فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب دية الأصابع

( بابُُ دِيةِ الأصابِعِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان دِيَة الْأَصَابِع هَل هِيَ مستوية أَو مُخْتَلفَة؟ .



[ قــ :6532 ... غــ :6895 ]
- حدّثنا آدَمُ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ قتادَةَ، عنْ عِكْرِمَةَ، عنِ ابْن عَبَّاسٍ عَن النَّبيِّ قَالَ: هاذِهِ وهاذِهِ سَواءٌ يعْني: الخِنْصَرَ والإبْهامَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه أوضح الحكم فِي التَّرْجَمَة.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الدِّيات عَن نصر بن عَليّ وَغَيره.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن بنْدَار عَن يحيى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن نصر بن عَليّ بِهِ وَغَيره.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَليّ بن مُحَمَّد وَغَيره.

قَوْله: سَوَاء يَعْنِي: فِي الدِّيَة، والخنصر بِالْكَسْرِ الإصبع الصُّغْرَى.

وَثَبت فِي كتاب الدِّيات الَّذِي كتبه سيدنَا رَسُول الله لآل عَمْرو بن حزم أَنه قَالَ فِي: الْيَد خَمْسُونَ من الْإِبِل فِي كل إِصْبَع عشر من الْإِبِل، وَأجْمع الْعلمَاء على أَن فِي الْيَد نصف الدِّيَة، وأصابع الْيَد وَالرجل سَوَاء، وعَلى هَذَا أَئِمَّة الْفَتْوَى، وَلَا فضل لبَعض الْأَصَابِع عِنْدهم على بعض.
.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنْذر: روينَا عَن عمر وَعلي وَعُرْوَة بن الزبير تَفْضِيل بعض الْأَصَابِع على بعض، روى الثَّوْريّ وَحَمَّاد بن زيد بن يحيى بن سعيد عَن ابْن الْمسيب: أَن عمر جعل فِي الْإِبْهَام خمس عشرَة وَفِي البنصر تسعا، وَفِي الْخِنْصر سِتا، وَفِي السبابَُة وَالْوُسْطَى عشرا عشرا.
حَتَّى وجد فِي كتاب الدِّيات عِنْد آل عَمْرو بن حزم أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَالَ: الْأَصَابِع كلهَا سَوَاء فَأخذ بِهِ وَترك الأول.
وَرَوَاهُ جَعْفَر بن عون عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن الْمسيب قَالَ: قضى عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي الْإِبْهَام بِثَلَاث عشرَة وَالَّتِي تَلِيهَا بثنتي عشرَة وَفِي الْوُسْطَى بِعشْرَة وَفِي الَّتِي تَلِيهَا بتسع وَفِي الْخِنْصر بست، وَلم يلْتَفت أحد من الْفُقَهَاء إِلَى هذَيْن الْقَوْلَيْنِ لما ثَبت فِي حَدِيث الْبابُُ عَن ابْن عَبَّاس، وَحَدِيث عَمْرو بن حزم.

وَأما مفاصل الْأَصَابِع فَروِيَ عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَنه قضى فِي كل أُنْمُلَة بِثلث دِيَة الإصبع، وَعَن عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن رجل عَن مَكْحُول عَن زيد بن ثَابت أَنه قَالَ: فِي الإصبع الزَّائِدَة ثلث دِيَة الإصبع،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: لَا شَيْء فِيهَا،.

     وَقَالَ  آخَرُونَ: فِيهَا حكم.

حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارٍ، حدّثنا ابنُ أبي عَدِيَ، عنْ شُعْبَةَ، عَن قتادَةَ، عنْ عِكْرِمَةَ، عَن ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ نَحْوَهُ
أَي: هَذَا طَرِيق آخر نَازل دَرَجَة من السَّنَد الأول من أجل وُقُوع التَّصْرِيح بِسَمَاع ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي وَفِي الطَّرِيق الأول نوع إرْسَال صوري لروايته بِلَفْظَة: عَن.

