فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} [سبأ: 23]، " ولم يقل: ماذا خلق ربكم "

( بابُُ قَوْل الله تَعَالَى: { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ} ولَمْ يَقُلْ مَاذَا خَلقَ رَبُّكُمْ؟.

     وَقَالَ 
جَلَّ ذِكْرُهُ: { اللَّهُ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ} )

أَي: هَذَا بابُُ فِي قَول الله عز وَجل: { وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده} إِلَخ، وغرض البُخَارِيّ من ذكر هَذِه الْآيَة بل من الْبابُُ كُله بَيَان كَلَام الْقَائِم بِذَاتِهِ، وَدَلِيله أَنه قَالَ: هـ وى { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ} وَلم يقل: مَاذَا خلق ربكُم؟ وَفِيه رد للمعتزلة والخوارج والمرجئة والجهمية والنجارية لأَنهم قَالُوا: إِنَّه مُتَكَلم يَعْنِي خَالق الْكَلَام فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ مثلا، وَفِي هَذَا ثَلَاثَة أَقْوَال: قَول أهل الْحق أَن الْقُرْآن غير مَخْلُوق وَأَنه كَلَامه تَعَالَى قَائِم بِذَاتِهِ لَا يَنْقَسِم وَلَا يتَجَزَّأ أَو لَا يشبه شَيْئا من كَلَام المخلوقين.
وَالْقَوْل الثَّانِي، مَا ذكرنَا عَن هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورين، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْوَاجِب فِيهِ الْوَقْف فَلَا يُقَال إِنَّه مَخْلُوق وَلَا غير مَخْلُوق.
وَفِيه إِثْبَات الشَّفَاعَة قَوْله: { إِذا فزع} أَي: إِذا أزيل الْخَوْف والتفعيل للإزالة وَالسَّلب وَحَاصِل الْمَعْنى: حَتَّى إِذا ذهب الْفَزع { قَالُوا مَاذَا قَالَ ربكُم} فَدلَّ ذَلِك على أَنهم سمعُوا قولا لم يفهموا مَعْنَاهُ من أجل فزعهم فَقَالُوا مَاذَا قَالُوا ربكُم وَلم يَقُولُوا: مَاذَا خلق ربكُم؟ وأكد ذَلِك بِمَا حَكَاهُ عَن الْمَلَائِكَة أَيْضا قَالُوا: الْحق، وَالْحق إِحْدَى صِفَتي الذَّات وَلَا يجوز على الله غَيره لِأَنَّهُ لَا يجوز على كَلَامه الْبَاطِل.

قَوْله: { من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده} قَالَ ابْن بطال: أَشَارَ بذلك إِلَى سَبَب النُّزُول لِأَنَّهُ جَاءَ أَنهم لما قَالُوا: شفعاؤنا عِنْد الله الْأَصْنَام، نزلت، فَأعْلم الله أَن الَّذين يشفعون عِنْده من الْمَلَائِكَة والأنبياء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، إِنَّمَا يشفعون فِيمَن يشفعون فِيهِ بعد إِذْنه لَهُم فِي ذَلِك.

وَقَالَ مَسْرُوقٌ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ: إذَا تَكَلَّمَ الله بالوَحْيِ سَمِعَ أهْلُ السَّماوَاتِ شَيْئاً، فإذَا فُزِّعَ عنْ قُلُوبِهِمْ وسَكَنَ الصَّوْتُ عَرَفُوا أنَّهُ الحَقُّ ونادَوْا: ماذَا قالَ ربُّكُمْ؟ قالُوا: الحَقَّ.

