فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة

( بابُُ مَنْ أظْهَرَ الفاحِشَةَ واللَّطْخَ والتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم من أظهر الْفَاحِشَة وَهِي أَن يتعاطى مَا يدل عَلَيْهَا عَادَة من غير أَن يثبت ذَلِك بِبَيِّنَة أَو بِإِقْرَار.
قَوْله: واللطخ، بِفَتْح اللَّام وَسُكُون الطَّاء الْمُهْملَة وبالخاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الرَّمْي بِالشَّرِّ، يُقَال: لطخ فلَان بِكَذَا أَي: رمي بشر، ولطخه بِكَذَا بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد: لوثه بِهِ.
قَوْله: والتهمة، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْهَاء،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الْمَشْهُور سُكُون الْهَاء لَكِن قَالُوا: الصَّوَاب فتحهَا،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: التُّهْمَة فعلة من الْوَهم وَالتَّاء بدل من الْوَاو، يُقَال: اتهمته إِذا ظَنَنْت فِيهِ مَا نسب إِلَيْهِ،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: اتهمت فلَانا بِكَذَا، وَالِاسْم التُّهْمَة بِالتَّحْرِيكِ وأصل التَّاء فِيهِ وَاو.



[ قــ :6493 ... غــ :6854 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيٌّ، حدّثنا سُفْيانُ، قَالَ الزُّهرِيُّ: عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ المُتَلاَعِنَيْنِ وَأَنا ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَرَّقَ بَيْنَهُما فَقَالَ زوْجُها: كَذَبْتُ عَليْها إنْ أمْسَكْتُها، قَالَ: فَحَفِظْتُ ذاكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ: إنْ جاءَتْ بِهِ كَذا وكَذا فَهْوَ، وإنْ جاءَتْ بِهِ كَذَا وكَذا كأنهُ وَحَرَةٌ فَهُوَ، وسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: جاءَتْ بِهِ لِلّذِي يُكْرَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة من حَيْثُ إِن فِيهِ إِظْهَار الْفَاحِشَة واللطخ.

وَعلي شيخ البُخَارِيّ وَهُوَ ابْن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وَفِي بعض النّسخ: أَبوهُ عبد الله مَذْكُور مَعَه، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة.

والْحَدِيث مضى فِي الطَّلَاق عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن يُوسُف وَعَن أبي الرّبيع الزاهراني، وَسَيَجِيءُ فِي الِاعْتِصَام وَفِي الْأَحْكَام، وَمضى الْكَلَام فِيهِ فِي الطَّلَاق.

قَوْله: وَأَنا ابْن خمس عشرَة الْوَاو فِيهِ للْحَال، ويروى: ابْن خمس عشرَة سنة بِإِظْهَار الْمُمَيز.
قَوْله: فَحفِظت ذَاك أَي: الْمَذْكُور بعده، وَهُوَ: إِن جَاءَت بِهِ أسود أعين ذَا إليتين فَلَا أرَاهُ إلاَّ قد صدق عَلَيْهَا، وَإِن جَاءَت بِهِ أَحْمَر قَصِيرا كَأَنَّهُ وحرة فَلَا أَرَاهَا إلاَّ قد صدقت وَكذب عَلَيْهَا.
قَوْله: إِن جَاءَت بِهِ أَي: بِالْوَلَدِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ وَقع بِالْكِنَايَةِ وَهُوَ قَوْله: فَهُوَ وبالاكتفاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ: وَبَيَانه مَا ذَكرْنَاهُ الْآن.
قَوْله: وحرة بِفَتْح الْوَاو والحاء الْمُهْملَة وَالرَّاء وَهِي دويبة كسام أبرص، وَقيل: دويبة حَمْرَاء تلصق بِالْأَرْضِ،.

     وَقَالَ  الْقَزاز: هِيَ كالوزغة تقع فِي الطَّعَام فتفسده، فَيُقَال: وحر.
قَوْله: وَسمعت الزُّهْرِيّ الْقَائِل بِهَذَا هُوَ سُفْيَان.
قَوْله: جَاءَت بِهِ أَي: جَاءَت الْمَرْأَة بِالْوَلَدِ للَّذي يكره




[ قــ :6494 ... غــ :6855 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا سُفْيان، حدّثنا أبُو الزِّنادِ، عنِ القاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: ذَكَر ابنُ عَبَّاسٍ المُتَلاعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ الله بنُ شَدَّادٍ: هِيَ الَّتِي قَالَ رسولُ الله لَوْ كُنْتُ راجِماً امْرأةً عنْ غَيْرِ بَيْنَةٍ قَالَ: لَا تِلْكَ امْرأةٌ أعْلَنَتْ

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: عَن غير بَيِّنَة وَأَبُو الزِّنَاد بِكَسْر الزَّاي وَتَخْفِيف النُّون عبد الله بن ذكْوَان، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد اللَّيْثِيّ والْحَدِيث مضى فِي اللّعان.

