فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {يا أيها الناس إن وعد الله حق، فلا تغرنكم الحياة الدنيا، ولا يغرنكم بالله الغرور، إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا، إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} [فاطر: 6] "

( بابُُ قَول الله تَعَالَى { يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق فَلَا تغرنكم الْحَيَاة الدُّنْيَا وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور إِن الشَّيْطَان لكم عَدو فاتخذوه عدوا إِنَّمَا يَدْعُو حزبه ليكونوا من أَصْحَاب السعير} ) أَي هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى الخ وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة هَكَذَا سقيت الْآيَتَانِ المذكورتان وَفِي رِوَايَة أبي ذَر هَكَذَا { يَا أَيهَا النَّاس إِن وعد الله حق} الْآيَة إِلَى قَوْله { السعير} قَوْله { إِن وعد الله حق} أَي بِالْبَعْثِ وَالثَّوَاب وَالْعِقَاب قَوْله { وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} وَهُوَ أَن يغتر بِاللَّه فَيعْمل الْمعْصِيَة ويتمنى الْمَغْفِرَة وَيُقَال الْغرُور الشَّيْطَان وَقد نهى الله عَن الاغترار بِهِ وَبَين لنا عداوته لِئَلَّا نلتفت إِلَى تسويله وتزيينه لنا الشَّهَوَات الرَّديئَة قَوْله { فاتخذوه عدوا} أَي أنزلوه من أَنفسكُم منزلَة الْأَعْدَاء وتجنبوا طَاعَته قَوْله { إِنَّمَا يَدْعُو حزبه} أَي شيعته إِلَى الْكفْر قَوْله { ليكونوا من أَصْحَاب السعير} أَي النَّار
( جمعه سعر) أَي جمع السعير سعر على وزن فعل بِضَمَّتَيْنِ والسعير على وزن فعيل بِمَعْنى مفعول من السّعر بِفَتْح السِّين وَسُكُون الْعين وَهُوَ التهاب النَّار
( قَالَ مُجَاهِد الْغرُور الشَّيْطَان) أثر مُجَاهِد هَذَا لم يثبت هُنَا إِلَّا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَحده وَوَصله الْفرْيَابِيّ فِي تَفْسِيره عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد وَهُوَ تَفْسِير قَوْله تَعَالَى { وَلَا يَغُرنكُمْ بِاللَّه الْغرُور} وَهُوَ على وزن فعول بِمَعْنى فَاعل تَقول غررت فلَانا أصبت غرته ونلت مَا أردْت مِنْهُ والغرة بِالْكَسْرِ غَفلَة فِي الْيَقَظَة والغرور كل مَا يغر الْإِنْسَان وَإِنَّمَا فسر بالشيطان لِأَنَّهُ رَأس ذَلِك

[ قــ :6095 ... غــ :6433 ]
- ( حَدثنَا سعد بن حَفْص حَدثنَا شَيبَان عَن يحيى عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْقرشِي قَالَ أَخْبرنِي معَاذ بن عبد الرَّحْمَن أَن ابْن أبان أخبرهُ قَالَ أتيت عُثْمَان بِطهُور وَهُوَ جَالس على المقاعد فَتَوَضَّأ فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَالَ رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ وَهُوَ فِي هَذَا الْمجْلس فَأحْسن الْوضُوء ثمَّ قَالَ من تَوَضَّأ مثل هَذَا الْوضُوء ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ جلس غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه قَالَ.

     وَقَالَ  النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تغتروا)
مطابقته لِلْآيَةِ الَّتِي هِيَ التَّرْجَمَة فِي قَوْله لَا تغتروا وَسعد بن حَفْص أَبُو مُحَمَّد الطلحي الْكُوفِي يُقَال لَهُ الضخم وشيبان بن عبد الرَّحْمَن أَبُو مُعَاوِيَة النَّحْوِيّ وَيحيى هُوَ ابْن أبي كثير ضد الْقَلِيل وَمُحَمّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث بن خَالِد التَّيْمِيّ ولجده الْحَارِث صُحْبَة ومعاذ بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان بن عبيد الله التَّيْمِيّ وَعُثْمَان جده هُوَ أَخُو طَلْحَة بن عبيد الله الصَّحَابِيّ وَعبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان صَحَابِيّ أَيْضا أخرج لَهُ مُسلم وَكَانَ يلقب بشارب الذَّهَب وَقتل مَعَ ابْن الزبير رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم بِمَكَّة فِي يَوْم وَاحِد وَأما عبد الرَّحْمَن بن عبيد الله بن عُثْمَان أَخُو طَلْحَة بن عبيد الله فَلهُ صُحْبَة أَيْضا قتل يَوْم الْجمل وَذَلِكَ فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَابْن أبان كَذَا وَقع لأبي ذَر والنسفي وَغَيرهمَا أَن ابْن أبان أخبرهُ وَوَقع لِابْنِ السكن أَن حمْرَان بن أبان وَوَقع للجرجاني وَحده أَن أبان أخبرهُ وَهُوَ خطأ والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح وَغَيره وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد قَوْله " بِطهُور " بِفَتْح الطَّاء وَهُوَ المَاء الَّذِي يتَطَهَّر بِهِ قَوْله " وَهُوَ جَالس " الْوَاو فِيهِ للْحَال قَوْله " على المقاعد " بِوَزْن الْمَسَاجِد بِالْقَافِ والمهملتين مَوضِع بِالْمَدِينَةِ قَوْله " فَأحْسن الْوضُوء " وَفِي رِوَايَة نَافِع بن جُبَير عَن حمْرَان " فأسبغ الْوضُوء " قَوْله " ثمَّ قَالَ من تَوَضَّأ " أَي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْله " مثل هَذَا الْوضُوء " المثلية لَا تَسْتَلْزِم أَن يكون وضوؤه مثل وضوء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من كل وَجه لتعذر ذَلِك قَوْله " فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ " هَكَذَا أطلق من غير تَقْيِيد بالمكتوبة وَقَيده مُسلم فِي رِوَايَته من طَرِيق نَافِع بن جُبَير عَن حمْرَان بِلَفْظ " ثمَّ مَشى إِلَى الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة فَصلاهَا مَعَ النَّاس أَو فِي الْمَسْجِد " وَكَذَا وَقع فِي رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن حمْرَان فَيصَلي الْمَكْتُوبَة وَفِي رِوَايَة أبي صَخْرَة عَن حمْرَان " مَا من مُسلم يتَطَهَّر فَيتم الطّهُور الَّذِي كتب عَلَيْهِ فَيصَلي هَذِه الصَّلَوَات الْخمس إِلَّا كَانَت كَفَّارَة لما بَينهُنَّ " قَوْله غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه يَعْنِي الذَّنب الَّذِي بَينه وَبَين الله تَعَالَى وَأما مَا بَينه وَبَين الْعباد فَلَا يغْفر إِلَّا بإرضاء الْخصم قَوْله لَا تغتروا فتجسرون على الذُّنُوب معتمدين على الْمَغْفِرَة للذنوب فَإِن ذَلِك بِمَشِيئَة الله عز وَجل