فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: تفاضل أهل الإيمان في الأعمال

قَولُهُ بَابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِي الْأَعْمَالِ
فِي ظَرْفِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سَبَبِيَّةً أَيِ التَّفَاضُلُ الْحَاصِلُ بِسَبَبِ الْأَعْمَالِ



[ قــ :22 ... غــ :22] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأصبحي الْمدنِي بن أُخْتِ مَالِكٍ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ غَرِيبٌ صَحِيحٌ .

     قَوْلُهُ  يُدْخِلُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ يُدْخِلُ اللَّهُ وَزَادَ مِنْ طَرِيقِ مَعْنٍ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ برحمته وَكَذَا لَهُ وللاسماعيلى من طَرِيق بن وَهْبٍ .

     قَوْلُهُ  مِثْقَالُ حَبَّةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا لَا أَقَلَّ مِنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَثَلٌ لِيَكُونَ عِيَارًا فِي الْمَعْرِفَةِ لَا فِي الْوَزْنِ لِأَنَّ مَا يُشْكِلُ فِي الْمَعْقُولُ يُرَدُّ إِلَى الْمَحْسُوسِ لِيُفْهَمَ.

     وَقَالَ  إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْوَزْنُ لِلصُّحُفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَعْمَالِ وَيَقَعُ وَزْنُهَا عَلَى قَدْرِ أُجُورِ الْأَعْمَالِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ تُجَسَّدَ الْأَعْرَاضُ فَتُوزَنُ وَمَا ثَبَتَ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ بِالشَّرْعِ لَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِحَبَّةِ الْخَرْدَلِ هُنَا مَا زَادَ مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى أَصْلِ التَّوْحِيدِ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَخْرِجُوا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَمِلَ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً وَمَحَلُّ بَسْطِ هَذَا يَقَعُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ .

     قَوْلُهُ  فِي نَهَرِ الْحَيَاءِ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْمَدِّ وَلِكَرِيمَةَ وَغَيْرِهَا بِالْقَصْرِ وَبِهِ جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ وَعَلَيْهِ الْمَعْنى لِأَن المُرَاد كل مَا تحصل بِهِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَا بِالْقَصْرِ هُوَ الْمَطَرُ وَبِهِ تَحْصُلُ حَيَاةُ النَّبَاتُ فَهُوَ أَلْيَقُ بِمَعْنَى الْحَيَاةِ مِنَ الْحَيَاءِ الْمَمْدُودِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْخَجَلِ .

     قَوْلُهُ  الْحِبَّةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ الْحبَّة جمع بزور النَّبَاتِ وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ بِالْفَتْحِ.
وَأَمَّا الْحِبُّ فَهُوَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَإِنَّمَا افْتَرَقَا فِي الْجَمْعِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمُنْتَهى الْحبَّة بِالْكَسْرِ بزور الصَّحْرَاءِ مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وُهَيْبٌ أَي بن خَالِد حَدثنَا عَمْرو أَي بن يَحْيَى الْمَازِنِيُّ الْمَذْكُورُ .

     قَوْلُهُ  الْحَيَاةِ بِالْخَفْضِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَمُرَادُهُ أَنَّ وُهَيْبًا وَافَقَ مَالِكًا فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بِسَنَدِهِ وَجَزَمَ بِقَوْلِهِ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ وَلَمْ يَشُكَّ كَمَا شَكَّ مَالِكٌ فَائِدَةٌ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فَأَبْهَمَ الشَّاكَّ وَقَدْ يُفَسَّرُ هُنَا



( .

     قَوْلُهُ  وقَال خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ هُوَ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيْضًا أَيْ.

     وَقَالَ  وُهَيْبٌ فِي رِوَايَتِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ)

فَخَالَفَ مَالِكًا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَقَدْ سَاقَ الْمُؤَلِّفُ حَدِيثَ وُهَيْبٍ هَذَا فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ وُهَيْبٍ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ مِنْ سِيَاقِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ قَالَ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ فَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِهَذَا وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فَإِنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي شَيْبَةَ أَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ وُهَيْبٍ فَقَالَ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ كَمَا عَلَّقَهُ الْمُصَنِّفُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُرَادُهُ لَا لَفْظُ مُوسَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرٍ هَذَا لَكِنْ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَوَجْهُ مُطَابَقَةِ هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرٌ وَأَرَادَ بِإِيرَادِهِ الرَّدَّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيَانِ ضَرَرِ الْمَعَاصِي مَعَ الْإِيمَانِ وَعَلَى الْمُعْتَزِلَةِ فِي أَنَّ الْمَعَاصِيَ مُوجِبَةٌ لِلْخُلُودِ



[ قــ :3 ... غــ :3] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ أَبُو ثَابِتٍ الْمَدَنِيُّ وَأَبُوهُ بِالتَّصْغِيرِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ صَالِحٍ هُوَ بن كَيْسَانَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بن سهل هُوَ بن حُنَيْفٍ كَمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَأَبُو أُمَامَةَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ وَلَمْ يَصِحَّ لَهُ سَمَاعٌ وَإِنَّمَا ذُكِرَ فِي الصَّحَابَةِ لِشَرَفِ الرُّؤْيَةِ وَمِنْ حَيْثُ الرِّوَايَةُ يَكُونُ فِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ أَوْ تَابِعِيَّانِ وَصَحَابِيَّانِ وَرِجَالُهُ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ كَالَّذِي قَبْلَهُ وَالْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ يَأْتِي فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ وَمُطَابَقَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ ظَاهِرَةٌ مِنْ جِهَةِ تَأْوِيلِ الْقُمُصِ بِالدِّينِ وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّهُمْ مُتَفَاضِلُونَ فِي لُبْسِهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ مُتَفَاضِلُونَ فِي الْإِيمَانِ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ أَصْلُ بَيْنَا بَيْنَ ثُمَّ أُشْبِعَتِ الْفَتْحَةُ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ بَيْنَا بِدُونِ إِذَا وَبِدُونِ إِذْ وَهُوَ فَصِيحٌ عِنْدَ الْأَصْمَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ فَإِنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُجَّةً وَقَولُهُ الثُّدِيَّ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ جَمْعُ ثَدْيٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَإِسْكَانِ ثَانِيهِ وَالتَّخْفِيفِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ عِنْدَ مُعْظَمِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَحُكِيَ أَنَّهُ مُؤَنَّثٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُطْلَقُ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالْمَرْأَةِ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَرُدُّهُ وَلَعَلَّ قَائِلَ هَذَا يَدَّعِي أَنَّهُ أطلق فِي الحَدِيث مجَازًا وَالله أعلم