فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه} [المعارج: 4]، وقوله جل ذكره: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] وقال أبو جمرة، عن ابن عباس، بلغ أبا ذر مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لأخيه: اعلم لي علم هذا الرجل، الذي يزعم أنه يأتيه الخبر من السماء وقال مجاهد: «العمل الصالح يرفع الكلم الطيب» يقال: {ذي المعارج} [المعارج: 3]: «الملائكة تعرج إلى الله»

(بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} وقَوْله جلَّ ذِكْرُهُ { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَائِكَ هُوَ يَبُورُ}
أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول الله عز وَجل: { تعرج الْمَلَائِكَة} إِلَى آخِره، ذكر هَاتين القطعتين من الْآيَتَيْنِ الكريمتين وَأَرَادَ بِالْأولَى الرَّد على الْجَهْمِية المجسمة فِي تعلقهم بِظَاهِر قَوْله تَعَالَى: { مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} وَقد تقرر أَن الله لَيْسَ بجسم فَلَا يحْتَاج إِلَى مَكَان يسْتَقرّ فِيهِ، فقد كَانَ وَلَا مَكَان وَإِنَّمَا أضَاف المعارج إِلَيْهِ إِضَافَة تشريف، والمعارج جمع معرج كالمصاعد جمع مصعد والعروج الارتقاء، يُقَال: عرج بِفَتْح الرَّاء يعرج بضَمهَا عروجاً ومعرجاً، والمعرج المصعد وَالطَّرِيق الَّذِي تعرج فِيهِ الْمَلَائِكَة إِلَى السَّمَاء، والمعراج شَبيه سلم أَو درج تعرج فِيهِ الْأَرْوَاح إِذا قبضت وَحَيْثُ تصعد أَعمال بني آدم.
.

     وَقَالَ  الْفراء: المعارج من نعت الله وَوصف بذلك نَفسه لِأَن الْمَلَائِكَة تعرج إِلَيْهِ.
وَقيل: معنى قَوْله: { مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} أَي: الفواضل الْعَالِيَة.
قَوْله: { تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} اخْتلف فِيهِ.
فَقيل: جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقيل: ملك عَظِيم تقوم الْمَلَائِكَة صفا وَيقوم وَحده صفا، قَالَ الله عز وَجل: { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ.

     وَقَالَ  صَوَاباً}
وَقيل: هُوَ خلق من خلق الله تَعَالَى لَا ينزل ملك إلاَّ وَمَعَهُ اثْنَان مِنْهُم، وَعَن ابْن عَبَّاس: إِنَّه ملك لَهُ أحد عشر ألف جنَاح وَألف وَجه يسبح الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَقيل: هم خلق كخلق بني آدم لَهُم أيد وأرجل.
وَأما الْآيَة الثَّانِيَة فَرد شبهتهم أَيْضا لِأَن صعُود الْكَلم إِلَيْهِ لَا يَقْتَضِي كَونه فِي جِهَة إِذْ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا تحويه جِهَة إِذْ كَانَ مَوْجُودا وَلَا جِهَة، وَوصف الْكَلم بالصعود إِلَيْهِ مجَاز لِأَن الْكَلم عرض وَالْعرض لَا يَصح أَن ينْتَقل.
قَوْله: الْكَلم الطّيب قيل: الْقُرْآن، وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ الْقُرْآن، وَعَن قَتَادَة: الْعَمَل الصَّالح يرفعهُ الله عز وَجل، وَالْعَمَل الصَّالح أَدَاء فَرَائض الله تَعَالَى.

وَقَالَ أبُو جَمْرَةَ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: بَلَغَ أَبَا ذَرَ مَبْعَثُ النبيِّ فَقَالَ لأخِيهِ:.
اعْلَمْ لي علْمَ هاذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أنَّهُ يأْتِيهِ الخَبرُ مِنَ السَّماءِ.

