فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب {وكان عرشه على الماء} [هود: 7]، {وهو رب العرش العظيم} [التوبة: 129]

( بابُُ { وَكَانَ عَرْشه على المَاء} { وَهُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُو اْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} فِي قَوْله: { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ اللَّهُ لَا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} وَذكر هَاتين القطعتين من الْآيَتَيْنِ الكريمتين تَنْبِيها على فائدتين: الأولى: من قَوْله: هِيَ لدفع توهم من قَالَ: إِن الْعَرْش لم يزل مَعَ الله تَعَالَى، مستدلين بقوله فِي الحَدِيث: كَانَ الله وَلم يكن شَيْء قبله وَكَانَ عَرْشه على المَاء.
وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل، وَلَا يدل قَوْله تَعَالَى: { وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُو اْ إِنْ هَاذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} على أَنه حَال عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أخبر عَن الْعَرْش خَاصَّة بِأَنَّهُ على المَاء، وَلم يخبر عَن نَفسه بِأَنَّهُ حَال عَلَيْهِ تَعَالَى الله عَن ذَلِك، لِأَنَّهُ لم يكن لَهُ حَاجَة إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا جعله ليتعبد بِهِ مَلَائكَته كتعبد خلقه بِالْبَيْتِ الْحَرَام وَلم يسمه بَيته بِمَعْنى أَنه يسكنهُ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ بَيته لِأَنَّهُ الْخَالِق لَهُ وَالْمَالِك، وَكَذَلِكَ الْعَرْش سَمَّاهُ عَرْشه لِأَنَّهُ مَالِكه وَالله تَعَالَى لَيْسَ لأوليته حد وَلَا مُنْتَهى، وَقد كَانَ فِي أوليته وَحده وَلَا عرش مَعَه.
والفائدة الثَّانِيَة: من قَوْله: { اذْهَب بِّكِتَابِى هَاذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} لدفع توهم من قَالَ: إِن الْعَرْش هُوَ الْخَالِق الصَّانِع.
وَقَوله: { رب الْعَرْش} يبطل هَذَا القَوْل الْفَاسِد لِأَنَّهُ يدل على أَنه مربوب مَخْلُوق، والمخلوق كَيفَ يكون خَالِقًا؟ وَقد اتّفقت أقاويل أهل التَّفْسِير على أَن الْعَرْش هُوَ السرير وَأَنه جسم ذُو قَوَائِم بِدَلِيل قَوْله، فَإِذا مُوسَى آخذ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش، وَهَذَا صفة الْمَخْلُوق لدلائل قيام الْحُدُوث بِهِ من التَّأْلِيف وَغَيره، وَجَاء عَن عبد الرَّزَّاق فِي تَفْسِيره عَن معمر عَن قَتَادَة: عَرْشه من ياقوتة حَمْرَاء.

قَالَ أبُو العالِيَةِ: اسْتَوَى إِلَى السَّماءِ، ارْتَفَعَ.
فَسَوَّاهُنَّ: خَلَقَهُنَّ.

أَبُو الْعَالِيَة رفيع بن مهْرَان الريَاحي سمع ابْن عَبَّاس،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَبُو الْعَالِيَة بِالْمُهْمَلَةِ والتحتانية كنية لتابعيين بصريين رَاوِيَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس اسْم أَحدهمَا: رفيع مصغر رفع ضد الْخَفْض، وَاسم الآخر: زِيَاد بالتحتانية الْخَفِيفَة.
انْتهى.
قلت: لم يعين أَيهمَا قَالَ: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء ارْتَفع، وَكَذَلِكَ غَيره من الشُّرَّاح أهمل وَلم يبين، وَالظَّاهِر أَنه: رفيع، لشهرته أَكثر من زِيَاد، ولكثرة رِوَايَته عَن ابْن عَبَّاس.
وَالتَّعْلِيق الْمَذْكُور وَصله الطَّبَرِيّ عَن مُحَمَّد بن أبان: حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن حُصَيْن عَن أبي الْعَالِيَة ... وَقد اخْتلف الْعلمَاء فِي معنى الاسْتوَاء فَقَالَت الْمُعْتَزلَة: بِمَعْنى الِاسْتِيلَاء والقهر وَالْغَلَبَة كَمَا فِي قَول الشَّاعِر:
( قد اسْتَوَى بشرٌ على الْعرَاق ... من غير سيف وَدم مهراقِ)

بِمَعْنى: قهر وَغلب، وَأنكر عَلَيْهِم بِأَنَّهُ لَا يُقَال: استولى، إلاَّ إِذا لم يكن مستولياً ثمَّ استولى، وَالله عز وَجل لم يزل مستولياً قاهراً غَالِبا،.

     وَقَالَ  أَبُو الْعَالِيَة: معنى اسْتَوَى ارْتَفع، وَفِيه نظر لِأَنَّهُ لم يصف بِهِ نَفسه،.

     وَقَالَ ت المجسمة: مَعْنَاهُ اسْتَقر وَهُوَ فَاسد لِأَن الِاسْتِقْرَار من صِفَات الْأَجْسَام وَيلْزم مِنْهُ الْحُلُول والتناهي وَهُوَ محَال فِي حق الله تَعَالَى.
وَاخْتلف أهل السّنة فَقَالَ بَعضهم: مَعْنَاهُ ارْتَفع مثل قَول أبي الْعَالِيَة، وَبِه قَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَالْفراء وَغَيرهمَا،.

     وَقَالَ  بَعضهم: مَعْنَاهُ ملك وَقدر،.

