فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الحيلة في النكاح

( بابٌُ الحِيلَةُ فِي النِّكاحِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان ترك الْحِيلَة فِي النِّكَاح.



[ قــ :6594 ... غــ :6960 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ سعِيدٍ، عنْ عُبَيْدِ الله، قَالَ: حَدثنِي نافِعٌ، عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ الله نَهاى عَنِ الشِّغارِ.
.

قُلْتُ لِنافِعٍ: مَا الشِّغار؟ قَالَ: يَنْكِحُ ابْنةَ الرَّجُلِ ويُنْكِحُهُ ابْنَتهُ بِغَيْرِ صَداقٍ، ويَنْكِحُ أُخْتَ الرَّجُلِ ويُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَداقٍ.

انْظُر الحَدِيث 5112
لَا مُطَابقَة أصلا بَين التَّرْجَمَة والْحَدِيث حَتَّى قيل: إِن إِدْخَال البُخَارِيّ الشّغَار فِي بابُُ الْحِيلَة فِي النِّكَاح مُشكل لِأَن الْقَائِل بِالْجَوَابِ يبطل الشّغَار وَيُوجب مهر الْمثل.

وَعبيد الله بِالتَّصْغِيرِ ابْن عمر الْعمريّ، وَعبد الله هُوَ ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، والْحَدِيث مضى فِي النِّكَاح، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِن احْتَالَ حتَّى تَزَوَّجَ عَلى الشِّغار فَهْوَ جائِزٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.

وَقَالَ فِي المُتْعَةِ: النِّكاحُ فاسِدٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.

وَقَالَ بَعْضُهُمُ: المُتْعَةُ والشِّغارُ جائِزٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.

أَرَادَ بِبَعْض النَّاس الْحَنَفِيَّة على مَا قَالُوا: إِن فِي كل مَوضِع قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ بعض النَّاس، فمراده الْحَنَفِيَّة أَو أَبُو حنيفَة وَحده، وَهَذَا غير وَارِد عَلَيْهِم لأَنهم قَالُوا بِصِحَّة الْعقْدَيْنِ فِيهِ وبوجوب مهر الْمثل لوُجُود ركن النِّكَاح من أَهله فِي مَحَله، وَالنَّهْي فِي الحَدِيث لإخلاء العقد عَن الْمهْر فَصَارَ كالعقد بِالْخمرِ.
قَوْله: إِن احتال، لم يذكر أحد من الْحَنَفِيَّة أَنهم احْتَالُوا فِي الشّغَار وَإِنَّمَا قَالُوا: صُورَة نِكَاح الشّغَار أَن يَقُول الرجل: إِنِّي أزَوجك ابْنَتي على أَن تزَوجنِي ابْنَتك أَو أختك، فَيكون أحد الْعقْدَيْنِ عوضا عَن الآخر فالعقدان جائزان وَلكُل مِنْهُمَا مهر مثلهَا.
.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد: نِكَاح الشّغَار بَاطِل لظَاهِر الحَدِيث.

قَوْله:.

     وَقَالَ  فِي الْمُتْعَة أَي:.

     وَقَالَ  بعض النَّاس فِي نِكَاح الْمُتْعَة: النِّكَاح فَاسد وَالشّرط بَاطِل، وَصورته أَن يتَزَوَّج الْمَرْأَة بِشَرْط أَن يتمتع بهَا أَيَّامًا ثمَّ يخلي سَبِيلهَا، هَكَذَا ذكره الْكرْمَانِي، وَعند أبي حنيفَة صورته أَن يَقُول: متعيني نَفسك، أَو أتمتع بك مُدَّة مَعْلُومَة، طَوِيلَة أَو قَصِيرَة، فَتَقول: متعتك نَفسِي وَلَا بُد من لفظ التَّمَتُّع فِيهِ، هَذَا مجمع عَلَيْهِ.

قَوْله:.

     وَقَالَ  بَعضهم ... الخ لم أر أحدا من الشُّرَّاح بَين من هَؤُلَاءِ الْبَعْض،.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح المُرَاد بِهِ بعض أَصْحَاب أبي حنيفَة.
قلت: لم يذكر أحد من أَصْحَاب أبي حنيفَة شَيْئا من هَذَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى مَا نقل عَن زفر أَنه أجَاز الموقت وألغى الشَّرْط لِأَنَّهُ شَرط فَاسد وَالنِّكَاح لَا يبطل بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَة.
انْتهى.
قلت: مَذْهَب زفر لَيْسَ كَذَلِك، بل عِنْده مَا صورته أَن يتَزَوَّج امْرَأَة إِلَى مُدَّة مَعْلُومَة فَالنِّكَاح صَحِيح وَيلْزم، وَاشْتِرَاط الْمدَّة بَاطِل، وَعند أبي حنيفَة وصاحبيه: النِّكَاح بَاطِل.





[ قــ :6595 ... غــ :6961 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى عنْ عُبَيْدِ الله بن عُمَرَ، حدّثنا الزُّهْريُّ عَن الحَسَنِ وعَبْدِ الله ابْنَيْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيَ، عنْ أبِيهِما: أنَّ عَلِيّاً، رَضِي الله عَنهُ، قِيلَ لهُ: إنَّ ابنَ عَبَّاسٍ لَا يَرى بمُتْعَةِ النِّساءِ بأْساً فَقَالَ: إنَّ رسولَ الله نَهى عَنْها يَوْمَ خَيْبَرَ وعنْ لُحُومِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ.

هَذَا أَيْضا غير مُطَابق لعدم التَّعَرُّض إِلَى الْحِيلَة فِي الْمُتْعَة، وَإِنَّمَا صورتهَا مَا ذكرنَا.

وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وَعبيد الله بن عمر الْعمريّ، وَمُحَمّد بن عَليّ هُوَ الْمَعْرُوف بِابْن الْحَنَفِيَّة، وَعلي هُوَ ابْن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب النِّكَاح وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِن احْتالَ حتَّى تَمَتَّعَ فالنِّكاحُ فاسِدٌ.

وَقَالَ بَعْضُهُمُ النِّكاحُ جائِزٌ والشَّرْطُ باطِلٌ.

لَا مُنَاسبَة لذكر هَذَا هُنَا لِأَن بطلَان الْمُتْعَة مجمع عَلَيْهِ.
وَقَوله: إِن احتال لَيْسَ لَهُ دخل فِي الْمُتْعَة، وَإِنَّمَا ذكره ليشنع بِهِ على الْحَنَفِيَّة من غير وَجه.

قَوْله:.

     وَقَالَ  بَعضهم الخ، قَالَ بَعضهم: إِنَّه قَول زفر، وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا قَول زفر قد بَيناهُ عَن قريب، فَافْهَم.