فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ترك مالا فلأهله»

( بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( مَنْ تَرَكَ مَالا فِلأهْلِهِ) )

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من ترك مَالا فلأهله) أَي: فَهُوَ لأَهله.



[ قــ :6379 ... غــ :6731 ]
- حدّثنا عَبْدَانُ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا يُونُسُ عنِ ابنِ شِهاب حدّثني أبُو سَلَمَة عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( أَنا أوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ، فَمَنْ ماتَ وعَلَيْهِ دَيْنٌ ولَمْ يَتْرُكْ وَفَاء فعَلَيْنا قَضاؤُهُ، ومَنْ تَرَك مَالا فَلِوَرَثَتِهِ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث، لِأَن ورثته هم أَهله.

وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان بن جبلة الْمروزِي، يروي عَن: عبد الله بن الْمُبَارك الْمروزِي عَن يُونُس بن يزِيد عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْفَرَائِض عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.

قَوْله: ( أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ) هَكَذَا أوردهُ مُخْتَصرا، وَقد مضى فِي الْكفَالَة من طَرِيق عقيل عَن ابْن شهَاب وَلَفظه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يُؤْتى بِالرجلِ المتوفي عَلَيْهِ الدّين فَيَقُول: هَل ترك لدينِهِ قَضَاء؟ فَإِن قيل: نعم صلى عَلَيْهِ، وإلاَّ قَالَ: صلوا على صَاحبكُم، فَلَمَّا فتح الله عَلَيْهِ الْفتُوح قَالَ: أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم ... الحَدِيث.
قَوْله: ( فَمن مَاتَ) يَعْنِي من الْمُسلمين، وَالْحَال أَن عَلَيْهِ دينا وَلم يتْرك وَفَاء أَي: مَا بَقِي بِدِينِهِ.
قَوْله: ( فعلينا قَضَاؤُهُ) قَالَ الْمُهلب: هَذَا، لوعد مِنْهُ لما وعد الله بِهِ من الفتوحات من ملك الكسرى وَقَيْصَر، وَلَيْسَ على الضَّمَان بِدَلِيل تَأَخره عَن الصَّلَاة على الْمديَان حَتَّى ضمنه بعض من حضر،.

     وَقَالَ  غَيره: إِنَّه نَاسخ لترك الصَّلَاة على من مَاتَ وَعَلِيهِ دين.
وَقَوله: ( فعلينا قَضَاؤُهُ) أَي: فعلينا الضَّمَان اللَّازِم،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَضَاء دين الْمُعسر الْمَيِّت كَانَ من خَصَائِصه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ من خَالص مَاله وَقيل: من بَيت المَال، وَفِيه: أَنه قَائِم بمصالح الْأمة حَيا وَمَيتًا وَولي أَمرهم فِي الْحَالين.
قَوْله: ( وَمن ترك مَالا فلورثته) وَهَذَا مجمع عَلَيْهِ وَكَذَا ثَبت فِي رِوَايَة الْكشميهني هُنَا، يَعْنِي: لوَرثَته.
وَكَذَا فِي رِوَايَة مُسلم وَفِي رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن عمْرَة: فلورثة عصبته من كَانُوا، قَالَ الدَّاودِيّ: المُرَاد بالعصبة هُنَا الْوَرَثَة لَا من يَرث بِالتَّعْصِيبِ، لِأَن العاصب فِي الِاصْطِلَاح من لَيْسَ لَهُ سهم مُقَدّر من الْمجمع على توريثهم، وَيَرِث كل المَال إِذا انْفَرد، وَيَرِث مَا فضل بعد الْفُرُوض، وَقيل: المُرَاد من الْعصبَة هُنَا قرَابَة الرجل وَهُوَ من يلتقي مَعَ الْمَيِّت فِي أَب وَلَو علا.