فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {ومن أحياها} [المائدة: 32]

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الاَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذالِكَ فِى الاَْرْضِ لَمُسْرِفُونَ} قَالَ ابنُ عَبَّاس: منْ حَرَّ مَقَتْلَها إلاّ بِحَقِّ حَيِيَ النَّاسُ مِنْهُ جَمِيعاً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول الله تَعَالَى: { مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الاَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذالِكَ فِى الاَْرْضِ لَمُسْرِفُونَ} وَقع فِي رِوَايَة غير أبي ذَر: بابُُ قَوْله تَعَالَى: وَزَاد الْمُسْتَمْلِي والأصيلي { مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الاَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذالِكَ فِى الاَْرْضِ لَمُسْرِفُونَ} وَأول الْآيَة:) ( { مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْس أوْ فَسَاد فِي الأَرْض فَكَأنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَميعا وَمن أَحْيَاهَا} { مِنْ أَجْلِ ذالِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَاءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الاَْرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالّبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذالِكَ فِى الاَْرْضِ لَمُسْرِفُونَ} الْآيَة وَتَعْلِيق ابْن عَبَّاس أخرجه إِسْمَاعِيل بن أبي زِيَاد السَّامِي فِي تَفْسِيره عَنهُ، وَرَوَاهُ وَكِيع عَن سُفْيَان عَن خصيف عَن مُجَاهِد عَنهُ فَذكره.



[ قــ :6504 ... غــ :6867 ]
-
حَدَّثَنَا قَبِيصةُ، حدّثنا سُفْيانُ عنِ الأعْمَشِ، عنْ عَبْدِ الله بن مُرَّةً، عنْ مَسْرُوقٍ، عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ إلاّ كَانَ عَلى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِنْها
مطابقته لصدر الْآيَة الَّتِي فِيهَا ظَاهِرَة، لِأَن المُرَاد من ذكر وَمن أَحْيَاهَا صدرها وَهُوَ قَوْله: { من قتل نفسا} الْآيَة.

وَقبيصَة بِفَتْح الْقَاف وَهُوَ ابْن عقبَة، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَقيل: الثَّوْريّ وَالْأول هُوَ الظَّاهِر، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَعبد الله بن مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء الخارفي بخاء مُعْجمَة وَرَاء مَكْسُورَة وبالفاء الْكُوفِي.

وَفِيه ثَلَاثَة من التَّابِعين فِي نسق.
وهم كوفيون وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث مضى فِي خلق آدم عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه.
وَأخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: لَا تقتل نفس زَاد حَفْص فِي رِوَايَته: ظلما.
قَوْله: على ابْن آدم الأول هُوَ: قابيل.
قتل هابيل.
قَوْله: كفل بِكَسْر الْكَاف أَي: نصيب.
قَالَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: من سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ وزرها ووزر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.





[ قــ :6505 ... غــ :6868 ]
- حَدَّثَنَا أبُو الوليدِ، حَدثنَا شُعْبَةُ قَالَ وافِدُ بنُ عَبْدِ الله: أَخْبرنِي عنْ أبِيهِ أنّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بن عُمَرَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ

مطابقته لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة تتأتى على قَول من فسر قَوْله: كفَّارًا بِحرْمَة الدِّمَاء فَإِن فِيهِ ثَمَانِيَة أَقْوَال مِنْهَا هَذَا، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي أَوَائِل كتاب الْحُدُود فِي: بابُُ ظهر الْمُؤمن حمى، وَمضى الحَدِيث فِيهِ أَيْضا.

وَأَبُو الْوَلِيد شيخ البُخَارِيّ اسْمه هِشَام بن عبد الْملك، وواقد بِكَسْر الْقَاف وبالدال الْمُهْملَة ابْن مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، نسبه الرَّاوِي إِلَى جد أَبِيه، فَالْمُرَاد بقولنَا: أَبِيه، مُحَمَّد لَا عبد الله، وَهُوَ يروي عَن جده عبد الله فَقَوْل أبي ذَر فِي رِوَايَته: كَذَا وَقع هُنَا وَاقد بن عبد الله، وَالصَّوَاب: وَاقد بن مُحَمَّد.
قلت: نعم، وَكَذَا وَقع وَاقد بن مُحَمَّد: سَمِعت أبي فِي: بابُُ ظهر الْمُؤمن حمى، لَكِن وَجه هَذِه الرِّوَايَة مَا ذَكرْنَاهُ الْآن.