أَي: قَالَ مَسْرُوق بن الأجدع الْهَمدَانِي الوادعي عَن عبد الله بن مَسْعُود فِي تَفْسِير الْآيَة الْمَذْكُورَة: سمع أهل السَّمَاوَات شَيْئا، وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد وَغَيره: سمع أهل السَّمَاء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصَّفَا، وَفِي رِوَايَة الثَّوْريّ: الْحَدِيد، بدل السلسلة.
وَعند ابْن أبي حَاتِم: مثل صَوت السلسلة، وَعِنْده فِي حَدِيث النواس بن سمْعَان: إِذا تكلم الله بِالْوَحْي أخذت السَّمَوَات مِنْهُ رَجْفَة، أَو قَالَ: رعدة شَدِيدَة من خوف الله تَعَالَى، فَإِذا سمع ذَلِك أهل السَّمَاوَات صعقوا وخروا لله سجدا.
قَوْله: عَن قُلُوبهم أَي: قُلُوب الْمَلَائِكَة.
قَوْله: وَسكن الصَّوْت أَي: الصَّوْت الْمَخْلُوق لإسماع السَّمَاوَات إِذْ الدَّلَائِل القاطعة قَائِمَة على تنزهه عَن الصَّوْت لِأَنَّهُ مُسْتَلْزم للحدوث لِأَنَّهُ من الموجودات السيالة الْغَيْر القارة.
قَوْله: وَنَادَوْا مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قيل: مَا فَائِدَة السُّؤَال وهم سمعُوا ذَلِك؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُم سمعُوا قولا وَلم يفهموا مَعْنَاهُ كَمَا يَنْبَغِي لأجل فزعهم.
ثمَّ هَذَا التَّعَلُّق وَصله الْبَيْهَقِيّ فِي الْأَسْمَاء وَالصِّفَات من طَرِيق أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن مُسلم بن صبيح وَهُوَ أَبُو الضُّحَى عَن مَسْرُوق، وَلَفظه: إِن الله عز وَجل إِذا تكلم بِالْوَحْي سمع أهل السَّمَاء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصَّفَا، فيصعقون فَلَا يزالون كَذَلِك حَتَّى يَأْتِيهم جِبْرِيل، عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِذا جَاءَهُم جِبْرِيل فزع عَن قُلُوبهم قَالَ: وَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيل مَاذَا قَالَ ربكُم؟ قَالَ: فَيَقُول: الْحق، قَالَ: فينادون الْحق الْحق،.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ أَحْمد بن شُرَيْح الرَّازِيّ وَعلي بن أشكاب وَعلي بن مُسلم ثَلَاثَتهمْ عَن أبي مُعَاوِيَة مَرْفُوعا.
أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن عَنْهُم وَلَفظه مثله إلاَّ أَنه قَالَ: فَيَقُولُونَ: مَاذَا قَالَ رَبك؟ قَالَ: وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن الْأَعْمَش مَوْقُوفا وَجَاء عَنهُ مَرْفُوعا أَيْضا.

ويُذْكَرُ عنْ جابِرٍ عنْ عَبْدِ الله بنِ أُنَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ يَحْشَرُ الله العِبادَ فَيُنادِيهِمْ بِصَوْتٍ يَسْمَعُهُ مَنْ بَعْدُ كَما يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ: أَنا المَلِكُ أَنا الدَّيانُ
هَذَا تَعْلِيق بِصِيغَة التمريض عَن جَابر بن عبد الله الصَّحَابِيّ الخزرجي الْأنْصَارِيّ المكثر فِي الحَدِيث، وَهُوَ مَعَ كَثْرَة رِوَايَته وعلو مرتبته رَحل إِلَى الشَّام وَأخذ يسمعهُ من عبد الله بن أنيس مصغر أنس بن سعد الْجُهَنِيّ العقبي الْأنْصَارِيّ حليفاً.
وَفِي التَّوْضِيح هَذَا أسْندهُ الْحَارِث بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده من حَدِيثه، قَالَ: بَلغنِي حَدِيث عَن رجل من أَصْحَاب رَسُول الله، فأتبعت بَعِيرًا فشددت عَلَيْهِ رحلي ثمَّ سرت إِلَيْهِ، فسرت شهرا حَتَّى قدمت الشَّام، فَإِذا عبد الله بن أنيس الْأنْصَارِيّ فَذكره مطولا.
قَوْله: فيناديهم أَي: يَقُول ليدل على التَّرْجَمَة، كَذَا قَالَه الْكرْمَانِي.
قَوْله: بِصَوْت أَي: مَخْلُوق غير قَائِم بِهِ.
قَالَ الْكرْمَانِي: مَا السِّرّ فِي كَونه خارقاً للْعَادَة إِذْ فِي سَائِر الْأَصْوَات التَّفَاوُت ظَاهرا بَين الْقَرِيب والبعيد؟ قلت: ليعلم أَن المسموع مِنْهُ كَلَام الله تَعَالَى كَمَا أَن مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ يسمع من جَمِيع الْجِهَات، كَذَلِك.
قَوْله: أَنا الْملك وَأَنا الديَّان أَي: لَا ملك إلاَّ أَنا، وَلَا يجازي إلاَّ أَنا، إِذْ تَعْرِيف الْخَبَر دَلِيل الْحصْر، وَاخْتَارَ هَذَا اللَّفْظ لِأَن فِيهِ الْإِشَارَة إِلَى الصِّفَات السَّبْعَة: الْحَيَاة وَالْعلم والإرادة وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر وَالْكَلَام وليمكن المجازاة على الكليات والجزئيات قولا وفعلاً.