قَوْله: نَحوه أَي: نَحْو الحَدِيث السَّابِق.
وَأخرجه ابْن مَاجَه من رِوَايَة ابْن أبي عدي بِلَفْظ: الْأَصَابِع سَوَاء، وَابْن أبي عدي مُحَمَّد وَاسم أبي عدي إِبْرَاهِيم.



( بابٌُ إِذا أصابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعاقَبُ؟ أوْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ إِذا أصَاب قوم من رجل يَعْنِي: إِذا فجعوه، قَوْله: يُعَاقب، على بِنَاء الْمَجْهُول كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة: يعاقبون بِصِيغَة الْجمع وَفِي رِوَايَة: يعاقبوا، بِحَذْف النُّون وَهِي لُغَة ضَعِيفَة،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: مَا مفعول قَوْله: يُعَاقب؟ .
قلت: هُوَ من تنَازع الْفِعْلَيْنِ فِي لفظ كلهم.
فَإِن قلت: مَا فَائِدَة الْجمع بَين المعاقبة والاقتصاص؟ .
قلت: الْغَالِب أَن الْقصاص يسْتَعْمل فِي الدَّم والمعاقبة الْمُكَافَأَة والمجازاة، مثل مجازاة اللد وَنَحْوه، فَلَعَلَّ غَرَضه التَّعْمِيم، وَلِهَذَا فسرنا الْإِصَابَة بالتفجيع ليتناول الْكل.
قَوْله: أَو يقْتَصّ مِنْهُم كلهم يَعْنِي إِذا قتل أَو جرح جمَاعَة شخصا وَاحِدًا هَل يجب الْقصاص على الْجَمِيع أَو يتَعَيَّن وَاحِد ليقتص مِنْهُ؟ وَلم يذكر الْجَواب اكْتِفَاء بِمَا ذكره فِي الْبابُُ، ولمكان الِاخْتِلَاف فِيهِ، فَروِيَ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه قَالَ، فِي الرجل يقْتله الرّجلَانِ: يقتل أَحدهمَا، وَيُؤْخَذ الدِّيَة من الآخر.
.

     وَقَالَ  الشّعبِيّ، فِي الرجل يقْتله النَّفر: يدْفع إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول فيقتلون من شاؤوا ويعفون عَمَّن شاؤوا، وَنَحْوه عَن ابْن الْمسيب وَالْحسن وَإِبْرَاهِيم.

وَمذهب جُمْهُور الْعلمَاء أَن جمَاعَة إِذا قتلوا وَاحِدًا قتلوا بِهِ أجمع، وَرُوِيَ نَحوه عَن عَليّ والمغيرة بن شُعْبَة وَعَطَاء، وَرُوِيَ عَن عبد الله بن الزبير ومعاذ: أَن لوَلِيّ الْقَتِيل أَن يقتل وَاحِدًا من الْجَمَاعَة وَيَأْخُذ بَقِيَّة الدِّيَة من البَاقِينَ، مثل أَن يقْتله عشرَة أنفس فَلهُ أَن يقتل وَاحِدًا مِنْهُم وَيَأْخُذ من التِّسْعَة تِسْعَة أعشار الدِّيَة، وَبِه قَالَ ابْن سِيرِين وَالزهْرِيّ،.

     وَقَالَ ت الظَّاهِرِيَّة: لَا قَود على وَاحِد مِنْهُم أصلا وَعَلَيْهِم الدِّيَة، وَبِه، قَالَ ربيعَة، وَهُوَ خلاف مَا أَجمعت عَلَيْهِ الصَّحَابَة.

وَقَالَ مُطَرِّفٌ عنِ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدا عَلى رَجُل أنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ عَليٌّ، ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ وَقَالا: أخْطَأْنا، فأبْطَلَ شَهَادَتْهما وأُخِذا بِدِيَةِ الأوَّلِ،.