قَوْله: أَخْبرنِي عَن أَبِيه من بابُُ تَقْدِيم اسْم الرَّاوِي على صِيغَة الْإِخْبَار عَنهُ: تَقْديرا لكَلَام: حَدثنَا شُعْبَة أَخْبرنِي وَاقد بن عبد الله عَن أَبِيه يَعْنِي: مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر يروي عَن أَبِيه عَن جده عبد الله كَمَا ذكرنَا، فَافْهَم فَإِن فِيهِ قلقاً.





[ قــ :6506 ... غــ :6869 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حدّثنا غُنْدَرٌ، حدّثنا شعْبَةُ عنْ عَلِيِّ بنِ مدْرِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بنَ عَمْرِو بنِ جَرِيرٍ، عنْ جَرِيرٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ فِي حَجَّةِ الوَداعِ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْضٍ

مطابقته لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث السَّابِق.

وَالْحَدِيثَانِ سَوَاء غير أَن الَّذِي سبق عَن عبد الله بن عمر، وَهَذَا عَن جرير بن عبد الله البَجلِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
أخرجه عَن مُحَمَّد بن بشار بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة عَن غنْدر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَقد مر غير مرّة.
قَوْله: سَمِعت أَبَا زرْعَة هُوَ هرم بِفَتْح الْهَاء وَكسر الرَّاء ابْن عبد الله بن جرير بن عبد الله سمع جده جرير بن عبد الله.
والْحَدِيث مضى فِي الْعلم عَن حجاج بن منهال، وَفِي المغاز عَن حَفْص بن عمر وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ويروى: قَالَ: قَالَ لي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعلى هَذِه الرِّوَايَة قَوْله: استنصت النَّاس أَمر أَي: أسكتِ النَّاس ليسمعوا الْخطْبَة، وَالْخطاب لجرير، ويروى: استنصت النَّاس، بِصِيغَة الْمَاضِي جملَة حَالية، وَمعنى الْبَاقِي قد مر غير مرّة.

رواهُ أبُو بَكْرَةَ وابنُ عبَّاس عنِ النبيِّ
أَي: روى قَوْله: لَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا ... الحَدِيث أَبُو بكرَة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة نفيع بِضَم النُّون وَفتح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالعين الْمُهْملَة ابْن الْحَارِث الثَّقَفِيّ صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وروى البُخَارِيّ حَدِيثه هَذَا مطولا فِي كتاب الْحَج.
قَوْله: وَابْن عَبَّاس أَي: وَرَوَاهُ أَيْضا عبد الله بن عَبَّاس، وَقد مضى فِي الْحَج أَيْضا.





[ قــ :6507 ... غــ :6870 ]
- ح دّثني مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ فِراسٍ، عنْ الشَّعْبِيِّ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍ وعنِ النبيِّ قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الكَبائِرُ الإشْرَاكُ بِاللَّه، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ أوْ قَالَ: اليَمِينُ الغَمُوسُ شَكَّ شُعْبَةُ
وَقَالَ معاذٌ: حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ: الكَبائِرُ: الإشْرَاكُ بِاللَّه واليَمِينُ الغَمُوسُ وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، أوْ قَالَ: وقَتْلُ النَّفْسِ.

انْظُر الحَدِيث 6675 وطرفه
لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله: وَقتل النَّفس وَمُحَمّد بن جَعْفَر هُوَ غنْدر، وَقد مضى الْآن، وَشَيْخه شُعْبَة يروي عَن فراس بِكَسْر الْفَاء وَتَخْفِيف الرَّاء وبالسين الْمُهْملَة ابْن يحيى الخارفي بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالرَّاء وَالْفَاء عَن عَامر الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ.

والْحَدِيث مضى فِي الْأَيْمَان وَالنُّذُور فِي: بابُُ الْيَمين الْغمُوس، أخرجه عَن مُحَمَّد بن مقَاتل عَن النَّضر عَن شُعْبَة عَن فراس ... الخ.

قَوْله: أَو قَالَ: الْيَمين الْغمُوس شكّ من شُعْبَة.
قَوْله:.

