فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: «الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك»

( بابٌُ الجَنَّةُ أقرَبُ إِلَى أحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ الْجنَّة إِلَى آخِره.
وَهَذِه التَّرْجَمَة حذفهَا ابْن بطال، وَذكر الْحَدِيثين اللَّذين فيهمَا فِي الْبابُُ الَّذِي قبلهَا.
ومناسبة ذَلِك ظَاهِرَة، وَلَكِن الَّذِي ثَبت فِي الْأُصُول التَّفْرِقَة.



[ قــ :6150 ... غــ :6488 ]
- حدّثني مُوسَى بنُ مَسْعُودٍ حَدثنَا سُفيانُ عنْ مَنْصُورٍ والأعْمَشِ عنْ أبي وائِلٍ عنْ عَبْدِ الله رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( الجَنَّةُ أقْرَبُ إِلَى أحَدِكُمْ مِن شِرَاك نَعْلِهِ، والنارُ مِثْلُ ذَلِكَ) .


التَّرْجَمَة والْحَدِيث سَوَاء.
ومُوسَى بن مَسْعُود أَبُو حُذَيْفَة النَّهْدِيّ بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْهَاء، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.
وَهَؤُلَاء كلهم كوفيون والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: ( وَالْأَعْمَش) بِالْجَرِّ عطف على مَنْصُور.
: ( وشراك النَّعْل) هُوَ الَّذِي يدْخل فِيهِ إِصْبَع الرِّجل، وَيُطلق أَيْضا على كل سير وقى بِهِ الْقدَم.

وَفِيه: دَلِيل وَاضح على أَن الطَّاعَات موصلة إِلَى الْجنَّة والمعاصي مقربة من النَّار، فقد يكون فِي أيسر الْأَشْيَاء، وَيَنْبَغِي لِلْمُؤمنِ أَن لَا يزهد فِي قَلِيل من الْخَيْر وَلَا يسْتَقلّ قَلِيلا من الشَّرّ، فيحسبه هينا وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم.
فَإِن الْمُؤمن لَا يعلم الْحَسَنَة الَّتِي يرحمه الله بهَا، والسيئة الَّتِي يسْخط الله عَلَيْهِ بهَا.





[ قــ :6151 ... غــ :6489 ]
- حدّثني مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى حَدثنَا غنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ عبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرِ عنْ أبي سَلَمَة عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( أصْدَقُ بَيْتٍ قالَهُ الشَّاعِرُ:
( ألاَ كلُّ شَيْءٍ مَا خَلاَ الله باطِلُ) )

( انْظُر الحيث 1483 وطرفه)

لم أر أحد من الشُّرَّاح ذكر وَجه إِيرَاد هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ، فَلذَلِك ذكره ابْن بطال فِي الْبابُُ الَّذِي قبله، فَأَقُول: من الْفَيْض الإلهي الَّذِي وَقع فِي خاطري أَن كل شَيْء مَا خلا الله من أَمر الدُّنْيَا الَّذِي لَا يؤول إِلَى طَاعَة الله وَلَا يقرب مِنْهُ إِذا كَانَ بَاطِلا يكون الِاشْتِغَال بِهِ مُبْعدًا من الْجنَّة مَعَ كَونهَا أقرب إِلَيْهِ من شِرَاك نَعله.
ولإشتغال بالأمور الي هِيَ دَاخِلَة فِي أَمر الله تعال يكون مُبْعدًا من النَّار مَعَ كزنها أقرب إِلَيْهِ من شِرَاك نَعله
وغندر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون هُوَ مُحَمَّد بن جَعْفَر.
والْحَدِيث قد مضى فِي الْأَدَب فِي: بابُُ مَا يجوز من الشّعْر، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مستقصًى، وبسطنا الْكَلَام فِيهِ فِي شرحنا الْأَكْبَر للشواهد.