     وَقَالَ : لوْ عَلِمْتُ أنَّكُما تَعَمَّدْتُما لَقَطعْتُكُما.

مطرف بِضَم الْمِيم اسْم فَاعل من التطريف بِالطَّاءِ الْمُهْملَة وَالرَّاء ابْن طريف بِفَتْح الطَّاء وَكسر الرَّاء، يروي عَن عَامر الشّعبِيّ.

قَوْله: شَهدا على رجل كَانَت الشَّهَادَة عِنْد عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِأَن الرجل الْمَذْكُور سرق، فَقَطعه عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
لثُبُوت سَرقته عِنْده بِشَهَادَة هذَيْن الِاثْنَيْنِ قَوْله: ثمَّ جَاءَا بآخر بِلَفْظ التَّثْنِيَة أَي: ثمَّ جَاءَ هَذَانِ الشَّاهِدَانِ عِنْد عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِرَجُل آخر، وَقَالا: أَخْطَأنَا فِي ذَلِك، وَكَانَ السَّارِق هَذَا لَا ذَاك.
قَوْله: فَأبْطل أَي: عَليّ شَهَادَتهمَا هَذِه الَّتِي وَقعت على الرجل الثَّانِي لِكَوْنِهِمَا صَارا متهمين.
قَوْله: وأخذا على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: وَأخذ الشَّاهِدَانِ الْمَذْكُورَان بدية الأول أَي: الرجل الأول الَّذِي قطعت يَده، ويروى: وَأخذ بِالْإِفْرَادِ على صِيغَة الْمَعْلُوم أَي: وَأَخذهمَا عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بدية الرجل الأول.
قَوْله:.

     وَقَالَ  أَي: عَليّ: لَو علمت أنكما تعمدتما أَي: فِي شهادتكهما لقطعتكما لِأَنَّهُمَا قد أقرا بالْخَطَأ فِيهِ، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ الشَّافِعِي، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة أحد مشايخه عَن مطرف الْمَذْكُور.
وَفِي التَّلْوِيح رَوَاهُ الطَّبَرِيّ عَن بنْدَار عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَنهُ.



[ قــ :653 ... غــ :6896 ]
- وَقَالَ لِي ابنُ بَشَّارٍ: حدّثنا يَحْياى، عنْ عُبَيْدِ الله، عنْ نافِعٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ غُلاماً قُتِلَ غيلَةً، فَقَالَ عُمَرُ: لَوِ اشْتَرَكَ فِيها أهْلُ صَنْعاءَ لَقَتَلْتُهُمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَابْن بشار بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَشْديد الشين الْمُعْجَمَة وبالراء وَهُوَ مُحَمَّد بن بشار الْمَعْرُوف ببندار، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ.

وَهَذَا الْأَثر مَوْصُول إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِسَنَد صَحِيح، وَرَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من وَجه آخر: حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر: أَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قتل سَبْعَة من أهل صنعاء بِرَجُل،.

     وَقَالَ : لَو اشْترك فِيهِ أهل صنعاء لقتلتهم.
قَوْله: قتل على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: غيلَة بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة أَي: غَفلَة وخديعة.
قَوْله: فِيهَا أَي: فِي هَذِه الفعلة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فِيهِ، وَهُوَ أوجه.
قَوْله: أهل صنعاء بِالْمدِّ بَلْدَة بِالْيمن، وَهَذَا الْأَثر حجَّة لِلْجُمْهُورِ على أَن الْجمع يقتل بِوَاحِد،.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح كَأَن البُخَارِيّ أَرَادَ بأثر عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، الرَّد على مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: فِي الرجل يقْتله الرّجلَانِ يقتل أَحدهمَا وَيُؤْخَذ الدِّيَة من الآخر، وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

وَقَالَ مُغيرَةُ بنُ حَكِيمٍ عنْ أبِيهِ: إنَّ أرْبَعةَ قَتَلُوا صَبِيّاً، فَقَالَ عُمَرُ ... مِثْلَهُ.

