فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ميراث الأسير

( بابُُ مِيراَثِ الأسِيرِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم مِيرَاث الْأَسير الَّذِي فِي أَيدي الْعَدو.
وَاخْتلف فِيهِ فَعَن سعيد بن الْمسيب لَا يُورث الْأَسير الَّذِي فِي أَيدي الْعَدو، وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة عَنهُ، وَفِي رِوَايَة عَنهُ، يُورث، وَعَن الزُّهْرِيّ رِوَايَتَانِ نَحوه، وَعنهُ: لَا يجوز للأسير فِي مَاله إلاَّ الثُّلُث، وَنقل ابْن بطال عَن أَكثر الْعلمَاء أَنهم ذَهَبُوا إِلَى أَن الْأَسير إِذا وَجب لَهُ مِيرَاث أَنه يُوقف لَهُ، هَذَا قَول مَالك والكوفيين وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور، وَذَلِكَ لِأَن الْأَسير إِذا كَانَ مُسلما فَهُوَ دَاخل تَحت عُمُوم قَوْله: من ترك مَالا فلورثته الْمُسلمين، وَهُوَ من جملَة الْمُسلمين الَّذين يجْرِي عَلَيْهِم أَحْكَام الْمُسلمين، وَلَا يتَزَوَّج امْرَأَته وَلَا يقسم مَاله مَا تحققت حَيَاته وَعلم مَكَانَهُ، فَإِذا انْقَطع خَبره وَجَهل حَاله فَهُوَ مَفْقُود يجْرِي فِيهِ أَحْكَام الْمَفْقُود.

قَالَ: وكانَ شُرَيْحٌ يُوَرِّثُ الأسيرَ فِي أيْدي العَدُوِّ، ويَقُولُ: هُوَ أحْوَجُ إلَيْهِ لَيْسَ فِي كثير من النّسخ لفظ: قَالَ، فعلى تَقْدِير وجوده يكون فَاعله البُخَارِيّ أَي: قَالَ البُخَارِيّ، وَكَانَ شُرَيْح بن الْحَارِث القَاضِي الْكِنْدِيّ الْكُوفِي ... إِلَى آخِره، وَوَصله ابْن أبي شيبَة والدارمي من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن الشّعبِيّ عَن شُرَيْح، فَذكره.

وَقَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العزِيزِ: أجِزْ وصِيَّةَ الأسِير وَعَتاقَهُ وَمَا صَنَعَ فِي مالِهِ مَا لمْ يَتَغَيَّرْ عنْ دِينِهِ فإنَّما هُوَ مالُهُ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشاءُ.

هَذَا أَيْضا يُوضح الْإِبْهَام الَّذِي فِي التَّرْجَمَة.
قَوْله: ( أجز) أَمر من الْإِجَازَة.
قَوْله: ( وَصِيَّة الْأَسير) مَنْصُوب.
قَوْله: ( وعتاقه) ، عطف عَلَيْهِ ويروى: عتاقته.
قَوْله: ( مَا يَشَاء) .
بِصُورَة الْمُضَارع وَعند الْكشميهني: مَا شَاءَ، بِلَفْظ الْمَاضِي، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن إِسْحَاق بن رَاشد أَن عمر كتب إِلَيْهِ: أجز وَصِيَّة الْأَسير.



[ قــ :6411 ... غــ :6763 ]
- حدّثنا أبُو الوَلِيدِ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ عَدِيٍّ عنْ أبي حازِمٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( مَنْ تَرَكَ مَالا فَلِوَرَثَتِهِ ومَنْ تَرَكَ كَلاًّ فإلَيْنا) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن الْأَسير فِي أَيدي الْعَدو دَاخل تَحت قَوْله: ( من ترك) .

وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، وعدي هُوَ ابْن ثَابت الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سلمَان الْأَشْجَعِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الاستقراص عَن أبي الْوَلِيد أَيْضا.

قَوْله: ( كلاًّ) بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد اللَّام أَي: عيالاً.