فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب خروج النار

( بابُُ خُرُوجِ النَّارِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي خُرُوج النَّار من أَرض الْحجاز.

وَقَالَ أنسٌ: قَالَ النَّبيُّ أوَّلُ أشْرَاطِ السَّاعَةِ نارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
هَذَا التَّعْلِيق وَصله فِي إِسْلَام عبد الله بن سَلام من طَرِيق حميد عَن أنس، وَلَفظه: وَأول أَشْرَاط السَّاعَة فَنَار تَحْشُرهُمْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب، وَوَصله فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام، من وَجه آخر عَن حميد، والأشراط العلامات وَاحِدهَا شَرط بِفتْحَتَيْنِ،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: يُرِيد بقوله: أول أَشْرَاط السَّاعَة أَنَّهَا تخرج من الْيمن حَتَّى تؤديهم إِلَى بَيت الْمُقَدّس، فَإِن قلت: جَاءَ فِي حَدِيث حُذَيْفَة بن أسيد: لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تكون عشر ... فَعَدهَا وعد فِي الأولى خُرُوج الدَّجَّال، وَفِي آخِره، وَأخر ذَلِك نَار تخرج من الْيمن تطرد النَّاس إِلَى مَحْشَرهمْ، وَفِي التَّوْضِيح وَقد جَاءَ فِي حَدِيث إِن النَّار آخر أَشْرَاط السَّاعَة.
قلت: يجوز أَن يُقَال: لكل وَاحِد أول لتقارب بعضه من بعض، أَو إِن الأول أَمر نسبي يُطلق على مَا بعده بِاعْتِبَار الَّذِي يَلِيهِ.



[ قــ :6736 ... غــ :7118 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ سَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ: أَخْبرنِي أبُو هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسُولَ الله قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَخْرُجَ نارٌ مِنْ أرْضِ الحِجازِ تضيءُ أعْناقَ الإبِلِ بِبُصْرَى
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَرِجَاله عَن قريب ذكرُوا.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: قَالَ سعيد بن الْمسيب وَفِي رِوَايَة أبي نعيم: عَن سعيد بن الْمسيب.
قَوْله: نَار من أَرض الْحجاز قَالَ الْقُرْطُبِيّ فِي التَّذْكِرَة خرجت نَار بالحجاز بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ بدؤها زَلْزَلَة عَظِيمَة فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء بعد الْعَتَمَة الثَّالِث من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَربع وَخمسين وسِتمِائَة، واستمرت إِلَى ضحى النَّهَار يَوْم الْجُمُعَة، فسكنت وَظَهَرت النَّار بقريظة عِنْد قاع التَّنْعِيم بِطرف الْحرَّة ترى فِي صور الْبَلَد، الْعَظِيم عَلَيْهَا سور مُحِيط بهَا عَلَيْهِ شراريف كشراريف الْحُصُون وأبراج ومآذن، وَيرى رجال يَقُودُونَهَا لَا تمر على جبل إلاَّ دكته وأذابته، وَيخرج من مَجْمُوع ذَلِك نهر أَحْمَر ونهر أَزْرَق لَهُ دوِي كَدَوِيِّ الرَّعْد يَأْخُذ الصخور وَالْجِبَال بَين يَدَيْهِ وَيَنْتَهِي إِلَى محط الركب الْعِرَاقِيّ، فَاجْتمع من ذَلِك ردم صَار كالجبل الْعَظِيم، وانتهت النَّار إِلَى قرب الْمَدِينَة، وَمَعَ ذَلِك فَكَانَ يَأْتِي ببركة النَّبِي الْمَدِينَة نسيم بَارِد، وشوهد لهَذِهِ النَّار غليان كغليان الْبَحْر وانتهت إِلَى قَرْيَة من قرى الْيمن فأحرقتها،.

     وَقَالَ  بعض أَصْحَابنَا: لقد رَأَيْتهَا صاعدة فِي الْهَوَاء من نَحْو خَمْسَة أَيَّام من الْمَدِينَة، وَسمعت أَنَّهَا رئيت من مَكَّة وَمن جبال بصرى.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: تَوَاتر الْعلم بِخُرُوج هَذِه النَّار عِنْد جَمِيع أهل الشَّام،.

