فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم

( بابٌُ لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكافِرِ وَلَا الكافِرُ المُسْلِمَ)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم) ، أما الْكَافِر فَإِنَّهُ لَا يَرث الْمُسلم بِالْإِجْمَاع.
وَبِالْحَدِيثِ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَلنْ يَجْعَل الله للكفارين على الْمُؤمنِينَ سَبِيلا} ( النِّسَاء: 141) وَفِي الْمِيرَاث إِثْبَات السَّبِيل للْكَافِرِ على الْمُسلم وَالْمرَاد مِنْهُ نفي السَّبِيل من حَيْثُ الحكم لَا من حَيْثُ الْحَقِيقَة ليتَحَقَّق حَقِيقَة السَّبِيل.
وَأما الْمُسلم فَهَل يَرث من الْكَافِر أم لَا؟ فَقَالَت عَامَّة الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، لَا يَرث، وَبِه أَخذ عُلَمَاؤُنَا وَالشَّافِعِيّ، وَهَذَا اسْتِحْسَان، وَالْقِيَاس أَن يَرث وَهُوَ قَول معَاذ بن جبل وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَبِه أَخذ مَسْرُوق وَالْحسن وَمُحَمّد بن الْحَنَفِيَّة وَمُحَمّد بن عَليّ بن حُسَيْن، وَأما إِرْث الْمُسلم من الْمُرْتَد فباعتبار الِاسْتِنَاد إِلَى حَال الْإِسْلَام، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِنَّه يُورث عَنهُ كسب إِسْلَامه دون كسب ردته، وَلَا يَرث هُوَ من الْمُسلم عُقُوبَة لَهُ على ردته.

وَإِذا أسْلَمَ قَبْلَ أنْ يُقْسَمَ المِيرَاثُ فَلاَ مِيرَاثَ لهُ
أَي: إِذا أسلم الْكَافِر قبل أَن يقسم مِيرَاث أَبِيه أَو أَخِيه مثلا فَلَا مِيرَاث لَهُ لِأَن الِاعْتِبَار بِوَقْت الْمَوْت لَا بِوَقْت الْقِسْمَة وَهُوَ قَول جُمْهُور الْفُقَهَاء،.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: إِذا أسلم قبل الْقِسْمَة فَلهُ نصِيبه، رُوِيَ عَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، من طَرِيق لَا يَصح، وَبِه قَالَ الْحسن وَعِكْرِمَة وَحَكَاهُ ابْن هُبَيْرَة عَن أَحْمد، وَحَكَاهُ ابْن التِّين عَن جَابر، وَرُوِيَ عَن الْحسن أَيْضا: الْإِرْث فِيمَا لم يقسم خَاصَّة.



[ قــ :6412 ... غــ :6764 ]
- حدّثنا أبُو عاصِمٍ عنِ ابنِ جُرَيْجٍ عنِ ابْن شِهابٍ عنْ عَليِّ بنِ حُسَيْنِ عنْ عُمَرَ ابنِ عُثْمانَ عنْ أُسامةَ بنِ زَيْدٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، أَن النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( لَا يَرِث المُسْلِمَ الكافِرَ وَلَا الكافِرُ المُسْلِمَ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَنَّهَا لفظ الحَدِيث.
وَأَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد النَّبِيل الْبَصْرِيّ، وَابْن جريج هُوَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج، وَابْن شهَاب مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعلي بن حُسَيْن الْمَعْرُوف بزين العابدين، وَعمر بن عُثْمَان بن عَفَّان الْقرشِي الْأمَوِي، وكل من رَوَاهُ عَن ابْن شهَاب قَالَ: عَمْرو، بِالْوَاو إلاَّ مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: عمر، بِدُونِ الْوَاو وَلم يَخْتَلِفُوا أَنه كَانَ لعُثْمَان ابْن يُسمى: عمر بِلَا وَاو وَآخر يُسمى: عمر وبالواو إلاَّ أَن هَذَا الحَدِيث كَانَ لعَمْرو عِنْد الْجَمَاعَة، قَالَ الكلاباذي: وهم مَالك فِيهِ فَقَالَ: عمر بِدُونِ الْوَاو.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي عَن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن سَعْدَان بن يحيى عَن مُحَمَّد ابْن أبي حَفْصَة عَن الزُّهْرِيّ بِهِ.