فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {وصل عليهم} [التوبة: 103] ومن خص أخاه بالدعاء دون نفسه

(بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى { وصل عَلَيْهِم} (التَّوْبَة: 103)

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول الله عز وَجل: { وصل عَلَيْهِم} هَذَا الْمِقْدَار هُوَ الْمَذْكُور فِي رِوَايَة الْجُمْهُور، وَوَقع فِي بعض النّسخ زِيَادَة: { إِن صَلَاتك سكن لَهُم} وَاتفقَ الْمُفَسِّرُونَ على أَن المُرَاد بِالصَّلَاةِ هُنَا الدُّعَاء، وَمَعْنَاهُ: أدع لَهُم واستغفر، وَمعنى: { إِن صَلَاتك سكن لَهُم} أَي: إِن دعوتك تثبيت لَهُم وطمأنينة.

ومَنْ خَصَّ أخاهُ بالدُّعاءِ دُونَ نَفْسِهِ
هُوَ عطف على قَول الله، أَي: وَفِي ذكر من خص أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دون نَفسه.
وَفِيه إِشَارَة إِلَى رد مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق سعيد بن يسَار قَالَ: ذكرت رجلا عِنْد ابْن عمر فَتَرَحَّمت عَلَيْهِ، فلهز فِي صَدْرِي،.

     وَقَالَ  لي: إبدأ بِنَفْسِك، وَمَا روى أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ كَانَ يَقُول: إِذا دَعَوْت فابدأ بِنَفْسِك فَإنَّك لَا تَدْرِي فِي أَي دُعَاء يُسْتَجَاب لَك.
وَأَحَادِيث الْبابُُ ترد على ذَلِك.
وَقيل: يُؤَيّدهُ مَا رَوَاهُ مُسلم وَأَبُو دَاوُد من طَرِيق طَلْحَة بن عبد الله بن كريز عَن أم الدَّرْدَاء عَن أبي الدَّرْدَاء رَفعه: مَا من مُسلم يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب إلاَّ قَالَ الْملك: وَلَك مثل ذَلِك.
قلت: فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ نظر، لِأَنَّهُ أَعم من أَن يكون الدَّاعِي خصّه أَو ذكر نَفسه مَعَه، وأعم من أَن يكون بَدَأَ بِهِ أَو بَدَأَ بِنَفسِهِ.

وَقَالَ أبُو مُوسَى: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أللَّهُمَّ أغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أبي عامِرٍ { أللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ الله بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ.

هَذِه قِطْعَة من حَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ طَوِيل قد تقدم مَوْصُولا فِي الْمَغَازِي فِي غَزْوَة أَوْطَاس، وَفِيه قصَّة قتل أبي عَامر، وَهُوَ عَم أبي مُوسَى الْمَذْكُور، وَهُوَ عبد الله بن قيس ودعا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لِعبيد أَولا ثمَّ سَأَلَهُ أَبُو مُوسَى أَن يَدْعُو لَهُ أَيْضا،.

     وَقَالَ : (أللهم اغْفِر لعبد الله بن قيس ذَنبه) .



[ قــ :5998 ... غــ :6331 ]
-
حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا يَحْياى عنْ يَزِيدَ بنِ عُبَيْدٍ مَوْلَى سَلَمَةَ حَدثنَا سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ قَالَ: خَرَجْنا مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِلَى خَيْبَرَ قَالَ رَجُلٌ منَ القَوْمِ: أيْ عامِرُ} لَوْ أسْمَعْتَنا مِنْ هُنَيْهاتِكَ، فَنَزَلَ يَحْدُو بِهِمْ يُذَكِّرُ.

(تالله لَوْلا الله مَا اهْتَدَيْنا)

وَذَكَرَ شِعْراً غَيْرَ هاذا ولاكِنِّي لَمْ أحْفَظْهُ.
قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَن هاذا السَّائِقُ؟ قَالُوا: عامِر بنُ الأكوَعِ.
قَالَ: يَرْحَمُهُ الله.
.

     وَقَالَ  رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: يَا رسولَ الله لَوْلاَ مَتَّعْتَنا بِهِ.
فَلَمَّا صافَّ القَوْمُ قاتَلُوهُمْ فأُصِيبَ عامِرٌ بِقائِمَةِ سَيْفِ نَفْسِهِ فَماتَ، فَلمَّا أمْسَوْا أوْقَدُوا نَارا كَثِيرَةً، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَا هاذِهِ النَّارُ؟ عَلى أيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ قالُوا: عَلى حُمُرٍ إنْسِيَّةٍ.
فَقَالَ: أهْرِيقُوا مَا فِيها وكَسِّرُوها.
قَالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله! ألاَ نُهَرِيقُ مَا فِيها ونَغْسِلُها؟ أوْ ذاكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (يرحم الله) وَيحيى الْقطَّان.