     وَقَالَ  معَاذ بِضَم الْمِيم ابْن معَاذ الْعَنْبَري،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هَذَا إِمَّا تَعْلِيق من البُخَارِيّ وَإِمَّا مقول لِابْنِ بشار.
انْتهى.
وَقد وَصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من رِوَايَة عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه وَلَفظه: الْكَبَائِر: الْإِشْرَاك بِاللَّه وعقوق الْوَالِدين، أَو قَالَ: قتل النَّفس وَالْيَمِين والغموس، والغموس على وزن فعول بِمَعْنى فَاعل أَي: تغمس صَاحبهَا فِي الْإِثْم أَو النَّار وَهِي الكاذبة الَّتِي يتعمدها صَاحبهَا عَالما أَن الْأَمر بِخِلَافِهِ.





[ قــ :6508 ... غــ :6871 ]
- ( حَدثنَا إِسْحَاق بن مَنْصُور حَدثنَا عبد الصَّمد حَدثنَا شُعْبَة حَدثنَا عبيد الله بن أبي بكر سمع أنسا رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ الْكَبَائِر ح وَحدثنَا عَمْرو حَدثنَا شُعْبَة عَن ابْن أبي بكر عَن أنس بن مَالك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه وَقتل النَّفس وعقوق الْوَالِدين وَقَول الزُّور أَو قَالَ وَشَهَادَة الزُّور) مطابقته لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله وَقتل النَّفس وَأخرجه من طَرِيقين أَحدهمَا عَن اسحق بن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أبي يَعْقُوب الْمروزِي عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث الْعَنْبَري الْبَصْرِيّ عَن شُعْبَة عَن عبيد الله بن أبي بكر ابْن أنس بن مَالك عَن جده أنس بن مَالك وَالْآخر عَن عَمْرو بن مَرْزُوق عَن شُعْبَة عَن عبيد الله الخ والْحَدِيث مضى فِي الشَّهَادَات عَن عبد الله بن نمير وَفِي الْأَدَب عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد وَالطَّرِيق الثَّانِي أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن يحيى بن حبيب وَغَيره وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْبيُوع وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقَضَاء وَالتَّفْسِير وَالْقصاص عَن اسحق بن إِبْرَاهِيم وَغَيره وَهنا ذكر عَن شُعْبَة قتل النَّفس بِغَيْر شكّ وَتارَة ذكرهَا بِالشَّكِّ وَتارَة لم يذكرهَا أصلا قَوْله " أَو شَهَادَة الزُّور " شكّ من الرَّاوِي وَلَيْسَ الْعدَد فِيهِ محصورا قيل لِابْنِ عَبَّاس هِيَ سبع قَالَ هِيَ إِلَى السّبْعين أقرب وَعنهُ أَيْضا إِلَى السبعمائة أقرب وَقيل هِيَ إِحْدَى عشرَة.

     وَقَالَ ت جمَاعَة من أهل السّنة كل الْمعاصِي سَوَاء لَا يُقَال صَغِيرَة أَو كَبِيرَة لِأَن الْمَعْنى وَاحِد وظواهر الْكتاب وَالسّنة ترد عَلَيْهِم وَقد قَالَ الله تَعَالَى { إِن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ} الْآيَة