أَبُو جَمْرَة بِالْجِيم وَالرَّاء نضر بن عمرَان الضبعِي الْبَصْرِيّ، وَهَذَا التَّعْلِيق مضى مَوْصُولا فِي: بابُُ إِسْلَام أبي ذَر.
قَوْله: اعْلَم من الْعلم.
قَوْله: لي أَي: لأجلي، أَو من الْإِعْلَام أَي: أَخْبرنِي خبر هَذَا الرجل الَّذِي بِمَكَّة يَدعِي النُّبُوَّة.

وَقَالَ مِجاهِدٌ العَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُ الكَلِمَ الطَّيِّبِ.

هَذَا التَّعْلِيق وَصله الْفرْيَابِيّ من رِوَايَة ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس، وَزَاد فِيهِ مُجَاهِد: وَالْعَمَل الصَّالح، أَي: أَدَاء فَرَائض الله، فَمن ذكر الله وَلم يؤد فَرَائِضه رد كَلَامه على عمله وَكَانَ أولى بِهِ.

يُقالُ: ذِي المَعارِجِ: المَلاَئِكَةُ تَعْرُجُ إِلَيْهِ.

أَي: قَالَ: معنى ذِي المعارج الْمَلَائِكَة العارجات.
قَوْله: إِلَيْهِ، أَي: إِلَى الله، ويروى: إِلَى الله، أَيْضا.
[/ شَرّ


[ قــ :7032 ... غــ :7429 ]
-
حدّثنا إسْماعِيلُ، حدّثني مالِكٌ عنْ أبي الزِّنادِ، عنِ الأعْرَجِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ، أنَّ رسولَ اللهصلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: يَتَعاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلاَئِكَةٌ بالنَّهارِ ويَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ العَصْرِ وصَلاَة الفَجْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكُمْ فَيَسْألُهُمْ وهْوَ أعْلَمُ بِكُمْ، فَيَقُولُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبادِي فَيَقُولُونَ: تَرَكْناهُمْ وهمْ يُصَلُّونَ، وأتَيْناهُمْ وهُمْ يُصَلَّونَ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَأَبُو الزِّنَاد بالزاي وَالنُّون عبد الله بن ذكْوَان، والأعرج عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز.

والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل كتاب الصَّلَاة فِي: بابُُ فضل صَلَاة الْعَصْر، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عبد الله بن يُوسُف عَن مَالك ... إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: يتعاقبون أَي: يتناوبون وَهُوَ نَحْو أكلوني البراغيث، وَالسُّؤَال عَن التَّزْكِيَة فَقَالُوا: وأتيناهم وهم يصلونَ فزادوا على الْجَواب إِظْهَارًا لبَيَان فضيلتهم واستدراكاً لما قَالُوا:) ( { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِى الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُو اْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} وَأما اتِّفَاقهم فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ فلأنهما وقتا الْفَرَاغ من وظيفتي اللَّيْل وَالنَّهَار، وَوقت رفع الْأَعْمَال.
وَأما اجْتِمَاعهم فَهُوَ من تَمام لطف الله بِالْمُؤْمِنِينَ ليكونوا لَهُم شُهَدَاء، وَأما السُّؤَال فلطلب اعْتِرَاف الْمَلَائِكَة بذلك، وَأما وَجه التَّخْصِيص بالذين باتوا وَترك ذكر الَّذين ظلوا فإمَّا اكْتِفَاء بِذكر اجْتِمَاعهمَا عَن الْأُخْرَى، وَإِمَّا لِأَن اللَّيْل مَظَنَّة الْمعْصِيَة ومظنة الاسْتِرَاحَة، فَلَمَّا لم يعصوا وَاشْتَغلُوا بِالطَّاعَةِ فالنهار أولى بذلك، وَأما لِأَن حكم طرفِي النَّهَار يعلم من حكم طرف اللَّيْل، فَذكره كالتكرار.





[ قــ :7033 ... غــ :7430 ]
- وَقَالَ خالِدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدثنَا سُلَيْمان، حدّثني عَبْدُ الله بنُ دِينارٍ، عنْ أبي صالِحٍ عنْ أبي هُريْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى الله إلاَّ الطَّيِّبُ فإنَّ الله يَتَقَبَّلُها بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيها لِصاحِبِهِ كَمَا يُرَبِّي أحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حتَّى تَكُونَ مِثْلَ الجَبَلِ
انْظُر الحَدِيث 1410
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وَلَا يصعد إِلَى الله إِلَّا الطّيب.

