان، بالشين الْمُعْجَمَة: تقدم فِي بابُُ حمل العنزة فِي الاستتجاء.
قَوْله: ( تَبعته أَنا) ، وَإِنَّمَا أَتَى بضمير الْفَصْل ليَصِح الْعَطف، وَهَذَا على مَذْهَب الْبَصرِيين.
والإداوة، بِكَسْر الْهمزَة.

وَقَالَ ابْن بطال: فِيهِ الاستنهجاء بِالْمَاءِ.
هَذَا لَيْسَ بِصَرِيح، فَإِن قَوْله: ( فَإِذا فرغ من حَاجته) يَشْمَل الاستجناء بِالْحجرِ وَنَحْوه، وَتَكون مناولة المَاء لأجل الْوضُوء.
قَالَ.
وَفِيه: خدمَة السُّلْطَان والعالم.
قلت: حصره للإثنين لَا وَجه لَهُ، وَالْأَحْسَن أَن يُقَال: فِيهِ خدمَة الْكَبِير.