[ قــ :7083 ... غــ :7481 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبده الله، حدّثنا سُفْيانُ، عنْ عَمْرٍ و، عنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إذَا قَضَى الله الأمْرَ فِي السَّماءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بأجْنِحَتِها خُضْعاناً لِقَوْلِهِ كأنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلى صَفْوَانٍ قَالَ عَلِيٌّ:.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ: صَفَوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذالِكَ فإذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا: ماذَا قَالَ ربُّكُمْ؟ قالُوا: الحَقَّ وهْوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ
قَالَ عَلِيٌّ: حدّثنا سُفْيانُ حدّثنا عَمْرٌ وعنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ بِهَذَا.

قَالَ سُفْيانُ: قَالَ عَمْرٌ و: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، حدّثنا أبُو هُرَيْرَةَ قَالَ عَلِيٌّ:.

قُلْتُ لِسُفْيانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: نَعَمْ.
.

قُلْتُ لِسُفْيانَ إنَ إنْساناً رَوى عنْ عَمْرٍ و، عنْ عِكْرِمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ أنّهُ قَرَأ: فُزِّعَ، قَالَ سُفْيانُ: هاكَذَا قَرَأ عَمْرٌ وفَلاَ أدْرِي سَمِعَهُ هاكذَا أمْ لَا، قَالَ سُفْيانُ: وهْيَ قِرَاءَتُنا.

انْظُر الحَدِيث 4701 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: فَإِذا فزع عَن قُلُوبهم وَعلي بن عبد الله هُوَ الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعمر هُوَ ابْن دِينَار.

وَمضى هَذَا الحَدِيث بِهَذَا السَّنَد فِي تَفْسِير سُورَة الْحجر.

قَوْله: يبلغ بِهِ النَّبِي، أَي: يرفعهُ إِلَى النَّبِي قَوْله: إِذا قضى الله الْأَمر وَوَقع فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إِذا تكلم الله بِالْوَحْي.
قَوْله: خضعاناً قَالَ بَعضهم: هُوَ مصدر كغفران.
قلت: قَالَ الْخطابِيّ وَغَيره: هُوَ جمع خاضع وَهَذَا أولى وانتصابه على الحالية.
قَوْله: كَأَنَّهُ أَي: كَأَن الصَّوْت الْحَاصِل من ضرب أجنحتهم صَوت السلسلة على صَفْوَان وَهُوَ الْحجر الأملس.
قَوْله: قَالَ عَليّ هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ الرَّاوِي قَالَ غَيره أَي: غير سُفْيَان صَفْوَان ينفذهم ذَلِك يَعْنِي: بِزِيَادَة لفظ الإنفاذ أَي: ينفذ الله ذَلِك الْأَمر أَو القَوْل إِلَى الْمَلَائِكَة، ويروى: من النّفُوذ، أَي: ينفذ ذَلِك إِلَيْهِم أَو عَلَيْهِم، وَيحْتَمل أَن يُرَاد أَن غير سُفْيَان قَالَ: صَفْوَان، بِفَتْح الْفَاء باخْتلَاف الطَّرِيقَيْنِ فِي الْفَتْح والسكون لَا غير، وَيكون ينفذهم غير مُخْتَصّ بِالْغَيْر بل مُشْتَرك بَين سُفْيَان وَغَيره.
قَوْله: فَإِذا فزع قد مضى تَفْسِيره.

قَوْله: قَالَ عَليّ هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ أَيْضا حَدثنَا سُفْيَان قَالَ حَدثنَا عَمْرو عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة بِهَذَا أَي: بِهَذَا الحَدِيث، أَرَادَ بِهَذَا أَن سُفْيَان حَدثهُ عَن عَمْرو بِلَفْظ التحديث لَا بالعنعنة كَمَا فِي الطَّرِيق الأولى.