     وَقَالَ  بَعضهم: مَعْنَاهُ علا، وَقيل: معنى الاسْتوَاء التَّمام والفراغ من فعل الشَّيْء وَمِنْه.
قَوْله تَعَالَى: { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىءَاتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ} فعلى هَذَا فَمَعْنَى اسْتَوَى على الْعَرْش أتم الْخلق وَخص لفظ الْعَرْش لكَونه أعظم الْأَشْيَاء.
وَقيل: إِن: على، فِي قَوْله: { على الْعَرْش} بِمَعْنى: إِلَى، فَالْمُرَاد على هَذَا: انْتهى إِلَى الْعَرْش، أَي: فِيمَا يتَعَلَّق بالعرش لِأَنَّهُ خلق الْخلق شَيْئا بعد شَيْء، وَالصَّحِيح تَفْسِير اسْتَوَى بِمَعْنى: علا، كَمَا قَالَه مُجَاهِد، على مَا يَأْتِي الْآن، وَهُوَ الْمَذْهَب الْحق.
وَقَول مُعظم أهل السّنة: لِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وصف نَفسه بالعلي.
وَاخْتلف أهل السّنة: هَل الاسْتوَاء صفة ذَات أَو صفة فعل؟ فَمن قَالَ: مَعْنَاهُ علا، قَالَ: هِيَ صفة ذَات، وَمن قَالَ غير ذَلِك قَالَ: هِيَ صفة فعل.
قَوْله: فسواهن: خَلقهنَّ هُوَ من كَلَام أبي الْعَالِيَة أَيْضا.
قَوْله: خَلقهنَّ كَذَا فِي رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فسوى خلق، وَالْمَنْقُول عَن أبي الْعَالِيَة بِلَفْظ: فقضاهن، كَمَا أخرجه الطَّبَرِيّ من طَرِيق أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: { هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الاَْرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَآءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ} قَالَ: ارْتَفع.
وَفِي قَوْله: فقضاهن: خَلقهنَّ، وَالَّذِي وَقع فسواهن، تَغْيِير وَفِي تَفْسِير: سوَّى بِخلق نظر، لِأَن فِي التَّسْوِيَة قدرا زَائِدا على الْخلق كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى}
وَقَالَ مُجاهِدٌ: اسْتَوَى عَلى العَرْشِ.
هَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَوَصله الْفرْيَابِيّ عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: المَجِيدُ الكَرِيمُ، والوَدُودُ الحَبِيبُ، يُقال: حَميدٌ مَجِيدٌ، كأنَّهُ فَعيلٌ مِنْ ماجدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِيدٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه لما ذكر الْعَرْش ذكر أَن الله وَصفه بالمجيد فِي قَوْله عز وَجل: { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} فسر الْمجِيد بالكريم وَوصل هَذَا ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، وقرىء: ذُو الْعَرْش صفة لِرَبِّك، وقرىء: الْمجِيد، بِالْجَرِّ صفة للعرش، ومجد الله عَظمته ومجد الْعَرْش علوه وعظمته.
قَوْله: والودود الحبيب، ذكر هَذَا اسْتِطْرَادًا لِأَن قبل قَوْله: { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} وَفسّر الْوَدُود بالحبيب،.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: الْوَدُود الْفَاعِل بِأَهْل طَاعَته مَا يَفْعَله الْوَدُود من إعطائهم مَا أَرَادوا.
قَوْله: كَأَنَّهُ فعيل، أَي: كَأَن مجيداً على وزن فعيل أَخذ من ماجد ومحمود أَخذ من حميد، ويروى: من حمد، على صِيغَة الْمَاضِي وَهُوَ الصَّوَاب.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: غَرَضه أَن مجيداً فعيل بِمَعْنى فَاعل، وحميداً فعيل بِمَعْنى مَحْمُود.
فَهُوَ من بابُُ الْقلب، ويروى: مَحْمُود من حمد بِلَفْظ ماضي الْمَجْهُول وَالْمَعْرُوف، وَإِنَّمَا قَالَ: كَأَنَّهُ، لاحْتِمَال أَن يكون حميد بِمَعْنى حَامِد، والمجيد بِمَعْنى الممجد.
وَفِي الْجُمْلَة فِي عبارَة البُخَارِيّ تعقيد.
انْتهى.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: التعقيد فِي قَوْله: مَحْمُود من حمد.
قلت: سُبْحَانَ الله كَيفَ يَقُول هَذَا الْقَائِل التعقيد فِي قَوْله: مَحْمُود من حمد، وَهَذَا كَلَام من لم يذقْ من علم التصريف شَيْئا، بل لفظ: مَحْمُود، مُشْتَقّ من: حمد، والتعقيد الَّذِي ذكره الْكرْمَانِي وَنسبه إِلَى البُخَارِيّ هُوَ قَوْله: ومحمود أَخذ من حميد، لِأَن مَحْمُودًا لم يُؤْخَذ من حميد، وَإِنَّمَا كِلَاهُمَا أخذا من: حمد، الْمَاضِي.
فَافْهَم.



