فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب رؤيا الليل

( بابُُ رُؤْيا اللَّيْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الرُّؤْيَا الَّتِي تكون بِاللَّيْلِ هَل تَسَاوِي الرُّؤْيَا الَّتِي تكون بِالنَّهَارِ أَو يتفاوتان؟ .
قيل: كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى حَدِيث أبي سعيد: أصدق الرُّؤْيَا بالأسحار.
أخرجه أَحْمد مَرْفُوعا وَصَححهُ ابْن حبَان وَذكر نصر بن يَعْقُوب الدينَوَرِي أَن الرُّؤْيَا أول اللَّيْل تبطىء بتأويلها، وَمن النّصْف الثَّانِي تسرع بتفاوت أَجزَاء اللَّيْل، وَأَن أسرعها تَأْوِيلا رُؤْيا السحر وَلَا سِيمَا عِنْد طُلُوع الْفجْر، وَعَن جَعْفَر الصَّادِق: أسرعها تَأْوِيلا رُؤْيا القيلولة.

رَواهُ سَمُرَةُ.

أَي: روى حَدِيث رُؤْيا اللَّيْل سَمُرَة بن جُنْدُب الْفَزارِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور، وَسَيَأْتِي حَدِيثه فِي آخر كتاب التَّعْبِير، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.



[ قــ :6633 ... غــ :6998 ]
- حدّثنا أحْمَدُ بنُ المِقْدامِ العِجْلِيُّ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ الطُّفاوِيُّ، حَدثنَا أيُّوبُ، عنْ مُحَمَّدٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُعْطِيتُ مَفاتِيحَ الكَلِمِ ونُصرْتُ بالرُّعْبِ وبَيْنَما أَنا نائِمٌ البارِحَة إذْ أُتِيتُ بمَفاتِيحِ خَزَائِنِ الأرْضِ، حتَّى وُضِعَتْ فِي يَدَي قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبَ رسولُ الله وأنْتُمْ تَنْتَقِلُونَها.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وبينما أَنا نَائِم البارحة
والطفاوي بِضَم الطَّاء وَتَخْفِيف الْفَاء وبالواو نِسْبَة إِلَى بني طفاوة أَو إِلَى طفاوة مَوضِع، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: مَفَاتِيح الْكَلم أَي: لفظ قَلِيل يُفِيد مَعَاني كَثِيرَة، وَهَذَا غَايَة البلاغة، وَسَتَأْتِي رِوَايَة أُخْرَى: بعثت بجوامع الْكَلم،.

     وَقَالَ  البُخَارِيّ: بَلغنِي أَن جَوَامِع الْكَلم هُوَ أَن الله تَعَالَى يجمع الْأُمُور الْكَثِيرَة الَّتِي كَانَت تكْتب فِي الْكتب قبله فِي الْأَمر الوحد والأمرين، أَو نَحْو ذَلِك.
قَوْله: ونصرت بِالرُّعْبِ بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْعين الْفَزع، أَي: ينهزمون من عَسْكَر الْإِسْلَام بِمُجَرَّد الصيت وَيَخَافُونَ مِنْهُم أَو ينقادون بِدُونِ إيجَاف خيل وَلَا ركاب.
قَوْله: البارحة اسْم لليلة الْمَاضِيَة، وَإِن كَانَ قبل الزَّوَال.
قَوْله: أتيت على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: فِي يَدي إِمَّا حَقِيقَة وَإِمَّا مجَاز بِاعْتِبَار قَوْله: تنتقلونها من الِانْتِقَال من النَّقْل بالنُّون وَالْقَاف، ويروى تنتفلونها بِالْفَاءِ مَوضِع الْقَاف أَي: تغتنمونها، ويروى: تنتثلونها، بالثاء الْمُثَلَّثَة مَوضِع الْفَاء أَي: تستخرجونها وَذَلِكَ كاستخراجهم خَزَائِن كسْرَى ودفائن قَيْصر.



