فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {قل أي شيء أكبر شهادة قل الله} [الأنعام: 19]، «فسمى الله تعالى نفسه شيئا، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم القرآن شيئا، وهو صفة من صفات الله»، وقال: {كل شيء هالك إلا وجهه} [القصص: 88]

( بابٌُ { قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَاذَا الْقُرْءَانُ لاُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِءَالِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} وسَمَّى الله تَعَالَى نَفْسَهُ: شَيْئاً { قل الله} وسَمَّى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم القُرْآنَ: شَيَئاً، وهْوَ صِفَة مِنْ صِفاتِ الله.

     وَقَالَ : { وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَاهاًءَاخَرَ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله تَعَالَى: { قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَاذَا الْقُرْءَانُ لاُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِءَالِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} .

     وَقَالَ  بَعضهم: بابُُ، بِالتَّنْوِينِ.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك لِأَن التَّنْوِين يكون فِي المعرب والمعرب هُوَ الْمركب الَّذِي لم يشبه مبْنى الأَصْل، فَإِذا قُلْنَا مثل مَا ذكرنَا يَأْتِي التَّنْوِين وَالْإِعْرَاب.
قَوْله: بابُُ إِلَى قَوْله: شَيْئا، كَذَا وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر والقابسي، وَسقط: بابُُ، لغَيْرِهِمَا من رِوَايَة الْفربرِي، وَسَقَطت التَّرْجَمَة من رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَذكر قَوْله: { قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَاذَا الْقُرْءَانُ لاُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِءَالِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} وَحَدِيث سهل بن سعد بعد أثري أبي الْعَالِيَة وَمُجاهد فِي تَفْسِير اسْتَوَى على الْعَرْش، وَوَقع عِنْد الْأصيلِيّ وكريمة { قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَاذَا الْقُرْءَانُ لاُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِءَالِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} سمى الله نَفسه شَيْئا اا قَوْله: { قل الله} أَي: قل يَا مُحَمَّد، أَي شَيْء، كلمة: أَي: استفهامية وَلَفظ: شَيْء، أَعم الْعَام لوُقُوعه على كل مَا يصلح أَن يخبر عَنهُ.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: أَي شَيْء، أَي: شَهِيد أكبر شَهَادَة، فَوضع شَيْئا مقَام شَهِيد ليبالغ بالتعميم، وَيُقَال: إِن قُريْشًا أَتَوا النَّبِي، بِمَكَّة فَقَالُوا: يَا مُحَمَّد مَا نرى أحدا يصدقك فِيمَا تَقول، وَلَقَد سَأَلنَا عَنْك الْيَهُود وَالنَّصَارَى فزعموا أَنه لَيْسَ لَك عِنْدهم ذكر وَلَا صفة فأرنا من يشْهد لَك أَنَّك رَسُول الله، فَأنْزل الله هَذِه الْآيَة: { قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَاذَا الْقُرْءَانُ لاُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِءَالِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} على مَا أَقُول.
قَوْله: فَسمى الله نَفسه شَيْئا يَعْنِي: إِثْبَاتًا للوجود ونفياً للعدم وتكذيباً للزنادقة والدهرية.
قَوْله: وسمى النَّبِي، الْقُرْآن: شَيْئا أَشَارَ بِهِ إِلَى الحَدِيث الَّذِي أوردهُ من حَدِيث سهل بن سعد وَفِيه: أَمَعَك شَيْء من الْقُرْآن؟ وَقد مضى فِي النِّكَاح.
قَوْله: وَهُوَ صفة أَي: الْقُرْآن صفة من صِفَات الله أَي: من صِفَات ذَاته، وكل صفة تسمى شَيْئا بِمَعْنى أَنَّهَا مَوْجُودَة.
قَوْله:.

     وَقَالَ : { وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَاهاًءَاخَرَ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} فَهُوَ أَنه مُسْتَثْنى مُتَّصِل فَيجب اندراجه فِي المستنثى مِنْهُ، وَالشَّيْء يُسَاوِي الْمَوْجُود لُغَة وَعرفا، وَقيل: إِن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع وَالتَّقْدِير: لَكِن هُوَ لَا يهْلك.



[ قــ :7021 ... غــ :7417 ]
- حدّثنا عبْد الله بنُ يُوسُفَ، أخبرنَا مالكٌ، عنْ أبي حازِمٍ، عنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ النّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرَجُلِ أمَعَكَ مِنَ القُرْآن شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وسُورَةُ كَذَا، لِسُورٍ سَمَّاها.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وسمى النَّبِي الْقُرْآن شَيْئا
وَأَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي سَلمَة بن دِينَار.

والْحَدِيث مضى فِي النِّكَاح بأتم مِنْهُ.
وَمضى الْكَلَام فِيهِ.