وخَالِد بن مخلد بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام، وَسليمَان هُوَ ابْن بِلَال، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

والْحَدِيث مضى فِي أَوَائِل الزَّكَاة فِي: بابُُ الصَّدَقَة من كسب طيب، مُسْندًا وَهَذَا مُعَلّق.
وَأخرجه مُسلم عَن أَحْمد بن عُثْمَان عَن خَالِد بن مخلد عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، لَكِن خَالف فِي شيخ سُلَيْمَان فَقَالَ: عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه.
قَوْله:.

     وَقَالَ  خَالِد بن مخلد كَذَا هُوَ عِنْد جَمِيع الروَاة، وَوَقع عِنْد الْخطابِيّ فِي شَرحه قَالَ أَبُو عبد الله البُخَارِيّ: حَدثنَا خَالِد بن مخلد.

قَوْله: بِعدْل تَمْرَة بِكَسْر الْعين وَفتحهَا بِمَعْنى الْمثل، وَقيل بِالْفَتْح: مَا عادله من جنسه، وبالكسر مَا لَيْسَ من جنسه، وَقيل بِالْعَكْسِ، وَالْعدْل بِالْكَسْرِ نصف الْحمل.
.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: عدل التمرة مَا يعادلها فِي قيمتهَا، يُقَال: عدل الشَّيْء مثله فِي الْقيمَة، وعدله مثله فِي المنظر.
قَوْله: بِيَمِينِهِ فِيهِ معنى حسن الْقبُول، فَإِن الْعَادة جَارِيَة بِأَن تصان الْيَمين عَن مس الْأَشْيَاء الدنية، وَلَيْسَ فِيمَا يُضَاف إِلَيْهِ تَعَالَى من صفة الْيَد شمال لِأَنَّهَا مَحل النَّقْص والضعف، وَقد رُوِيَ: كلتا يَدَيْهِ يَمِين، وَلَيْسَت بِمَعْنى الْجَارِحَة إِنَّمَا هِيَ صفة جَاءَ بهَا التَّوْقِيف فنطلقها وَلَا نكيفها وننتهي حَيْثُ انْتهى التَّوْقِيف.
قَوْله: يتقبلها وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: يقبلهَا بِدُونِ التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق.
قَوْله: لصَاحبه وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: لصَاحِبهَا، قَوْله: فلوه بِفَتْح الْفَاء وَضمّهَا وَشدَّة الْوَاو الجحش وَالْمهْر إِذا فطمه.

ورَوَاهُ ورْقاءُ عنْ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ عنْ سَعيدِ بنِ يَسارٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ وَلَا يَصْعَدُ إِلَى الله إِلَّا طَيِّبٌ
أَي: روى الحَدِيث الْمَذْكُور وَرْقَاء بن عمر بن كُلَيْب، أَصله من خوارزم، وَيُقَال: من الْكُوفَة، سكن الْمَدَائِن عَن عبد الله بن دِينَار عَن سعيد بن يسَار ضد الْيَمين وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن رِوَايَة وَرْقَاء مُوَافقَة لرِوَايَة سُلَيْمَان بن بِلَال إلاَّ فِي الشَّيْخ، فَإِن سلميان يروي عَن عبد الله بن دِينَار عَن أبي صَالح، وورقاء يروي عَن عبد الله بن دِينَار عَن سعيد بن يسَار وَفِي الْمَتْن متفقان إِلَّا فِي قَوْله: الطّيب، فَإِن رِوَايَة وَرْقَاء طيب بِغَيْر الْألف وَاللَّام، وَهُوَ معنى قَول الْكرْمَانِي: وَالْفرق بَين الطَّرِيقَيْنِ أَن الطّيب فِي الأول معرفَة وَفِي الثَّانِي نكرَة، وَاقْتصر على هَذَا الْفرق وَلم يذكر اخْتِلَاف الشَّيْخ.
ثمَّ إِن تَعْلِيق وَرْقَاء وَصله الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق أبي النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم عَن وَرْقَاء، فَوَقع عِنْده: الطّيب، بِالْألف وَاللَّام،.