[ قــ :6634 ... غــ :6999 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ، عنْ مالِكٍ، عنْ نافِعٍ، عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ، رَضِي الله عَنْهُمَا، أنَّ رسولَ الله قَالَ: أُراني اللَّيْلَةَ عِنْدَ الكَعْبَةَ، فَرَأيْتُ رجُلاً آدَمَ كأحْسَنِ مَا أنْتَ راءٍ مِنْ أُدْم الرِّجالِ، لهُ لِمَّةٌ كأحْسَنِ مَا أنْتَ راءٍ مِنَ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَها تَقْطُرُ مَاء مُتَّكِئاً على رجُليْنِ أوْ عَلى عَواتِقِ رجُلَيْن يَطُوفُ بالبيْتِ، فَسألْتُ: مَنْ هاذَا؟ فَقِيلَ: المَسيح ابنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ إِذا أَنا بِرَجلٍ جَعْدٍ قَطَطٍ أعْوَرِ العَيْنِ اليُمْنَى كأنَّها عِنَبَةَ طافِيَةٌ، فَسألْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: المَسيحُ الدَّجَّالُ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: أَرَانِي اللَّيْلَة عِنْد الْكَعْبَة
والْحَدِيث مضى فِي اللبَاس عَن عبد الله بن يُوسُف.
وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن يحيى بن يحيى.

قَوْله: أَرَانِي اللَّيْلَة أَي: أرى نَفسِي، وَاللَّيْلَة نصب على الظَّرْفِيَّة وَسَيَأْتِي فِي: بابُُ الطّواف بِالْكَعْبَةِ، من وَجه آخر عَن ابْن عمر بِلَفْظ: بَينا أَنا نَائِم رَأَيْتنِي أَطُوف بِالْكَعْبَةِ.
قَوْله: من أَدَم الرِّجَال بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الدَّال جمع آدم وَهُوَ الأسمر، قَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ إِلَى السمرَة أميل،.

     وَقَالَ  أَبُو عبد الْملك: الْأدم فَوق الأسمر يعلوه سَواد قَلِيل.
قَوْله: لَهُ لمة بِكَسْر اللَّام وَتَشْديد الْمِيم وَهُوَ الشّعْر المجاوز شحمة الْأذن، واللمم: بِالْكَسْرِ أَيْضا جمع لمة فَإِذا بلغ الْمَنْكِبَيْنِ فَهِيَ جمة، والوفرة دون ذَلِك.
قَوْله: رجلهَا بتَشْديد الْجِيم أَي: سرحها.
قَوْله: يقطر مَاء جملَة حَالية.
قَوْله: مُتكئا حَال من قَوْله: قَوْله: رجلا وَهُوَ نكرَة وَلكنه وصف بالأوصاف الْمَذْكُورَة فَصَارَ حكمه حكم الْمعرفَة.
قَوْله: أَو على عواتق رجلَيْنِ شكّ من الرَّاوِي، وَهُوَ جمع عاتق وَهُوَ اسْم لما بَين الْمنْكب والعنق.
وَقيل: هَذَا جمع فَكيف أضيف إِلَى الْمثنى؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ نَحْو قَوْله: { إِن تَتُوبَآ إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَالِكَ ظَهِيرٌ} وَجَاز مثله إِذْ لَا التباس.
قَوْله: جعد أَي: غير سبط أَو قصير.
قَوْله: قطط وَهُوَ المبالغ فِي الجعودة.
قَوْله: طافية ضد الراسبة،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: الطافية هِيَ الْحبَّة الَّتِي قد خرجت عَن حد نبت أخواتها فظهرت من بَينهَا وَارْتَفَعت، وَقيل: أَرَادَ بِهِ الْحبَّة الطافية على وَجه المَاء، شبه عينه بهَا، وَيُقَال: طفا الشَّيْء على المَاء يطفو إِذا علا، فعين الدَّجَّال طافية على وَجهه قد برزت كالعنبة،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: من قَرَأَ: طافئة، بِالْهَمْزَةِ فَمَعْنَاه: أَن عينه مفقوءة ذهب ضوؤها كَأَنَّهَا عنبة نَضِجَتْ فَذهب مَاؤُهَا، وَمن قَرَأَ بِغَيْر همز فَمَعْنَاه أَنَّهَا برزت وَخرج الْبَاطِن الْأسود فِيهَا لِأَن كل شَيْء ظهر فقد طفا.
قَوْله: الْمَسِيح الدَّجَّال وَفِي تَسْمِيَة الدَّجَّال بالمسيح خَمْسَة أَقْوَال، وَفِي تَسْمِيَته بالدجال عشرَة أَقْوَال ذَكرنَاهَا كلهَا فِي كتَابنَا الموسوم بزين الْمجَالِس وَكَذَلِكَ ذكرنَا فِي تَسْمِيَة عِيسَى ابْن مَرْيَم بالمسيح ثَلَاثَة وَعشْرين وَجها اختصرنا هُنَا ذكره خوفًا من السَّآمَة، ومختصره معنى الْمَسِيح فِي عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، كَونه لَا يمسح ذَا عاهة إلاَّ برىء، وَمَعْنَاهُ فِي الدَّجَّال كَونه مَمْسُوح إِحْدَى الْعَينَيْنِ، وَقيل فِيهِ: بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة.





