فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب خبر المرأة الواحدة

( بابُُ خَبَرِ المرْأةِ الواحِدَة)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان خبر الْمَرْأَة الْوَاحِدَة هَل يعْمل بِهِ أم لَا؟ وَفِي التَّوْضِيح فِيهِ الْإِمْسَاك على شكّ فِيهِ حَتَّى يتَيَقَّن أمره.



[ قــ :6877 ... غــ :7267 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيدِ، حدّثنا مُحَمَدُ بنُ جَعْفَرٍ، حدّثنا شُعْبَةُ، عنْ تَوْبَةَ العَنْبَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لي الشَّعْبيُّ: أرَأيْتَ حَدِيثَ الحَسَنِ عنِ النَّبيِّ وقاعَدْتُ ابنَ عُمَرَ قَرِيباً مِنْ سَنْتَيْنِ أوْ سَنَةٍ ونِصْفٍ فَلَمْ أسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عنِ النَّبيِّ غَيْرَ هاذَا، قَالَ: كانَ ناسٌ مِنْ أصْحابِ النبيِّ فِيهِمْ سَعْدٌ فَذَهَبُوا يأكُلُونَ منْ لَحْمٍ فَنَادَتْهُمُ امْرأَةٌ مِنْ بَعْضِ أزْوَاجِ النَّبيِّ إنّهُ لَحْمُ ضبَ فأمْسَكُوا فَقَالَ رسولُ الله كُلُوا أَو اطْعَمُوا فإنَّهُ حَلاَلٌ أوْ قَالَ: لَا بأسَ بِهِ، شَكَ فِيهِ ولاكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامِي
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: فأمسكوا حَيْثُ سمعُوا من كَلَام تِلْكَ الْمَرْأَة تركُوا الْأكل، فَدلَّ ذَلِك على أَن خبر الْمَرْأَة الْوَاحِدَة العدلة يعْمل بِهِ وَقَوله كلوا غير مُتَوَجّه إِلَى نفي كَلَامهَا بل هُوَ إِعْلَام بِأَنَّهَا تُؤْكَل وَإِنَّمَا منعتهم الْمَرْأَة لكَونهَا علمت أَن النَّبِي، مَا كَانَ يَأْكُل فبنت على هَذَا ومنعتهم، وَمَا علمت أَن ترك أكل النَّبِي من ذَلِك لكَونه يعافه بل لكَونه حَرَامًا.

وتوبة بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَسُكُون الْوَاو وبالباء الْمُوَحدَة ابْن كيسَان الْعَنْبَري نِسْبَة إِلَى بني العنبر بطن مَشْهُور من بني تَمِيم، وَالشعْبِيّ عَامر بن شرَاحِيل من كبار التَّابِعين، قيل: إِنَّه أدْرك خَمْسمِائَة صَحَابِيّ.

قَوْله: أَرَأَيْت من رُؤْيَة الْبَصَر والاستفهام للإنكار.
قَوْله: حَدِيث الْحسن أَي: الْبَصْرِيّ عَن النَّبِي وَكَانَ الشّعبِيّ يُنكر على من يُرْسل الْأَحَادِيث عَن النَّبِي إِشَارَة إِلَى أَن الْحَامِل لفاعل ذَلِك طلب الْإِكْثَار من التحديث عَنهُ، وإلاَّ لَكَانَ يَكْتَفِي بِمَا سَمعه مَوْصُولا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: غَرَضه أَن الْحسن مَعَ أَنه تَابِعِيّ يكثر الحَدِيث عَن النَّبِي يَعْنِي: أَنه جريء على الْإِقْدَام عَلَيْهِ.
وَعبد الله بن عمر مَعَ أَنه صَحَابِيّ يقلل فِيهِ محتاط مُحْتَرز مَا أمكن.
قَوْله: وقاعدت ابْن عمر قَالَ بَعضهم: الْجُمْلَة حَالية.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ ابْتِدَاء كَلَام لبَيَان تقليل ابْن عمر فِي الحَدِيث أَي: جَلَست مَعَه قَرِيبا من سنتَيْن، أَو قَرِيبا من سنة وَنصف، فَلم أسمعهُ يحدث عَن النَّبِي، صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم، غير هَذَا وَأَشَارَ بِهِ إِلَى الحَدِيث الَّذِي بعده.
وَهُوَ قَوْله: كَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي فيهم سعد هُوَ ابْن أبي وَقاص.
قَوْله: فنادتهم امْرَأَة هِيَ مَيْمُونَة إِحْدَى زَوْجَات النَّبِي، قَوْله: شكّ فِيهِ أَي: قَالَ شُعْبَة: شكّ فِيهِ تَوْبَة الْعَنْبَري.
قَوْله: لكنه أَي: لَكِن الضَّب لَيْسَ من طَعَامي أَي: من الطَّعَام المألوف بِهِ فأعافه.