     وَقَالَ  فِي آخِره: مثل أحد، عوض: مثل الْجَبَل.





[ قــ :7034 ... غــ :7431 ]
- حدّثنا عَبْدُ الأعْلَى بنُ حَمَّادٍ، حدّثنا يَزِيدُ بنُ زُرَيْعٍ، حَدثنَا سَعيدٌ، عنْ قتادَةَ عنْ أبي العاليَةِ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّ نَبِيَّ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ يَدْعُو بِهِنَّ عِنْدَ الكَرْبِ: لَا إلاهَ إلاَّ الله العَظِيمُ الحليمُ، لَا إلاهَ إلاّ الله رَبُّ العَرْش العَظيمِ، لَا إلاهَ إِلَّا الله رَبُّ السَّماواتِ وربُّ العَرْش الكَرِيمِ

لَيْسَ هَذَا بمطابق للتَّرْجَمَة، وَمحله فِي الْبابُُ السَّابِق، وَلَعَلَّ النَّاسِخ نَقله إِلَى هُنَا.

وَسَعِيد هُوَ ابْن أبي عرُوبَة، وَأَبُو الْعَالِيَة رفيع.

وَقد مر الحَدِيث فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.
قَالَ الْكرْمَانِي: هَذَا ذكر وتهليل وَلَيْسَ بِدُعَاء.
قلت: هُوَ مُقَدّمَة الدُّعَاء، فاطلق الدُّعَاء عَلَيْهِ بِاعْتِبَار ذَلِك، أَو الدُّعَاء أَيْضا ذكر لكنه خَاص فَأَطْلقهُ وَأَرَادَ الْعَام.





[ قــ :7035 ... غــ :743 ]
- حدّثنا قَبيصَةُ، حدّثنا سُفْيانُ عنْ أبِيهِ، عنِ ابْن أبي نِعْمٍ أوْ، أبي نُعْمٍ، شكَّ قَبيصَةُ عنْ أبي سَعيدٍ، قَالَ: بُعِثَ إِلَى النبيِّ بِذُهَيْبَةٍ فَقَسَمَها بَيْنَ أرْبَعَةٍ.

وحدّثني إسْحاقُ بنُ نَصْرٍ، حدّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أخبرنَا سُفْيانُ عنْ أبِيهِ، عنِ ابنِ أبي نُعْمٍ، عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْريِّ قَالَ: بَعَثَ عَليٌّ وهْوَ باليَمنِ إِلَى النبيِّ بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِها، فَقَسَمَها بَيْنَ الأقْرَعِ بنِ حابِسٍ الحَنْظَلِّي، ثُمَّ أحَدِ بَنِي مُشاجِعٍ، وبَيْنَ عُيَيْنَةَ بنِ بَدْرٍ الفَزَارِيِّ، وبَيْنَ عَلْقَمَةَ بن عُلاَثَةَ العامريِّ ثُم أحَدِ بَني كِلاَبٍ، وبَيْنَ زَيْدِ الخَيْلِ الطّائِيِّ، ثُمَّ أحَدَ بَنِي نَبْهانَ، فَتَغَضَبَتْ قُرَيْشٌ والأنْصارُ فقالُوا: يُعْطيهِ صَنادِيدَ أهْلِ نَجْدٍ ويَدَعُنا؟ قَالَ: إنَّما أتألَّفُهُمْ فأقْبَلَ رَجُلٌ غائِرُ العَيْنَيْنِ ناتِىءُ الجَبِينِ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اتَّقِ الله.
فَقَالَ النبيُّ فَمَنْ يُطيعُ الله إذَا عَصَيْتُهُ؟ فَيَأْمَنِّي عَلى أهْلِ الأرْضِ وَلَا تأْمَنُونِي؟ فَسألَ رجُلٌ مِنَ القَوْمِ قَتْلَهُ أُراهُ خالِدَ بنَ الوَليدٍ فَمَنَعَهُ النبيُّ فَلمَّا ولَّى قَالَ النبيُّ إنَّ مِنْ ضِئْضِيءِ هاذَا قَوْماً يَقْرَأُونَ القُرْآنَ لَا يُجاوِزُ حَناجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أهْلَ الإسْلاَم ويَدَعُونَ أهْلَ الأوْثانِ، لَئِنْ أدْرَكْتُهُمْ لأقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عادٍ
ا
لَا مُطَابقَة بَينه وَبَين التَّرْجَمَة بِحَسب الظَّاهِر، وَقد تكلّف بَعضهم فِي تَوْجِيه الْمُطَابقَة فَقَالَ مَا حَاصله: إِن فِي الرِّوَايَة الَّتِي فِي الْمَغَازِي: وَأَنا أَمِين من فِي السَّمَاء، مَا يدل عَلَيْهَا، وَهُوَ أَن معنى قَوْله: من فِي السَّمَاء: على الْعَرْش فِي السَّمَاء، وَفِيه تعسف، وَكَذَلِكَ تكلّف فِيهِ الْكرْمَانِي حَيْثُ قَالَ مَا ملخصه: أَن يُقَال دلّ عَلَيْهَا لَازم.
قَوْله: لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ أَي: لَا يصعد إِلَى السَّمَاء، وَفِيه جر ثقيل.