[ قــ :6635 ... غــ :7000 ]
- حدّثنا يَحْياى، حدّثنا اللَّيْثُ عَن يُونُسَ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عنْ عُبَيْدِ الله بن عَبْدِ الله أنص ابنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ أنَّ رَجُلاً أتَى رسولَ الله فَقَالَ: إنِّي أُرِيتُ اللَّيْلَةَ فِي المَنامِ وساقَ الحَديثَ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى بن عبد الله بن بكير ينْسب إِلَى جده، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود الْهُذلِيّ.

قَوْله: إِنِّي أريت على صِيغَة الْمَجْهُول، ويروى: رَأَيْت، وَقد اقْتصر البُخَارِيّ على هَذَا الْمِقْدَار من الحَدِيث، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ بِهَذَا السَّنَد فِي: بابُُ من لم ير الرُّؤْيَا لأوّل عَابِر إِذا لم يصب، وَسَيَأْتِي شَرحه هُنَاكَ، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وتابَعَهُ سُليْمانُ بنُ كَثِيرٍ وابنُ أخِي الزُّهْرِيِّ وسُفْيانُ بنُ حُسَيْنٍ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُبَيْدِ الله عنِ ابنِ عَبَّاس عَن النَّبِي أَي: تَابع الزُّهْرِيّ فِي رِوَايَته عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس سُلَيْمَان بن كثير، وَوصل هَذِه الْمُتَابَعَة مُسلم،.

     وَقَالَ : حَدثنَا عبد الله بن عبد الرحمان الدَّارمِيّ أخبرنَا مُحَمَّد بن كثير حَدثنَا سُلَيْمَان وَهُوَ ابْن كثير عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله كَانَ يَقُول لأَصْحَابه: من رأى مِنْكُم رُؤْيا فليقصها أعبرها لَهُ، قَالَ: جَاءَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي رَأَيْت ظلمَة، فأحاله على مَا قبله.
قَوْله: وَابْن أخي الزُّهْرِيّ أَي: تَابعه أَيْضا ابْن أخي الزُّهْرِيّ، وَهُوَ مُحَمَّد بن عبد الله بن مُسلم،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وصمها الذهلي فِي الزهريات وَلَا أعلم صِحَّته.
قَوْله: وسُفْيَان بن حُسَيْن أَي: وَتَابعه أَيْضا سُفْيَان بن حُسَيْن الوَاسِطِيّ وَوَصلهَا أَحْمد عَن يزِيد بن هَارُون عَنهُ.

وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ عنِ الزُّهْرِيِّ عنْ عُبَيْدِ الله أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ أوْ أَبَا هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ
أَي:.

     وَقَالَ  مُحَمَّد بن الْوَلِيد بن عَامر الْحِمصِي عَن مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله أَن ابْن عَبَّاس أَو أَبَا هُرَيْرَة فَذكره بِالشَّكِّ، وَوَصله مُسلم.

     وَقَالَ : حَدثنَا حَاجِب بن الْوَلِيد حَدثنَا مُحَمَّد بن حَرْب عَن الزبيدِيّ أَخْبرنِي الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله أَن ابْن عَبَّاس أَو أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يحدث أَن رجلا أَتَى رَسُول الله، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، ثمَّ سَاق الحَدِيث بِسَنَد آخر.

وَقَالَ شعَيْبٌ وإسْحاقُ بنُ يَحْياى عنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ أبُو هُرَيْرةَ يُحَدِّثُ عنِ النبيِّ وَكَانَ مَعْمَرٌ لَا يُسْنِدُهُ حَتَّى كَانَ بَعْدُ.

شُعَيْب هُوَ ابْن أبي حَمْزَة الْحِمصِي، وَإِسْحَاق بن يحيى الْكَلْبِيّ الْحِمصِي،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَصلهَا الذهلي فِي الزهريات وَلَا أعلم صِحَّته.
قَوْله: وَكَانَ معمر أَي: ابْن رَاشد لَا يسند الحَدِيث الْمَذْكُور حَتَّى أسْندهُ بعد ذَلِك، قَالَ عبد الرَّزَّاق: كَانَ معمر يحدث بِهِ فَيَقُول: كَانَ ابْن عَبَّاس يَعْنِي وَلَا يذكر عبيد الله بن عبد الله فِي السَّنَد حَتَّى جَاءَ زَمعَة بِكِتَاب فِيهِ: عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس، فَكَانَ لَا يشك فِيهِ بعد.