فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ما جاء في التمني، ومن تمنى الشهادة

( كِتابُ التَّمَنِّي)
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان التَّمَنِّي، وَهُوَ تفعل من الأمنية، وَالْجمع أماني، وَالتَّمَنِّي إِرَادَة تتَعَلَّق بالمستقبل فَإِن كَانَ فِي خير من غير أَن يتَعَلَّق بحسد فَهُوَ مَطْلُوب، وإلاَّ فَهُوَ مَذْمُوم، وَالْفرق بَين التَّمَنِّي والترجي أَن بَينهمَا عُمُوما وخصوصاً، فالترجي فِي الْمُمكن، وَالتَّمَنِّي أَعم من ذَلِك.


( بابُُ مَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَمر من تمنى الشَّهَادَة، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي: بابُُ مَا جَاءَ فِي التَّمَنِّي وَمن تمنى الشَّهَادَة، وَكَذَا لِابْنِ بطال، لَكِن بِغَيْر بَسْمَلَة، وأثبتها ابْن التِّين، لَكِن حذف لفظ: بابُُ، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ بعد الْبَسْمَلَة: مَا جَاءَ فِي التَّمَنِّي، وَاقْتصر الْإِسْمَاعِيلِيّ على: بابُُ مَا جَاءَ فِي تمني الشَّهَادَة.



[ قــ :6837 ... غــ :7226 ]
- حدّثنا سَعيدُ بنُ عُفَيْرٍ، حدّثني اللَّيْثُ حدّثني عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ خالِدٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنْ أبي سَلَمَة وسَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ والّذِي نَفْسِي بِيدِهِ لَوْلا أَن رِجالاً يَكْرَهُونَ أنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدي وَلَا أجِدُ مَا أحْمِلُهُمْ مَا تَخَلَّفْتُ، لَوَدِدْتُ أنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ أُحْيا، ثُمَّ أُحْيا ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيا، ثمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيا، ثُمَّ أقْتَلُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
فَإِن قلت: مَا وَجه ظُهُوره وَمن أَيْن يُسْتَفَاد التَّمَنِّي فِي الحَدِيث؟ قلت: من لفظ وددت إِذْ التَّمَنِّي أَعم من أَن يكون بِحرف: لَيْت، وَغَيرهَا.

وَنصف السَّنَد من الأول بصريون، وَنصف الثَّانِي مدنيون.

وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر الفهمي.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْجِهَاد فِي: بابُُ تمني الشَّهَادَة.

قَوْله: بِيَدِهِ من المتشابهات، وَالْأَئِمَّة فِي أَمْثَالهَا طَائِفَتَانِ مفوضة ومؤولة.
قَوْله: مَا تخلفت أَي عَن سَرِيَّة.
قَوْله: لَوَدِدْت من الودادة وَهِي إِرَادَة وُقُوع شَيْء على وَجه مَخْصُوص يُرَاد،.

     وَقَالَ  الرَّاغِب: الود محبَّة الشَّيْء وتمني حُصُوله.


حدّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ، أخبرنَا مالِكٌ، عنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: والّذِي نَفْسي بِيَدِهِ وَدِدْتُ إنِّي لأُقاتِلُ فِي سَبِيلِ الله فأقْتَلُ ثُمَّ أُحْيا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيا، ثُمَّ أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيا، ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أحْيا فكانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُهُنَّ ثَلاَثاً: أشْهَدُ بِالله.
هَذَا طَرِيق آخر أخرجه عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عبد الله بن ذكْوَان عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة.
قَوْله: لأقاتل بلام التَّأْكِيد من بَاب المفاعلة هَكَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره بِدُونِ اللَّام.
قَوْله: يقولهن أَي: أقتل، ثَلَاثًا.
قَوْله: أشهد بِاللَّه أَنه، قَالَ ذَلِك.
وَفَائِدَته التَّأْكِيد وَظَاهره أَنه من كَلَام الرَّاوِي عَن أبي هُرَيْرَة، أَي: أشهد بِاللَّه أَن أَبَا هُرَيْرَة كَانَ يَقُول كَلِمَات: أقتل، ثَلَاث مَرَّات.