     وَقَالَ  أَبُو شامة فِي ذيل الروضتين وَردت فِي أَوَائِل شعْبَان سنة أَربع وَخمسين كتب من الْمَدِينَة فِيهَا شرح أَمر عَظِيم حدث بهَا، فِيهِ تَصْدِيق لما فِي الصَّحِيحَيْنِ فَذكر هَذَا الحَدِيث.
وَفِي بعض الْكتب: ظهر فِي أول جُمُعَة من جُمَادَى الْآخِرَة فِي شَرْقي الْمَدِينَة نَار عَظِيمَة، بَينهَا وَبَين الْمَدِينَة نصف يَوْم، انفجرت من الأَرْض وسال مِنْهَا وَاد من نَار حَتَّى حَاذَى جبل أحد، وَفِي كتاب آخر: سَالَ مِنْهَا وَاد مِقْدَاره أَرْبَعَة فراسخ وَعرضه أَرْبَعَة أَمْيَال يجْرِي على وَجه الأَرْض يخرج مِنْهَا مهاد وجبال صغَار، وَفِي كتاب آخر: ظهر ضوؤها إِلَى أَن رأوها من مَكَّة.
قَوْله: تضيء أَعْنَاق الْإِبِل تضيء فعل وفاعل.
وأعناق الْإِبِل مَفْعُوله.
وتضيء يَأْتِي لَازِما ومتعدياً.
قَوْله: ببصرى بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَإِسْكَان الصَّاد الْمُهْملَة وبالراء مَقْصُورا مَدِينَة مَعْرُوفَة، وَهِي مَدِينَة حوران بَينهَا وَبَين دمشق نَحْو ثَلَاث مراحل.





[ قــ :6737 ... غــ :7119 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ سَعِيدٍ الكِنْدِيُّ، حَدثنَا عُقْبَةُ بنُ خالِدٍ، حَدثنَا عُبَيْدُ الله عنْ خُبَيْبِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ جَدِّهِ حَفْصِ بنِ عاصمٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله يُوشِكُ الفُرَاتُ أنْ يحْسِرَ عنْ كَنْزٍ مِنْ ذَهَبٍ فَمَنْ حضَرَهُ فَلاَ يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئاً
قَالَ عُقْبَةُ: وَحدثنَا عُبَيْدُ الله حَدثنَا أبُو الزِّنادِ عنِ الأعْرَجِ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ مِثْلَهُ إلاّ أنَّهُ قَالَ: يَحْسِرُ عَنْ جَبَلٍ مِنْ ذَهَبٍ
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه ذكر عقيب الحَدِيث السَّابِق، وبنيهما مُنَاسبَة فِي كَون كل مِنْهُمَا من أَشْرَاط السَّاعَة.
وَالْمُنَاسِب للشَّيْء مُنَاسِب لذَلِك الشَّيْء.

وَشَيْخه عبد الله بن سعيد هُوَ أَبُو سعيد الْأَشَج مَشْهُور بكنيته وَصفته وَهُوَ من الطَّبَقَة الْوُسْطَى الثَّالِثَة من شُيُوخ البُخَارِيّ وعاش بعد البُخَارِيّ سنة وَاحِدَة وَمَات سنة سبع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، وَعقبَة بِالْقَافِ ابْن خَالِد الْكُوفِي، وَعبد الله هُوَ ابْن عمر بن حَفْص بن عَاصِم بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، الْمَشْهُور بالعمري، وخبيب بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الرحمان بن خبيب بن يسَاف الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن سهل بن عُثْمَان عَن عقبَة.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْمَلَاحِم وَالتِّرْمِذِيّ فِي صفة الْجنَّة جَمِيعًا عَن أبي سعيد عَن عبد الله بن سعيد بن الْأَشَج بِهِ.

