فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} [القيامة: 23]


[ قــ :7047 ... غــ :7445 ]
- حدّثنا الحُمَيْدِيُّ، حدّثنا سُفْيانُ، حدّثنا عبْدُ المَلِكِ بنُ أعْيَنَ وجامِعُ بنُ أبي راشِدٍ، عنْ أبي وائِلٍ عنْ عَبْدِ الله، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَنِ اقْتَطَعَ مالَ امْرىءٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ كاذِبَةٍ لَقِيَ الله وهْوَ عَلَيْهِ غَضْبانُ قَالَ عَبْدُ الله، ثُمَّ قَرأ رسولُ الله مِصْدَاقَهُ مِنْ كِتابِ الله جَلَّ ذِكْرُهُ { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَائِكَ لاَ خَلَاقَ لَهُمْ فِى الاَْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الآيَةَ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: لَقِي الله.

والْحميدِي عبد الله بن الزبير بن عِيسَى ونسبته إِلَى حميد أحد أجداده، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعبد الْملك بن أعين بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالنون الْكُوفِي، وجامع ابْن أبي رَاشد الصَّيْرَفِي الْكُوفِي، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث مضى فِي الْإِيمَان فِي: بابُُ عهد الله، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: من اقتطع أَي: أَخذ قِطْعَة لنَفسِهِ.
قَوْله: غَضْبَان قد مر غير مرّة أَن نِسْبَة مثل هَذَا الْكَلَام إِلَى الله تَعَالَى يُرَاد بِهِ لَازمه، ولازم الْغَضَب عِقَابه.
قَوْله: مصداقه بِكَسْر الْمِيم مفعال من الصدْق أَي: مِمَّا يصدق هَذَا الحَدِيث وَيُوَافِقهُ قَوْله تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَائِكَ لاَ خَلَاقَ لَهُمْ فِى الاَْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الْآيَة وَوَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر هَكَذَا إِلَى أَن قَالَ: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَائِكَ لاَ خَلَاقَ لَهُمْ فِى الاَْخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} الْآيَة.





[ قــ :7048 ... غــ :7446 ]
- حدّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ، حَدثنَا سُفْيانُ، عنْ عَمْرٍ، وعنْ أبي صالِحٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ثَلاَثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ الله يَوْم القِيامَةِ، وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ على سِلْعَةٍ لَقْدْ أعْطَى بِها أكْثَرَ مِمَّا أعْطَى، وهْوَ كاذِبٌ، ورَجُلٌ حَلَفَ عَلى يَمِينٍ كاذِبَةٍ، بَعْدَ العَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِها مالَ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ؛ ورجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ ماءٍ فَيَقُولُ الله يَوْمَ القِيامَةِ: اليَوْمَ أمْنَعُكَ فَضْلِي، كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْغَضَب إِذا كَانَ سَببا لعدم الرُّؤْيَة يكون الرِّضَا سَببا لحصولها، وَهَذَا الْقدر كَاف.

وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الشّرْب فِي: بابُُ إِثْم من منع ابْن السَّبِيل من المَاء، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: منع فضل مَاء أَي: يمْنَع النَّاس من المَاء الْفَاضِل عَن حَاجته.
قَوْله: مَا لم تعْمل يداك أَي: حُصُوله وطلوعه من المنبع لَيْسَ بقدرتك بل هُوَ بإنعام الله عز وَجل وفضله على الْعباد، وَالْمرَاد بِهِ مثل المَاء الَّذِي لَا يكون ظُهُوره بسعي الشَّخْص كالعيون والسيول لَا كالآبار والقنوات.