( كِتابُ الاعْتِصامِ بِالكِتَابِ والسُّنَّةِ)
أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الِاعْتِصَام، وَهُوَ افتعال من الْعِصْمَة، وَهَذِه التَّرْجَمَة مقتبسة من قَوْله تَعَالَى: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُم أَعْدَآءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُمْ مِّنْهَا كَذالِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْءَايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} إِذْ المُرَاد بالحبل الْكتاب وَالسّنة على سَبِيل الِاسْتِعَارَة المصرحة، والقرينة الْإِضَافَة إِلَى الله، وَالْجَامِع كَونهمَا سَببا للمقصود الَّذِي هُوَ الثَّوَاب، كَمَا أَن الْحَبل سَبَب للمقصود من السَّقْي وَنَحْوه، وَالْمرَاد بِالْكتاب الْقُرْآن المتعبد بتلاوته، وبالسنة مَا جَاءَ عَن النَّبِي من أَقْوَاله وأفعاله وَتَقْرِيره وَمَا هَمَّ بِفِعْلِهِ.


[ قــ :6878 ... غــ :768 ]
- حدّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدثنَا سُفْيانُ، عنْ مِسْعَرٍ وغَيْرِهِ عنْ قَيْس بنِ مُسْلِمٍ، عنْ طارِقِ بنِ شهَاب قَالَ: قَالَ رجُلٌ مِنَ اليَهُودِ لِعُمَرَ: يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَوْ أنَّ عَلَيْنا نَزَلَتْ هاذِهِ الآيةُ { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاَْزْلاَمِ ذاَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} لاتَّخَذْنا ذالِكَ اليَوْمَ عِيداً.
فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي لأعْلَمُ أيَّ يَوْمٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، نَزَلَتْ يَوْمَ عَرَفَةَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ.

سَمِعَ سُفْيانُ مِن مِسْعَرٍ، ومِسْعَرٌ قَيْساً وقَيْسٌ طارِقاً.

ا
وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث عقيب هَذِه التَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْآيَة تدل على أَن هَذِه الْأمة معتصمة بِالْكتاب وَالسّنة لِأَن الله تَعَالَى منَّ عَلَيْهِم بِهَذِهِ الْآيَة بإكمال الدّين وإتمام النِّعْمَة وبرضاه لَهُم بدين الْإِسْلَام.

والْحميدِي عبد الله بن الزبير بن عِيسَى مَنْسُوب إِلَى أحد أجداد حميد بِالضَّمِّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، ومسعر بِكَسْر الْمِيم ابْن كدام بِكَسْر الْكَاف وَتَخْفِيف الدَّال.
قَوْله: وَغَيره قيل: يحْتَمل أَن يكون سُفْيَان الثَّوْريّ فَإِن أَحْمد أخرجه من رِوَايَته عَن قيس بن مُسلم الجدلي بِفَتْح الْجِيم وَالدَّال الْمُهْملَة الْكُوفِي، كَانَ عابداً ثِقَة ثبتاً لكنه نسب إِلَى الإرجاء، وَهُوَ يروي عَن طَارق بن شهَاب الأحمسي مَعْدُود فِي الصَّحَابَة لِأَنَّهُ رأى النَّبِي، لَكِن لم يثبت لَهُ مِنْهُ سَماع.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بابُُ زِيَادَة الْإِيمَان ونقصانه، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: يَوْم عَرَفَة هُوَ غير منصرف، وعرفات منصرف لِأَن عَرَفَة علم للزمان الْمعِين، وعرفات اسْم جنس لَهُ.

قَوْله: سمع سُفْيَان من مسعر إِلَى آخِره، من كَلَام البُخَارِيّ وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن العنعنة الْمَذْكُورَة من هَذَا السَّنَد مَحْمُولَة عِنْده على السماع لاطلاعه على سَماع كل مِنْهُم من شَيْخه، فَافْهَم.





