فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن}

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَىِ الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَآئِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَلَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَى وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى الاَْرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُواْ مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُواْ الصَّلَواةَ وَءَاتُواْ الزَّكَواةَ وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُواْ لاَِنفُسِكُمْ مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} )

أَي هَذَا بابُُ فِي قَوْله عز وَجل: { فاقرؤا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} قَالَ الْمُهلب: يُرِيد مَا تيَسّر من حفظه على اللِّسَان من لُغَة وإعراب.
قَوْله: من الْقُرْآن، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَا تيَسّر مِنْهُ، وكل من اللَّفْظَيْنِ فِي السُّورَة،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَالْمرَاد بِالْقِرَاءَةِ الصَّلَاة لِأَن الْقِرَاءَة بعض أَرْكَانهَا.
قلت: هَذَا لم يقل بِهِ أحد، والمفسرون مجمعون على أَن المُرَاد مِنْهُ الْقِرَاءَة فِي الصَّلَاة وَهُوَ حجَّة على جَمِيع من يرى فَرضِيَّة قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الصَّلَاة.



[ قــ :7151 ... غــ :7550 ]
- حدّثنا يَحْياى بنُ بُكَيْرٍ، حدّثنا اللَّيْثُ، عَن عُقَيْلٍ، عنِ ابنِ شِهابٍ، حدّثني عُرْوَةُ أنَّ المِسْوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ وعَبْدَ الرَّحْمانِ بنَ عَبْدٍ القارِيَّ حَدَّثاهُ أنَّهُما سَمِعا عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشامَ بنَ حَكِيمٍ يَقْرأُ سُورَةَ الفُرْقانِ فِي حَياةِ رسولِ الله فاسْتَمَعْتُ لِقِراءَتِهِ فَإذا هُوَ يَقْرَأُ عَلى حُرُوفٍ كَثِيرَة لَمْ يُقْرِئْنِيها رسولُ الله فَكِدْتُ أُساوِرُهُ فِي الصَّلاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حتَّى سَلَّمَ فَلَبَبْتُهُ بِرِدِائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أقْرَأكَ هاذِهِ السُّورَةَ الّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأنِيها رسولُ الله فَقُلْتُ كَذَبْتَ أقْرَأنِيها عَلى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ.
فانْطَلَقْتُ بِهِ أقُودُهُ إِلَى رسولِ الله فَقُلْتُ إنِّي سَمِعْتُ هاذَا يَقْرَأُ سورَةَ الفرْقانِ عَلى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيها.
فَقَالَ: أرْسِلْهُ اقْرَأْ يَا هِشامُ فَقَرَأ القِرَاءَةَ الَّتي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ رسولُ الله كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ رسولُ الله اقْرَأْ يَا عُمَرُ فَقَرَأتُ التِي أقْرَأنِي، فَقَالَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ إنَّ هاذَا القُرْآنَ أنْزِلَ عَلى سَبْعَةِ أحْرُفٍ فاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله فِي آخر الحَدِيث: فاقرأوا مَا تيَسّر مِنْهُ
وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد، والمسور بِكَسْر الْمِيم ابْن مخرمَة بِفَتْحِهَا وَعبد الرَّحْمَن بن عبد بِالتَّنْوِينِ الْقَارِي مَنْسُوب، إِلَى القارة بِالْقَافِ.

والْحَدِيث مضى فِي الْخُصُومَات وَفِي فَضَائِل الْقُرْآن فِي: بابُُ أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: أساوره أَي: أواثبه.
قَوْله: فتصبرت ويروى: تربصت قَوْله: فلببته من التلبيب بالموحدتين جمع الثِّيَاب عِنْد الصَّدْر فِي الْخُصُومَة والجر.
قَوْله: فَقَالَ: أرْسلهُ أَي: أطلقهُ.
قَوْله: على سَبْعَة أحرف أَي: سبع لُغَات، وَقيل الْحَرْف الْإِعْرَاب يُقَال: فلَان يقْرَأ حرف عَاصِم أَي: بِالْوَجْهِ الَّذِي اخْتَارَهُ من الْإِعْرَاب.
.

     وَقَالَ  الْأَكْثَرُونَ: هُوَ قصر فِي السَّبْعَة فَقيل هِيَ فِي صُورَة التِّلَاوَة من إدغام وَإِظْهَار وَنَحْوهمَا ليقْرَأ كل بِمَا يُوَافق لغته وَلَا يُكَلف الْقرشِي الْهَمْز وَلَا الْأَسدي فتح حرف المضارعة.
وَقيل: بل السَّبْعَة كلهَا لمضر وَحدهَا.