فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الرجال والنساء مما علمه الله، ليس برأي ولا تمثيل

( بابُُ تَعْلِيمِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ مِمَّا عَلَّمَهُ الله لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تَعْلِيم رَسُول الله، أمته إِلَى آخِره، قَالَ الْمُهلب: مُرَاده أَن الْعَالم إِذا كَانَ يُمكنهُ أَن يحدث بالنصوص لَا يحدث بنظره وَلَا قِيَاسه.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح ترْجم فِي كتاب الْعلم: بابُُ هَل يَجْعَل للنِّسَاء يَوْمًا على حِدة فِي الْعلم، ثمَّ نقل كَلَام الْمُهلب، ثمَّ قَالَ: بِهَذَا معنى التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ، حَدثهمْ حَدِيثا عَن الله لَا يبلغهُ قِيَاس وَلَا نظر، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيف ووحي، وَكَذَلِكَ مَا حَدثهمْ بِهِ من سنَنه فَهُوَ عَن الله تَعَالَى أَيْضا لقَوْله: هُهِهّهْ 0 النَّجْم: 3 ف قَوْله: لَيْسَ بِرَأْي قد مر تَفْسِير الرَّأْي.
قَوْله: وَلَا تَمْثِيل أَي: قِيَاس وَهُوَ إِثْبَات مثل حكم مَعْلُوم فِي مَعْلُوم آخر لاشْتِرَاكهمَا فِي عِلّة الحكم، وَهَذَا يدل على أَنه من نفاة الْقيَاس، وَقد قُلْنَا فِيمَا مضى: إِن الْقيَاس اعْتِبَار وَالِاعْتِبَار مَأْمُور بِهِ لقَوْله تَعَالَى: 0 الْحَشْر: 2 ف فَالْقِيَاس مَأْمُور بِهِ.



[ قــ :6919 ... غــ :7310 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا أبُو عَوَانَة، عنْ عَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ الأصْبَهانيِّ، عنْ أبي صالِحٍ ذَكْوَانَ، عنْ أبي سَعيدٍ: جاءَتِ امرْأَةٌ إِلَى رسولِ الله فقالَتْ يَا رسولَ الله ذَهَبَ الرِّجالُ بِحَدِيثِكَ فاجْعَلْ لَنا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نأتِيكَ فِيهِ تُعَلِّمُنا مِمَّا عَلَّمَكَ الله فَقَالَ: اجْتَمِعْنَ فِي يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، فِي مَكانِ كَذَا وكَذَا فاجْتَمَعْنَ فأتاهُنَّ رسولُ الله فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ الله، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُنَّ امْرأةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْها مِنْ وَلَدِها ثَلاَثةً، إلاّ كانَ لَهَا حِجاباً مِنَ النَّار فَقالَتِ امْرأةٌ مِنْهُنْ يَا رسولَ الله اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فأعادَتْها مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: واثْنَيْنِ واثْنَيْنِ واثْنَيْنِ

قَالَ الْكرْمَانِي مَا حَاصله: إِن مَوضِع التَّرْجَمَة هُوَ قَوْله: لَهَا حِجَابا من النَّار لِأَن هَذَا أَمر توقيفي تَعْلِيم من الله تَعَالَى لَيْسَ قولا بِرَأْي وَلَا تَمْثِيل لَا دخل لَهما فِيهِ.
انْتهى.
قلت: هَذَا الحَدِيث لَا يدل على مُطَابقَة التَّرْجَمَة أصلا لِأَن عدم دلَالَته على الرَّأْي والتمثيل لَا يسْتَلْزم نفيهما.

وَأَبُو عوَانَة بِالْفَتْح هُوَ الوضاح الْيَشْكُرِي، وَعبد الرَّحْمَن بن الْأَصْبَهَانِيّ هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْأَصْبَهَانِيّ الْكُوفِي وَأَصله من أَصْبَهَان،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فِي أَصْبَهَان أَربع لُغَات: فتح الْهمزَة وَكسرهَا وبالباء الْمُوَحدَة وبالفاء، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ هَل يَجْعَل للنِّسَاء يَوْم على حِدة فِي الْعلم؟ فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن آدم عَن شُعْبَة عَن ابْن الْأَصْبَهَانِيّ ... إِلَى آخِره، وَفِي الْجَنَائِز عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: جَاءَت امْرَأَة قيل: يحْتَمل أَن تكون هِيَ أَسمَاء بنت يزِيد بن السكن.
قَوْله: من نَفسك أَي: من أَوْقَات نَفسك.
قَوْله: اجْتَمعْنَ أَولا بِلَفْظ الْأَمر، وَثَانِيا بالماضي.
قَوْله: تقدم من التَّقْدِيم أَي: إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.