قَوْله: عَن جده حَفْص بن عَاصِم أَي: ابْن عمر بن الْخطاب، وَالضَّمِير لِعبيد الله بن عمر لَا لشيخه.
قَوْله: يُوشك أَي: يقرب وَهُوَ بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة.
قَوْله: الْفُرَات نهر مَشْهُور بِالتَّاءِ المجرورة وَقيل: يجوز أَن يكْتب بِالْهَاءِ كالتابوت والتابوه وَالْعَنْكَبُوت والعنكبوه.
قَوْله: أَن يحسر بِفَتْح أَوله وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر السِّين الْمُهْملَة وَفتحهَا أَي: ينْكَشف عَن الْكَنْز لذهاب مَائه وَهُوَ لَازم ومتعد.
قَوْله: فَمن حَضَره فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا هَذَا يشْعر بِأَن الْأَخْذ مِنْهُ مُمكن بِأَن يكون دَنَانِير أَو قطعا أَو تبراً، وَلَكِن وَجه منع الْأَخْذ لِأَنَّهُ مستعقب للبليات، وَهُوَ آيَة من الْآيَات.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: إِنَّمَا نهى عَن الْأَخْذ مِنْهُ لِأَنَّهُ للْمُسلمين فَلَا يُؤْخَذ إلاَّ بِحقِّهِ.
وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ غير ظَاهر، وَإِنَّمَا النَّهْي لما ينشأ عَن أَخذه من الْفِتْنَة والقتال عَلَيْهِ.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي بن كَعْب: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: يُوشك أَن يحسر الْفُرَات عَن جبل من ذهب، فَإِذا سمع النَّاس سَارُوا إِلَيْهِ فيقتلون عَلَيْهِ، فَيقْتل من كل مائَة تِسْعَة وَتسْعُونَ.
فَإِن قلت: وَقع عِنْد ابْن مَاجَه فِيهِ: فَيقْتل من كل عشرَة تِسْعَة.
قلت: هَذِه رِوَايَة شَاذَّة، وَالْمَحْفُوظ رِوَايَة مُسلم، وَيُمكن الْجمع باخْتلَاف تَقْسِيم النَّاس إِلَى طائفتين.

قَوْله: قَالَ عقبَة هُوَ ابْن خَالِد الْمَذْكُور وَهُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور.
حَدثنَا عبيد الله هُوَ الْعمريّ الْمَذْكُور، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن لِعبيد الله الْمَذْكُور إسنادين.
أَحدهمَا فِيهِ: عَن كنز من ذهب وَالْآخر: عَن جبل من ذهب، رَوَاهُ عبيد الله عَن أبي الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرحمان بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.
<

( بابٌُ)

أَي: هَذَا بابُُ وَهُوَ كالفصل لما قبله وَوَقع بِلَا تَرْجَمَة عِنْد جَمِيع الروَاة وَسقط من شرح ابْن بطال، وَذكر أَحَادِيثه فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.



[ قــ :6738 ... غــ :710 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حَدثنَا يَحْياى، عنْ شُعْبَةَ، حَدثنَا معْبِدٌ سَمِعْتُ حارِثَةَ بنَ وهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ تَصَدَّقُوا فَسيأتِي عَلى النَّاسِ زَمانٌ يَمْشِي الرَّجُلُ بِصَدَقَتِهِ فَلا يَجِدُ مَنْ يَقْبَلُها
قَالَ مُسَدَّدٌ: حارِثَةُ أخُو عُبَيْدِ الله بنِ عُمَرَ لِأُمِّهِ، قالَهُ أبُو عَبْدِ الله.

انْظُر الحَدِيث 1411 وطرفه
لما كَانَ هَذَا الْبابُُ الْمُجَرّد كالفصل كَانَت أَحَادِيثه مُلْحقَة بِالْبابُُِ المترجم الَّذِي قبله، والمطابقة بَينهمَا ظَاهِرَة.

وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، ومعبد بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن خَالِد بن الْعَاصِ، وحارثة بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن وهب الْخُزَاعِيّ يعد فِي الْكُوفِيّين.

والْحَدِيث مضى فِي الزَّكَاة عَن عَليّ.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَغَيره.

قَوْله: فَلَا يجد من يقبلهَا لِكَثْرَة الْأَمْوَال وَقلة الرغبات للْعلم بِقرب قيام السَّاعَة وَقصر الآمال.

قَوْله: أَخُو عبيد الله لأمه هِيَ أم كُلْثُوم بنت جَرْوَل بن مَالك بن الْمسيب بن ربيعَة بن أَصْرَم الْخُزَاعِيَّة، ذكرهَا ابْن سعد قَالَ: وَكَانَ الْإِسْلَام فرق بَينهَا وَبَين عمر، قَوْله: قَالَه أَبُو عبد الله لَيْسَ بمذكور فِي أَكثر النّسخ، وَأَبُو عبد الله هُوَ البُخَارِيّ نَفسه.