[ قــ :7022 ... غــ :7418 ]
- حدّثنا عَبْدَانُ، عنْ أبي حَمْزَةَ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ جامِعِ بنِ شَدَّادٍ، عنْ صَفْوانَ بنِ مُحْرِزٍ عنْ عمرانَ بنِ حُصَيْنٍ قَالَ: إنِّي عِنْدَ النبيِّ إذْ جاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ: اقْبَلُوا البُشْراى يَا بَني تَمِيمٍ قالُوا: بَشَّرْتَنا فأعْطِنا، فَدَخَلَ ناسٌ مِنْ أهْلِ اليَمنِ فَقَالَ: اقْبَلُوا البُشْرَى يَا أهْلَ اليَمن إذْ لَمْ يَقْبَلْها بَنُو تَمِيمٍ قالُوا: قَبِلْنا جِئْناكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ ولِنَسْألكَ عنْ أوَّلِ هاذا الأمْر مَا كَانَ؟ قَالَ: كَانَ الله ولَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى الماءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ، وكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كلَّ شَيْءٍ ثُمَّ أتانِي رَجُلٌ فَقَالَ: يَا عِمْرانُ أدْرِكْ ناقَتَك، فَقَدْ ذَهَبَتْ، فانْطَلَقْتُ أطْلُبُها، فَإِذا السَّرابُ يَنْقَطِعُ دُونَها، وايْمُ الله لَوَدِدْتُ أنَّها قَدْ ذَهَبَتْ ولَمْ أقُمْ.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وعبدان لقب عبد الله بن عُثْمَان، وَأَبُو حَمْزَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي مُحَمَّد بن مَيْمُون، وجامع بن شَدَّاد بتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة الأولى، وَصَفوَان بن مُحرز بِضَم الْمِيم على صِيغَة الْفَاعِل من الْإِحْرَاز.

والْحَدِيث مضى فِي أول كتاب بَدْء الْخلق.

قَوْله: إِذْ جَاءَ قوم من بني تَمِيم وَفِي رِوَايَة الْمَغَازِي: جَاءَت بَنو تَمِيم، وَهُوَ مَحْمُول على إِرَادَة بَعضهم، وَفِي رِوَايَة بَدْء الْخلق: جَاءَ نفر من بني تَمِيم، وَالْمرَاد: وَفد تَمِيم، كَمَا صرح بِهِ ابْن حبَان فِي رِوَايَته.
اقْبَلُوا الْبُشْرَى وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم: أَبْشِرُوا يَا بني تَمِيم قَوْله: بشرتنا أَي: بِالْجنَّةِ وَنَعِيمهَا، أعطنا شَيْئا، وَفِي الْمَغَازِي، فَقَالُوا: أما إِذا بشرتنا فَأَعْطِنَا، وفيهَا: فَتغير وَجهه، وَعند أبي نعيم فِي الْمُسْتَخْرج كَأَنَّهُ كره ذَلِك، وَفِي رِوَايَة فِي الْمَغَازِي: فَرُئِيَ ذَلِك فِي وَجهه، وفيهَا: فَقَالُوا: يَا رَسُول الله بشرتنا، وَهُوَ دَال على إسْلَامهمْ، قيل: بَنو تَمِيم قبلوها حَيْثُ قَالُوا: بشرتنا.
غَايَة مَا فِي الْبابُُ أَنهم سَأَلُوا شَيْئا.
وَأجِيب بِأَنَّهُم لم يقبلوها حَيْثُ لم يهتموا بالسؤال عَن حقائقها وَكَيْفِيَّة المبدأ والمعاد، وَلم يعتنوا بضبطها وحفظها، وَلم يسْأَلُوا عَن موجباتها وَعَن الموصلات إِلَيْهَا.
وَقيل: المُرَاد بِهَذِهِ الْبشَارَة أَن من أسلم نجا من الخلود فِي النَّار، ثمَّ بعد ذَلِك يَتَرَتَّب جَزَاؤُهُ على وفْق عمله إلاَّ أَن يعْفُو الله.
قَوْله: فَأَعْطِنَا زعم ابْن الْجَوْزِيّ أَن الْقَائِل: أعطنا هُوَ الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي.
قَوْله: فَدخل نَاس من أهل الْيمن وَفِي رِوَايَة حَفْص: ثمَّ دخل عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم: فَجَاءَهُ نَاس من أهل الْيمن.
قَوْله: عَن أول هَذَا الْأَمر أَي: ابْتِدَاء خلق الْعَالم والمكلفين.
قَوْله: مَا كَانَ؟ مَا للاستفهام.
قَوْله: وَلم يكن شَيْء قبله حَال، قَالَه الطَّيِّبِيّ، وَعند الْكُوفِيّين: خبر وَالْمعْنَى يساعده إِذْ التَّقْدِير: كَانَ الله مُنْفَردا، وَقد جوز الْأَخْفَش دُخُول الْوَاو فِي خبر: كَانَ وَأَخَوَاتهَا، نَحْو: كَانَ زيد وَأَبوهُ قَائِم.
قَوْله: وَكَانَ عَرْشه على المَاء قَالَ الْكرْمَانِي: عطف على: كَانَ الله، وَلَا يلْزم مِنْهُ الْمَعِيَّة، إِذْ اللَّازِم من الْوَاو هُوَ الِاجْتِمَاع فِي أصل الثُّبُوت وَإِن كَانَ بَينهمَا تَقْدِيم وَتَأْخِير.
.