[ قــ :7049 ... غــ :7447 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حدّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حدّثنا أيُّوبُ، عنْ مُحَمَّدٍ، عنِ ابنِ أبي بَكْرَةَ، عنْ أبي بَكْرَةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الزَّمانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلْقَ الله السَّماوَاتِ والأرْضَ، السَّنَة اثْنا عَشَرَ شَهْراً، مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاَثٌ مُتَوَالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وذُو الحِجَّةِ، والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الّذِي بَيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ، أيُّ شَهْرٍ هاذَا؟ قُلْنا: الله ورسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ؟ قُلْنا: بَلَى.
قَالَ: أيُّ بَلَدٍ هاذَا؟ قُلْنا: الله ورسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ.
قَالَ: ألَيْسَ البَلدَةَ قُلْنا: بَلَى.
قَالَ: فأيُّ يَوْمٍ هاذَا؟ قُلْنا: الله ورسولُهُ أعْلَمُ، فَسَكَتَ حتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنا: بَلَى.
قَالَ: فَإنَّ دِماءَكُمْ وأمْوالَكُمْ قَالَ مُحَمَّدٌ وأحْسِبُهُ قَالَ: وأعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هاذَا، فِي بَلَدِكُمْ هاذَا فِي شَهْرِكُمْ هاذَا، وستَلْقَوْنَ ربَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عنْ أعْمالِكُمْ، ألاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدي ضُلاَّلاً يَضْرِبُ بَعْضُكْمْ رقابَ بَعْضٍ، ألاَ لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الغائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أنْ يَكُونَ أوْعَى مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ فَكَانَ مُحَمَّدٌ إذَا ذَكَرَهُ قَالَ: صَدَقَ النبيُّ ثُمَّ قَالَ: ألاَ هَلْ بَلّغْتُ ألاَ هَلْ بَلَّغْتُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: وستلقون ربكُم
وَعبد الْوَهَّاب هُوَ ابْن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَمُحَمّد هُوَ ابْن سِيرِين، وَاسم أبي بكرَة هَذَا عبد الرَّحْمَن لِأَن لأبي بكرَة أَوْلَادًا غَيره وَاسم أبي بكرَة نفيع بِضَم النُّون مُصَغرًا.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الْعلم فِي: بابُُ قَول النَّبِي رب مبلغ أوعى من سامع وَفِي الْحَج عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَفِي التَّفْسِير وَفِي بَدْء الْخلق وَفِي الْفِتَن وَفِي الْمَغَازِي، وَمضى الْكَلَام فِيهِ غير مرّة، وَمَا يتَعَلَّق بتفسير أول الحَدِيث قد مضى فِي تَفْسِير سُورَة بَرَاءَة، وَمَا يتَعَلَّق بآخر الحَدِيث قد مضى فِي الْفِتَن.

قَوْله: الزَّمَان أَرَادَ بِهِ السّنة.
قَوْله: قد اسْتَدَارَ استدارة مثل حَالَته يَوْم خلق الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض.
قَوْله: حرم بِضَمَّتَيْنِ أَي: محرم فِيهَا الْقِتَال.
قَوْله: وَرَجَب مُضر إِنَّمَا أضافوه إِلَيْهِم لأَنهم كَانُوا يُحَافِظُونَ على تَحْرِيمه أَشد مُحَافظَة من غَيرهم وَلم يغيروه عَن مَكَانَهُ، وَوَصفه بِالَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان للتَّأْكِيد أَو لإِزَالَة الريب الْحَادِث فِيهِ من النسيء.
.

     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ: النسيء تَأْخِير حُرْمَة شهر إِلَى شهر آخر كَانُوا يحلونَ الشَّهْر الْحَرَام ويحرمون مَكَانَهُ شهرا آخر حَتَّى رفضوا تَخْصِيص الْأَشْهر الْحرم، وَكَانُوا يحرمُونَ من شهور الْعَام أَرْبَعَة أشهر مُطلقًا، وَرُبمَا زادوا فِي الشُّهُور فيجعلونها ثَلَاثَة عشر شهرا أَو أَرْبَعَة عشر شهرا، وَالْمعْنَى: رجعت الْأَشْهر إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ، وَعَاد الْحَج إِلَى ذِي الْحجَّة وَبَطلَت تغييراتهم، وَقد وَافَقت حجَّة الْوَدَاع ذَا الْحجَّة.
قَوْله: الْبَلدة أَي: الْمَعْهُودَة وَهِي مَكَّة المشرفة.
قَوْله: قَالَ مُحَمَّد أَي: ابْن سِيرِين.
قَوْله: يضْرب بِالرَّفْع وبالجزم عِنْد الْكسَائي نَحْو لَا تدن من الْأسد يَأْكُلك.
قَوْله: من يبلغهُ بِضَم اللَّام وَبِفَتْحِهَا مُشَدّدَة.
قَوْله: فَلَعَلَّ اسْتعْمل اسْتِعْمَال عَسى.
قَوْله: أوعى أَي: أحفظ وأضبط أَي: علم بالتجربة والاستقراء أَن كثيرا من السامعين هم أفضل من شيوخهم.