فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية

( بابُُ السَّمْعِ والطّاعَةِ للإمامِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان وجوب السّمع وَالطَّاعَة للْإِمَام، وَإِنَّمَا قَيده بِالْإِمَامِ، وَإِن كَانَ فِي أَحَادِيث الْبابُُ الْأَمر بِالطَّاعَةِ لكل أَمِير، وَلَو لم يكن إِمَامًا، لِأَن طَاعَة الْأُمَرَاء الَّذين تأمروا من جِهَة الإِمَام طَاعَة للْإِمَام، وَالطَّاعَة للْإِمَام بِالْأَصَالَةِ، وَلمن أمره الإِمَام بالتبعية.
قَوْله: مَا لم تكن أَي: السّمع وَالطَّاعَة مَعْصِيّة لِأَنَّهُ لَا طَاعَة للمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق، وَالْأَخْبَار الْوَارِدَة بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة للأئمة مَا لم يكن خلافًا لأمر الله تَعَالَى وَرَسُوله، فَإِذا كَانَ خلاف ذَلِك فَغير جَائِز لأحد أَن يُطِيع أحدا فِي مَعْصِيّة الله ومعصية رَسُوله، وَبِنَحْوِ ذَلِك قَالَت عَامَّة السّلف.



[ قــ :6760 ... غــ :7142 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى عنْ شُعْبَةَ، عنْ أبي التَّيَّاحِ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْمَعُوا وأطِيعوا وَإِن اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عبْدٌ حَبَشِيٌّ كأنَّ رأسَهُ زِبَيبَةٌ
انْظُر الحَدِيث 693 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَأَبُو التياح بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه يزِيد من الزِّيَادَة ابْن حميد الضبعِي بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالعين الْمُهْملَة الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث مر فِي الصَّلَاة عَن بنْدَار وَعَن مُحَمَّد بن أبان.

قَوْله: وَإِن اسْتعْمل على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: جعل عَاملا بِأَن أَمر إِمَارَة عَامَّة على بلد مثلا أَو ولي فِيهَا ولَايَة خَاصَّة كالإمامة فِي الصَّلَاة أَو جباية الْخراج أَو مُبَاشرَة الْحَرْب، فقد كَانَ فِي أَيَّام الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من تجمع لَهُ الْأُمُور الثَّلَاثَة وَمن يخْتَص بِبَعْضِهَا.
قَوْله: حبشِي مَرْفُوع بقوله: وَإِن اسْتعْمل الْمَجْهُول، ويروى: حَبَشِيًّا، بِالنّصب على أَن يكون: اسْتعْمل على بِنَاء الْمَعْلُوم، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الإِمَام بِدلَالَة الْقَرِينَة، والحبشي بياء النِّسْبَة مَنْسُوب إِلَى الْحَبَشَة، وهم جيل مَشْهُور من السودَان.
قَوْله: زبيبة هِيَ وَاحِدَة الزَّبِيب الْمَشْهُور، وَجه التَّشْبِيه فِي تجمع رَأسه وَسَوَاد شعره وَهُوَ تَمْثِيل فِي الحقارة وبشاعة الصُّورَة على سَبِيل الْمُبَالغَة، وَهَذَا فِي الْأُمَرَاء والعمال دون الْخُلَفَاء، لِأَن الحبشي لَا يتَوَلَّى الْخلَافَة، لِأَن الْأَئِمَّة من قُرَيْش.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: قد يضْرب الْمثل بِمَا لَا يَقع فِي الْوُجُود وَهَذَا من ذَاك أطلق العَبْد الحبشي مُبَالغَة فِي الْأَمر بِالطَّاعَةِ، وَإِن كَانَ لَا يتَصَوَّر شرعا أَن يَلِي ذَلِك،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ أَيْضا: الْعَرَب لَا يعْرفُونَ الْإِمَارَة فحضهم رَسُول الله، على طاعتهم والانقياد لَهُم فِي الْمَعْرُوف إِذا بَعثهمْ فِي السَّرَايَا وَإِذا ولاهم الْبلدَانِ لِئَلَّا تتفرق الْكَلِمَة.





[ قــ :6760 ... غــ :714 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى عنْ شُعْبَةَ، عنْ أبي التَّيَّاحِ، عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اسْمَعُوا وأطِيعوا وَإِن اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عبْدٌ حَبَشِيٌّ كأنَّ رأسَهُ زِبَيبَةٌ
انْظُر الحَدِيث 693 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَأَبُو التياح بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه يزِيد من الزِّيَادَة ابْن حميد الضبعِي بِضَم الضَّاد الْمُعْجَمَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالعين الْمُهْملَة الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث مر فِي الصَّلَاة عَن بنْدَار وَعَن مُحَمَّد بن أبان.