قَوْله: قَالَ سُفْيَان: قَالَ عَمْرو أَي: قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: قَالَ عَمْرو بن دِينَار: سَمِعت عِكْرِمَة قَالَ: حَدثنَا أَبُو هُرَيْرَة.
قَوْله: قَالَ عَليّ هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ أَيْضا: قلت لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة؛ قَالَ عِكْرِمَة.
قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة؟ قَالَ: نعم أَي: قَالَ سُفْيَان: نعم سمعته.
وَهَذَا يشْعر بِأَن كَلَامه كَانَ عَليّ سَبِيل الِاسْتِفْهَام من سُفْيَان.
قَوْله: قلت لِسُفْيَان أَي: قَالَ عَليّ أَيْضا: قلت لِسُفْيَان بن عُيَيْنَة إِن إنْسَانا روى عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة يرفعهُ أَي: إِلَى رَسُول الله أَنه قَرَأَ: فرغ، بالراء والغين الْمُعْجَمَة من قَوْلهم: فرغ الزَّاد إِذا لم يبْق مِنْهُ شَيْء.
قَالَ سُفْيَان: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرو بالراء والغين الْمُعْجَمَة، قيل: كَيفَ جَازَت الْقِرَاءَة إِذا لم تكن مسموعة قطعا؟ وَأجِيب بِأَنَّهُ لَعَلَّ مذْهبه جَوَاز الْقِرَاءَة بِدُونِ السماع إِذا كَانَ الْمَعْنى صَحِيحا.
قَوْله: فَلَا أَدْرِي سَمعه هَكَذَا أم لَا أَي: أسمعهُ عَمْرو عَن عِكْرِمَة أَو قَرَأَهَا كَذَلِك من قبل نَفسه بِنَاء على أَنَّهَا قِرَاءَته.
قَوْله: قَالَ سُفْيَان أَي: ابْن عُيَيْنَة وَهِي قراءتنا يَعْنِي بالراء والغين الْمُعْجَمَة، يُرِيد سُفْيَان أَنَّهَا قِرَاءَة نَفسه وَقِرَاءَة من تبعه فِيهِ.





[ قــ :7084 ... غــ :748 ]
- حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا اللّيْثُ عنْ عُقَيْلِ، عنِ ابنِ شِهاب أَخْبرنِي أبُو سَلَمَة ابنُ عَبْدِ الرَّحْمانِ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّهُ كانَ يَقُول: قَالَ رسولُ الله مَا أذِنَ الله لِشَيْءٍ مَا أذِنَ لِلنَّبيِّ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ.

     وَقَالَ  صاحِبٌ لهُ: يُرِيدُ أنْ يَجْهَرَ بِهِ.


قَالَ الْكرْمَانِي: فهم البُخَارِيّ من الْإِذْن القَوْل لَا الِاسْتِمَاع بِهِ بِدَلِيل أَنه أَدخل هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْبابُُ.
قلت: فِيهِ مَوضِع التَّأَمُّل.

وَقد أخرج هَذَا الحَدِيث فِي فَضَائِل الْقُرْآن فِي: بابُُ من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ، من طَرِيقين وَقد فسروا فِي الأول التَّغَنِّي بالجهر، وَالثَّانِي بالاستغناء، وفسروا الْإِذْن بالاستماع.
يُقَال: أذن يَأْذَن إِذْنا بِفتْحَتَيْنِ أَي: اسْتمع وَفهم القَوْل مِنْهُ بعيد.
قَوْله: مَا أذن الله لشَيْء أَي: مَا اسْتمع لشَيْء مَا اسْتمع للنَّبِي وَكلمَة: مَا، مَصْدَرِيَّة أَي: استماعه أَي: كاستماعه للنَّبِي واستماع الله مجَاز عَن تقريبه القارىء وإجزال ثَوَابه أَو قبُول قِرَاءَته.
قَوْله: للنَّبِي بِالْألف وَاللَّام ويروى: لنَبِيّ، بِدُونِ الْألف وَاللَّام.
قَوْله: قَالَ صَاحب لَهُ أَي: لأبي هُرَيْرَة، أَرَادَ أَن المُرَاد بالتغني الْجَهْر بِهِ بتحسين الصَّوْت.
.

     وَقَالَ  سُفْيَان بن عُيَيْنَة: المُرَاد الِاسْتِغْنَاء عَن النَّاس، وَقيل: أَرَادَ بِالنَّبِيِّ الْجِنْس، وَبِالْقُرْآنِ الْقِرَاءَة.





[ قــ :7085 ... غــ :7483 ]
- حدّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصِ بنِ غِياثٍ، حَدثنَا أبي، حَدثنَا الأعمَشُ، حَدثنَا أبُو صالِحٍ، عنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ الله: يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وسَعْديْكَ، فَيُنادِي بِصَوْتٍ: إنَّ الله يأمُرُك أنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثاً إِلَى النَّار.


مطابقته لحَدِيث ابْن مَسْعُود الَّذِي فِيهِ: وَسكن الصَّوْت وَهُوَ مُطَابق للتَّرْجَمَة الَّتِي فِيهَا: { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ} والمطابق للمطابق للشَّيْء مُطَابق لذَلِك الشَّيْء.

وَشَيخ البُخَارِيّ يروي عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش عَن أبي صَالح ذكْوَان عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ سعد بن مَالك.

والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة الْحَج بِهَذَا السَّنَد بِعَيْنِه بأتم مِنْهُ وأطول، وَمر أَيْضا فِي كتاب الْأَنْبِيَاء فِي: بابُُ قصَّة يَأْجُوج وَمَأْجُوج.