مُغيرَة بن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ الْأَنْبَارِي، وَثَّقَهُ يحيى وَالْعجلِي وَالنَّسَائِيّ وَابْن حبَان، وروى لَهُ مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَاسْتشْهدَ بِهِ البُخَارِيّ، وأثره هَذَا مُخْتَصر من الْأَثر الَّذِي وَصله عبد الله بن وهب وَمن طَرِيقه قَاسم بن إصبغ والطَّحَاوِي وَالْبَيْهَقِيّ،.

     وَقَالَ  ابْن وهب: حَدثنِي جرير بن حَازِم أَن الْمُغيرَة بن حَكِيم الصَّنْعَانِيّ حَدثهُ عَن أَبِيه: أَن امْرَأَة بِصَنْعَاء غَابَ عَنْهَا زَوجهَا وَترك فِي حجرها ابْنا لَهُ من غَيرهَا، غُلَاما يُقَال لَهُ: أصيل، فاتخذت الْمَرْأَة بعد زَوجهَا خَلِيلًا، فَقَالَت لَهُ: إِن هَذَا الْغُلَام يفضحنا، فاقتله فَأبى فامتنعت مِنْهُ، فطاوعها فَاجْتمع على قتل الْغُلَام الرجل وَرجل آخر وَالْمَرْأَة وخادمها، فَقَتَلُوهُ ثمَّ قطعُوا أعضاءه وجعلوه فِي عَيْبَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَالْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة، وَهِي وعَاء من أَدَم فطرحوه فِي ركية بِفَتْح الرَّاء وَكسر الْكَاف وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهِي الْبِئْر الَّتِي لم تطوَ فِي نَاحيَة الْقرْيَة لَيْسَ فِيهَا مَاء ... فَذكر الْقِصَّة.
وَفِيه: فَأخذ خليلها فاعترف، ثمَّ اعْترف الْبَاقُونَ فَكتب يعلى وَهُوَ يومئذٍ أَمِير بشأنهم إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَكتب إِلَيْهِ عمر بِقَتْلِهِم.
قَوْله: إِن أَرْبَعَة هم: خَلِيل الْمَرْأَة وَرجل آخر وَالْمَرْأَة وخادمها.
قَوْله: صَبيا هُوَ الَّذِي ذكرنَا اسْمه الْآن، قَوْله: مثله أَي: مثل قَوْله: لَو اشْترك فِيهَا أهل صنعاء لقتلتهم.

وأقادَ أبُو بَكْرٍ وابنُ الزُّبَيْرِ وعَلِيٌّ وسُوَيْدُ بنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ.

أَي: أَمر بالقود أَبُو بكر الصّديق وَعبد الله بن الزبير وَعلي بن أبي طَالب وسُويد بِضَم السِّين الْمُهْملَة ابْن مقرن بِالْقَافِ وَكسر الرَّاء الْمُشَدّدَة وبالنون الْمُزنِيّ من لطمة أَي: من أجل لطمة.
وَهِي الضَّرْب على الخد بالكف.

فأثر أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة: عَن شَيبَان عَن شَبابَُة عَن يحيى عَن شيبَة بن الْحَضْرَمِيّ قَالَ: سَمِعت طَارق بن شهَاب يَقُول: لطم أَبُو بكر يَوْمًا رجلا لطمة، فَقيل: مَا رَأينَا كَالْيَوْمِ قطّ مَنعه ولطمه؟ فَقَالَ أَبُو بكر: إِن هَذَا أَتَانِي يستحملني فَحَملته فَإِذا هُوَ يمنعهُم، فَحَلَفت لَا أحملهُ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ قَالَ لَهُ: اقْتصّ، فَعَفَا الرجل.
وَأثر ابْن الزبير رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَنهُ: أَنه أقاد من لطمة.
وَأثر عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة أَيْضا عَن أبي عبد الرحمان المَسْعُودِيّ عبد الله بن عبد الْملك عَن نَاجِية أبي الْحسن عَن أَبِيه: أَن عليّاً، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ فِي رجل لطم رجلا، فَقَالَ للملطوم: اقْتصّ.
وَأثر سُوَيْد بن مقرن رَوَاهُ وَكِيع عَن سُفْيَان بن سعيد عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن الشّعبِيّ عَنهُ.

