فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إمامة العبد والمولى

( قَولُهُ بَابُ إِمَامَةِ الْعَبْدِ وَالْمَوْلَى)
أَيِ الْعَتِيقِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَمْ يُفْصِحْ بِالْجَوَازِ لَكِنْ لَوَّحَ بِهِ لِإِيرَادِهِ أَدِلَّتَهُ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِلَخْ وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا غُلَامُهَا ذكْوَان فِي الْمُصحف وَوَصله بن أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَعْتَقَتْ غُلَامًا لَهَا عَنْ دُبُرٍ فَكَانَ يَؤُمُّهَا فِي رَمَضَانَ فِي الْمُصْحَفِ وَوَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَائِشَةَ بِأَعْلَى الْوَادِي هُوَ وَأَبُوهُ وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ وَنَاسٌ كَثِيرٌ فَيَؤُمُّهُمْ أَبُو عَمْرٍو مَوْلَى عَائِشَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ لَمْ يُعْتَقْ وَأَبُو عَمْرٍو الْمَذْكُورُ هُوَ ذَكْوَانُ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ مَالِكٌ فَقَالَ لَا يَؤُمُّ الْأَحْرَارَ إِلَّا إِنْ كَانَ قَارِئًا وهم لَا يقرؤون فَيَؤُمُّهُمْ إِلَّا فِي الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهَا تُجْزِئُهُ إِذَا حَضَرَهَا .

     قَوْلُهُ  فِي الْمُصْحَفِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُصَلِّي مِنَ الْمُصْحَفِ وَمَنَعَ مِنْهُ آخَرُونَ لِكَوْنِهِ عَمَلًا كَثِيرًا فِي الصَّلَاةِ .

     قَوْلُهُ  وَوَلَدُ الْبَغِيِّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّشْدِيدِ أَي الزَّانِيَة وَنقل بن التِّينِ أَنَّهُ رَوَاهُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمَوْلَى لَكِنْ فُصِلَ بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ بِأَثَرِ عَائِشَةَ وَغَفَلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْبُخَارِيِّ فَجَعَلَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ وَلَدِ الزِّنَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا وَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ أَنْ يُتَّخَذَ إِمَامًا رَاتِبًا وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يعير مُعَرَّضًا لِكَلَامِ النَّاسِ فَيَأْثَمُونَ بِسَبَبِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْغَالِبِ مَنْ يَفْقَهُهُ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ الْجَهْلُ .