ثمَّ إِنَّه أخرج هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين.
أَحدهمَا: عَن قبيصَة بن عقبَة عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَبِيه سعيد بن مَسْرُوق عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم بِضَم النُّون وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة أَو أبي نعم أبي الحكم عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ واسْمه سعد بن مَالك بن سِنَان.
وَالثَّانِي: عَن إِسْحَاق بن نصر وَهُوَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن نصر البُخَارِيّ السَّعْدِيّ كَانَ ينزل بِالْمَدِينَةِ بِبابُُ سعد فَالْبُخَارِي يروي عَنهُ تَارَة بنسبته إِلَى جده وَتارَة بنسبته إِلَى أَبِيه وَهُوَ يروي عَن عبد الرَّزَّاق بن همام الصَّنْعَانِيّ الْيَمَانِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ ... إِلَى آخِره.
وَقد مضى هَذَا الحَدِيث فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء فِي: بابُُ قَول الله عز وَجل: { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ} حَيْثُ قَالَ: قَالَ ابْن كثير: عَن سُفْيَان عَن أَبِيه إِلَى آخِره ... وَمضى أَيْضا فِي الْمَغَازِي فِي: بابُُ بعث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن قُتَيْبَة عَن عبد الْوَاحِد عَن عمَارَة بن الْقَعْقَاع بن شبْرمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ ... .
إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة فِي: بابُُ قَوْله: والمؤلفة قُلُوبهم، عَن مُحَمَّد بن كثير عَن سُفْيَان عَن أَبِيه مُخْتَصرا، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مرَارًا، ولنذكر بعض شَيْء لبعد الْمسَافَة.

قَوْله: شكّ قبيصَة يَعْنِي فِي قَوْله: ابْن أبي نعم أَو أبي نعم هَكَذَا قَالَه بَعضهم، وَالَّذِي يفهم من كَلَام الْكرْمَانِي أَن شكه فِي ابْن أبي نعم، وَقد مضى فِي أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء بِلَا شكّ: عَن ابْن أبي نعم، بِضَم النُّون وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة.
قَوْله: بعث على صِيغَة الْمَجْهُول.
قَوْله: بذهيبة مصغر ذهبة وَقد يؤنث الذَّهَب فِي بعض اللُّغَات.
قَوْله: فِي تربَتهَا أَي مُسْتَقِرَّة فِيهَا والتأنيث على نِيَّة قِطْعَة من الذَّهَب، وَفِي الصِّحَاح الذَّهَب مَعْرُوف وَرُبمَا أنث والقطعة مِنْهُ ذهبة، فَأَرَادَ بالتربة تبر الذَّهَب وَلَا يصير ذَهَبا خَالِصا إِلَّا بعد السبك.