     وَقَالَ  شيخ شَيْخي الطَّيِّبِيّ، طيب الله ثراهما: لفظ: كَانَ، فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِحَسب حَال مدخولها، فَالْمُرَاد بِالْأولِ الأزلية والقدم، وَبِالثَّانِي: الْحُدُوث بعد الْعَدَم.
قَوْله: فِي الذّكر أَي: اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
قَوْله: أدْرك نَاقَتك فقد ذهبت وَفِي رِوَايَة أبي مُعَاوِيَة: انْحَلَّت نَاقَتك من عقالها.
قَوْله: دونهَا أَي: كَانَت النَّاقة من وَرَاء السراب بِحَيْثُ لَا بُد من الْمسَافَة السرابية للوصول إِلَيْهَا، والسراب بِالسِّين الْمُهْملَة الَّذِي يرَاهُ الْإِنْسَان نصف النَّهَار كَأَنَّهُ مَاء.
قَوْله: وَايْم الله يَمِين تقدم مَعْنَاهُ غير مرّة.
قَوْله: لَوَدِدْت إِلَى آخِره، الود الْمَذْكُور تسلط على مَجْمُوع ذهابها وَعدم قِيَامه، لَا على أَحدهمَا فَقَط، لِأَن ذهابها كَانَ قد تحقق بانفلاتها، أَو المُرَاد بالذهاب الْفِعْل الْكُلِّي، قَالَه بَعضهم، وَفِي الْأَخير نظر لَا يخفى.





[ قــ :703 ... غــ :7419 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنَا مَعْمَ، عنْ هَمَّامٍ حدّثنا أبُو هُرَيْرَةَ عنِ النّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إنَّ يَمِينَ الله مَلْأى، لَا يَغِيضُها نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللّيْلِ والنَّهارَ، أرَأيْتُمْ مَا أنْفَقَ مُنْذُ خَلقَ السَّماواتِ والأرْضَ؟ فإنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ، وعَرْشُهُ عَلى الماءِ وبِيَدِهِ الأُخْراى الفَيْضُ أَو القَبْضُ يَرْفَعُ ويَخْفِضُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وعرشه على المَاء
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وَعبد الرَّزَّاق بن همام، وَمعمر بن رَاشد، وَهَمَّام بِفَتْح الْهَاء وَتَشْديد الْمِيم ابْن مُنَبّه أَخُو وهب بن مُنَبّه، وَكَانَ أكبر من وهب.

وَمضى نَحوه عَن قريب من رِوَايَة الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَمضى شَرحه هُنَاكَ.

قَوْله: وعرشه على المَاء لَيْسَ المُرَاد بِالْمَاءِ مَاء الْبَحْر بل هُوَ مَا تَحت الْعَرْش، وَالْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: الْفَيْض بِالْفَاءِ وَالْيَاء آخر الْحُرُوف، وَالْقَبْض بِالْقَافِ وَالْبَاء الْمُوَحدَة، وَكلمَة: أَو، لَيست للترديد بل للتنويع.
قَالَ الْكرْمَانِي يحْتَمل أَن يكون شكا من الرَّاوِي، وَالْأول أولى.





[ قــ :704 ... غــ :740 ]
- حدّثنا أحْمَدُ، حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدثنَا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنْ ثابِتٍ عنْ أنَسٍ قَالَ: جاءَ زَيْدُ بنُ حارِثَةَ يَشْكو فَجَعَل النبيُّ يَقُولُ اتَّق الله وأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ.

قالَتْ عائِشَةُ لوْ كَانَ رسولُ الله كاتِماً شَيْئاً لَكَتَمَ هاذِه، قَالَ: فكانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ على أزْواجِ النبيِّ تَقُولُ زَوَّجَكُنَّ أهالِيكُنَّ وزَوَّجَنِي الله تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ.

وعنْ ثابتٍ { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ وزَيْدِ بنِ حارِثَةَ.

انْظُر الحَدِيث 4787
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: من فَوق سبع سماوات لِأَن المُرَاد من فَوق سبع سماوات هُوَ الْعَرْش، وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ أَبُو الْقَاسِم التَّيْمِيّ فِي كتاب الْحجَّة من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عَامر الشّعبِيّ قَالَ: كَانَت زَيْنَب تَقول للنَّبِي، أَنا أعظم نِسَائِك عَلَيْك حقّاً، أَنا خيرهن منكحاً، وأكرمهن سفيراً، وأقربهن رحما، زوجنيك الرحمان من فَوق عَرْشه، وَكَانَ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، هُوَ السفير بذلك، وَأَنا ابْنة عَمَّتك وَلَيْسَ لَك من نِسَائِك قريبَة غَيْرِي.

وَشَيخ البُخَارِيّ أَحْمد، كَذَا وَقع لجَمِيع الروَاة غير مَنْسُوب وَذكر أَبُو نصر الكلاباذي أَنه أَحْمد بن سيار الْمروزِي، وَذكر الْحَاكِم أَنه أَحْمد بن النَّضر النَّيْسَابُورِي، وَهُوَ الْمَذْكُور فِي سُورَة الْأَنْفَال.
.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح قَالَ فِيهِ ابْن البيع: هُوَ أَبُو الْفضل أَحْمد بن نصر بن عبد الْوَهَّاب النَّيْسَابُورِي،.

     وَقَالَ  غَيره: هُوَ أَبُو الْحسن أَحْمد بن سيار بن أَيُّوب بن عبد الرَّحْمَن الْمروزِي، وَاقْتصر عَلَيْهِ صَاحب الْأَطْرَاف نقلا روى عَنهُ النَّسَائِيّ وَمَات سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ،.

     وَقَالَ  جَامع رجال الصَّحِيحَيْنِ أَحْمد غير مَنْسُوب حدث عَن أبي بكر بن مُحَمَّد الْمقدمِي فِي التَّوْحِيد وَعَن عبيد الله بن معَاذ فِي تَفْسِير سُورَة الْأَنْفَال، روى عَنهُ البُخَارِيّ، يُقَال: إِنَّه أَحْمد بن سيار الْمروزِي فَإِنَّهُ حدث عَن الْمقدمِي، فَأَما الَّذِي حدث عَن عبيد الله بن معَاذ فَهُوَ أَحْمد بن النَّصْر بن عبد الْوَهَّاب، على مَا حَكَاهُ أَبُو عبد الله بن البيع عَن أبي عبد الله الأخرم، وَهُوَ حَدِيث آخر.

والْحَدِيث ذكره الْمزي فِي الْأَطْرَاف.

قَوْله: جَاءَ زيد بن حَارِثَة بِالْحَاء الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة، مولى رَسُول الله قَوْله: يشكو أَي: من أَخْلَاق زَوجته زَيْنَب بنت جحش،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: الَّذِي شكاه من زَيْنَب وَأمّهَا أُمَيْمَة بنت عبد الْمطلب عمَّة رَسُول الله كَانَ من لسانها، وهم يرَوْنَ أَنه ابْن رَسُول الله فَلَمَّا أَرَادَ طَلاقهَا قَالَ لَهُ { وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُْولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَواةَ وَءَاتِينَ الزَّكَواةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وَكَانَ رَسُول الله يحب طَلَاقه إِيَّاهَا، فكره أَن يَقُول لَهُ: طَلقهَا، فَيسمع النَّاس بذلك.

قَوْله: قَالَت عَائِشَة مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور وَلَيْسَ بتعليق، كَذَا وَقع فِي الْأُصُول: قَالَت عَائِشَة لَو كَانَ رَسُول الله، كَاتِما شَيْئا لكَتم هَذِه أَي الْآيَة، وَهِي: { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} .

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ:.

     وَقَالَ  أنس: لَو كَانَ ... الخ مَوضِع:.

     وَقَالَ ت عَائِشَة، وَاقْتصر عِيَاض فِي الشِّفَاء على نسبته إِلَى عَائِشَة وأغفل حَدِيث أنس هَذَا، وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ وَفِي مُسْند الفردوسي من وَجه آخر: عَن عَائِشَة من لَفظه لَو كنت كَاتِما شَيْئا من الْوَحْي.
.
الحَدِيث.
قَوْله: أهاليكن الأهالي جمع أهل على غير الْقيَاس، وَالْقِيَاس: أهلون، وَأهل الرجل امْرَأَته وَولده وكل من فِي عِيَاله، وَكَذَا كل أَخ أَو أُخْت أَو عَم أَو ابْن عَم أَو صبي أَجْنَبِي يعوله فِي منزله.
وَعَن الْأَزْهَرِي: أهل الرجل أخص النَّاس بِهِ ويكنى بِهِ عَن الزَّوْجَة، وَمِنْه: وَسَار بأَهْله، وَأهل الْبَيْت سكانه، وَأهل الْإِسْلَام من تدين بِهِ، وَأهل الْقُرْآن من يقرأونه ويقومون بحقوقه.
قَوْله: من فَوق سبع سماوات لما كَانَت جِهَة الْعُلُوّ أشرف من غَيرهَا أضيفت إِلَى فَوق سبع سماوات،.

     وَقَالَ  الرَّاغِب: فَوق، يسْتَعْمل فِي الْمَكَان وَالزَّمَان والجسم وَالْعدَد والمنزلة والقهر.
فَالْأول: بِاعْتِبَار الْعُلُوّ ويقابله تَحت نَحْو { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الاَْيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} وَالثَّانِي: بِاعْتِبَار الصعُود والانحدار نَحْو: { إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الاَْبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاْ} وَالثَّالِث: فِي الْعدَد نَحْو: { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِى أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الاُْنْثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلاَِبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُنْ لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلاُِمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلاُِمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَآ أَوْ دَيْنٍءَابَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} وَالرَّابِع: فِي الْكبر والصغر، كَقَوْلِه: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْىِ أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَءَامَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ.
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِهَاذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ}
وَالْخَامِس: يَقع تَارَة بِاعْتِبَار الْفَضِيلَة الدُّنْيَوِيَّة نَحْو: { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَّعِيشَتَهُمْ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} والأخروية نَحْو: { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَواةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَءَامَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} وَالسَّادِس: نَحْو قَوْله تَعَالَى: { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
قَوْله: وَعَن ثَابت أَي: الْبنانِيّ، وَهُوَ مَوْصُول بالسند الْمَذْكُور.
قَوْله: { مَا الله مبديه} أَي: مظهره، وَالَّذِي كَانَ أخْفى فِي نَفسه هُوَ علمه بِأَن زيدا سيطلقها ثمَّ ينْكِحهَا، وَالله أعلمهُ بذلك، وَالْوَاو فِي: { وتخفي فِي نَفسك} وَفِي { تخشى النَّاس} للْحَال أَي: تَقول لزيد: أمسك عَلَيْك زَوجك، وَالْحَال أَنَّك تخفي فِي نَفسك أَن لَا يمْسِكهَا.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: يجوز أَن تكون: وَاو، الْعَطف كَأَنَّهُ قيل: وَإِذ تجمع بَين قَوْلك أمسك وإخفاء خِلَافه خشيَة النَّاس، وَالله أَحَق أَن تخشاه.





[ قــ :705 ... غــ :741 ]
- حدّثنا خَلاَّدُ بنُ يَحْياى، حدّثنا عِيسَى بنُ طَهْمانَ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مالِكٍ، رَضِي الله عَنهُ، يَقُولُ: نَزَلَتْ آيَةُ الحِجابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وأطعَمَ عَلَيْها يَوْمَئِذٍ خُبْزاً ولَحْماً، وكانَتْ تَفْخَرُ عَلى نِساءِ النبيِّ وكانَتْ تَقُولُ إنَّ الله أنكَحَنِي فِي السَّماءِ.