[ قــ :6509 ... غــ :687 ]
- ( حَدثنَا عَمْرو بن زُرَارَة أخبرنَا هشيم أخبرنَا حُصَيْن حَدثنَا أَبُو ظبْيَان قَالَ سَمِعت أُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة رَضِي الله عَنْهُمَا يحدث قَالَ بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الحرقة من جُهَيْنَة قَالَ فصبحنا الْقَوْم فهزمناهم قَالَ وَلَحِقت أَنا وَرجل من الْأَنْصَار رجلا مِنْهُم قَالَ فَلَمَّا غشيناه قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ فَكف عَنهُ الْأنْصَارِيّ فطعنته برمحي حَتَّى قتلته قَالَ فَلَمَّا قدمنَا بلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فَقَالَ لي يَا أُسَامَة أقتلته بعد مَا قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ قلت يَا رَسُول الله إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا قَالَ أقتلته بعد أَن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله قَالَ فَمَا زَالَ يكررها عَليّ حَتَّى تمنيت أَنِّي لم أكن أسلمت قبل ذَلِك الْيَوْم) مطابقته لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة تُؤْخَذ من معنى قَوْله أقتلته بعد أَن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله بالتكرر وَفِيه عظم قتل النَّفس المؤمنة وَعَمْرو ابْن زُرَارَة بِضَم الزَّاي وَتَخْفِيف الرَّاء الأولى ابْن وَاقد الْكلابِي النَّيْسَابُورِي وَهُوَ شيخ مُسلم أَيْضا قَالَ الْكرْمَانِي روى البُخَارِيّ هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي الْمَغَازِي قبيل غَزْوَة الْفَتْح إِلَّا أَن ثمَّة عَمْرو بن مُحَمَّد بدل ابْن زُرَارَة قلت كِلَاهُمَا من شُيُوخ البُخَارِيّ قَوْله " أخبرنَا هشيم " هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره وَحدثنَا هشيم بِضَم الْهَاء وَفتح الشين الْمُعْجَمَة ابْن بشير بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة الوَاسِطِيّ قَوْله أخبرنَا حُصَيْن هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر والأصيلي وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا حَدثنَا حُصَيْن بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن عبد الرَّحْمَن الوَاسِطِيّ من صغَار التَّابِعين وَأَبُو ظبْيَان بِفَتْح الظَّاء الْمُعْجَمَة وَكسرهَا وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون واسْمه حُصَيْن أَيْضا ابْن جُنْدُب الْمذْحِجِي بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة وبالجيم وَهُوَ من كبار التَّابِعين وَأُسَامَة بن زيد بن حَارِثَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة حب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَابْن حبه وَابْن مَوْلَاهُ الْقُضَاعِي بِضَم الْقَاف وخفة الضَّاد الْمُعْجَمَة وبالعين الْمُهْملَة قَوْله " إِلَى الحرقة " بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الرَّاء وبالقاف قَبيلَة من جُهَيْنَة.

     وَقَالَ  ابْن الْكَلْبِيّ سموا بذلك لِوَقْعَة كَانَت بَينهم وَبَين بني مرّة بن عَوْف بن سعد بن دِينَار فأحرقوهم بِالسِّهَامِ لِكَثْرَة من قتل مِنْهُم وَكَانَ هَذَا الْبَعْث فِي رَمَضَان سنة سبع أَو ثَمَان قَوْله " فصبحنا الْقَوْم " أَي أتيناهم صباحا قَوْله " فَلَمَّا غشيناه " بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة أَي لحقنا بِهِ قَوْله " حَتَّى قتلته " قَالَ الْكرْمَانِي الْمَقْتُول هُوَ مرداس بِكَسْر الْمِيم ابْن نهيك بِفَتْح النُّون وَكسر الْهَاء وبالكاف قلت هَذَا قَول الْكَلْبِيّ.

     وَقَالَ  أَبُو عمر مرداس بن عَمْرو الفدكي قَوْله " مُتَعَوِّذًا " نصب على الْحَال قَالَ الْكرْمَانِي أَي لم يكن بذلك قَاصِدا للْإيمَان بل كَانَ غَرَضه التَّعَوُّذ من الْقَتْل وَفِي رِوَايَة الْأَعْمَش قَالَهَا خوفًا من السِّلَاح وَفِي رِوَايَة ابْن أبي عَاصِم من وَجه آخر عَن أُسَامَة إِنَّمَا فعل ذَلِك ليحرز دَمه.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي كَيفَ جَازَ تمني عدم سبق الْإِسْلَام ثمَّ أجَاب بقوله تمنى إسلاما لَا ذَنْب فِيهِ أَو ابْتِدَاء الْإِسْلَام ليجب مَا قبله.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ وَيُشبه أَن أُسَامَة قد أول قَوْله تَعَالَى { فَلم يَك يَنْفَعهُمْ إِيمَانهم لما رَأَوْا بأسنا} وَهُوَ معنى مقَالَته كَانَ مُتَعَوِّذًا وَلذَلِك لم تلْزمهُ دِيَته وَفِي التَّوْضِيح قتل أُسَامَة هَذَا الرجل لظَنّه كَافِر أَو جعل مَا سمع مِنْهُ من الشَّهَادَة تعوذا من الْقَتْل وَأَقل أَحْوَال أُسَامَة فِي ذَلِك أَن يكون قد أَخطَأ فِي فعله لِأَنَّهُ إِنَّمَا قصد إِلَى قتل كَافِر عِنْده وَلم يكن عرف بِحكمِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَن أظهر الشَّهَادَة.

