فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم


[ قــ :6293 ... غــ :6640 ]
- حدّثنا مُحَمَّدٌ حَدثنَا أبُو الأحْوَصِ عنْ أبي إسْحَاقَ عنِ البَراءِ بنِ عازِبٍ قَالَ: أُهْدِيَ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَرَقَةٌ مِنْ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَتَداوَلُونَها بَيْنَهُمْ ويَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنها وَلِينِها، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( أتَعْجَبُونَ مِنْها؟) قالُوا: نَعَمْ يَا رسولَ الله! قَالَ: ( والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَمَنادِيلُ سَعْدٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْها) .

لَمْ يَقُلْ شُعْبَةُ وإسْرائِيلُ: عنْ أبِي إسْحااقَ: والّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ) .
وَمُحَمّد هُوَ ابْن سَلام، قَالَه الغساني، وَأَبُو الْأَحْوَص هُوَ سَلام بِالتَّشْدِيدِ ابْن سليم الْحَنَفِيّ الْكُوفِي، وَأَبُو إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي.

والْحَدِيث أخرجه ابْن مَاجَه فِي السّنة عَن هناد بن السّري.

قَوْله: ( سَرقَة) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وبالقاف: اسْم لقطعة من الْحَرِير.
قَوْله: ( لمناديل سعد) هُوَ ابْن معَاذ سيد الْأَنْصَار، وَتَخْصِيص سعد بِهَذَا إِمَّا أَن مناديل سعد كَانَت من جنس تِلْكَ السّرقَة، وَإِمَّا أَن الْحَال كَانَ اقْتضى استمالة قلبه، وَإِمَّا أَنه كَانَ اللامسون المتعجبون من الْأَنْصَار، فَقَالَ: مناديل سيدكم خير مِنْهُ، وَإِمَّا أَن سَعْدا كَانَ يحب ذَلِك الْجِنْس من الثَّوْب، أَو ذَلِك اللَّوْن.
وَفِيه: منقبة عَظِيمَة لسعد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَأَن أدنى ثِيَابه فِي الْجنَّة كَذَلِك لِأَن المنديل أدنى الثِّيَاب معد للوسخ والامتهان، والمناديل جمع منديل بِكَسْر الْمِيم وَهُوَ مَا يمسح بِهِ مَا يتَعَلَّق بِالْيَدِ من الطَّعَام تَقول مِنْهُ: تمندلت بالمنديل، وتندلت.
وَأنكر الْكسَائي: تمندلت.
قَوْله: ( خير مِنْهَا) يحْتَمل وَجْهَيْن: أَن يُرِيد فِي الصّفة، وَأَنَّهَا لَا تفنى، بِخِلَاف هَذِه.

قَوْله: ( لم يقل شُعْبَة وَإِسْرَائِيل) أَي: لم يذكر شُعْبَة فِي هَذَا الحَدِيث وَلَا إِسْرَائِيل: حَدثنَا يُونُس عَن أبي إِسْحَاق ... إِلَى آخِره، أما حَدِيث شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق فَأخْرجهُ مُسلم، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر حَدثنَا شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت الْبَراء بن عَازِب يَقُول: أهديت لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حلَّة حَرِير فَجعلُوا يمسونها ويعجبون من حسنها، فَقَالَ: أتعجبون من لين هَذِه؟ لمناديل سعد بن معَاذ فِي الْجنَّة خير مِنْهَا وألين.
وَأما حَدِيث إِسْرَائِيل عَن جده أبي إِسْحَاق فَأخْرجهُ ...




