فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الجهر بالقراءة في الكسوف

( قَولُهُ بَابُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْكُسُوفِ)
أَيْ سَوَاء كَانَ للشمس أَو للقمر



[ قــ :1030 ... غــ :1065] قَوْله أخبرنَا بن نَمِرٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَن وَهُوَ دمشقي وَثَّقَهُ دُحَيْم والذهلي وبن البرقي وَآخَرُونَ وَضَعفه بن مَعِينٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ الْوَلِيدِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  جَهَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى الْجَهْرِ فِيهَا بِالنَّهَارِ وَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ عَلَى كُسُوفِ الْقَمَرِ وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْوَلِيدِ بِلَفْظِ كَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَكَذَا رِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ الَّتِي بَعْدَهُ صَرِيحَةٌ فِي الشَّمْسِ .

     قَوْلُهُ  وقَال الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرُهُ فَذَكَرَهُ وَأَعَادَ الْإِسْنَادَ إِلَى الْوَلِيدِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَمِرٍ فَذَكَرَهُ وَزَادَ فِيهِ مُسْلِمٌ طَرِيقَ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَخِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَمِرٍ فِي الْجَهْرِ بِأَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَمْ يَذْكُرْ فِي رِوَايَتِهِ الْجَهْرَ وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ مَنْ ذَكَرَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَذْكُرْ لَا سِيَّمَا وَالَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنَفْيِهِ وَقَدْ ثَبَتَ الْجَهْرُ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْحَاكِمِ مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدٍ عَنْهُ وَوَافَقَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهُ كَمَا تَرَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَجَلْ أَيْ نَعَمْ وَزْنًا وَمَعْنًى وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ أَجْلٍ بِسُكُونِ الْجِيمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَ.

     قَوْلُهُ  إِنَّهُ أَخْطَأَ بِكَسْرِ هَمْزَةِ إِنَّهُ وَعَلَى الثَّانِي بِفَتْحِهَا .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْجَهْرِ يَعْنِي بِإِسْنَادِهِ الْمَذْكُورِ وَرِوَايَةُ سُلَيْمَانَ وَصَلَهَا أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْهُ بِلَفْظِ خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ النَّاسُ ثُمَّ قَرَأَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ الْحَدِيثَ وَرَوَيْنَاهُ فِي مُسْنَدِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مُخْتَصَرًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ فَوَصَلَهَا التِّرْمِذِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ بِلَفْظِ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا وَقَدْ تَابَعَهُمْ عَلَى ذِكْرِ الْجَهْرِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عُقَيْلٌ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَهَذِهِ طُرُقٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا يُفِيدُ مَجْمُوعُهَا الْجَزْمَ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَعْلِيلِ مَنْ أَعَلَّهُ بِتَضْعِيفِ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ وَغَيْرِهِ فَلَوْ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ إِلَّا رِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ لَكَانَتْ كَافِيَةً وَقَدْ وَرَدَ الْجَهْرُ فِيهَا عَنْ على مَرْفُوعا وموقوفا أخرجه بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ.

     وَقَالَ  بِهِ صَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَأحمد وَإِسْحَاق وبن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذر وَغَيرهمَا من محدثي الشَّافِعِيَّة وبن الْعَرَبِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيُّ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ.

     وَقَالَ  الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ يُسِرُّ فِي الشَّمْسِ وَيَجْهَرُ فِي الْقَمَرِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ بن عَبَّاسٍ قَرَأَ نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ جَهَرَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرٍ وَتُعُقِّبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعِيدًا مِنْهُ لَكِنْ ذَكَرَ الشَّافِعِي تَعْلِيقا عَن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى بِجَنْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكُسُوفِ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ حَرْفًا وَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ ثَلَاثَةِ طُرُقٍ أَسَانِيدُهَا وَاهِيَةٌ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا فَمُثْبِتُ الْجَهْرِ مَعَهُ قدر زَائِد فالأخذ بِهِ أولى وَأَن ثَبت التَّعَدُّد فَيَكُونُ فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَهَكَذَا الْجَوَابُ عَن حَدِيث سَمُرَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَالتِّرْمِذِيِّ لَمْ يَسْمَعْ لَهُ صَوْتًا وَأَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْجَهْرِ قَالَ بن الْعَرَبِيِّ الْجَهْرُ عِنْدِي أَوْلَى لِأَنَّهَا صَلَاةٌ جَامِعَةٌ يُنَادَى لَهَا وَيُخْطَبُ فَأَشْبَهَتِ الْعِيدَ وَالِاسْتِسْقَاءَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ الْكُسُوفِ عَلَى أَرْبَعِينَ حَدِيثًا نِصْفُهَا مَوْصُولٌ وَنِصْفُهَا مُعَلَّقٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَحَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي الْعَتَاقَةِ وَرِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ الْأُولَى أَطْوَلُ لَكِنَّهُ أَخْرَجَ أَصْلَهُ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ خَمْسَةُ آثَارٍ فِيهَا أَثَرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفِيهَا أَثَرُ عُرْوَةَ فِي تَخْطِئَتِهِ وَهُمَا مَوْصُولَانِ