فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الجمعة في القرى والمدن

( قَولُهُ بَابُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى وَالْمُدُنِ)
فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ إِشَارَةٌ إِلَى خِلَافِ مَنْ خَصَّ الْجُمُعَةَ بِالْمُدُنِ دُونَ الْقُرَى وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ الْحَنَفِيَّة وأسنده بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حُذَيْفَةَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ أَنَّ جَمِّعُوا حَيْثُمَا كُنْتُمْ وَهَذَا يَشْمَلُ الْمُدُنَ وَالْقُرَى أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَن عمر وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ سَأَلْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ فَقَالَ كُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ فِيهَا جَمَاعَةٌ أُمِرُوا بِالْجُمُعَةِ فَإِنَّ أَهْلَ مِصْرَ وَسَوَاحِلِهَا كَانُوا يُجَمِّعُونَ الْجُمُعَةَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ بِأَمْرِهِمَا وَفِيهِمَا رِجَالٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرَى أَهْلَ الْمِيَاهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ يُجَمِّعُونَ فَلَا يَعِيبُ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا اخْتلف الصَّحَابَة وَجب الرُّجُوع إِلَى الْمَرْفُوع



[ قــ :866 ... غــ :892] قَوْله عَن بن عَبَّاسٍ كَذَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْهُ وَخَالَفَهُمِ الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ فَقَالَ عَن بن طَهْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَهُوَ خَطَأٌ مِنَ الْمُعَافَى وَمِنْ ثَمَّ تَكَلَّمَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ فِي إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ وَلَا ذَنْبَ لَهُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ صَالِحٌ جَزَرَةُ وَإِنَّمَا الْخَطَأُ فِي إِسْنَادِهِ مِنِ الْمُعَافَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِإِبْرَاهِيمَ فِيهِ إِسْنَادَانِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ أول جُمُعَة جمعت زَاد وَكِيع عَن بن طَهْمَانَ فِي الْإِسْلَامِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ .

     قَوْلُهُ  بَعْدَ جُمُعَةِ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي جُمِّعَتْ .

     قَوْلُهُ  فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ بِالْمَدِينَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْمُعَافَى الْمَذْكُورَةِ بِمَكَّةَ وَهُوَ خَطَأٌ بِلَا مِرْيَةٍ .

     قَوْلُهُ  بِجُوَاثَى بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَقَدْ تُهْمَزُ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ خَفِيفَةٍ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْبَحْرَيْنِ فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ وَفِي أُخْرَى عَنْهُ مِنْ قُرَى عَبْدِ الْقَيْسِ وَكَذَا لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّد بن أبي حَفْصَة عَن بن طَهْمَانَ وَبِهِ يَتِمُّ مُرَادُ التَّرْجَمَةِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمْ يُجَمِّعُوا إِلَّا بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِبْدَادِ بِالْأُمُورِ الشَّرْعِيَّةِ فِي زَمَنِ نُزُولِ الْوَحْيِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَنَزَلَ فِيهِ الْقُرْآنُ كَمَا اسْتَدَلَّ جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ عَلَى جَوَازِ الْعَزْلِ بِأَنَّهُمْ فَعَلُوهُ وَالْقُرْآنُ ينزل فَلم ينهوا عَنهُ وَحكى الْجَوْهَرِي والزمخشرى وبن الْأَثِير أَن جوائى اسْمُ حِصْنٍ بِالْبَحْرَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهَا قَرْيَة وَحكى بن التِّين عَنْ أَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهَا مَدِينَةٌ وَمَا ثَبَتَ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ مِنْ كَوْنِهَا قَرْيَةً أَصَحُّ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ فِي الْأَوَّلِ قَرْيَة ثمَّ صَارَت مَدِينَة وَفِيه اشعار بِتَقْدِيم إِسْلَامِ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرْتُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ





[ قــ :867 ... غــ :893] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارك وَيُونُس هُوَ بن يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ .

     قَوْلُهُ  كُلُّكُمْ رَاعٍ وَزَادَ اللَّيْثُ إِلَخْ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ رِوَايَةَ اللَّيْثِ متفقة مَعَ بن الْمُبَارَكِ إِلَّا فِي الْقِصَّةِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِرِوَايَةِ اللَّيْثِ وَرِوَايَةُ اللَّيْثِ مُعَلَّقَةٌ وَقَدْ وَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ عَنْهُ وَقَدْ سَاق المُصَنّف رِوَايَة بن الْمُبَارَكِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا فَلَمْ يُخَالِفْ رِوَايَةَ اللَّيْثِ إِلَّا فِي إِعَادَةِ قَوْلِهِ فِي آخِرِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  وَكَتَبَ رُزَيْقُ بْنُ حُكَيْمٍ هُوَ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الزَّايِ وَالتَّصْغِيرُ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ فِي رِوَايَتِنَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي غَيْرِهَا وَقِيلَ بِتَقْدِيمِ الزَّايِ وَبِالتَّصْغِيرِ فِيهِ دُونَ أَبِيهِ .

     قَوْلُهُ  أُجَمِّعُ أَيْ أُصَلِّي بِمَنْ مَعِي الْجُمُعَةَ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَرْضٍ يَعْمَلُهَا أَيْ يَزْرَعُ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَرُزَيْقٌ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَيْلَةَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا لَامٌ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي طَرِيقِ الشَّامِ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَمِصْرَ عَلَى سَاحِلِ الْقُلْزُمِ وَكَانَ رُزَيْقٌ أَمِيرًا عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي كَانَ يَزْرَعُهَا مِنْ أَعْمَالِ أَيْلَةَ وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ أَيْلَةَ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ مَدِينَةً كَبِيرَةً ذَاتَ قَلْعَةٍ وَهِيَ الْآنَ خَرَابٌ يَنْزِلُ بِهَا الْحَاجُّ الْمِصْرِيُّ وَالْغَزِّيُّ وَبَعْضُ آثَارِهَا ظَاهِرٌ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَا أَسْمَعُ هُوَ قَوْلُ يُونُسَ وَالْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَقَولُهُ يَأْمُرُهُ حَالَةٌ أُخْرَى وَقَولُهُ يُخْبِرُهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَأْمُرُهُ وَالْمَكْتُوبُ هُوَ الْحَدِيثُ وَالْمَسْمُوعُ الْمَأْمُورُ بِهِ قَالَهُ الْكِرْمَانِيُّ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمَكْتُوبَ هُوَ عَيْنُ الْمَسْمُوعِ وَهُوَ الْأَمْرُ وَالْحَدِيثُ مَعًا وَفِي قَوْلِهِ كَتَبَ تَجَوُّزٌ كَأَنَّ بن شِهَابٍ أَمْلَاهُ عَلَى كَاتِبِهِ فَسَمِعَهُ يُونُسُ مِنْهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيُّ كَتَبَهُ بِخَطِّهِ وَقَرَأَهُ بِلَفْظِهِ فَيكون فِيهِ حذف تَقْدِيره فَكتب بن شِهَابٍ وَقَرَأَهُ وَأَنَا أَسْمَعُ وَوَجْهُ مَا احْتُجَّ بِهِ عَلَى التَّجْمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّكُمْ رَاعٍ أَنَّ عَلَى مَنْ كَانَ أَمِيرًا إِقَامَةَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْجُمُعَةُ مِنْهَا وَكَانَ رُزَيْقٌ عَامِلًا عَلَى الطَّائِفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُرَاعِيَ حُقُوقَهُمْ وَمِنْ جُمْلَتِهَا إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ تَنْعَقِدُ بِغَيْرِ إِذْنٍ مِنَ السُّلْطَانِ إِذَا كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ يَقُومُ بِمَصَالِحِهِمْ وَفِيهِ إِقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي الْقُرَى خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَ لَهَا الْمُدُنَ فَإِنْ قِيلَ .

     قَوْلُهُ  كُلُّكُمْ رَاعٍ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّاسِ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَرْعِيُّ أَيْضًا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ مَرْعِيٌّ بِاعْتِبَارٍ رَاعٍ بِاعْتِبَارٍ حَتَّى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ كَانَ رَاعِيًا لِجَوَارِحِهِ وَحَوَاسِّهِ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ عِبَادِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فِيهِ قَالَ وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ جَزَمَ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ فَاعِلَ قَالَ هُنَا هُوَ يُونُسُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنه سَالم ثمَّ ظهر لي أَنه بن عُمَرَ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الِاسْتِقْرَاضِ بَيَانُ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ أَيْضا عَن نَافِع عَن بن عمر بِدُونِ هَذِه الزياده أخرجه مُسلم