[ قــ :6739 ... غــ :711 ]
- حدّثنا أبُو اليَمانِ، أخبرنَا شُعَيْبٌ، حَدثنَا أبُو الزِّنادِ عنْ عبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتانِ عَظيمَتان تَكُونُ بَيْنَهُما مَقْتَلةٌ عَظِيمةٌ، دَعْوَتُهُما واحَدَةٌ، وحتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاَثينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أنّهُ رسولُ الله وَحَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ وتَكْثُرَ الزَّلازِلُ ويَتَقارَبَ الزَّمانُ وتَظْهَرَ الفِتَنُ ويَكْثُرَ الهَرْجُ وهْوَ القَتْلُ، وحتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المالُ، فَيَفِيضَ حتَّى يُهِمَّ ربَّ المالِ مَنْ يقْبلُ صَدَقَتَهُ، وحتَّى يَعْرِضَهُ فَيقُولُ الّذِي يَعْرِضُهُ عَليْهِ: لَا أرَبَ لي بِهِ، وحتَّى يَتَطاوَلَ النَّاسُ فِي البُنْيانِ، وحتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولَ يَا لَيْتَنِي مَكانهُ، وحتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها، فإذَا اطَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ يَعْني آمَنُوا أجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ فِي إيمانِها خَيْراً، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُما بَيْنَهُما فَلاَ يَتَبايَعانِهِ وَلَا يَطْوِيانِهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُل بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلاَ يَطْعَمُهُ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وهْوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلا يَسْقى فِيهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدْ رَفَعَ أُكْلتَهُ إِلَى فِيهِ فَلاَ يَطْعَمُها.

هَذَا الْإِسْنَاد بهؤلاء الرِّجَال قد تكَرر جدّاً قرباً وبعداً.

وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، وَعبد الرحمان هُوَ ابْن هُرْمُز الْأَعْرَج.
والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: فئتان عظيمتان قَالَ الْكرْمَانِي: طَائِفَتَانِ: عَليّ وَمُعَاوِيَة، وَعَن ابْن مَنْدَه أخرجه ابْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة مُعَاوِيَة من طَرِيقه، ثمَّ من طَرِيق أبي الْقَاسِم ابْن أخي أبي زرْعَة الرَّازِيّ قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى عمي فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أبْغض مُعَاوِيَة، قَالَ: لم؟ قَالَ: لِأَنَّهُ قَاتل عليّاً بِغَيْر حق، فَقَالَ لَهُ أَبُو زرْعَة: رب مُعَاوِيَة رب رَحِيم وخصم مُعَاوِيَة خصم كريم فَمَا دخولك بَينهمَا؟ وَقيل: الفئتان الْخَوَارِج وَعلي بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: دعوتهما وَاحِدَة أَي: يدعيان الْإِسْلَام ويتأول كل مِنْهُمَا أَنه محق.
قَوْله: حَتَّى يبْعَث أَي: حَتَّى يظْهر دجالون جمع دجال أَي خلاطون بَين الْحق وَالْبَاطِل مموهون، وَالْفرق بَينهم وَبَين الدَّجَّال الْأَكْبَر أَنهم يدعونَ النُّبُوَّة وَهُوَ يَدعِي الإلاهية لكِنهمْ كلهم مشتركون فِي التمويه وادعاء الْبَاطِل الْعَظِيم، وَقد وجد كثير مِنْهُم فضحهم الله وأهلكهم.
قَوْله: قريب مَرْفُوع على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف، أَي: عَددهمْ قريب.
قَالَ الْكرْمَانِي: أَو مَنْصُوب مَكْتُوب بِلَا ألف على اللُّغَة الربيعية، وَقد وَقع فِي حَدِيث ثَوْبَان بِالْجَزْمِ: أَنهم ثَلَاثُونَ، وَهُوَ: سَيكون فِي أمتِي كذابون ثَلَاثُونَ، كلهم يزْعم أَنه نَبِي وَأَنا خَاتم النَّبِيين لَا نَبِي بعدِي.
أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان، وروى أَبُو يعلى من حَدِيث عبد الله بن عَمْرو: بَين يَدي السَّاعَة ثَلَاثُونَ دجالًا كذابا، وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمد من حَدِيث عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث ابْن مَسْعُود، وروى أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث سَمُرَة الْمصدر بالكسوف، وَفِيه: وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج ثَلَاثُونَ كذابا آخِرهم الْأَعْوَر الدَّجَّال، وروى الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الله بن عمر وَلَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يخرج سَبْعُونَ كذابا، وَسَنَده ضَعِيف، وَكَذَا عَن أبي يعلى من حَدِيث أنس، وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف، وَهُوَ وَإِن ثَبت فَمَحْمُول على الْمُبَالغَة فِي الْكَثْرَة لَا على التَّحْدِيد.
وروى أَحْمد بِسَنَد جيد عَن حُذَيْفَة: يكون فِي أمتِي دجالون كذابون سَبْعَة وَعِشْرُونَ، مِنْهُم أَربع نسْوَة وَإِنِّي خَاتم النَّبِيين وَلَا نَبِي بعدِي.
قَوْله: وَكلهمْ يزْعم أَنه رَسُول الله ظَاهره يدل على أَن كلاًّ مِنْهُم يَدعِي النُّبُوَّة، وَهَذَا هُوَ السِّرّ فِي قَوْله: وَيقبض الْعلم يَعْنِي: يقبض الْعلمَاء، وَقد تقدم فِي كتاب الْعلم: من أَشْرَاط السَّاعَة أَن يرفع الْعلم، وَفِي رِوَايَة: أَن يقل الْعلم.
قَوْله: وتكثر الزلازل وَقد استمرت الزلزلة فِي بَلْدَة من بِلَاد الرّوم الَّتِي هِيَ للْمُسلمين ثَلَاثَة عشر شهرا.
قَوْله: ويتقارب الزَّمَان أَي: أَهله بِأَن يكون كلهم جُهَّالًا، وَيحْتَمل الْحمل على الْحَقِيقَة بِأَن يعتدل اللَّيْل وَالنَّهَار دَائِما، وَذَلِكَ بِأَن تنطبق منْطقَة البروج على معدل النَّهَار.
قَوْله: حَتَّى يكثر فِيكُم المَال إِشَارَة إِلَى مَا وَقع من الْفتُوح واقتسامهم أَمْوَال الْفرس وَالروم فِي زمن الصَّحَابَة.
قَوْله: فيفيض من الفيضان وَهُوَ أَن يكثر حَتَّى يسيل كالوادي، وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا وَقع فِي زمن عمر بن عبد الْعَزِيز لِأَنَّهُ وَقع فِي زَمَنه أَن الرجل كَانَ يعرض مَاله للصدقة فَلَا يجد من يقبل صدقته.
قَوْله: حَتَّى يهم بِضَم الْيَاء وَكسر الْهَاء قَالَ ابْن بطال: رب هُوَ مفعول، و: من يقبل، فَاعله، ويهمه أَي: يحزنهُ.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ بِضَم الْيَاء وَكسر الْهَاء وبفتح الْيَاء وَضم الْهَاء وحينئذٍ يكون: رب، فَاعِلا.
أَي: يَقْصِدهُ.
قَوْله: من يقبل قَالَ الْكرْمَانِي: ظَاهره أَن يُقَال من لَا يقبل.
قلت: يُرِيد بِهِ من شَأْنه أَن يكون قَابلا لَهَا قَوْله: لَا أرب بِفتْحَتَيْنِ أَي: لَا حَاجَة لي بِهِ، وَهَذَا إِشَارَة إِلَى مَا سيقع فِي زمن عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام.
قَوْله: بِهِ للْمُبَالَغَة.
قَوْله: لقحته بِكَسْر اللَّام الْقَرِيبَة الْعَهْد بِالْولادَةِ والناقة الحلوب.
قَوْله: فَلَا يطعمهُ أَي: فَلَا يشربه.
قَوْله: هُوَ يليط يُقَال لَاطَ ويليط إِذْ طينه وَأَصْلحهُ وألصقه.
يُقَال: لَاطَ حبه بقلبي يليط ويلوط ليطاً ولوطاً ولياطة،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: لطت الْحَوْض بالطين ألواطه لوطاً أَي: طينته.
.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيّ: كل شَيْء لصق بِشَيْء فقد لَاطَ بِهِ يلوط لوطاً ويليط أَيْضا.
قَوْله: أَكلته بِضَم الْهمزَة وَهِي اللُّقْمَة، وَبِفَتْحِهَا الْمرة الْوَاحِدَة.
إِلَى فِيهِ أَي: إِلَى فَمه.