والْحَدِيث قد مضى فِي أول غَزْوَة خَيْبَر مطولا، وَمضى فِي الْمَظَالِم مُخْتَصرا، وَفِي الذَّبَائِح أَيْضا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (فَقَالَ رجل من الْقَوْم) هُوَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَوْله: (أَي عَامر) ويروى: يَا عَامر، وَكِلَاهُمَا سَوَاء، وعامر هُوَ ابْن الْأَكْوَع عَم سَلمَة رَاوِي الحَدِيث.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَقيل: أَخُوهُ.
قَوْله: (هنيهاتك) بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالهاء جمع هنيهة، ويروى: هنياتك، بِضَم الْهَاء وَفتح النُّون وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف جمع هنيَّة تَصْغِير هنة وَأَصله: هنوة، ويروى: هناتك، بِفَتْح الْهَاء وَبعد الْألف تَاء الْجمع وَهُوَ جمع هنة، وَالْمرَاد من الْكل الْأَشْعَار الْقصار كالأراجيز الْقصار.
قَوْله: (يذكر) ويروى: فَذكر.
قيل: الْمَذْكُور لَيْسَ شعرًا، وَأجِيب بِأَن الْمَقْصُود هُوَ هَذَا المصراع وَمَا بعده من المصاريع الْأُخْرَى على مَا مر فِي الْجِهَاد، وَقيل: قد مر أَن الارتجاز بِهَذِهِ الأراجيز كَانَ فِي حفر الخَنْدَق.
وَأجِيب بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاة بَينهمَا لجَوَاز وُقُوع الْأَمريْنِ جَمِيعًا.
قَوْله: (وَذكر شعرًا غَيره) الْقَائِل بقوله: ذكر، هُوَ يحيى رَاوِي الحَدِيث، والذاكر هُوَ يزِيد بن أبي عبيد.
قَوْله: (لَوْلَا متعتنا بِهِ) أَي: وَجَبت الشَّهَادَة لَهُ بدعائك، وليتك تركته لنا.
.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: كَانُوا قد عرفُوا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَا استرحم لإِنْسَان قطّ فِي غزَاة يَخُصُّهُ بِهِ إلاَّ اسْتشْهد، فَلَمَّا سمع عمر رَضِي الله عَنهُ ذَلِك قَالَ: لَو متعتنا بعامر.
قَوْله: (على حمر أنسية) أَي: أَهْلِيَّة.
قَوْله: (أَلاَ نهريق؟) أَي: ألاَ نريق، وَالْهَاء زَائِدَة.
قَوْله: (أَو ذَاك) أَي: إفعلوا الإراقة وَالْغسْل وَلَا تكسروا الْقُدُور لِأَنَّهَا بِالْغسْلِ تطهر.





[ قــ :5999 ... غــ :633 ]
- حدَّثنا مُسْلِمٌ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ عَمْرو سَمِعْتُ ابنَ أبي أوْفاى رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أتاهُ رَجُلٌ بِصَدَقَةٍ قَالَ: أللَّهُمَّ صَلِّ عَلى آلِ فُلانٍ، فأتاهُ أبي بِصَدَقَتِهِ فَقَالَ: اللهُمَّ صَلِّ عَلى آلِ أبي أوْفاى.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( صل على آل فلَان) قَالَ ابْن التِّين يَعْنِي: عَلَيْهِ وعَلى آله.
وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يمتثل أَمر الله فِي ذَلِك قَالَ: { وصل عَلَيْهِم.
.
سكن لَهُم}
( التَّوْبَة: 103) وَلَا يحسن ذَلِك لغير النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَن يُصَلِّي على غَيره إلاَّ تبعا لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كآلة بني هَاشم وَالْمطلب، وَعَن مَالك: لَا يُقَال لفظ الصَّلَاة فِي غير الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.

وَمُسلم شيخ البُخَارِيّ هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم، وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة وَاسم ابْن أبي أوفى عبد الله، وَاسم ابْن أوفى عَلْقَمَة وَلَهُمَا صُحْبَة.

والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة عَن حَفْص بن عَمْرو فِي الْمَغَازِي عَن آدم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.