     قَوْلُهُ  وَالْأَعْرَابِيُّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا وَخَالَفَ مَالِكٌ وَعِلَّتُهُ عِنْدَهُ غَلَبَةُ الْجَهْلِ عَلَى سكان الْبَوَادِي وَقِيلَ لِأَنَّهُمْ يُدِيمُونَ نَقْصَ السُّنَنِ وَتَرْكَ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  وَالْغُلَامُ الَّذِي لَمْ يَحْتَلِمْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمُرَاهِقَ وَيُحْتَمَلُ الْأَعَمَّ لَكِنْ يَخْرُجُ مِنْهُ مَنْ كَانَ دُونَ سِنِّ التَّمْيِيزِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَاعَى اللَّفْظَ الْوَارِدَ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا لَا يَؤُمُّ الْغُلَامَ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ أَخْرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ أَنه كَانَ يؤم قومه وَهُوَ بن سَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ إِنَّمَا لَمْ يُسْتَدَلَّ بِهِ هُنَا لِأَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ تَوَقَّفَ فِيهِ فَقِيلَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذ لَك وَقِيلَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ وَأُجِيبَ عَنِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ زَمَانَ نُزُولِ الْوَحْيِ لَا يَقَعُ فِيهِ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ التَّقْرِيرُ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ أَبُو سَعِيدٍ وَجَابِرٌ عَلَى جَوَازِ الْعَزْلِ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْزِلُونَ وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَأَيْضًا فَالْوَفْدُ الَّذِينَ قَدَّمُوا عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ كَانُوا جمَاعَة من الصَّحَابَة وَقد نقل بن حَزْمٍ أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ وَعَنِ الثَّانِي بِأَنَّ سِيَاقَ رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرَائِضِ لِقَوْلِهِ فِيهِ صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ قَالَ عَمْرٌو فَمَا شَهِدْتُ مَشْهَدًا فِي جَرْمٍ إِلَّا كُنْتُ إِمَامَهُمْ وَهَذَا يعم الْفَرَائِض والنوافل وَاحْتج بن حَزْمٍ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ قَالَ فَعَلَى هَذَا إِنَّمَا يَؤُمُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ وَالصَّبِيُّ لَيْسَ بِمَأْمُورٍ لِأَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْهُ فَلَا يَؤُمُّ كَذَا قَالَ وَلَا يَخْفَى فَسَادُهُ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَأْمُورُ مَنْ يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ الْأَمْرُ مِنَ الْبَالِغِينَ بِأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ مَنِ اتَّصَفَ بِكَوْنِهِ أَكْثَرَ قُرْآنًا فَبَطَلَ مَا احْتَجَّ بِهِ وَإِلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الصَّبِيِّ ذَهَبَ أَيْضًا الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَكَرِهَهَا مَالِكٌ وَالثَّوْرَيُّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رِوَايَتَانِ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمَا الْإِجْزَاءُ فِي النَّوَافِلِ دُونَ الْفَرَائِضِ .

     قَوْلُهُ  لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ فَكُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ جَازَتْ إِمَامَتُهُ مِنْ عَبْدٍ وَصبي وَغَيرهمَا وَهَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ بِلَفْظِ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا إِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ وَأَحَقُّهُمْ بِالْإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ أَقْرَؤُهُمْ عَلَى أَنَّ إِمَامَةَ الْكَافِرِ لَا تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا قِرَاءَةَ لَهُ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ مِنَ الْجَمَاعَةِ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ الْمُعَلَّقِ .

     قَوْلُهُ  بِغَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ قَصَدَ تَفْوِيتَ الْفَضِيلَةِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ مُسْتَنَدَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى قِصَّةِ سَالِمٍ فِي أَوَّلِ حَدِيثَيِ الْبَابِ



[ قــ :671 ... غــ :692] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْأَوَّلُونَ أَيْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  الْعُصْبَةَ بِالنَّصْبِ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ لِقَوْلِهِ قَدِمَ كَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ نَزَلُوا الْعُصْبَةَ أَيِ الْمَكَانَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ وَهُوَ بِإِسْكَانِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَاخْتُلِفَ فِي أَوَّلِهِ فَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَقِيلَ بِالضَّمِّ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النِّهَايَةِ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ لَمْ يَضْبِطْهُ الْأَصِيلِيُّ فِي رِوَايَتِهِ وَالْمَعْرُوفُ الْمُعَصَّبُ بِوَزْنِ مُحَمَّدٍ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَة زَاد فِي الْأَحْكَام من رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ وَفِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَبُو سَلمَة أَي بن عبد الْأسد وَزيد أَي بن حَارِثَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَاسْتُشْكِلَ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ فِيهِمْ إِذْ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ كَانَ رَفِيقَهُ وَوَجَّهَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ سَالِمٌ الْمَذْكُورُ اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ بِهِمْ فَيَصِحُّ ذِكْرُ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ إِجْمَاعُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ الْقُرَشِيِّينَ عَلَى تَقْدِيمِ سَالِمٍ عَلَيْهِمْ وَكَانَ سَالِمٌ الْمَذْكُورُ مَوْلَى امْرَأَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ فَأَعْتَقَتْهُ وَكَأَنَّ إِمَامَتَهُ بِهِمْ كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ وَبِذَلِكَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ الْعَبْدُ وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ لِأَنَّهُ لَازَمَ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بَعْدَ أَنْ عُتِقَ فَتَبَنَّاهُ فَلَمَّا نُهُوا عَنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ مَوْلَاهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ وَاسْتُشْهِدَ سَالِمٌ بِالْيَمَامَةِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .

     قَوْلُهُ  وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا إِشَارَةً إِلَى سَبَبِ تَقْدِيمِهِمْ لَهُ مَعَ كَوْنِهِمْ أَشْرَفَ مِنْهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا





[ قــ :67 ... غــ :693] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى هُوَ الْقَطَّانُ .

     قَوْلُهُ  اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا أَيْ فِيمَا فِيهِ طَاعَةٌ لِلَّهِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنِ اسْتُعْمِلَ أَيْ جُعِلَ عَامِلًا وَلِلْمُصَنِّفِ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ يَحْيَى وَإِنِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ وَهُوَ أَصْرَحُ فِي مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ وَذَكَرَهُ بَعْدَ بَابٍ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرٍّ اسْمَعْ وَأَطِعْ الْحَدِيثَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ أَيْضًا لَكِنْ بِإِسْنَادٍ لَهُ آخَرُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجُونِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ إِنَّ خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَانِي أَنِ اسْمَعْ وَأَطِعْ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِيهِ قِصَّةُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ انْتَهَى إِلَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ قَالَ فَقِيلَ هَذَا أَبُو ذَرٍّ فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ أَيْضًا عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ سَمِعْتُ جَدَّتِي تُحَدِّثُ أَنَّهَا سَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَقُولُ وَلَوِ اسْتُعْمِلَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَائِدَتَانِ تَعْيِينُ جِهَةِ الطَّاعَةِ وَتَارِيخُ الْحَدِيثِ وَأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَاخِرِ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ قِيلَ شَبَّهَهُ بِذَلِكَ لِصِغَرِ رَأْسِهِ وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الْحَبَشَةِ وَقِيلَ لِسَوَادِهِ وَقِيلَ لِقِصَرِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَتَفَلْفُلِهِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ عَلَى صِحَّةِ إِمَامَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ إِذَا أُمِرَ بِطَاعَتِهِ فَقَدْ أَمر بِالصَّلَاةِ خَلفه قَالَه بن بَطَّالٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ جِهَةِ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ أَنَّ الْأَمِيرَ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الْقِيَامِ عَلَى السَّلَاطِينِ وَإِنْ جَارُوا لِأَنَّ الْقِيَامَ عَلَيْهِمْ يُفْضِي غَالِبًا إِلَى أَشَدِّ مِمَّا يُنْكَرُ عَلَيْهِمْ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِطَاعَةِ الْعَبْدِ الْحَبَشِيِّ وَالْإِمَامَةُ الْعُظْمَى إِنَّمَا تَكُونُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فِي قُرَيْشٍ فَيَكُونُ غَيْرُهُمْ مُتَغَلِّبًا فَإِذَا أَمَرَ بِطَاعَتِهِ اسْتَلْزَمَ النَّهْيَ عَن مُخَالفَته وَالْقِيَام عَلَيْهِ ورده بن الْجَوْزِيِّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِلِ هُنَا مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ الْإِمَامُ لَا مَنْ يَلِي الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّاعَةِ الطَّاعَةُ فِيمَا وَافَقَ الْحَقَّ انْتَهَى وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى أَعَمِّ مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ وُجِدَ مَنْ وَلِيَ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى مِنْ غَيْرِ قُرَيْشٍ مِنْ ذَوِي الشَّوْكَةِ مُتَغَلِّبًا وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَقَدْ عَكَسَهُ بَعْضُهُمْ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْإِمَامَةِ فِي غَيْرِ قُرَيْشٍ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ إِذْ لَا تلازم بَين الْأَجْزَاء وَالْجَوَاز وَالله أعلم