قَوْله: وَإِن اسْتعْمل على صِيغَة الْمَجْهُول، أَي: جعل عَاملا بِأَن أَمر إِمَارَة عَامَّة على بلد مثلا أَو ولي فِيهَا ولَايَة خَاصَّة كالإمامة فِي الصَّلَاة أَو جباية الْخراج أَو مُبَاشرَة الْحَرْب، فقد كَانَ فِي أَيَّام الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من تجمع لَهُ الْأُمُور الثَّلَاثَة وَمن يخْتَص بِبَعْضِهَا.
قَوْله: حبشِي مَرْفُوع بقوله: وَإِن اسْتعْمل الْمَجْهُول، ويروى: حَبَشِيًّا، بِالنّصب على أَن يكون: اسْتعْمل على بِنَاء الْمَعْلُوم، وَالضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى الإِمَام بِدلَالَة الْقَرِينَة، والحبشي بياء النِّسْبَة مَنْسُوب إِلَى الْحَبَشَة، وهم جيل مَشْهُور من السودَان.
قَوْله: زبيبة هِيَ وَاحِدَة الزَّبِيب الْمَشْهُور، وَجه التَّشْبِيه فِي تجمع رَأسه وَسَوَاد شعره وَهُوَ تَمْثِيل فِي الحقارة وبشاعة الصُّورَة على سَبِيل الْمُبَالغَة، وَهَذَا فِي الْأُمَرَاء والعمال دون الْخُلَفَاء، لِأَن الحبشي لَا يتَوَلَّى الْخلَافَة، لِأَن الْأَئِمَّة من قُرَيْش.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: قد يضْرب الْمثل بِمَا لَا يَقع فِي الْوُجُود وَهَذَا من ذَاك أطلق العَبْد الحبشي مُبَالغَة فِي الْأَمر بِالطَّاعَةِ، وَإِن كَانَ لَا يتَصَوَّر شرعا أَن يَلِي ذَلِك،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ أَيْضا: الْعَرَب لَا يعْرفُونَ الْإِمَارَة فحضهم رَسُول الله، على طاعتهم والانقياد لَهُم فِي الْمَعْرُوف إِذا بَعثهمْ فِي السَّرَايَا وَإِذا ولاهم الْبلدَانِ لِئَلَّا تتفرق الْكَلِمَة.





[ قــ :6761 ... غــ :7143 ]
- حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ، حَدثنَا حَمَّادٌ، عنِ الجَعْدِ، عنْ أبي رجاءٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ يَرْوِيه قَالَ: قَالَ النبيُّ مَنْ رأى مِنْ أمِيرِه شَيْئاً فَكَرِهَهُ فَلْيَصْبِرْ، فإنَّهُ لَيْسَ أحَدٌ يُفارِقُ الجَماعَةِ شِبْراً فَيَمُوتُ إلاّ ماتَ مِيتَةً جاهِليَّةً
انْظُر الحَدِيث 7053 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فليصبر إِلَى آخِره، لِأَنَّهُ يدل على وجوب السّمع وَالطَّاعَة للأئمة.

وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، والجعد بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالدال الْمُهْملَة ابْن دِينَار الصَّيْرَفِي، وَأَبُو رَجَاء ضد الْيَأْس اسْمه عمرَان العطاردي.
والْحَدِيث مضى فِي الْفِتَن عَن أبي النُّعْمَان.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن حسن بن الرّبيع وَغَيره.

يرويويه فَائِدَته الْإِشْعَار بِأَن الرّفْع إِلَى النَّبِي أَعم من أَن يكون بالواسطة أَو بِدُونِهَا.
قَوْله: شبْرًا أَي: قدر شبر.
قَوْله: فَيَمُوت بِالنّصب وَالرَّفْع نَحْو: مَا تَأْتِينَا فتحدثنا، قَوْله: ميتَة بِكَسْر الْمِيم أَي: كالميتة الْجَاهِلِيَّة، حَيْثُ لَا إِمَام لَهُم وَلَا يُرَاد بِهِ أَن يكون كَافِرًا، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ عَن قريب.





[ قــ :676 ... غــ :7144 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ سَعِيدٍ، عنْ عُبَيْدِ الله حدّثني نافِعٌ، عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: السَّمْعُ والطَّاعَةُ عَلى المَرْءِ المُسْلِمِ فِيما أحَبَّ أَو كَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلا سَمْعَ وَلَا طاعَةَ
انْظُر الحَدِيث 955
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَعبيد الله هُوَ ابْن عمر الْعمريّ، وَعبد الله هُوَ ابْن عمر.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد عَن مُسَدّد أَيْضا.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن زُهَيْر بن حَرْب وَغَيره.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن مُسَدّد.

