فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السن بالسن

( بابٌُ السِّنُّ بالسِّنِّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ السن يقْلع فِي مُقَابلَة السن إِذا قلعه أحد،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: أَجمعُوا على قلع السن بِالسِّنِّ فِي الْعمد.
وَاخْتلفُوا فِي سَائِر عِظَام الْجَسَد، فَقَالَ مَالك: فِيهَا الْقود إلاَّ مَا كَانَ مخوفا أَو كَانَ كالمأمومة والمنقلة والهاشمة فَفِيهَا الدِّيَة.
.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي وَاللَّيْث وَالْحَنَفِيَّة: لَا قصاص فِي عظم غير السن لِأَن دون الْعظم حَائِل من جلد وَلحم وَعصب تتعذر مَعَه الْمُمَاثلَة،.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: اتَّفقُوا على أَنه لَا قصاص فِي عظم الرَّأْس فَيلْحق بِهِ سَائِر الْعِظَام،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَتعقب بِأَنَّهُ قِيَاس مَعَ وجود النَّص فَإِن فِي حَدِيث الْبابُُ أَنَّهَا كسرت الثَّنية فَأمرت بِالْقصاصِ مَعَ أَن الْكسر لَا تطرد فِيهِ الْمُمَاثلَة.
قلت: لَا يرد مَا ذكره لِأَن مُرَاده من قَوْله: سَائِر الْعِظَام هِيَ الَّتِي لَا تتَحَقَّق فِيهَا الْمُمَاثلَة.



[ قــ :6531 ... غــ :6894 ]
- حدّثنا الأنْصارِيُّ، حدّثنا حُمَيْدٌ، عنْ أنسٍ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ ابْنَةَ النَّضْرِ لَطَمَتْ جارِيَةً فَكَسَرَتْ ثَنِيَّتَها، فأتَوْا النَّبيَّ فأمَرَ بِالقِصاصِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
والأنصاري هُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس بن مَالك أَبُو عبد الله الْأنْصَارِيّ الْبَصْرِيّ، وَحميد بِالضَّمِّ الطَّوِيل.

وَهَذَا الحَدِيث هُوَ الموفي للعشرين من ثلاثيات البُخَارِيّ، وَسَماهُ البُخَارِيّ فِي سُورَة الْبَقَرَة حَيْثُ قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ حَدثنَا حميد أَن أنسا حَدثهمْ عَن النَّبِي قَالَ: كتاب الله الْقصاص ...
قَوْله: إِن ابْنة النَّضر هِيَ الرّبيع بِضَم الرَّاء وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، بنت النَّضر بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهُوَ جد أنس بن مَالك بن النَّضر بن ضَمْضَم، وَالربيع الْمَذْكُورَة عمَّة أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَتقدم فِي التَّفْسِير بِهَذَا السَّنَد: أَن الرّبيع عمته، وَفِي تَفْسِير الْمَائِدَة من رِوَايَة الْفَزارِيّ عَن حميد عَن أنس: كسرت عمَّة أنس، وَلأبي دَاوُد من طَرِيق مُعْتَمر عَن حميد عَن أنس: كسرت الرّبيع أُخْت أنس بن النَّضر.
قَوْله: لطمت جَارِيَة وَفِي رِوَايَة الْفَزارِيّ: جَارِيَة من الْأَنْصَار، وَفِي رِوَايَة مُعْتَمر: امْرَأَة، بدل: جَارِيَة، وَهَذَا يُوضح أَن المُرَاد بالجارية الْمَرْأَة الشَّابَّة لَا الْأمة الرقيقة.
قَوْله: فَأتوا النَّبِي أَي: فَأتى أهل الْجَارِيَة النَّبِي فطلبوا الْقصاص فَأمر بِالْقصاصِ.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: سبق آنِفا أَنَّهَا جرحت،.

     وَقَالَ  هَاهُنَا: كسرت، وَالْجرْح غير الْكسر، ثمَّ أجَاب عَن ذَلِك فَنحْن نذكرهُ بِأَحْسَن مِنْهُ.
فَقَوله: سبق آنِفا، أَشَارَ بِهِ إِلَى الحَدِيث الْمَذْكُور فِي: بابُُ الْقصاص بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَقد مر عَن قريب، وَالْجَوَاب: أَنه ورد فِي الرّبيع حديثان مُخْتَلِفَانِ وحكمان اثْنَان فِي قضيتين مختلفتين لجارية وَاحِدَة، أحد الْحكمَيْنِ فِي جِرَاحَة جرحتها الرّبيع إنْسَانا فَقضى بِالْقصاصِ من تِلْكَ الْجراحَة، فَحَلَفت أَنه لَا تقتص مِنْهَا، فأبر الله قسمهَا وَرَضوا بِالدِّيَةِ.
وَالثَّانِي: فِي ثنية امْرَأَة كسرتها فَقضى بِالْقصاصِ، فَحلف أَخُوهَا أنس بن النَّضر أَن لَا تقتص مِنْهَا، وَرَضوا بِالْأَرْشِ، وَكَانَ هَذَا قبل أحد، لِأَن أنس بن النَّضر قتل يَوْم أحد.