قَوْله: يَقُول الله: يَا آدم يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْله: فينادي على صِيغَة الْمَعْلُوم فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِفَتْح الدَّال على صِيغَة الْمَجْهُول، وَلَا مَحْذُور فِي رِوَايَة الْمَعْلُوم لِأَن قَوْله: إِن الله يَأْمُرك يدل ظَاهرا على أَن الْمُنَادِي ملك يَأْمُرهُ الله تَعَالَى بالنداء، فَإِن قلت: حَفْص بن غياث تفرد بِهَذَا الطَّرِيق، وَقد قَالَ أَبُو زرْعَة: سَاءَ حفظه بَعْدَمَا استقضي وَلِهَذَا طعن أَبُو الْحسن بن الْفضل فِي صِحَة هَذَا الطَّرِيق.
قلت: لَيْسَ كَذَلِك وَقد وَافقه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي عَن الْأَعْمَش أخرجه عبد الله بن أَحْمد فِي كتاب السّنة لَهُ عَن أَبِيه عَن الْمحَاربي، وَعَن يحيى بن معِين: حَفْص بن غياث ثِقَة.
.

     وَقَالَ  الْعجلِيّ: ثِقَة مَأْمُون.
.

     وَقَالَ  يَعْقُوب بن شيبَة: ثِقَة ثَبت إِذا حدث من كِتَابه، ويتقى بعض حفظه، وَكَانَ الرشيد ولاه قَضَاء بَغْدَاد فَعَزله، وولاه قَضَاء الْكُوفَة.
.

     وَقَالَ  ابْن أبي شيبَة: ولي الْكُوفَة ثَلَاث عشرَة سنة وبغداد سنتَيْن وَمَات يَوْم مَاتَ وَلم يخلف درهما وَخلف عَلَيْهِ تِسْعمائَة دِرْهَم دينا، وَكَانَ يُقَال: ختم الْقَضَاء بحفص بن غياث، وَكَانَت وَفَاته فِي سنة أَربع وَتِسْعين وَمِائَة، وَصلى عَلَيْهِ الْفضل بن عَبَّاس وَكَانَ أَمِير الْكُوفَة يومئذٍ، وَهُوَ من جملَة أَصْحَاب أبي حنيفَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَوْله: بعثما بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة أَي: طَائِفَة شَأْنهمْ أَن يبعثوا إِلَى النَّار وَتَمَامه قَالَ: وَمَا بعث النَّار؟ قَالَ: من كل ألف تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ، قيل: وأينا ذَلِك الْوَاحِد يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فَإِن مِنْكُم رجلا وَمن يَأْجُوج وَمَأْجُوج ألف.





[ قــ :7086 ... غــ :7484 ]
- حدّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْماعِيلَ، حدّثنا أبُو أُسامَةَ، عنْ هِشامٍ، عنْ أبِيهِ عنْ عائشَةَ، رَضِي الله عَنْهَا، قالَتْ: مَا غِرْتُ عَلى امْرأةٍ مَا غِرْتُ عَلى خَدِيجَةَ، ولَقَدْ أمَرَهُ رَبُّهُ أنْ يُبَشِّرَها بِبَيْتٍ فِي الجَنَةِ.

انْظُر الحَدِيث 3816
لم أرى أحدا من الشُّرَّاح ذكر لهَذَا الحَدِيث مُطَابقَة للتَّرْجَمَة اللَّهُمَّ إلاَّ أَن يُقَال بالتعسف: إِن معنى: لمن أذن لَهُ أَمر لَهُ، لِأَن معنى الْإِذْن لأحد بِشَيْء أَن يفعل يتَضَمَّن معنى الْأَمر على وَجه الْإِبَاحَة.

وَعبيد بن إِسْمَاعِيل كَانَ اسْمه فِي الأَصْل: عبيد الله، أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة يروي عَن أَبِيه عُرْوَة بن الزبير.

والْحَدِيث مضى فِي المناقب فِي: بابُُ تَزْوِيج النَّبِي، خَدِيجَة وفضلها، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بِوُجُوه كَثِيرَة.

قَوْله: وَلَقَد أمره ربه أَي: وَلَقَد أَمر النبيَّ ربَّه، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي والسرخسي، وَفِي رِوَايَة غَيرهمَا: وَلَقَد أمره الله.
قَوْله: بِبَيْت فِي الْجنَّة هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني، وَفِي رِوَايَة غَيره: من الْجنَّة، وَصفَة الْبَيْت أَنه من قصب الدّرّ المجوف.