بعث عَليّ أَي: عَليّ بن أبي طَالب، وَهَذَا يُفَسر قَوْله أَولا: بعث إِلَى النَّبِي، بذهيبة.
قَوْله: وَهُوَ بِالْيمن أَي: وَالْحَال أَن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بِالْيمن وَهُوَ رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: فِي الْيمن.
قَوْله: بَين الْأَقْرَع هَؤُلَاءِ أَرْبَعَة أنفس من الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم الَّذين يُعْطون من الزَّكَاة أحدهم: الْأَقْرَع بن حَابِس الْحَنْظَلِي نِسْبَة إِلَى حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم.
قَوْله: بني مجاشع بِضَم الْمِيم وبالجيم وبالشين الْمُعْجَمَة الْمَكْسُورَة وبالعين الْمُهْملَة ابْن دارم بن مَالك بن حَنْظَلَة بن مَالك بن زيد مَنَاة بن تَمِيم، الثَّانِي: عُيَيْنَة مصغر عين ابْن بدر نسب إِلَى جد أَبِيه وَهُوَ عُيَيْنَة بن حصن بن حُذَيْفَة بن بدر بن عَمْرو بن لوذان بن ثَعْلَبَة بن عدي بن فَزَارَة الْفَزارِيّ بِفَتْح الْفَاء ونسبته إِلَى فَزَارَة بن ذيبان بن بغيض بن ريث بن غطفان.
وَالثَّالِث: عَلْقَمَة بن علاثة بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف اللَّام وبالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن عَوْف بن الْأَحْوَص بن جَعْفَر بن كلاب، وَهُوَ معنى قَوْله: قَوْله: العامري نِسْبَة إِلَى عَامر بن عَوْف بن بكر بن عَوْف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثَوْر بن كلاب.
قَوْله: ثمَّ أحد بني كلاب وَهُوَ ابْن ربيعَة بن عَامر بن صعصعة بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوَازن.
الرَّابِع: زيد الْخَيل هُوَ ابْن مهلهل بن زيد بن منْهب الطَّائِي نِسْبَة إِلَى طيىء واسْمه جلهمة بن ادد.
قَوْله: ثمَّ أحد بني نَبهَان هُوَ أسود بن عَمْرو بن الْغَوْث بن طيىء، قَالَ الْخَلِيل: أصل طيىء طوى قلبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء وَالنِّسْبَة إِلَى طيىء طائي على غير الْقيَاس لِأَن الْقيَاس طيي على وزن طيعي، وَلما قدم زيد على النَّبِي سَمَّاهُ: زيد الْخَيْر، بالراء بدل اللَّام، وَكَانَ قدومه ... وَقيل لَهُ: زيد الْخَيل لعنايته بهَا، وَيُقَال: لم يكن فِي الْعَرَب أَكثر خيلاً مِنْهُ، وَكَانَ شَاعِرًا خَطِيبًا شجاعاً جواداً مَاتَ على إِسْلَامه فِي حَيَاة النَّبِي وَقيل: مَاتَ فِي خلَافَة أبي بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَأما عَلْقَمَة فَإِنَّهُ ارْتَدَّ مَعَ من ارْتَدَّ ثمَّ عَاد وَمَات فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، بحوران، وَأما عُيَيْنَة فَإِنَّهُ ارْتَدَّ مَعَ طَلْحَة ثمَّ عَاد إِلَى الْإِسْلَام، وَأما الْأَقْرَع فَإِنَّهُ أسلم وَشهد الْفتُوح وَاسْتشْهدَ باليرموك، وَقيل: بل عَاشَ إِلَى خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فأصيب بالجوزجان.
.

     وَقَالَ  الْمبرد: كَانَ فِي صدر الْإِسْلَام رَئِيس خندف.
.