[ قــ :6879 ... غــ :769 ]
- حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حَدثنَا اللَّيثُ، عنْ عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ أَخْبرنِي أنَسُ بنُ مالِكٍ أنَّه سَمِعَ عُمَرَ الْغَدَ حِينَ بايَعَ المُسْلِمُونَ أَبَا بَكْرٍ، واسْتَوَى عَلى مِنْبَرِ رسُولِ الله تَشَهَّدَ قَبْلَ أبي بَكْرٍ فَقَالَ: أمَّا بَعْدُ فاخْتَارَ الله لِرَسُولِهِ الّذِي عِنْدَهُ عَلى الّذي عِنْدَكُمْ، وهاذَا الكِتابُ الَّذِي هَدَى الله بِهِ رسُولَكُمْ فَخُذُوا بِهِ تَهْتَدُوا، وإنَّما هَدَى الله بِهِ رَسُولَهُ.

انْظُر الحَدِيث 719
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: وَهَذَا الْكتاب ... إِلَى آخِره، يفهم من لَهُ ذوق من دقائق التراكيب.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْأَحْكَام فِي: بابُُ الِاسْتِخْلَاف، بأتم مِنْهُ.

قَوْله: الْغَد أَي فِي الْيَوْم الثَّانِي من يَوْم الْمُبَايعَة الأولى الْخَاصَّة بِبَعْض الصَّحَابَة.
قَوْله: الَّذِي عِنْده أَي: فِي الْآخِرَة على الَّذِي عنْدكُمْ أَي: فِي الدُّنْيَا.





[ قــ :6880 ... غــ :770 ]
- حدّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا وُهَيْبٌ، عنْ خالدٍ، عنْ عِكْرِمَةَ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّني إلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

     وَقَالَ : اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتابَ
ا مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه دَعَا لَهُ بِأَن يُعلمهُ الله الْكتاب ليعتصم بِهِ.

ووهيب مصغر وهب ابْن خَالِد بن عجلَان الْبَصْرِيّ يروي عَن خَالِد الْحذاء.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ قَول النَّبِي اللَّهُمَّ علمه الْكتاب.





[ قــ :6881 ... غــ :771 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ صَبَّاحٍ، حدّثنا مُعْتَمِرٌ قَالَ: سَمِعْتُ عَوْفاً أنَّ أَبَا المِنْهَال حدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَرْزَةَ قَالَ: إنَّ الله يُغْنِيكُمْ أوْ نَعَشَكمْ بالإسْلاَمِ وبِمُحَمَّدٍ.

انْظُر الحَدِيث 711
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إغناء الله عباده بِالْإِسْلَامِ وبنبيه وَهُوَ عبارَة عَن الِاعْتِصَام بِالدّينِ وبرسوله
وَعبد الله بن صباح بتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْعَطَّار الْبَصْرِيّ، ومعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان بن طرخان الْبَصْرِيّ، وعَوْف بِالْفَاءِ فِي آخِره هُوَ الْمَشْهُور بعوف الْأَعرَابِي، وَأَبُو الْمنْهَال بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون سيار بن سَلامَة، وَأَبُو بَرزَة بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وبالزاي اسْمه نَضْلَة بِفَتْح النُّون وَسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة بن عبيد الْأَسْلَمِيّ سكن الْبَصْرَة.

والْحَدِيث مضى فِي الْفِتَن فِي: بابُُ إِذا قَالَ عِنْد قوم شَيْئا.

قَوْله: يغنيكم من الإغناء بالغين الْمُعْجَمَة وَالنُّون.
قَوْله: أَو نعشكم بنُون ثمَّ عين مُهْملَة وشين مُعْجمَة أَي: رفعكم أَو جبركم من الْكسر أَو أقامكم من العثر.





[ قــ :688 ... غــ :77 ]
- حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنْ عَبْدِ الله بن دِينارٍ أنَّ عَبْدَ الله بنَ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ يُبايِعُهُ، وأُقِرُّ بِذَلِكَ بالسَّمْعِ والطَّاعَةِ عَلى سُنَّةِ الله وسُنَّةِ رسولِهِ فِيمَا اسْتَطَعْتُ.

انْظُر الحَدِيث 703 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: على سنة الله وَسنة رَسُوله فقد اعْتصمَ بهما.

والْحَدِيث مضى بأتم من هَذَا فِي أَوَاخِر كتاب الْأَحْكَام فِي: بابُُ كَيفَ يُبَايع الإِمَام.

قَوْله: يبايعه حَال.
قَوْله: وَأقر بذلك ويروى: وَأقر لَك، وَهُوَ عطف على مُتَقَدم عَلَيْهِ كَانَ فِي مَكْتُوب ابْن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: فِيمَا اسْتَطَعْت يَعْنِي قدر استطاعتي.