قَوْله: على الْمَرْء الْمُسلم أَي: ثَابت عَلَيْهِ، أَو وَاجِب.
قَوْله: فِيمَا أحب أَو كره هَكَذَا فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره: فِيمَا أحب وَكره.
قَوْله: فَإِذا أَمر على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: فَلَا سمع أَي: حينئذٍ وَلَا طَاعَة لما مر فِيمَا مضى.





[ قــ :6763 ... غــ :7145 ]
- حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعْمَشُ، حدّثنا سَعْدُ بنُ عُبَيْدَةَ، عنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ عَلِيَ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: بَعَثَ النبيُّ سَرِيَّة وأمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً مِنَ الأنْصارِ وأمَرَهُمْ أنْ يُطِيعُوُه، فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ.

     وَقَالَ : ألَيْسَ قَدْ أمرَ النبيُّ أنْ تُطِيعُونِي؟ قالُوا: بَلاى.
قَالَ: عَزَمْتُ عَليْكُمْ لَما جَمَعْتُمُ حَطَباً وأوْقَدتُمْ نَارا ثُمَّ دَخْلْتُمْ فِيها، فَجَمَعُوا حَطَباً فأوْقَدُوا فَلمَّا هَمُّوا بِالدُّخُولِ فَقامَ ينْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ بَعْضَهُمْ: إنَّما تَبِعْنا النبيَّ فِراراً مِنَ النَّارِ أفَنَدْخُلُها؟ فَبَيْنَما هُمْ كَذالِكَ إذْ خَمَدَتِ النَّارُ وسَكنَ غَضَبُهُ، فَذُكِرَ للنبيِّ فَقَالَ: لوْ دَخَلُوها مَا خَرَجُوا مِنْها أبدا، إنَّما الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ
انْظُر الحَدِيث 4340 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَسعد بن عُبَيْدَة بِضَم الْعين وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة أَبُو حَمْزَة بالزاي ختن أبي عبد الرحمان الَّذِي يروي عَنهُ، وَأَبُو عبد الرحمان اسْمه عبد الله بن حبيب السّلمِيّ ولأبيه صُحْبَة.
وَعلي هُوَ ابْن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مر فِي الْمَغَازِي فِي: بابُُ بعث النَّبِي خَالِد بن الْوَلِيد فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش عَن سعد بن عُبَيْدَة ... إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ مُسْتَوفى.

قَوْله: سَرِيَّة هِيَ قِطْعَة من الْجَيْش نَحْو ثَلَاثمِائَة أَو أَرْبَعمِائَة.
قَوْله: رجلا هُوَ عبد الله بن حذافة السَّهْمِي.
قَوْله: لما جمعتم بِالتَّخْفِيفِ وَجَاء بِالتَّشْدِيدِ أَي: إلاَّ جمعتم، وَجَاء: لما، بِمَعْنى كلمة: إلاَّ، للاستثناء، وَمَعْنَاهُ: مَا أطلب مِنْكُم إلاَّ جمعكم، ذكره الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْمفصل قَوْله: أفندخلها؟ الْهمزَة فِيهِ للاستفهام.
قَوْله: خمدت بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَفتح الْمِيم،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين فِي بعض الرِّوَايَات بِكَسْر الْمِيم وَلَا يعرف فِي اللُّغَة.
قَالَ: وَمعنى خمدت سكن لهيبها وَإِن لم يطفأ جمرها.
فَإِن طفى قيل: همدت.
قَوْله: لَو دخلوها مَا خَرجُوا مِنْهَا أبدا قَالَ الدَّاودِيّ: يُرِيد تِلْكَ النَّار لأَنهم يموتون بتحريقها فَلَا يخرجُون مِنْهَا أَحيَاء، وَلَيْسَ المُرَاد بالنَّار نَار جَهَنَّم، وَلَا أَنهم يخلدُونَ فِيهَا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: قَوْله: لما خَرجُوا فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُلَازمَة؟ قلت: الدُّخُول فِيهَا مَعْصِيّة فَإِذا استحلوها كفرُوا، وَهَذَا جَزَاء من جنس الْعَمَل.
قَوْله: إِنَّمَا الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف يَعْنِي: تجب الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف لَا فِي الْمعْصِيَة، وَقد مر.