فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا ادعت المرأة ابنا

( بابٌُ إذَا ادَّعَتِ المَرْأةُ ابْناً)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ إِذا ادَّعَت الْمَرْأَة ابْنا.



[ قــ :6416 ... غــ :6769 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ قَالَ: حدّثنا أَبُو الزِّنادِ عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ.
أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( كانَتِ امْرَأتانِ مَعَهُما ابْناهُما جاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بابُْنِ إحْداهُما، فقالَتْ لِصاحِبَتِها: إنّما ذَهَبَ بابُْنِكِ.
وقالَتِ الأُخْرَى: إنّما ذَهَبَ بِابْنِكِ، فَتَحَاكَمَتا إِلَى داوُدَ عَلَيْهِ السلامُ فَقَضى بِهِ لِلْكُبْرى، فَخَرَجَتا عَلى سُلَيْمانَ بنِ داوُدَ، عَلَيْهما السَّلامُ، فأخْبَرَتاهُ فَقَالَ: ائْتُونِي بالسِّكِين أشُقُّهُ بَيْنَهُما.
فَقالتِ الصُّغْرى: لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ الله هُوَ ابْنُها فَقَضى بِهِ لِلصُّغْرَى)

قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: وَالله إنْ سَمِعْتُ بالسِّكِينِ قَطُّ إلاّ يَوْمَئذٍ، وَمَا كُنَّا نَقُولُ إلاّ: المُدْيَةَ.
( انْظُر الحَدِيث 7243) .


مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ دَعْوَى كل وَاحِدَة من الْمَرْأَتَيْنِ أَن الابْن لَهَا، قيل: مَا وَجه إِيرَاده هَذَا الحَدِيث وَلَا يتَعَلَّق بِهِ حكم؟ .

قلت: يستنبط مِنْهُ حكم، وَهُوَ أَن امْرَأَة لَا زوج لَهَا إِذا قَالَت لِابْنِ لَا يعرف لَهُ أَب: هَذَا ابْني، وَلم ينازعها أحد فَإِنَّهُ يعْمل بقولِهَا: وترثه ويرثها وترثه إخْوَته لأمه، وَإِذا كَانَ لَهَا زوج، وَادعت أَن هَذَا ابْني وَأنْكرهُ لَا يعْمل بقولِهَا إلاَّ إِذا أَقَامَت الْبَيِّنَة فحينئذٍ تقبل.

قَوْله: ( حَدثنَا أَبُو الْيَمَان) أَي: الحكم بن نَافِع.
قَوْله: ( حَدثنَا أَبُو الزِّنَاد) بالزاي وَالنُّون وَهُوَ عبد الله بن ذكْوَان يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.

والْحَدِيث مضى فِي تَرْجَمَة سُلَيْمَان من أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام.

قَوْله: ( فتحاكمتا) أَي: الْمَرْأَتَانِ المذكورتان، ويروى: فتحاكما، بالتذكير بِاعْتِبَار الشَّخْص، قيل: كَيفَ نقض سُلَيْمَان حكم دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُمَا حكما بِالْوَحْي.
وَحكم سُلَيْمَان كَانَ نَاسِخا أَو بِالِاجْتِهَادِ، وَجَاز النَّقْض لدَلِيل أقوى على أَن الضَّمِير فِي قَوْله: ( فَقضى) يحْتَمل أَن يكون رَاجعا إِلَى دَاوُد.

قلت: فِي الْجَواب الأول نظر، لِأَن عمر سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ حينئذٍ أحد عشر سنة وَلم يكن يُوحى إِلَيْهِ، قَالُوا: اسْتَخْلَفَهُ دَاوُد وعمره كَانَ اثْنَي عشرَة سنة.
.

     وَقَالَ  مقَاتل: كَانَ سُلَيْمَان أقضى من دَاوُد وَكَانَ دَاوُد أَشد تعبداً من سُلَيْمَان.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: لما اعْترف الْخصم بِأَن الْحق لصَاحبه كَيفَ حكم بِخِلَافِهِ؟ ثمَّ قَالَ: لَعَلَّه علم بِالْقَرِينَةِ أَنه لَا يُرِيد حَقِيقَة الْأَمر،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: اسْتدلَّ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، بشفقة الصُّغْرَى على أَنَّهَا أمه وَلَعَلَّ الْكُبْرَى أقرَّت بعد ذَلِك بِهِ للصغرى.

قَوْله: ( إِن سَمِعت بالسكين) ، يَعْنِي باسم السكين قطّ إلاَّ يومئذٍ يَعْنِي: يَوْم سمع الحَدِيث.
قَوْله: ( إلاَّ المدية) بِضَم الْمِيم وَفتحهَا وَكسرهَا وَسُكُون الدَّال سميت بهَا لِأَنَّهَا تقطع مدى حَيَاة الْحَيَوَان، والسكين لِأَنَّهَا تسكن حركته.