فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: إلى أين يرفع يديه؟

( قَولُهُ بَابُ إِلَى أَيْنَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ)
لَمْ يَجْزِمِ الْمُصَنِّفُ بِالْحُكْمِ كَمَا جَزَمَ بِهِ قَبْلُ وَبَعْدُ جَرْيًا عَلَى عَادَتِهِ فِيمَا إِذَا قَوَّى الْخِلَافَ لَكِنَّ الْأَرْجَحَ عِنْدَهُ مُحَاذَاةِ الْمَنْكِبَيْنِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى إِيرَادِ دَلِيلِهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو حُمَيْدٍ إِلَخْ هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ سَيَأْتِي فِي بَابِ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ مَنْ عَرَفْنَا اسْمَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمَذْكُورِينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُقَابِلَهُمَا وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ وَبِهَذَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَفِي لَفْظٍ لَهُ عَنْهُ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ بِلَفْظِ حَتَّى حَاذَتَا أُذُنَيْهِ وَرُجِّحَ الْأَوَّلُ لِكَوْنِ إِسْنَادِهِ أَصَحُّ وَرَوَى أَبُو ثَوْرٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ يُحَاذِي بِظَهْرِ كَفَّيْهِ الْمَنْكِبَيْنِ وَبِأَطْرَافِ أَنَامِلِهِ الْأُذُنَيْنِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ وَائِلٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ بِلَفْظِ حَتَّى كَانَتَا حِيَالَ مَنْكِبَيْهِ وَحَاذَى بِإِبْهَامَيْهِ أُذُنَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا حَكَاهُ بن شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ لَكِنْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِع عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ فِي الِافْتِتَاحِ وَفِي غَيْرِهِ دُونَ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد ويعارضه قَول بن جريج قلت لنافع أَكَانَ بن عُمَرَ يَجْعَلُ الْأُولَى أَرْفَعَهُنَّ قَالَ لَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا.

     وَقَالَ  لَمْ يَذْكُرْ رَفْعَهُمَا دُونَ ذَلِكَ غَيْرُ مَالِكٍ فِيمَا أَعْلَمُ



[ قــ :717 ... غــ :738] .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ التَّسْمِيعَ فِي ابْتِدَاءِ ارْتِفَاعِهِ مِنَ الرُّكُوعِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ أَبْوَابٍ قَلِيلَةٍ فَائِدَةٌ لَمْ يَرِدْ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِقَةِ فِي الرَّفْعِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ يَرْفَعُ الرَّجُلُ إِلَى الْأُذُنَيْنِ وَالْمَرْأَةُ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