     وَقَالَ  المرزباني: هُوَ أول من حرم الْقمَار، وَقيل: كَانَ سَنُوطا أعرج مَعَ قرعه وعوره وَكَانَ يحكم فِي المواسم وَهُوَ آخر الْحُكَّام من بني تَمِيم.
قَوْله: فَغضِبت قُرَيْش وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: فتغيظت قُرَيْش، من الغيظ من بابُُ التفعل، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر عَن الْحَمَوِيّ: فتغضبت، من الْغَضَب من بابُُ التفعل أَيْضا وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ، وَالَّذِي مضى فِي قصَّة عَاد: فَغضِبت، قَوْله: يُعْطِيهِ أَي: يُعْطي النَّبِي، المَال صَنَادِيد نجد وَهُوَ جمع صنديد وَهُوَ السَّيِّد، وَكَانَت هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة سَادَات أهل نجد،.

     وَقَالَ  الرشاطي: نجد مَا بَين الْحجاز إِلَى الشَّام إِلَى العذيب فالطائف من نجد وَالْمَدينَة من نجد وَأَرْض الْيَمَامَة والبحرين إِلَى عمان إِلَى الْعرُوض،.

     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد: نجد أَرض للْعَرَب.
قَوْله: ويدعنا أَي: يتركنا وَلَا يُعْطِينَا شَيْئا.
قَوْله: إِنَّمَا أتألفهم من التألف وَهُوَ المداراة والإيناس ليثبتوا على الْإِسْلَام رَغْبَة فِيمَا يصل إِلَيْهِم من المَال.
قَوْله: رجل اسْمه عبد الله ذُو الْخوَيْصِرَة مصغر الخاصرة بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَالصَّاد الْمُهْملَة التَّمِيمِي قَوْله: غائر الْعَينَيْنِ من غارت عينه إِذْ دخلت وَهُوَ ضد الجاحظ،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: غائر الْعَينَيْنِ أَي: داخلتين فِي الرَّأْس لاصقتين بقعر الحدقة.
قَوْله: ناتىء الجبين أَي: مُرْتَفع الجبين من النتوء بالنُّون وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق، ويروى: ناشز الجبين، وَالْمعْنَى وَاحِد.
قَوْله: كث اللِّحْيَة بتَشْديد الْمُثَلَّثَة أَي: كثير شعرهَا غير مسبلة.
قَوْله: مشرف الوجنتين أَي: غليظهما يَعْنِي: لَيْسَ بسهل الخد، يُقَال: أشرفت وجنتاه علتا، والوجنتان العظمان المشرفان على الْخَدين.
وَفِي الصِّحَاح الوجنة مَا ارْتَفع من الخد وفيهَا أَربع لُغَات بِتَثْلِيث الْوَاو وَالرَّابِع: أجنة.
قَوْله: محلوق الرَّأْس كَانُوا لَا يحلقون رؤوسهم ويوفرون شُعُورهمْ، وَقد فرق رَسُول الله، شعره وَحلق فِي حجَّة وَعمرَة،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: كَانَ هَذَا الرجل من بني تَمِيم من بادية الْعرَاق.
قَوْله: فيأمني بِفَتْح الْمِيم وَتَشْديد النُّون أَصله: يأمنني، فأدغمت النُّون الأولى فِي الثَّانِيَة، ويروى: على الأَصْل: فيامنني، أَي: فيأمنني الله تَعَالَى أَي: يَجْعَلنِي أَمينا على أهل الأَرْض وَلَا تأمنوني؟ أَنْتُم، ويروى: وَلَا تأمنونني أَنْتُم؟ على الأَصْل.
قَوْله: أرَاهُ بِضَم الْهمزَة أَي: أَظن هَذَا الرجل خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَوَقع فِي كتاب اسْتِتَابَة الْمُرْتَدين: عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
وَلَا تنَافِي بَينهمَا لاحْتِمَال وُقُوعه مِنْهُمَا.
قَوْله: فَلَمَّا ولى أَي: فَلَمَّا أدبر.
قَوْله: إِن من ضئضيء أَي: من أصل هَذَا الرجل، وَهُوَ بِكَسْر الضادين المعجمتين وَسُكُون الْهمزَة الأولى، قوما ويروى: قوم فإمَّا أَنه كتب على اللُّغَة الربيعية فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ الْمَنْصُوب بِدُونِ الْألف، وَإِمَّا أَن يكون فِي: إِن، ضمير الشَّأْن.
قَوْله: لَا يبلغ حَنَاجِرهمْ أَي: لَا يرْتَفع إِلَى الله مِنْهُم شَيْء، والحناجر جمع حنجرة وَهُوَ الْحُلْقُوم.
قَوْله: يَمْرُقُونَ من المروق وَهُوَ النّفُوذ حَتَّى يخرج من الطّرف الآخر، وَالْحَاصِل: يخرجُون خُرُوج السهْم.
قَوْله: مروق السهْم أَي: كمروق السهْم من الرَّمية بتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف على فعيلة بِمَعْنى مفعولة.
قَوْله: وَيدعونَ أَي: يتركون.
قَوْله: لأقتلنهم قيل: لم منع خَالِد بن الْوَلِيد وَقد أدْركهُ؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ إِدْرَاك طائفتهم وزمان كثرتهم وخروجهم على النَّاس بِالسَّيْفِ، وَإِنَّمَا أنذر رَسُول الله، أَن سَيكون ذَلِك وَقد كَانَ كَمَا قَالَ، وَأول مَا نجم هُوَ فِي زمَان عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قَوْله: قتل عَاد وَقد تقدم فِي بعث عَليّ إِلَى الْيمن أَنه قَالَ: لأقتلنهم قتل ثَمُود، وَلَا تعَارض لِأَن الْغَرَض مِنْهُ الاستئصال بِالْكُلِّيَّةِ وَعَاد وَثَمُود سَوَاء فِيهِ إِذْ عَاد استوصلت بِالرِّيحِ الصرصر وَثَمُود أهلكوا بالطاغية، قَالَ الْكرْمَانِي: مَا معنى: كَقَتل حَيْثُ لَا قتل؟ وَأجَاب بِأَن المُرَاد لَازمه وَهُوَ الْهَلَاك، وَيحْتَمل أَن تكون الْإِضَافَة إِلَى الْفَاعِل، وَيُرَاد بِهِ: الْقَتْل الشَّديد الْقوي لأَنهم مَشْهُورُونَ بالشدة وَالْقُوَّة.