[ قــ :694 ... غــ :6641 ]
- ( حَدثنَا يحيى بن بكير حَدثنَا اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب حَدثنِي عُرْوَة بن الزبير أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت إِن هِنْد بنت عتبَة بن ربيعَة قَالَت يَا رَسُول الله مَا كَانَ مِمَّا على ظهر الأَرْض أهل أخباء أَو خباء أحب إِلَيّ من أَن يذلوا من أهل أخبائك أَو خبائك شكّ يحيى ثمَّ مَا أصبح الْيَوْم أهل أخباء أَو خباء أحب إِلَيّ من أَن يعزوا من أهل أخبائك أَو خبائك قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَيْضًا وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ قَالَت يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان رجل مسيك فَهَل عَليّ حرج أَن أطْعم من الَّذِي لَهُ قَالَ لَا إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة والْحَدِيث مضى مُخْتَصرا فِي النَّفَقَات فِي بابُُ نَفَقَة الْمَرْأَة إِذا غَابَ عَنْهَا زَوجهَا أخرجه عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن عبد الله عَن مُوسَى عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة أَن عَائِشَة قَالَت جَاءَت هِنْد بنت عتبَة فَقَالَت يَا رَسُول الله إِن أَبَا سُفْيَان الحَدِيث قَوْله إِن هِنْد منصرف وَغير منصرف بنت عتبَة بِضَم الْعين وَسُكُون التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق ابْن ربيعَة القرشية أم مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان أسلمت يَوْم الْفَتْح قَوْله " أهل أخباء أَو خباء " بِالشَّكِّ بَين الْجمع والمفرد والخباء أحد بيُوت الْعَرَب من وبر أَو صوف وَلَا يكون من الشّعْر وَيكون على عمودين أَو ثَلَاثَة وَيجمع على أخبية وَجمع هُنَا على أخباء على غير قِيَاس.

     وَقَالَ  ابْن بطال الْمَعْرُوف فِي جمع خباء أخبية لِأَن فعالا فِي الْقَلِيل يجمع على أفعلة كسقاء وأسقية وَمِثَال وأمثلة قَوْله من أَن يذلوا أَن مَصْدَرِيَّة أَي من ذلهم وَكَذَلِكَ فِي قَوْله من أَن يعزوا أَي من عزهم قَوْله شكّ يحيى هُوَ يحيى بن بكير شيخ البُخَارِيّ قَوْله وَأَيْضًا أَي وستزيدين من ذَلِك إِذْ يتَمَكَّن الْإِيمَان فِي قَلْبك فيزيد حبك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه كَمَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالله لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ من أَهله وَمَاله وَالنَّاس أَجْمَعِينَ.
يُرِيد لَا يبلغ حَقِيقَة الْإِيمَان وَأَعْلَى درجاته حَتَّى أكون أحب إِلَيْهِ إِلَى آخِره وَقيل مَعْنَاهُ وَأَنا أَيْضا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْك مثل ذَلِك وَالْأول أولى قَوْله مسيك بِكَسْر الْمِيم وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة كَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ.

     وَقَالَ  ابْن التِّين حفظناه بِفَتْح الْمِيم وَهُوَ الْبَخِيل وَإِنَّمَا سمي بذلك لِأَنَّهُ يمسك مَا فِي يَدَيْهِ وَلَا يُخرجهُ لأحد قَوْله قَالَ لَا أَي قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا حرج عَلَيْك إِلَّا بِالْمَعْرُوفِ أَي إِلَّا أَن تطعمين من مَاله بِحَسب الْعرف بَين النَّاس فِي ذَلِك


[ قــ :695 ... غــ :664 ]
- ( حَدثنِي أَحْمد بن عُثْمَان حَدثنَا شُرَيْح بن مسلمة حَدثنَا إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن أبي إِسْحَق قَالَ سَمِعت عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ حَدثنِي عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مضيف ظَهره إِلَى قبَّة من أَدَم يمَان إِذْ قَالَ لأَصْحَابه أَتَرْضَوْنَ أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة قَالُوا بلَى قَالَ أفلم ترضوا أَن تَكُونُوا ثلث أهل الْجنَّة قَالُوا بلَى قَالَ فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا نصف أهل الْجنَّة) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ وَأحمد بن عُثْمَان بن حَكِيم الأودي الْكُوفِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا وَشُرَيْح بن مسلمة بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام الْكُوفِي وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن يُوسُف يروي عَن أَبِيه يُوسُف بن إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق ويوسف يروي عَن جده أبي إِسْحَاق عَمْرو بن عبد الله السبيعِي وَعَمْرو بِالْوَاو ابْن مَيْمُون أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَقد مر غيرَة مرّة والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي الرقَاق فِي بابُُ كَيفَ الْحَشْر فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَوْله مضيف أَي مُسْند ومميل قَوْله يمَان أَصله يمني قدم إِحْدَى الياءين على النُّون وقلبت ألفا فَصَارَ مثل قَاض ويروى على الأَصْل قَوْله إِذْ قَالَ جَوَاب بَيْنَمَا قَوْله ربع أهل الْجنَّة بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْبَاء وَضمّهَا وَكَذَا فِي الثُّلُث قَوْله أفلم ترضوا ويروى أَفلا ترْضونَ



