فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: يهوي بالتكبير حين يسجد

( قَولُهُ بَابُ يَهْوِي بِالتَّكْبِيرِ حِينَ يَسْجُدُ)
قَالَ بن التِّينِ رُوِّينَاهُ بِالْفَتْحِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحُ أَرْجَحُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا بِالْوَجْهَيْنِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ بن عمر الخ وَصله بن خُزَيْمَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَيَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَلَا أَرَاهُ إِلَّا وَهْمًا يَعْنِي رَفْعَهُ قَالَ وَالْمَحْفُوظُ مَا اخْتَرْنَا ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ قَالَ إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَضَعْ يَدَيْهِ وَإِذَا رَفَعَ فَلْيَرْفَعْهُمَا اه وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا الْمَوْقُوفُ غَيْرُ الْمَرْفُوعِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِي تَقْدِيمِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَالثَّانِي فِي إِثْبَاتِ وَضْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتُشْكِلَ إِيرَادُ هَذَا الْأَثَرِ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ وَأَجَابَ الزَّيْنُ بن الْمُنِيرِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ صِفَةَ الْهُوِيِّ إِلَى السُّجُودِ الْقَوْلِيَّةَ أَرْدَفَهَا بِصِفَتِهِ الْفِعْلِيَّةِ.

     وَقَالَ  أَخُوهُ أَرَادَ بِالتَّرْجَمَةِ وَصْفَ حَالِ الْهُوِيِّ مِنْ فِعَالٍ وَمَقَالٍ اه وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ أثر بن عُمَرَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرْجَمَةِ فَهُوَ مُتَرْجَمٌ بِهِ لَا مُتَرْجَمٌ لَهُ وَالتَّرْجَمَةُ قَدْ تَكُونُ مُفَسِّرَةً لِمُجْمَلِ الْحَدِيثِ وَهَذَا مِنْهَا وَهَذِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ هَذِهِ الصِّفَةُ أَحْسَنُ فِي خُشُوعِ الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَفِيهِ حَدِيثٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَعُورِضَ بِحَدِيثٍ عَنْهُ أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ وَقَدْ رَوَى الْأَثْرَمُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِرُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَلَا يَبْرُكْ بُرُوكَ الْفَحْلِ وَلَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ الْأَفْضَلُ أَنْ يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ يَدَيْهِ وَفِيهِ حَدِيثٌ فِي السُّنَنِ أَيْضًا عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَا يَظْهَرُ تَرْجِيحُ أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ حَيْثُ السُّنَّةُ اه وَعَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رِوَايَةٌ بالتخيير وَادّعى بن خُزَيْمَةَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَعْدٍ قَالَ كُنَّا نَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ فَأُمِرْنَا بِالرُّكْبَتَيْنِ قَبْلَ الْيَدَيْنِ وَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ قَاطِعًا لِلنِّزَاعِ لَكِنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى بْنِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَهُمَا ضَعِيفَانِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ مُقْتَضَى تَأْخِيرِ وَضْعِ الرَّأْسِ عَنْهُمَا فِي الِانْحِطَاطِ وَرَفْعِهِ قَبْلَهُمَا أَنْ يَتَأَخَّرَ وَضْعُ الْيَدَيْنِ عَنِ الرُّكْبَتَيْنِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ عَلَيْهِمَا فِي الرَّفْعِ وَأَبْدَى الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لِتَقْدِيمِ الْيَدَيْنِ مُنَاسَبَةً وَهِيَ أَنْ يَلْقَى الْأَرْضَ عَنْ جَبْهَتِهِ وَيَعْتَصِمَ بِتَقْدِيمِهِمَا عَلَى إِيلَامِ رُكْبَتَيْهِ إِذَا جَثَا عَلَيْهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :782 ... غــ :803] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُكَبِّرُ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ حِينَ اسْتَخْلَفَهُ مَرْوَانُ عَلَى الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا فِيهِ أَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرُ الْهُوِيِّ فَيَبْتَدِئُ بِهِ مِنْ حِينِ يَشْرَعُ فِي الْهُوِيِّ بَعْدَ الِاعْتِدَالِ إِلَى حِينِ يَتَمَكَّنُ سَاجِدًا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الْجُلُوسِ فِي الِاثْنَتَيْنِ فِيهِ أَنَّهُ يَشْرَعُ فِي التَّكْبِيرِ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ الْقِيَامِ إِلَى الثَّالِثَةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا وَسَيَأْتِي فِي بَابٍ مُفْرَدٍ بَعْدَ بِضْعَةَ عَشَرَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  إِنْ كَانَتْ هَذِهِ لَصَلَاتَهُ قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا الْكَلَامُ يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ يَعْنِي مُرْسَلًا.

قُلْتُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ سعيد بن مَنْصُور عَن بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ الزُّهْرِيُّ رَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّكْبِيرِ إِذَا قَامَ مِنَ السُّجُودِ مِنْ طَرِيقِ عَقِيلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الصِّفَةَ الْمَذْكُورَةَ مَرْفُوعَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ





[ قــ :783 ... غــ :804] .

     قَوْلُهُ  قَالَا يَعْنِي أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبَا سَلَمَةَ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَيْهِمَا وَالْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ الْمَذْكُورِ يَأْتِي فِي تَفْسِيرِ آلِ عِمْرَانَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا اسْتِطْرَادًا وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا فِي الْبَابِ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ مَا يَقُولُ فِي الِاعْتِدَالِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْقُنُوتِ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ وَعَلَى أَنَّ تَسْمِيَةَ الرِّجَالِ بِأَسْمَائِهِمْ فِيمَا يُدْعَى لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ





[ قــ :784 ... غــ :805] .

     قَوْلُهُ  عَنْ فرس وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان وَهُوَ بن عُيَيْنَةَ مِنْ فَرَسٍ فِيهِ إِشْعَارٌ بِتَثَبُّتِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَافَظَتِهِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِأَلْفَاظِ الْحَدِيثِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ جُحِشَ أَيْ خُدِشَ وَوَقَعَ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ عَن أبي نعيم عَن بن عُيَيْنَةَ بِلَفْظِ فَجُحِشَ أَوْ خُدِشَ عَلَى الشَّكِّ .

     قَوْلُهُ  كَذَا جَاءَ بِهِ مَعْمَرٌ الْقَائِلُ هُوَ سُفْيَانُ وَالْمَقُولُ لَهُ عَلِيٌّ وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ قَبْلَ كَذَا مُقَدَّرَةٌ .

     قَوْلُهُ .

قُلْتُ نَعَمْ كَأَنَّ مُسْتَنَدَ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ فَإِنَّهُ مِنْ مَشَايِخِهِ بِخِلَافِ مَعْمَرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ وَإِنَّمَا يَرْوِي عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ وَكَلَامُ الْكِرْمَانِيِّ يُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَقَدْ حَفِظَ أَيْ حِفْظًا جَيِّدًا وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِقُوَّةِ حِفْظِ سُفْيَانَ بِحَيْثُ يَسْتَجِيدُ حِفْظَ مَعْمَرٍ إِذَا وَافَقَهُ وَقَولُهُ كَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَكَ الْحَمْدُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ لَمْ يَذْكُرِ الْوَاوَ فِي وَلَكَ الْحَمْدُ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ وَغَيْرِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ إِيجَابِ التَّكْبِيرِ قَوْله حفظت فِي رِوَايَة بن عَسَاكِرَ وَحَفِظْتُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ وَهِيَ أَوْضَحُ وَقَولُهُ مِنْ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إِلَخْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ جَوْدَةِ ضَبْطِ سُفْيَانَ لِأَنَّ بن جُرَيْجٍ سَمِعَهُ مَعَهُمْ مِنَ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ شِقِّهِ فَحَدَّثَ بِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ سَاقِهِ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ شِقِّهِ لَكِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَن بن جُرَيْجٍ عَرَفَ مِنَ الزُّهْرِيِّ فِي وَقْتٍ آخَرَ أَنَّ الَّذِي خُدِشَ هُوَ سَاقُهُ لِبُعْدِ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ وَقَدْ قَدَّمْنَا الدَّلَالَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ وَقَولُهُ وَأَنَا عِنْدَهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَوْ جُمْلَةٍ حَالِيَّةٍ مِنْ فَاعِلِ قَالَ مُقَدَّرًا إِذْ تَقْدِيرُهُ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَأَنَا عِنْدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَقُولَ سُفْيَانَ وَالضَّمِيرُ لِابْنِ جُرَيْجٍ.

قُلْتُ وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الصَّوَابِ ومقول بن جريج هُوَ فجحش الخ وَالله أعلم