ا
مطابقته للجزء الثَّالِث للتَّرْجَمَة.
وَهُوَ قَول أبي الْعَالِيَة: اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهنا قَوْله: فِي السَّمَاء
وخلاد بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد اللَّام وبالدال الْمُهْملَة ابْن يحيى السّلمِيّ بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام الْكُوفِي ثمَّ الْمَكِّيّ، وَعِيسَى بن طهْمَان بِفَتْح الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْهَاء الْبكْرِيّ الْبَصْرِيّ.

وَهَذَا هُوَ الحَدِيث الثَّالِث وَالْعشْرُونَ من ثلاثيات البُخَارِيّ وَهُوَ آخر الثلاثيات.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي عشرَة النِّسَاء عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَفِي النِّكَاح عَن أَحْمد بن يحيى الصُّوفِي وَفِي النعوت عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن يحيى بن آدم.

قَوْله: آيَة الْحجاب هِيَ { ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىِّ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْئَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ذاَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُو اْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذاَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً} الْآيَة.
قَوْله: عَلَيْهَا أَي: على وليمتها.
قَوْله: وأنكحني حَيْثُ قَالَ الله تَعَالَى: ىِ { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِى فِى نِفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} قَوْله: فِي السَّمَاء وَجه هَذَا أَن جِهَة الْعُلُوّ لما كَانَت أشرف أضيفت إِلَيْهَا، وَالْمَقْصُود علو الذَّات وَالصِّفَات وَلَيْسَ ذَلِك بِاعْتِبَار أَنه مَحَله أَو جِهَته، تَعَالَى الله عَن ذَلِك علوا كَبِيرا.





[ قــ :707 ... غــ :743 ]
- حدّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ، حدّثني مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ قَالَ: حدّثني أبي حدّثني هِلاَلٌ عنْ عَطاءٍ بن يَسارٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ آمَنَ بِالله ورسُولِهِ وأقامَ الصَّلاَةَ وصامَ رَمَضَانَ، كانَ حَقّاً عَلى الله أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، هاجَرَ فِي سَبِيلِ الله أوْ جَلَسَ فِي أرْضِهِ الّتي وُلِدَ فِيها قالُوا: يَا رسولَ الله أفَلاَ نُنَبِّىءُ النَّاسَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: إنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ درَجَةٍ أعَدَّها الله لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُما كَما بَيْنَ السَّماءِ والأرْضِ، فإذَا سألْتُمُ الله فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ، فإنَّهُ أوْسَطُ الجَنّةِ وأعْلَى الجَنّةِ، وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمانِ، ومِنْهُ تَفَجُّرُ أنْهارُ الجَنّةِ.

انْظُر الحَدِيث 790
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وفوقه عرش الرحمان
وَمُحَمّد بن فليح يروي عَن أَبِيه فليح بن سلميان، وَكَانَ اسْمه عبد الْملك ولقبه فليح فغلب على اسْمه واشتهر بِهِ، وهلال بن عَليّ هُوَ هِلَال بن أبي مَيْمُونَة، وهلال بن أبي هِلَال الْمَدِينِيّ، وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين.

والْحَدِيث مضى فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ دَرَجَات الْمُجَاهدين فِي سَبِيل الله، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ: حَدثنَا يحيى بن صَالح حَدثنَا فليح عَن هِلَال بن عَليّ عَن عَطاء بن يسَار ... .
الخ.
وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

قَوْله: كَانَ حَقًا على الله تَعَالَى احتجت بِهِ الْمُعْتَزلَة والقدرية على أَن الله يجب عَلَيْهِ الْوَفَاء لعَبْدِهِ الطائع، وَأجَاب أهل السّنة: بِأَن معنى الْحق الثَّابِت أَو هُوَ وَاجِب بِحَسب الْوَعْد شرعا لَا بِحَسب الْعقل، وَهُوَ الْمُتَنَازع فِيهِ.
فَإِن قلت: لم يذكر الزَّكَاة وَالْحج؟ قلت: لِأَنَّهُمَا موقوفان على النّصاب والاستطاعة، وَرُبمَا لَا يحصلان لَهُ.
قَوْله: هَاجر فِي سَبِيل الله أَو جلس فِي أرضه الَّتِي ولد فِيهَا قيل: هَذَا بعد انْقِضَاء الْهِجْرَة بعد الْفَتْح أَو يكون من غير أهل مَكَّة لِأَن الْهِجْرَة لم تكن على جَمِيعهم.
قَوْله: أَفلا ننبىء النَّاس؟ قَالَ الْكرْمَانِي: بِالْخِطَابِ وبالتكلم.
قَوْله: كَمَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض اخْتلف الْخَبَر الْوَارِد فِي قدر مَسَافَة مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، فَذكر التِّرْمِذِيّ: مائَة عَام، وَذكر الطَّبَرَانِيّ: خَمْسمِائَة عَام، وروى ابْن خُزَيْمَة فِي التَّوْحِيد من صَحِيحه، وَابْن أبي عَاصِم فِي كتاب السّنة عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: بَين السَّمَاء الدُّنْيَا وَالَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَة عَام وَبَين كل سَمَاء خَمْسمِائَة عَام، وَفِي رِوَايَة: وَغلظ كل سَمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام، وَبَين السَّابِعَة وَبَين الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَة عَام، وَبَين الْكُرْسِيّ وَبَين المَاء خَمْسمِائَة عَام، وَالْعرش فَوق المَاء وَالله فَوق الْعَرْش، وَلَا يخفى عَلَيْهِ شَيْء من أَعمالكُم.
قَوْله: الفردوس هُوَ الْبُسْتَان.
قَالَ الْفراء: هُوَ عَرَبِيّ، وَعَن ابْن عَزِيز أَنه بُسْتَان بلغَة الرّوم.
قَوْله: فَإِنَّهُ أَوسط الْجنَّة وَأَعْلَى الْجنَّة قيل: الْأَوْسَط كَيفَ يكون أَعلَى وَمَا هما إلاَّ متنافيان؟ وَأجِيب: بِأَن الْأَوْسَط هُوَ الْأَفْضَل فَلَا مُنَافَاة.
قَوْله: تفجر بِضَم الْجِيم من الثلاثي ومضارع التفجر أَيْضا.