[ قــ :696 ... غــ :6643 ]
- ( حَدثنَا عبد الله بن مسلمة عَن مَالك عَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا سمع رجلا يقْرَأ قل هُوَ الله أحد يُرَدِّدهَا فَلَمَّا أصبح جَاءَ إِلَى رَسُول الله فَذكر ذَلِك لَهُ وَكَأن الرجل يتقالها فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لتعدل ثلث الْقُرْآن) مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن صعصعة الْأنْصَارِيّ والْحَدِيث مضى فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن عبد الله بن يُوسُف وَمضى الْكَلَام فِيهِ قَوْله يُرَدِّدهَا أَي يكررها قَوْله وَكَانَ بِالتَّشْدِيدِ قَوْله يتقالها يَعْنِي يعدها قَليلَة قَوْله لتعدل ثلث الْقُرْآن لِأَن جَمِيعه إِمَّا مُتَعَلق بالمبدأ أَو بالمعاش أَو بالمعاد وَقيل لِأَنَّهُ على ثَلَاثَة أَقسَام قصَص وَأَحْكَام وصفات الله تَعَالَى وَسورَة الْإِخْلَاص متمحضة لله تَعَالَى وَصِفَاته فَهِيَ ثلثه قَالَ الْكرْمَانِي فَإِن قلت كَيفَ تكون معادلة للثلث وَلَا شكّ أَن الْمَشَقَّة فِي قِرَاءَة ثلث الْقُرْآن أَكثر من قرَاءَتهَا بِكَثِير وَالْأَجْر بِقدر النصب قلت قِرَاءَة السُّورَة لَهَا ثَوَاب قِرَاءَة الثُّلُث فَقَط وَأما قِرَاءَة الثُّلُث فلهَا عشر أَمْثَالهَا



[ قــ :697 ... غــ :6644 ]
- ( حَدثنِي إِسْحَق أخبرنَا حبَان حَدثنَا همام حَدثنَا قَتَادَة حَدثنَا أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول أَتموا الرُّكُوع وَالسُّجُود فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأَرَاكُمْ من بعد ظَهْري إِذا مَا رَكَعْتُمْ وَإِذا مَا سجدتم) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَإِسْحَاق قَالَ الغساني لَعَلَّه ابْن مَنْصُور وحبان بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة وبالنون ابْن هِلَال الْبَاهِلِيّ وَهَمَّام هُوَ ابْن يحيى والْحَدِيث من أَفْرَاده وَمضى فِي الصَّلَاة قَوْله إِنِّي لأَرَاكُمْ قيل كَيفَ رأى من وَرَاء الظّهْر وَأجِيب بِأَن الرُّؤْيَة أَمر يخلقها الله وَلَا يشْتَرط فِيهَا الْمُقَابلَة وَلَا المواجهة عقلا حَتَّى جوز الأشعرية رُؤْيَة الْأَعْمَى بالصين بقة أندلس



[ قــ :698 ... غــ :6645 ]
- ( حَدثنَا إِسْحَق حَدثنَا وهب بن جرير أخبرنَا شُعْبَة عَن هِشَام بن زيد عَن أنس بن مَالك أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعهَا أَوْلَادهَا فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنَّكُم لأحب النَّاس إِلَيّ قَالَهَا ثَلَاث مرار) مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَإِسْحَاق هَذَا هُوَ ابْن رَاهَوَيْه وَهِشَام بن زيد بن أنس بن مَالك الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ يروي عَن جده أنس والْحَدِيث مضى فِي فضل الْأَنْصَار عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَفِي النِّكَاح عَن بنْدَار عَن غنْدر قَوْله إِنَّكُم الْخطاب لجنس الْمَرْأَة وَأَوْلَادهَا يَعْنِي الْأَنْصَار قيل يلْزم من هَذَا أَن تكون الْأَنْصَار أفضل من الْمُهَاجِرين عُمُوما وَمن أبي بكر وَعمر خُصُوصا وَأجِيب بِأَنَّهُ عَام مَخْصُوص بالدلائل الخارجية المخرجة لَهُ مِنْهُ قَالُوا مَا من عَام إِلَّا وَخص أَلا وَالله بِكُل شَيْء عليم -