وأقادَ عُمَرُ منْ ضَرْبَةٍ بالدِّرَّةِ.

أَي: أقاد عمر بن الْخطاب من أجل ضَرْبَة بالدِّرة بِكَسْر الدَّال وَتَشْديد الرَّاء وَهِي الْآلَة الَّتِي يضْرب بهَا.
وَأخرجه أَبُو الْفرج الْأَصْبَهَانِيّ فِي تَارِيخه بِسَنَد فِيهِ ضعف وَانْقِطَاع.

وأقادَ عَلِيٌّ مِنْ ثَلاثَةِ أسْواطٍ.

أَي: أقاد عَليّ بن أبي طَالب من أجل زِيَادَة الجالد على المجلود ثَلَاثَة أسواط.
وَأخرجه أَبُو بكر ابْن أبي شيبَة: حَدثنَا أَبُو خَالِد عَن أَشْعَث عَن فُضَيْل عَن عبد الله بن معقل قَالَ: كنت عِنْد عَليّ فَجَاءَهُ رجل فساره فَقَالَ عَليّ: يَا قنبر أخرج هَذَا واجلده، ثمَّ جَاءَهُ المجلود فَقَالَ: إِنَّه زَاد عليّ ثَلَاثَة أسواط، فَقَالَ لَهُ عَليّ: مَا تَقول؟ قَالَ: صدق يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ.
قَالَ: خُذ السَّوْط واجلده ثَلَاث جلدات، ثمَّ قَالَ: يَا قنبر إِذا جلدت فَلَا تتعد الْحُدُود.

واقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وخُمُوش.

أَي: اقْتصّ شُرَيْح بن الْحَارِث القَاضِي من أجل سَوط وخموش بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَهُوَ الخدوش وزنا وَمعنى: وَأخرج هَذَا الْأَثر سعيد بن مَنْصُور من طَرِيق إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى شُرَيْح فَقَالَ: أقدني من جلوازك فَسَأَلَهُ فَقَالَ: ازدحموا عَلَيْك فضربته سَوْطًا، فأقاده مِنْهُ.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن شُرَيْح أَنه أقاد من لطمة وخموش.
قلت: الجلواز، بِكَسْر الْجِيم وَسُكُون اللَّام وَآخره، زَاي هُوَ الشرطي، سمي بذلك لِأَن من شَأْنه حمل الجلواز بِكَسْر الْجِيم وَهُوَ السّير الَّذِي يشد فِي الْوسط، وَعَادَة الشرطي أَن يربطه فِي وَسطه،.

     وَقَالَ  اللَّيْث وَابْن الْقَاسِم: يُقَاد من الضَّرْب بِالسَّوْطِ وَغَيره إلاَّ اللَّطْمَة فِي الْعين فَفِيهَا الْعقُوبَة خشيَة على الْعين، وَالْمَشْهُور عَن مَالك، وَهُوَ قَول الْأَكْثَرين: لَا قَود فِي اللَّطْمَة إلاّ َ إِن جرحت فَفِيهَا حُكُومَة، وَالسَّبَب فِيهِ تعذر الْمُمَاثلَة، وَإِن كَانَت اللَّطْمَة على الخد فَفِيهَا الْقود.
.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: لَا قصاص فِي اللَّطْمَة، رُوِيَ هَذَا عَن الْحسن وَقَتَادَة، وَهُوَ قَول مَالك والكوفيين وَالشَّافِعِيّ،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: إِذا جرح فَفِيهِ حُكُومَة.