فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ميراث البنات

( بابُُ مِيرَاثِ البَناتِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مِيرَاث الْبَنَات، وَالْأَصْل فِيهِ الْآيَة الَّتِي تقدّمت فِي أول الْكتاب وَهِي قَوْله تَعَالَى: { يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} الْآيَة وَإِن الْجَاهِلِيَّة كَانُوا لَا يورثون الْبَنَات فَأبْطل الله ذَلِك وشاركهن مَعَ الذُّكُور وَقد مر بَيَانه هُنَاكَ.



[ قــ :6381 ... غــ :6733 ]
- حدّثنا الحُمَيْدِيُّ حدّثنا سُفْيانُ حدّثنا الزُّهرِيُّ قَالَ: أَخْبرنِي عامِر بنُ سَعْدِ بنِ أبِي وِقَاصٍ عنْ أبِيهِ قَالَ: مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضاً فأشْفَيْتُ مِنْهُ عَلى المَوْتِ، فَأَتَانِي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَعُودُونِي فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله! إنَّ لِي مَالا كَثِيراً ولَيْسَ يَرِثُنْي إلاّ ابْنَتِي، أفأتَصَدَّقُ بِثلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: ( لَا) .
قَالَ: قُلْتُ: فالشَّطْرُ؟ قَالَ: ( لَا) .
قُلْتُ: الثُّلُثَ؟ قَالَ: ( الثُّلُثُ كَبِيرٌ، إنّكَ إنْ تَرَكْتَ وَلَدَكَ أغْنياءَ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةَ إلاّ أُجِرْتَ عَلَيْها، حَتَّى اللُّقمَةَ تَرْفَعُها إِلَى فِي امْرَأتِكَ) فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله! آاخَلَّفُ عنْ هِجْرَتِي؟ فَقَالَ: ( لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي فَتَعْمَلَ عَمَلاً تُرِيدُ بِهِ وجْهَ الله إلاّ ازْدَدْتَ بِهِ رفْعَةً ودَرَجَةً، ولَعَلَّ أنْ تُخَلَّفَ بَعْدي حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أقْوَامٌ ويُضَرَّبِكَ آخَرُونَ) .
لَكِنِ البائِسُ سَعْدُ بنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لهُ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ ماتَ بِمَكَةَ.
قَالَ سُفْيانُ: وسَعْدُ بنُ خَوْلَةَ رَجلٌ مِنْ بَنِي عامِرِ بنِ لُؤَي.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( لَيْسَ يَرِثنِي إلاَّ ابْنَتي) والْحميدِي عبد الله بن الزبير بن عِيسَى نِسْبَة إِلَى حميد بِالضَّمِّ أحد أجداده، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بابُُ رثاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، سعد بن خَوْلَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص ... إِلَى آخِره، وَأَيْضًا مضى فِي كتاب الْوَصَايَا فِي: بابُُ أَن تتْرك وَرثتك أَغْنِيَاء، أخرجه فِيهِ عَن أبي نعيم عَن سُفْيَان، وَفِي الْبابُُ الَّذِي يَلِيهِ عَن قُتَيْبَة عَن سُفْيَان، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( فأشفيت) أَي: فَأَشْرَفت قَوْله: ( مَالا كثيرا) بالثاء الْمُثَلَّثَة وبالباء الْمُوَحدَة قَوْله: ( فَالشَّطْر) بِالْجَرِّ وَالرَّفْع، قَالَه الْكرْمَانِي وَلم يبين وجههما.

قلت: أما الْجَرّ فبالعطف على قَوْله: ( بِثُلثي مَالِي) وَأما الرّفْع فعلى أَنه مُبْتَدأ وَخَبره مَحْذُوف تَقْدِيره: فَالشَّطْر أَتصدق بِهِ، أَي: النّصْف.
قَوْله: ( إِن تركت) بِكَسْر الْهمزَة وَفتحهَا.
قَوْله: ( خير) أَي: فَهُوَ خير ليَكُون جَزَاء للشّرط.
قَوْله: ( عَالَة) جمع عائل وَهُوَ الْفَقِير.
قَوْله: ( يَتَكَفَّفُونَ) أَي يمدون إِلَى النَّاس أكفهم للسؤال.
قَوْله: ( أجرت) على صِيغَة الْمَجْهُول من الْأجر.
قَوْله: ( وأخلف) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: أبقى بِمَكَّة مُتَخَلِّفًا عَن الْهِجْرَة؟ قَوْله: ( لَعَلَّ) ويروى: ولعلك، اسْتعْمل هُنَا اسْتِعْمَال عَسى.
قَوْله: ( ويضربك) على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: ( البائس) بِالْبَاء الْمُوَحدَة شَدِيد الْحَاجة أَو الْفَقِير.
قَوْله: ( يرثي) بِكَسْر الثَّاء الْمُثَلَّثَة أَي: يرق وَيرْحَم.
قيل: هُوَ كَلَام سعد، وَقيل: كَلَام الزُّهْرِيّ، وَسعد بن خَوْلَة مَاتَ بِمَكَّة فِي حجَّة الْوَدَاع وَتَقَدَّمت فِيهِ مبَاحث فِي كتاب الْجَنَائِز.





[ قــ :638 ... غــ :6734 ]
- حدّثني مَحْمُودٌ حدّثنا أبُو النضْرِ حَدثنَا أبُو مُعاوِيَةَ شَيْبانُ عنْ أشْعَثَ عنِ الأسْوَدِ بن يَزِيدَ قَالَ: أَتَانَا مُعاذُ بنُ جُبَلٍ باليَمنِ مُعَلِّماً وأمِيراً، فَسألْناهُ عنْ رجُلٍ تُوُفِّيَ وتَرَكَ ابْنَتَهُ وأُخْتَهُ، فأعْطَى الإبْنَةَ النِّصْفَ والأُخْتَ النِّصْفَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( أعْطى الِابْنَة النّصْف) ومحمود هُوَ ابْن غيلَان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة أَبُو أَحْمد الْمروزِي، وَأَبُو النَّضر هُوَ هَاشم التَّمِيمِي الملقب بقيصر، وَأَشْعَث بالشين الْمُعْجَمَة وبالعين الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن سليم يكنى بالشعثاء الْكُوفِي، وَالْأسود ابْن يزِيد بن قيس النَّخعِيّ الْكُوفِي.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفَرَائِض عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل.

قَوْله: ( فَأعْطى الِابْنَة النّصْف) أجمع الْعلمَاء على أَن مِيرَاث الْبِنْت الْوَاحِدَة النّصْف، وَللْأُخْت النّصْف، بِنَصّ الْقُرْآن.