قَوْله: عَن غير بَيِّنَة كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني بِلَفْظَة عَن وَفِي رِوَايَة غَيره: من غير بَيِّنَة بِلَفْظَة من، بِالْمِيم.
قَوْله: قَالَ لَا أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس: لَا، تِلْكَ امْرَأَة أعلنت أَي: السوء والفجور.





[ قــ :6495 ... غــ :6856 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، حدّثنا اللَّيْثُ، حدّثني يَحْياى بنُ سَعِيدٍ، عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ القاسِمِ، عنِ القاسِمِ بن مُحَمَّدٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: ذُكِرَ التَلاَّعُنُ عِنْدَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ عاصِمُ بنُ عَدِيَ فِي ذالِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ، فأتاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو أنَّهُ وَجَدَ مَعَ أهْلِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بهاذا إلاّ لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النبيِّ فأخْبَرَهُ بالّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرأتَهُ، وَكَانَ ذالِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرّاً قَلِيلَ اللَّحْمِ، سَبْطَ الشَّعَر، وَكَانَ الّذي ادَّعاى عَليْهِ أنَّهُ وجَدَهُ عِنْدَ أهْلِهِ آدَمَ خَدِلاً كَثِيرَ اللَّحْمِ، فَقَالَ النَّبيُّ اللَّهُمَّ بَيِّنْ فَوَضَعَتْ شَبِيهاً بالرَّجُل الّذِي ذَكَرَ زَوْجُها أنَّهُ وجَدَهُ عِنْدَها، فَلاَعَنَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَيْنَهُما، فَقَالَ رَجلٌ لاِبنِ عَبَّاس فِي المَجْلِسِ هِيَ الَّتِي قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَوْ رَجَمْتُ أحَداً بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هاذِهِ فَقَالَ: لَا، تِلْكَ امْرأةٌ كانَتْ تُظْهرُ فِي الإسْلامِ السُّوءَ هَذَا طَرِيق آخر مطول فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَهُوَ أَيْضا مضى فِي اللّعان.

قَوْله: ذكر التلاعن بِضَم الذَّال على صِيغَة الْمَجْهُول والتلاعن مَرْفُوع.
قَوْله: عَاصِم بن عدي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَكسر الدَّال ابْن الْجد بن عجلَان الْعجْلَاني ثمَّ البلوي شهد بَدْرًا وَاحِدًا وَالْخَنْدَق والمشاهد كلهَا، وَقيل: لم يشْهد بَدْرًا، مَاتَ سنة خمس وَأَرْبَعين وَقد بلغ قَرِيبا من عشْرين وَمِائَة سنة.
قَوْله: فَأَتَاهُ رجل أَي: فَأتى عَاصِم بن عدي رجل وَهُوَ عُوَيْمِر مصغر عَامر قَوْله: من قومه أَي: من قوم عَاصِم بن عدي، يَعْنِي: هُوَ الآخر عجلاني.
قَوْله: مَعَ أَهله أَي: مَعَ امْرَأَته.
قَوْله: مَا ابْتليت على صِيغَة الْمَجْهُول من الِابْتِلَاء.
قَوْله: فَذهب بِهِ أَي: فَذهب عَاصِم بِالرجلِ الْمَذْكُور إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَوْله: مصفراً أَي: مصفر اللَّوْن.
قَوْله: سبط الشّعْر بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وسكونها وَهُوَ نقيض الْجَعْد.
قَوْله: آدم من الأدمة وَهِي السمرَة الشَّدِيدَة، وَقيل: من أدمة الأَرْض وَهِي لَوْنهَا وَمِنْه سمى آدم، عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله: خدلاً بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الممتلىء السَّاق غليظاً،.

     وَقَالَ  ابْن فَارس: يُقَال: امْرَأَة خدلة أَي ممتلئة الْأَعْضَاء دقيقة الْعِظَام،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الخدلاء الْبَيِّنَة الخدل وَهِي الممتلئة السَّاقَيْن والذراعين،.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: الخدل الممتلىء السَّاق، وَذكر الحَدِيث، ورويناه: خدلاً بِفَتْح الدَّال وَتَشْديد اللَّام.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى بِكَسْر الْخَاء وَالتَّخْفِيف.
قَوْله: فَقَالَ رجل لِابْنِ عَبَّاس الرجل هُوَ عبد الله بن شَدَّاد الْمَذْكُور فِي الحَدِيث السَّابِق.
قَوْله: كَانَت تظهر فِي الْإِسْلَام السوء
قَالَ النَّوَوِيّ: أَي: أَنه اشْتهر عَنْهَا وشاع وَلَكِن لم تقم الْبَيِّنَة عَلَيْهَا بذلك وَلَا اعْترفت، فَدلَّ على أَن الْحَد لَا يجب بالاستفاضة.
.

     وَقَالَ  الْمُهلب: فِيهِ: أَن الْحَد لَا يجب على أحد إلاَّ بِبَيِّنَة أَو إِقْرَار وَلَو كَانَ مُتَّهمًا بالفاحشة.