فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من رأى مع امرأته رجلا فقتله

( بابُُ منْ رأى مَعَ امْرَأتِهِ رجلا فَقَتَلَهُ)
أَي: هَذَا بابُُ فِيمَن رأى ... إِلَى آخِره، كَذَا أطلق وَلم يبين الحكم، وَقد اخْتلف فِيهِ، فَقَالَ الْجُمْهُور: عَلَيْهِ الْقود،.

     وَقَالَ  أَحْمد وَإِسْحَاق: إِن أَقَامَ بَيِّنَة أَنه وجده مَعَ امْرَأَته هدر دَمه،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: يَسعهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله قتل الرجل إِن كَانَ ثَيِّبًا، وَعلم أَنه نَالَ مِنْهَا مَا يُوجب الْغسْل، وَلَكِن لَا يسْقط عَنهُ الْقود فِي ظَاهر الحكم،.

     وَقَالَ  ابْن حبيب: إِن كَانَ الْمَقْتُول مُحصنا فَالَّذِي يُنجي قَاتله من الْقَتْل أَن يُقيم أَرْبَعَة شُهَدَاء تشهد أَنه فعل بامرأته، وَإِن كَانَ غير مُحصن فعلى قَاتله الْقود وَإِن أَتَى بأَرْبعَة شُهَدَاء.
وَذكر ابْن مزين عَن ابْن الْقَاسِم: أَن ذَلِك فِي الْبكر وَالثَّيِّب سَوَاء يتْرك قَاتله إِذا قَامَت لَهُ الْبَيِّنَة بِالرُّؤْيَةِ.
.

     وَقَالَ  إصبغ: عَن ابْن الْقَاسِم وَأَشْهَب اسْتحبَّ الدِّيَة فِي الْبكر فِي مَال الْقَاتِل،.

     وَقَالَ  الْمُغيرَة: لَا قَود فِيهِ وَلَا دِيَة، وَقد أهْدر عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، دَمًا من هَذَا الْوَجْه،.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: الْأَخْبَار عَن عمر فِي هَذَا مُخْتَلفَة وعامتها مُنْقَطِعَة فَإِن ثَبت عَن عمر أَنه أهْدر الدَّم فِيهَا فَإِنَّمَا ذَلِك لشَيْء ثَبت عِنْده يسْقط الْقود.



[ قــ :6485 ... غــ :6846 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى، حدّثنا أبُو عَوَانَة، حدّثنا عبْدُ المَلِكِ، عنْ ورَّادٍ، كاتِب المُغِيرَةِ عنِ المُغِيرَةِ قَالَ: قَالَ سَعْدُ بن عُبادَةَ: لوْ رأيْتُ رجُلاً مَعَ امْرَأتي لَضَرَبْتُهُ بالسيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَبَلَغَ ذالِكَ النبيَّ فَقَالَ: أتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لأَنا أغْيَرُ مِنْهُ وَالله أغْيَرُ منِّي

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الَّذِي يفهم من كَلَام سعد بن عبَادَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن هَذَا الْأَمر لَو وَقع لَهُ لقتل الرجل، وَلِهَذَا لما بلغ النَّبِي لم يَنْهَهُ عَن ذَلِك حَتَّى قَالَ الدَّاودِيّ: قَوْله: صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم: أتعجبون من غيرَة سعد؟ يدل على أَنه حمد ذَلِك وَأَجَازَهُ لَهُ فِيمَا بَينه وَبَين الله، والغيرة من أَحْمد الْأَشْيَاء، وَمن لم تكن فِيهِ فَلَيْسَ على خلق مَحْمُود، وَبَالغ أَصْحَابنَا فِي هَذَا حَيْثُ قَالُوا: رجل وجد مَعَ امْرَأَته أَو جَارِيَته رجلا يُرِيد أَن يغلبها ويزني بهَا، لَهُ أَن يقْتله، فَإِن رَآهُ مَعَ امْرَأَته أَو مَعَ محرم لَهُ وَهِي مطاوعة لَهُ على ذَلِك قتل الرجل وَالْمَرْأَة جَمِيعًا، وَمِنْهُم من منع ذَلِك مُطلقًا، فَقَالَ الْمُهلب: الحَدِيث دَال على وجوب الْقود فِيمَن قتل رجلا وجده مَعَ امْرَأَته لِأَن الله عز وَجل وَإِن كَانَ أغير من عباده، فَإِن أوجب الشُّهُود فِي الْحُدُود فَلَا يجوز لأحد أَن يَتَعَدَّ حُدُود الله، وَلَا يسْقط دَمًا بِدَعْوَى.
وروى عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن هانىء بن حرَام: أَن رجلا وجد مَعَ امْرَأَته رجلا فَقَتَلَهُمَا، قَالَ: فَكتب عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتابا فِي الْعَلَانِيَة أَن يقتلوه، وَفِي السِّرّ أَن يعطوه الدِّيَة.

ومُوسَى شيخ البُخَارِيّ هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل، وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة هُوَ الوضاح الْيَشْكُرِي، وَعبد الْملك هُوَ ابْن عُمَيْر، ووراد بِفَتْح الوو وَتَشْديد الرَّاء كَاتب الْمُغيرَة بن شُعْبَة الثَّقَفِيّ يروي عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة.

والْحَدِيث مضى فِي أَوَاخِر النِّكَاح فِي: بابُُ الْغيرَة وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: غير مصفح بِضَم الْمِيم وَفتح الصَّاد الْمُهْملَة وَفتح الْفَاء وَكسرهَا أَي: ضَربته بِحَدّ السَّيْف للإهلاك لَا بصفحه وَهُوَ عرضه للإرهاب.
قَوْله: من غيرَة سعد؟ بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة.
الْمَنْع أَي: منع من التَّعَلُّق بأجنبي بِنَظَر وَغَيره، وغيرة الله تَعَالَى مَنعه عَن الْمعاصِي.