فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من استعان عبدا أو صبيا

( بابُُ مَنِ اسْتَعَانَ عَبْداً أوْ صَبِيّاً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من اسْتَعَانَ من الِاسْتِعَانَة وَهِي طلب العون هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: اسْتَعَانَ، بالنُّون وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ والإسماعيلي: اسْتعَار بالراء من الِاسْتِعَارَة وَهِي طلب الْعَارِية، وَوجه ذكر هَذَا الْبابُُ فِي كتاب الدِّيات هُوَ أَنه إِذا هلك العَبْد فِي الِاسْتِعْمَال تجب الدِّيَة.
وَاخْتلفُوا فِي دِيَة الصَّبِي.
وَفِي التَّوْضِيح إِن اسْتَعَانَ حرا بَالغا مُتَطَوعا أَو بِإِجَارَة وأصابه شَيْء فَلَا ضَمَان عَلَيْهِ عِنْد الْجَمِيع إِن كَانَ ذَلِك الْعَمَل لَا غرر فِيهِ، وَإِنَّمَا يضمن من جنى وتعدى.
وَاخْتلف إِذا اسْتعْمل عبدا بَالغا فِي شَيْء فَعَطب، فَقَالَ ابْن الْقَاسِم: إِن اسْتعْمل عبدا فِي بِئْر يحفرها وَلم يَأْذَن لَهُ سَيّده فِي الْإِجَارَة فَهُوَ ضَامِن إِن عطب، وَذَلِكَ إِذا بَعثه إِلَى سفر بِكِتَاب، وروى ابْن وهب عَن مَالك: لَا ضَمَان عَلَيْهِ سَوَاء أذن لَهُ سَيّده فِي الْإِجَارَة أَو لم يَأْذَن مِمَّا أصَاب، إلاَّ أَن يَسْتَعْمِلهُ فِي غرر كَبِير لِأَنَّهُ لم يُؤذن لَهُ فِيهِ.

ويُذْكَرُ أنَّ أُمَّ سَلَمَةَ بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الكُتَّابِ: ابْعَثْ إليَّ غِلْماناً يَنْفُشُون صُوفاً وَلَا تَبْعَثْ إليَّ حُرّاً.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأم سَلمَة زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْمهَا: هِنْد.
قَوْله: قَوْله: معلم الْكتاب وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: معلم كتاب، وَهُوَ بِضَم الْكَاف وَتَشْديد التَّاء، قَالَ الْجَوْهَرِي: الْكتاب الكتبة وَالْكتاب أَيْضا والمكتب وَاحِد، وَالْجمع: الكتاتيب وَالْمكَاتب.
قَوْله: ينفشون بِالْفَاءِ من نفشت الْقطن أَو الصُّوف أنفشه نفشاً وعهن منفوش.
قَوْله: وَلَا تبْعَث إِلَيّ بِكَسْر الْهمزَة وَتَشْديد الْيَاء، كَذَا فِي رِوَايَة الْجُمْهُور، وَذكره ابْن بطال بِلَفْظ: إلاَّ، الَّتِي هِيَ حرف الِاسْتِثْنَاء، وَشَرحه على ذَلِك، وَهَذَا عكس معنى رِوَايَة الْجُمْهُور، وَاشْتِرَاط أم سَلمَة أَن لَا يُرْسل إِلَيْهَا حرا لِأَن الْجُمْهُور قَائِلُونَ: بِأَن من اسْتَعَانَ صَبيا حرا لم يبلغ أَو عبدا بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فهلكا فِي ذَلِك الْعَمَل فَهُوَ ضَامِن لقيمة العَبْد ولدية الصَّبِي الْحر على عَاقِلَته.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: يحْتَمل فعل أم سَلمَة لِأَنَّهَا أمّهم.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَلَعَلَّ غرضها من منع الْحر إكرام الْحر وإيصال الْعِوَض لِأَنَّهُ على تَقْدِير هَلَاكه فِي ذَلِك الْعَمَل لَا يضمنهُ، بِخِلَاف العَبْد فَإِن الضَّمَان عَلَيْهَا لَو هلك بِهِ، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ وَكِيع بن الْجراح عَن معمر عَن سُفْيَان عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن أم سَلمَة، وَهُوَ مُنْقَطع، لِأَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر لم يسمع من أم سَلمَة، فَلذَلِك ذكره البُخَارِيّ بِصِيغَة التمريض.



[ قــ :6546 ... غــ :6911 ]
- حدّثنا عَمْرُو بنُ زُرَارَةَ، أخبرنَا إسماعِيلُ بنُ إبْرَاهِيمَ، عنْ عبْدِ العَزِيز، عنْ أنَسٍ قَالَ: لمَّا قَدِمَ رسولُ الله المَدِينَةَ أخَذَ أبُو طَلْحَةَ بِيَدِي فانْطَلَقَ بِي إِلَى رسولِ الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله إنَّ أنسا غُلاَمٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ.
قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي الحَضَر والسَّفَر، فَوَالله مَا قَالَ لِي لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ: لِمَ صَنَعْتَ هاذَا هَكَذَا وَلَا لِشَيءٍ لَمْ أصْنَعْهُ: قَوْله: لمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذا هاكَذَا
انْظُر الحَدِيث 2768 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْخدمَة مستلزمة للاستعانة، فيطابق الْجُزْء الْأَخير من التَّرْجَمَة.

وَعَمْرو بن زُرَارَة بِضَم الزَّاي وَفتح الرَّاء الأولى النَّيْسَابُورِي، وَإِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم هُوَ ابْن علية، وَعبد الْعَزِيز هُوَ ابْن صُهَيْب.

والْحَدِيث مضى فِي الْوَصَايَا عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: حَدثنَا عَمْرو وَفِي بعض النّسخ: حَدثنِي، بِالْإِفْرَادِ.
قَوْله: أَخذ أَبُو طَلْحَة هُوَ زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ زوج أم سليم، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْله: كيس بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف الْمَكْسُورَة وبالسين الْمُهْملَة أَي: طريف، وَقيل: أَي عَاقل والكيس خلاف الأحمق.
قَوْله: فليخدمك بِضَم الْمِيم.

وَفِيه: حسن خلق النَّبِي وَأَنه مَا اعْترض عَلَيْهِ لَا فِي فعل وَلَا فِي ترك.