[ قــ :7036 ... غــ :7433 ]
- حدّثنا عَيَّاشُ بنُ الوَلِيدِ، حَدثنَا وَكِيعٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عنْ أبِيهِ عنْ أبي ذَرٍ قَالَ: سألْتُ النبيَّ عنْ قَوْلِهِ { وَالشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} قَالَ: مُسْتَقَرُّها تَحْتَ العَرْشِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة تَأتي بِبَعْض التعسف، بَيَانه أَنه لما نبه على بطلَان قَول من أثبت الْجِهَة من قَوْله: { مِّنَ اللَّهِ ذِي الْمَعَارِجِ} وَبَين أَن الْعُلُوّ الفوقي مُضَاف إِلَى الله، وَأَن الْجِهَة الَّتِي يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا سَمَاء والجهة الَّتِي يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا عرش كل مِنْهُمَا مَخْلُوق مربوب مُحدث، وَقد كَانَ الله قبل ذَلِك، وَلَا ابْتِدَاء لأوليته وَلَا انْتِهَاء لآخريته، فَمن هَذَا تستأنس الْمُطَابقَة.

وَعَيَّاش بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبعد الْألف شين مُعْجمَة ابْن الْوَلِيد الرقام.
وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ يروي عَن أَبِيه يزِيد من الزِّيَادَة ابْن شريك، وَقد مر عَن قريب.

والْحَدِيث مضى فِي الْبابُُ الَّذِي قبله وَهُوَ مُخْتَصر من الحَدِيث الَّذِي فِيهِ: وَقَرَأَ ابْن عَبَّاس: لَا مُسْتَقر لَهَا أَي: جَارِيَة لَا تثبت فِي مَوضِع وَاحِد.

قَوْله: مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ و { تجْرِي لمستقر لَهَا} خَبره وَقيل: هِيَ خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: وَآيَة لَهُم الشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا.