فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: " رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتي هذا فعلت كما يفعل «

(بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (رَجُلٌ آتاهُ الله القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آناءَ اللَّيْلِ والنَّهارِ) ، ورَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، فَبَيَّنَ الله أنَّ قِيامُهُ بالكِتابِ هُوَ فِعلُهُ.
وَقَالَ { وَمِنْءَايَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالاَْرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِى ذالِكَ لأَيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ} .

     وَقَالَ  جَلَّ ذِكْرُهُ: { ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ ارْكَعُواْ وَاسْجُدُواْ وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ وَافْعَلُواْ الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول النَّبِي، رجل ... إِلَى آخِره، وغرضه من هَذَا الْبابُُ أَن قَول الْعباد وفعلهم منسوبان إِلَيْهِم، وَهُوَ كالتعميم بعد التَّخْصِيص بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْبابُُ الْمُتَقَدّم عَلَيْهِ.
قيل إِن التَّرْجَمَة مخرومة إِذْ ذكر من صَاحب الْقُرْآن حَال الْمَحْسُود فَقَط، وَمن صَاحب المَال حَال الْحَاسِد فَقَط، وَهُوَ خرم غَرِيب ملبس.
قَالَ الْكرْمَانِي: نعم مخروم وَلَكِن لَيْسَ غَرِيبا وَلَا ملبساً، إِذْ الْمَتْرُوك هُوَ نصف الحَدِيث بِالْكُلِّيَّةِ حَاسِدًا ومحسوداً، وَهُوَ حَال ذِي المَال وَالْمَذْكُور هُوَ بَيَان صَاحب الْقُرْآن حَاسِدًا ومحسوداً، إِذْ المُرَاد من رجل ثَانِيًا هُوَ الْحَاسِد، وَمن مثل مَا أُوتِيَ هُوَ الْقُرْآن لَا المَال.
وَمر الحَدِيث أَولا فِي كتاب الْعلم وآخراً فِي كتاب التَّمَنِّي.
قَوْله: آنَاء اللَّيْل أَي: سَاعَات اللَّيْل.
.

     وَقَالَ  الْأَخْفَش: وَاحِدهَا: أَنِّي، مثل معي، وَقيل: أنو، يُقَال: مضى أنيان من اللَّيْل، وأنوان.
.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: وَاحِدهَا أَنى مثل نحى، وَالْجمع: آنَاء.
قَوْله: فَبين الله لَيْسَ فِي كثير من النّسخ إِلَّا قَوْله: فَبين، فَقَط بِدُونِ ذكر فَاعله، وَلِهَذَا قَالَ الْكرْمَانِي: إِن النَّبِي قَالَ: إِن قيام الرجل بِالْقُرْآنِ فعله حَيْثُ أسْند الْقيام إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: إِن قِرَاءَة الْكتاب فعله.
قَوْله: أَلْسِنَتكُم أَي: لغاتكم، إِذْ لَا اخْتِلَاف فِي الْعُضْو الْمَخْصُوص بِحَيْثُ يصير فِي الْآيَات.
قَوْله: وافعلوا الْخَيْر هَذَا عَام فِي فعل الْخَيْر يتَنَاوَل قِرَاءَة الْقُرْآن وَالذكر وَالدُّعَاء.



[ قــ :7130 ... غــ :7528 ]
- حدّثنا قُتَيْبَةُ، حدّثنا جَرِيرٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ أبي صالِحٍ، عنْ أبي هُرَيْرَ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا تحاسُدَ إلاّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ الله القُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ، فَهْوَ يَقُولُ: لوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ هَذَا لَفَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ، ورَجُلٌ آتاهُ الله مَالا فَهْوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ: لوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ عَمِلْتُ فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ.

انْظُر الحَدِيث 5026 وطرفه
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

وَجَرِير بن عبد الحميد، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَأَبُو صَالح ذكْوَان الزيات.

والْحَدِيث مضى فِي الْعلم كَمَا ذكرنَا الْآن.
قَوْله: لَا تحاسد إلاّ فِي اثْنَتَيْنِ ويروى: إلاَّ فِي اثْنَيْنِ، بالتذكير.
قيل: الخصلتان من بابُُ الْغِبْطَة.
وَأجِيب بِأَن مُرَاده: لَا تحاسد إلاَّ فيهمَا، وَلَيْسَ مَا فيهمَا حسد فَلَا حسد.
كَقَوْلِه: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الاُْولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} وَأطلق الْحَسَد وَأَرَادَ الْغِبْطَة.
قَوْله: رجل أَي: خصْلَة رجل ليَصِح بَيَانا لاثْنَتَيْنِ.
قَوْله: فَهُوَ يَقُول أَي: الْحَاسِد ... وَبَقِيَّة لكَلَام مرت فِي الْعلم.





[ قــ :7131 ... غــ :759 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله، حدَّثنا سُفْيانُ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: عنْ سالِمٍ عنْ أبِيهِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لاَ حَسَدَ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ الله القُرْآنَ فَهْوَ يَتْلُوهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ، ورَجُلٌ آتاهُ الله مَالا فَهو يُنْفِقُهُ آناءَ اللَّيْلِ وآناءَ النَّهارِ.

سَمِعْتُ سُفْيان مِراراً، لَمْ أسْمَعْهُ يَذْكُرُ الخَبَرَ، وهْوَ مِنْ صَحِيحِ حَدِيثِهِ.

انْظُر الحَدِيث 505
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَسَالم بن عبد الله يروي عَن أَبِيه عبد الله بن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

قَوْله: سَمِعت قَائِله هُوَ عَليّ بن عبد الله شيخ البُخَارِيّ أَي: سَمِعت هَذَا الحَدِيث من سُفْيَان مرَارًا وَلم أسمعهُ يذكرهُ بِلَفْظ أخبرنَا أَو حَدثنَا الزُّهْرِيّ هَل يَقُول بِلَفْظ: قَالَ وَمَعَ هَذَا هُوَ من صَحِيح حَدِيثه وَلَا قدح فِيهِ لِأَنَّهُ قد علم من الطّرق الآخر الصحيحات.