[ قــ :6000 ... غــ :6333 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حدّثنا سُفْيانُ عنْ إسْماعِيلَ عنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْت جَرِيراً قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَلا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟ وَهْوَ نُصُبٌ كانُوا يَعْبِدُونَهُ يُسَمَّى: الكَعْبَةَ اليمانِيَّةَ.
قُلْتُ: يَا رسولَ الله { إنّي رَجُلٌ لاَ أثْبُتُ عَلى الخَيْل، فَصَكَّ فِي صَدْرِي فَقَالَ: أللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ واجْعَلْهُ هادِياً مَهْدِيًّا.
قَالَ: فَخَرَجْتُ فِي خَمْسِينَ مِن أحْمَسَ منْ قَوْمي، ورُبما قَالَ سُفْيانُ: فانْطَلَقْتُ فِي عُصْبَةٍ منْ قَوْمِي فأتَيْتُها فأحْرَقْتُها، ثُمَّ أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله}
وَالله مَا أتَيْتكَ حَتَّى تَرَكْتُها مِثْلَ الجَمَلِ الأجْرَبِ، فَدَعا لأحْمَسَ وخَيْلِها.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( فَدَعَا الأحمس) لِأَن مَعْنَاهُ أَنه قَالَ: أللهم صل على أحمس وعَلى خيلها.

وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد الأحمسي الْكُوفِي، وَاسم أبي خَالِد سعيد، وَيُقَال: هُرْمُز، وَيُقَال: كثير، وَقيس هن ابْن أبي حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي، وَجَرِير بن عبد الله الأحمسي.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ حرق الدّور والنخيل عَن مُسَدّد، وَمضى أَيْضا فِي الْمَغَازِي.

قَوْله: ( أَلا تريحني) من الإراحة بالراء، وَذُو الخلصة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَاللَّام وَالصَّاد الْمُهْملَة المفتوحات، مَوضِع كَانَ فِيهِ صنم يعبدونه.
قَوْله: ( نصب) بِضَم النُّون وَالصَّاد الْمُهْملَة الساكنة وَبِضَمِّهَا أَيْضا قَالَ القتبي: هُوَ صنم أَو حجر كَانَت الْجَاهِلِيَّة تنصبه وتذبح عِنْده.
قَوْله: ( يُسمى الْكَعْبَة اليمانية) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني كعبة اليمانية، بِكَسْر النُّون وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف المخففة وَأَصلهَا بِالتَّشْدِيدِ فخففوها عِنْد النِّسْبَة كَقَوْلِهِم: يمانون وأشعرون.
قَوْله: ( فَخرجت فِي خمسين من قومِي) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فَارِسًا.
قَوْله: ( من أحمس) بِالْحَاء وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهِي قَبيلَة جرير.
قَوْله: ( وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان) هُوَ ابْن عُيَيْنَة الرَّاوِي.
قَوْله: ( فِي عصبَة) وَهِي من الرِّجَال مَا بَين الْعشْرَة إِلَى الْأَرْبَعين،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: نَحْو الْعشْرَة.
قَوْله: ( مثل الْجمل الأجرب) أَي: المطلي بالقطران بِحَيْثُ صَار أسود، لذَلِك يَعْنِي: صَارَت سُودًا من الإحراق.
قَوْله: ( وخيلها) ويروى: ولخيلها.





[ قــ :6001 ... غــ :6334 ]
- حدَّثنا سَعِيدُ بنُ الرَّبِيعِ حدّثنا شُعْبَةُ عَن قَتادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أنَساً قَالَ: قالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَسٌ خادِمُكَ.
قَالَ: أللَّهُمَّ أكْثِرْ مالَهُ وَوَلَدَهُ وبارِكْ لَهُ فِيما أعْطَيْتَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي دُعَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأنس بِكَثْرَة المَال وَالْولد، وبالبركة فِي رزقه، وَقد قُلْنَا إِن قَوْله عز وَجل: { وصل عَلَيْهِم} ( التَّوْبَة: 103) أَن الصَّلَاة فِيهِ بِمَعْنى الدُّعَاء.

وَسَعِيد بن الرّبيع أَبُو زيد الْهَرَوِيّ كَانَ يَبِيع الثِّيَاب الهروية فنسب إِلَيْهَا، وَهُوَ من أهل الْكُوفَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن أبي مُوسَى.

قَوْله: ( أم سليم) ، بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام وَهِي أم أنس رَضِي الله عَنْهَا ويروى: قَالَت أم سليم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( أنس خادمك) ، جملَة إسمية تعرض بهَا أم سليم أَنه فِي خدمتك، فَادع لَهُ فَدَعَا لَهُ بِثَلَاث دعوات: الأولى: بِكَثْرَة المَال فَكثر مَاله حَتَّى إِنَّه كَانَ لَهُ بُسْتَان بِالْبَصْرَةِ يُثمر فِي كل سنة مرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهِ ريحَان يَجِيء مِنْهُ ريح الْمسك.
الثَّانِيَة: بِكَثْرَة الْوَلَد وَكَانَ ولد لَهُ مائَة وَعِشْرُونَ ولدا، وَقيل: ثَمَانُون ولدا: ثَمَانِيَة وَسَبْعُونَ ذكرا، وابنتان: حَفْصَة وَأم عَمْرو.
قَالَ ابْن الْأَثِير: مَاتَ وَله من الْوَلَد ولد الْوَلَد مائَة وَعِشْرُونَ ولدا، وَقيل: كَانَ يطوف بِالْبَيْتِ وَمَعَهُ من ذُريَّته أَكثر من سبعين نفسا.
الثَّالِثَة: دَعَا لَهُ بطول الْعُمر يدل عَلَيْهِ قَوْله: وَبَارك لَهُ فِيمَا أَعْطيته، وَمن أبرك مَا أعْطى لَهُ طول عمره فعمر مائَة وَعشْرين سنة إلاَّ سنة، رَوَاهُ أَحْمد عَن مُعْتَمر عَن حميد عَنهُ، وَقيل: كَانَ عمره مائَة سنة وَثَلَاث سِنِين، وَقيل: مائَة وَعشر سِنِين، وَقيل: مائَة وَسبع سِنِين.