     وَقَالَ  ابْن بطال كَانَت هَذِه الْقِصَّة سَبَب تخلف أُسَامَة أَن لَا يُقَاتل مُسلما بعد ذَلِك وَمن ثمَّة تخلف عَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي الْجمل وصفين قَوْله فَمَا زَالَ يكررها أَي يُكَرر مقَالَته أقتلته بعد أَن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني وَفِي رِوَايَة غَيره بَعْدَمَا قَالَ وَفِيه تَعْظِيم أَمر الْقَتْل بَعْدَمَا يَقُول الشَّخْص لَا إِلَه إِلَّا الله قَوْله حَتَّى تمنيت الخ حَاصِل الْمَعْنى أَنِّي تمنيت أَن يكون إسلامي الَّذِي كَانَ قبل ذَلِك الْيَوْم بِلَا ذَنْب لِأَن الْإِسْلَام يجب مَا قبله فتمنيت أَن يكون ذَلِك الْوَقْت أول دخولي فِي الْإِسْلَام لآمن من جريرة تِلْكَ الفعلة وَلم يرد أَنه تمنى أَن لَا يكون مُسلما قبل ذَلِك وَقد مر مَا قَالَه الْكرْمَانِي فِيهِ -



[ قــ :6510 ... غــ :6873 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، حدّثنا اللّيْثُ، حدّثنا يَزِيدُ، عنْ أبي الخَيْرِ، عنِ الصُّنابحِيِّ، عنْ عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: إنِّي مِنَ النُّقَباءِ الَّذِين بايَعُوا رسولَ الله بايَعْنَاهُ عَلى أنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّه شَيْئاً، وَلَا تَسْرِقَ، وَلَا نَزْنيَ، وَلَا نَقْتُلَ النّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله، وَلَا نَنْتَهِبَ وَلَا نَعْصِيَ بالجَنّة، إنْ فَعَلْنا ذَلِكَ، فإنْ غَشِينا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً كانَ قضاءُ ذَلِكَ إِلَى الله.
مطابقته لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة فِي قَوْله: وَلَا تقتل النَّفس الَّتِي حرم الله
وَيزِيد من الزِّيَادَة هُوَ ابْن أبي حبيب، وَأَبُو الْخَيْر هُوَ مرْثَد بن عبد الله، والصنابحي بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَتَخْفِيف النُّون وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة نِسْبَة إِلَى صنابح بن زَاهِر بن عَامر بطن من مُرَاد واسْمه عبد الرحمان بن عسيلة مصغر العسلة بالمهملتين ابْن عسل بن عَسَّال.

والْحَدِيث مضى فِي المناقب فِي: بابُُ وُفُود الْأَنْصَار، أخرجه عَن قُتَيْبَة عَن اللَّيْث عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن أبي الْخَيْر ... الخ، وَمضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي بابُُ مُجَرّد أخرجه عَن أبي الْيَمَان.

قَوْله: بَايعُوا رَسُول الله يَعْنِي: لَيْلَة الْعقبَة.
قَوْله: وَلَا ننتهب ويروى: وَلَا ننهب فَالْأول من الانتهاب وَالثَّانِي من النهب.
قَوْله: وَلَا نعصي أَي: فِي الْمَعْرُوف بِالْعينِ الْمُهْملَة وَذكر ابْن التِّين أَنه رُوِيَ بِالْقَافِ على مَا يَأْتِي، وَذكره ابْن قرقول بِالْعينِ وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ،.

     وَقَالَ : كَذَا لأبي ذَر والنسفي وَابْن السكن والأصيلي، وَعند الْقَابِسِيّ: وَلَا نقضي، أَي: وَلَا نحكم بِالْجنَّةِ من قبلنَا،.