[ قــ :708 ... غــ :744 ]
- حدّثنا يَحْياى بنُ جَعْفَرٍ، حدّثنا أبُو مُعاوِيَةَ، عنِ الأعْمشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ هُوَ التَّيْميُّ عنْ أبِيهِ عنْ أبي ذَرَ قَالَ: دَخَلْتَ المَسْجِدَ ورسولُ الله جالِسٌ فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ قَالَ: يَا أَبَا ذَرَ هَلْ تَدْرِي أيْنَ تَذْهَبُ هاذِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ: الله ورسولُه أعْلَمُ.
قَالَ: فإنّها تَذْهبُ تَسْتأْذِنُ فِي السُّجُودِ فَيُؤْذَنُ لَها، وكأنَّها قَدْ قِيلَ لَهَا ارْجِعي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبها ثُمَّ قَرَأ: ذَلِكَ مُسْتَقَرٌّ لَهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ الله.

ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذَا الحَدِيث فِيهِ أَنَّهَا تذْهب حَتَّى تسْجد تَحت الْعَرْش، الحَدِيث، وَهَذَا مُخْتَصر مِنْهُ وَتقدم تَمَامه فِي كتاب بَدْء الْخلق فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ فِي: بابُُ صفة الشَّمْس وَالْقَمَر عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أَبِيه عَن أبي ذَر، رَضِي الله عَنهُ.

وَيحيى بن جَعْفَر بن أعين البُخَارِيّ البيكندي، وَأَبُو مُعَاوِيَة مُحَمَّد بن خازم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالزَّاي، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ يروي عَن أَبِيه يزِيد بن شريك التَّيْمِيّ تيم الربابُُ وَأَبُو ذَر اسْمه جُنْدُب بن جُنَادَة على الْمَشْهُور.

والْحَدِيث مضى فِي مَوَاضِع فِي بَدْء الْخلق كَمَا ذكرنَا، وَفِي التَّفْسِير عَن الْحميدِي وَعَن أبي نعيم وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ذَلِك مُسْتَقر لَهَا فِي قِرَاءَة عبد الله أَي: ابْن مَسْعُود، وَالْقِرَاءَة الْمَشْهُورَة: { وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}




[ قــ :709 ... غــ :745 ]
- حدّثنا مُوسَى عَن إبْرَاهِيمَ، حدّثنا ابنُ شِهابٍ، عنْ عُبَيْدِ بن السَّبَّاقِ أنَّ زَيْدَ بن ثابِتٍ.

وَقَالَ اللّيْثُ: حدّثني عبْدُ الرَّحْمانِ بنُ خالِدٍ عنِ ابنِ شِهابٍ عنِ ابنِ السَّبَّاقِ أَن زَيْدَ بنَ ثابِتٍ حدَّثَهُ قَالَ: أرْسَلَ إليَّ أبُو بَكْرٍ فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ حتَّى وجَدْتَ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أبي خُزَيْمَة الأنْصارِيِّ، لَمْ أجِدْها مَعَ أحَدٍ غَيْرِهِ.
{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} حتَّى خاتِمَةِ بَرَاءَةٌ.
0 ا
مطابقته للتَّرْجَمَة عِنْد تَمام الْآيَة الْمَذْكُورَة { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ اللَّهُ لَا إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، وإبراهم هُوَ ابْن سعد وَهُوَ سبط عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعبيد مصغر عبد ابْن السباق بِالسِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الثَّقَفِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن مُسَافر الفهمي وَالِي مصر.

والْحَدِيث مضى فِي آخر تَفْسِير سُورَة التَّوْبَة مطولا.

قَالَ اللَّيْث تَعْلِيق، وَمر هُنَاكَ من وَصله عَن سعيد بن عفير: حَدثنَا اللَّيْث بِهِ.
قَوْله: مَعَ أبي خُزَيْمَة الْأنْصَارِيّ هُوَ ابْن أَوْس بن زيد بن أَصْرَم بن زيد بن ثَعْلَبَة بن غنم بن مَالك بن النجار، واسْمه: تيم اللات، شهد بَدْرًا وَمَا بعْدهَا، مَاتَ فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَأَبُو خُزَيْمَة هُوَ الَّذِي جعل الشَّارِع شَهَادَته بِشَهَادَة رجلَيْنِ، قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: شَرط الْقُرْآن التَّوَاتُر فَكيف ألحقها بِهِ؟ قلت: مَعْنَاهُ لم أَجدهَا مَكْتُوبَة عِنْد غَيره.

حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ حدّثنا اللَّيْثُ عنْ يُونسَ بِهاذَا،.

     وَقَالَ : مَعَ أبي خَزِيْمَةَ الأنْصاريِّ.

هَذَا طَرِيق آخر عَن يحيى بن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير المَخْزُومِي الْمصْرِيّ عَن اللَّيْث بن سعد عَن يُونُس بن يزِيد، بِهَذَا ... أَي بِهَذَا الحَدِيث.





[ قــ :7030 ... غــ :746 ]
- حدّثنا مُعلَّى بنُ أسَدٍ، حدّثنا وُهَيْبٌ، عنْ سَعيد عنْ قَتادَةَ، عنْ أَي العالِيَةِ عنِ ابْن عبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: كانَ النبيُّ يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ لَا إلاهَ إلاّ الله العَلِيمُ الحَليمُ، لَا إلاهَ إلاَّ الله ربُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إلاهَ إِلَّا الله ربُّ السَّماوَاتِ وربُّ الأرْضِ وربُّ العَرْشِ الكَرِيمِ

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: رب الْعَرْش الْعَظِيم
ووهيب هُوَ ابْن خَالِد، وَسَعِيد هُوَ ابْن أبي عرُوبَة، وَأَبُو الْعَالِيَة بِالْعينِ الْمُهْملَة وبالياء آخر الْحُرُوف اسْمه رفيع مُصَغرًا.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الدَّعْوَات فِي: بابُُ الدُّعَاء عِنْد الكرب.

قَوْله: الْحَلِيم الْحلم هُوَ الطُّمَأْنِينَة عِنْد الْغَضَب، وَحَيْثُ أطلق على الله فَالْمُرَاد لازمها وَهُوَ تَأْخِير الْعقُوبَة، وَوصف الْعَرْش بالعظمة من جِهَة الْكمّ، وبالكرم أَي: الْحسن من جِهَة الكيف، فَهُوَ ممدوح ذاتاً وَصفَة، وَهَذَا الذّكر من جَوَامِع الْكَلم.





[ قــ :7031 ... غــ :747 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ يُوسُفَ، حدّثنا سُفْيانُ عنْ عَمْرو بنِ يَحْياى عنْ أبِيهِ، عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَصْعَقُون يَوْمَ القِيامَةِ، فَإِذا أَنا بِمُوسَى آخِذٌ بِقائِمَةٍ مِنْ قَوائِمِ العَرْشِ.
.

     وَقَالَ  المَاجِشُونُ عنْ عَبْدِ الله بنِ الفَضْلِ عنْ أبي سَلَمَة عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فأكُونُ أوَّلَ مَنْ بُعِثَ فإذَا مُوسَى آخِذٌ بالْعَرْش
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: الْعَرْش فِي الْمَوْضِعَيْنِ.

وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعَمْرو بن يحيى يروي عَن أَبِيه يحيى بن عمَارَة الْمَازِني الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سعيد اسْمه سعد بن مَالك.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم السَّلَام فِي: بابُُ قَول الله تَعَالَى: { وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً.

     وَقَالَ  مُوسَى لاَِخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ}
بِعَين هَذَا الْإِسْنَاد والمتن.
وَفِيه زِيَادَة وَهِي: فَلَا أَدْرِي أَفَاق قبلي أم جوزي بصعقة الطّور.

قَوْله: يصعقون كَذَا فِي بعض النّسخ، وَفِي بَعْضهَا: النَّاس يصعقون، كَمَا فِي الْبابُُ الْمَذْكُور وَهُوَ الصَّحِيح، وَالظَّاهِر أَن لفظ: النَّاس، سقط من الْكَاتِب.

قَوْله: قَالَ الْمَاجشون بِفَتْح الْجِيم وَضمّهَا وَكسرهَا وَهُوَ مُعرب: ماهكون، يَعْنِي: شَبيه الْقَمَر، وَقيل: شَبيه الْورْد، وَهُوَ عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن أبي سَلمَة مَيْمُون الْمدنِي، وَهَذَا اللقب قد يسْتَعْمل أَيْضا لأكْثر أَقَاربه، وَعبد الله بن الْفضل بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة الْهَاشِمِي، وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
.

     وَقَالَ  أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي الْأَطْرَاف وَتَبعهُ جمَاعَة من الْمُحدثين: إِنَّمَا روى الْمَاجشون هَذَا عَن عبد الله بن الْفضل عَن الْأَعْرَج لَا عَن أبي سَلمَة، وَقَالُوا: البُخَارِيّ وهم فِي هَذَا حَيْثُ قَالَ: عَن أبي سَلمَة.
وَأجِيب عَن هَذَا: بِأَن لعبد الله بن الْفضل فِي هَذَا الحَدِيث شيخين، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن أَبَا دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أخرج فِي مُسْنده عَن عبد الْعَزِيز بن أبي سَلمَة عَن عبد الله بن الْفضل عَن أبي سَلمَة طرفا من هَذَا الحَدِيث، وَبِهَذَا يرد أَيْضا على من قَالَ: إِن البُخَارِيّ جزم بِهَذِهِ الرِّوَايَة، وَهِي وهم.
قلت: إِنَّمَا جزم بِنَاء على الْجَواب الْمَذْكُور، فَلذَلِك قَالَ: قَالَ الْمَاجشون وإلاَّ فعادته إِذا كَانَ مثل هَذَا غير مجزوم عِنْده يذكرهُ بِصِيغَة التمريض، فَافْهَم.