وَفِيه: جَوَاز الدُّعَاء بِكَثْرَة المَال وَالْولد.
فَإِن قلت: روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَنه قَالَ: أللهم من آمن بِي وَصدق مَا جِئْت بِهِ فأقلل لَهُ من المَال وَالْولد: قلت: قَالَ الدَّاودِيّ: هَذَا حَدِيث بَاطِل، وَكَيف يَصح ذَلِك وَهُوَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يحض على النِّكَاح والتماس الْوَلَد؟ فَإِن قلت: كَثْرَة المَال تورث الطغيان.
قَالَ الله تَعَالَى: كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّءَاهُ اسْتَغْنَى} ( العلق: 6 7) وَالْأَوْلَاد أَعدَاء للآباء بِنَصّ الْقُرْآن.
قلت: علم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي دُعَائِهِ لأنس بِمَا ذكر أَنه أَمن من حُصُول الضَّرَر مِنْهُمَا.





[ قــ :600 ... غــ :6335 ]
- حدَّثنا عُثْمانُ بنُ أبي شَيْبَةَ حدّثنا عَبْدَةُ عنْ هِشامٍ عنْ أبِيهِ عنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ: سَمِعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَجُلاً يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ.
فَقَالَ رَحِمَهُ الله: لَقَدْ أذْكَرَنِي كَذا وَكَذَا آيَةً أسْقَطْتُها فِي سورَةِ كَذَا وَكَذَا.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( رَحمَه الله) .
وَعَبدَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الدَّال وبتاء التَّأْنِيث ابْن سُلَيْمَان يرْوى عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير.

والْحَدِيث سبق فِي فَضَائِل الْقُرْآن أخرجه مُسلم فِي الصَّلَاة عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.

قَوْله: ( أسقطتها) أَي: بِالنِّسْيَانِ أَي: نسيتهَا قيل: كَيفَ جَازَ نِسْيَان الْقُرْآن عَلَيْهِ.
وَأجِيب: بِأَن النسْيَان لَيْسَ بِاخْتِيَارِهِ.
.

     وَقَالَ  الْجُمْهُور: جَازَ النسْيَان عَلَيْهِ فِيمَا لَيْسَ طَرِيقه الْبَلَاغ بِشَرْط أَن لَا يقْرَأ عَلَيْهِ.
وَأما فِي غَيره فَلَا يجوز قبل التَّبْلِيغ، وَأما نِسْيَان مَا بلغ كَمَا فِيمَا نَحن فِيهِ فَهُوَ جَائِز بِلَا خلاف، قَالَ تَعَالَى: سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى} { ( 78) إِلَّا مَا شَاءَ الله} ( الْأَعْلَى: 6 7) .





[ قــ :6003 ... غــ :6336 ]
- حدَّثنا حَفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا شُعْبَةُ أَخْبرنِي سُلَيْمانُ عنْ أبي وائِلٍ عنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَسَمَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَسْماً فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ هاذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِها وَجْهُ الله، فأخْبَرْتُ النبيّ َ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَغَضِبَ حَتَّى رأيْتُ الغَضَبَ فِي وَجْهِهِ.

     وَقَالَ : يَرْحَمُ الله مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بأكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يرحم الله مُوسَى) وَسليمَان هُوَ الْأَعْمَش، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْأَدَب فِي: بابُُ الصَّبْر على الْأَذَى، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عمر بن حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش ... الخ وَهنا أخرجه عَن حَفْص بن عمر بن الْحَارِث الحوضي الْأَزْدِيّ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.

قَوْله: ( قسما) أَي: مَالا، وَيجوز أَن يكون مَفْعُولا مُطلقًا وَالْمَفْعُول بِهِ مَحْذُوف.
قَوْله: ( وَجه الله) أَي: ذَات الله أوجهة الله أَي: لَا إخلاص فِيهِ إِذْ هُوَ منزه عَن الْوَجْه والجهة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.