     وَقَالَ  القَاضِي: الصَّوَاب الْعين.
كَمَا فِي آيَة 6 7 8 9 0 الممتحنة: 1 ف قَوْله: بِالْجنَّةِ على رِوَايَة الْعين وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ يتَعَلَّق بقوله: بَايَعْنَاهُ أَي: بَايَعْنَاهُ بِالْجنَّةِ، وعَلى رِوَايَة الْقَابِسِيّ يتَعَلَّق بقوله: وَلَا نقضي قَوْله: ذَلِك إِشَارَة أَولا إِلَى التروك وَثَانِيا إِلَى الْأَفْعَال.
قَوْله: فَإِن غشينا بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَكسر الشين الْمُعْجَمَة أَي: إِن أصبْنَا شَيْئا من ذَلِك، وَهُوَ الْإِشَارَة إِلَى الْأَفْعَال.
قَوْله: كَانَ قَضَاء ذَلِك أَي: حكمه.
إِلَى الله إِن شَاءَ عاقب وَإِن شَاءَ عَفا عَنهُ.

وَفِيه: دَلِيل لأهل السّنة على أَن الْمعاصِي لَا يكفر بهَا.





[ قــ :6511 ... غــ :6874 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا جُوَيْرِيَةُ، عنْ نافِعٍ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَر، رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ حَمَلَ عَلَيْنا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنا
مطابقته لِلْآيَةِ تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث لِأَن المُرَاد من حمل السِّلَاح عَلَيْهِم قِتَالهمْ.
قَالَ الْكرْمَانِي: أَي: قاتلنا من جِهَة الدّين أَو من استباح ذَلِك، وَجُوَيْرِية مصغر جَارِيَة ابْن أَسمَاء.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: فَلَيْسَ منا أَي: فَلَيْسَ على طريقنا.

رَواهُ أَبُو مُوسَى عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس، وَسَيَأْتِي مَوْصُولا فِي كتاب الْفِتَن فِي: بابُُ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من حمل علينا السِّلَاح




[ قــ :651 ... غــ :6875 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ المُبَارَكِ، حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، حدّثنا أيُّوبُ ويُونُسُ عنِ الحَسَنِ، عنِ الأحْنَفِ بنِ قَيْسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ لأنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ فَلَقِينِي أبُو بَكْرَة.
فَقَالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أنْصُرُ هاذا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله يَقُولُ إذَا الْتَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفهما فالقاتلُ والمَقْتُولُ فِي النّارِ.

قُلْتُ يَا رَسُول الله هاذَا القاتِلُ فَما بالُ المَقْتُولِ؟ قَالَ: إنَّهُ كانَ حَريصاً عَلى قَتْلِ صاحِبهِ
مطابقته لِلْآيَةِ الْمَذْكُورَة ظَاهِرَة.

وَعبد الرحمان بن الْمُبَارك بن عبد الله، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَيُونُس هُوَ ابْن عبيد الْبَصْرِيّ، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، والأحنف بن قيس السَّعْدِيّ الْبَصْرِيّ واسْمه الضَّحَّاك، والأحنف لقبه عرف بِهِ يكنى أَبَا بَحر أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يره، قَالَه أَبُو عَمْرو، قَالَ: أسلم على عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت: فَلذَلِك دَعَا لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَاتَ سنة سبع وَسِتِّينَ بِالْكُوفَةِ، وَأَبُو بكرَة نفيع بن الْحَارِث.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بابُُ الْمعاصِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: لأنصر هَذَا الرجل أَرَادَ بِهِ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله عَنهُ، وَكَانَ الْأَحْنَف تخلف عَنهُ فِي وقْعَة الْجمل.
قَوْله: ارْجع أَمر من الرُّجُوع.
قَوْله: بسيفهما بإفراد السَّيْف رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره بالتثنية.
قَوْله: فالقاتل بِالْفَاءِ لِأَنَّهُ جَوَاب: إِذا،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: ويروى بِدُونِ الْفَاء، وَهُوَ دَلِيل على جَوَاز حذف الْفَاء من جَوَاب الشَّرْط نَحْو:
من يفعل الْحَسَنَات الله يشكرها
وَقَالَ: يحْتَمل أَن يُقَال: إِذا، ظرفية وَفِيه تَأمل.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: هَذَا الْوَعيد إِذا لم يَكُونَا يتقاتلان على تَأْوِيل، وَإِنَّمَا يتقاتلان على عَدَاوَة أَو طلب دنيا وَنَحْوه، وَأما من قَاتل أهل الْبَغي أَو دفع الصَّائِل فَقتل فَإِنَّهُ لَا يدْخل فِي هَذَا الْوَعيد لِأَنَّهُ مَأْمُور بِالْقِتَالِ للذب عَن نَفسه غير قَاصد بِهِ قتل صَاحبه.